«المسلمون بطبيعتهم متخلفون ولا يمكنهم أن يتقدموا ويصبحوا مثلنا، سبب ذلك هو دينهم وكتابهم المقدس الذي يجعلهم يراوحون مكانهم، أما الإرهاب فهو ملتصق بهم، وكل واحد منهم هو مشروع انتحاري». هذه الأفكار التعميمية والعنصرية بدأت تجد لها آذانا صاغية في أوربا والغرب عموما، وبدأت تبرز أسماء في السينما والأدب والفكر والسياسة تحاول أن تبني خطابا يساير هذا التصور، ومن جهة أخرى برزت نزعة «الإسلاموفوبيا» التي تحذر من كل ما هو قادم من بلاد الإسلام، باعتباره يشكل تهديدا للقيم الديمقراطية والحرية والحضارة الغربية. التطرف رغم المظاهر الخادعة هو صديق التطرف، لقد كان المتطرفون المحسوبون على الإسلام الذين يكرهون الغرب واليهود ينتظرون مثل ذلك البرلماني الهولندي العنصري الذي أنجز فيلما قصيرا تافها عن الإسلام لينتعشوا ويسترجعوا قاموسهم ويتظاهروا وليهددوا الجميع بالقتل، نفس الأمر تماما بالنسبة إلى أولئك الذين يكرهون الإسلام والمسلمين والثقافة الإسلامية في الغرب عموما، إنهم ينتظرون أي تفجير إرهابي ليصرخوا بأعلى أصواتهم: «ألم نقل لكم إن الإسلام هو دين العنف والقتل والإرهاب والتخلف». كل هذا كان منذ القدم، لكن أن يصدر هذا الأمر عن مثقفين يتسترون وراء الفكر والبحث العلمي والاستشراق أو كتاب وصحفيين ينشرون مقالاتهم في كبريات المنابر، فإن الأمر يدعو إلى إثارة أكثر من سؤال وإلى البحث عن الأسباب التي تكمن وراء تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا والعداء لكل ما هو عربي في الثقافة والمجتمع الغربيين. بدأت معالم هذه الأفكار تتضح أكثر مباشرة بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وظهرت أسماء جديدة انضافت إلى تلك القديمة محاولة تقديم «دلائل» على أن القرآن الكريم هو مصدر كل الشرور التي تهدد أوربا والدول المتقدمة، وهذا مثلا هو ما ينتقده الكاتب ألان غريش مستندا إلى موقف كاتب من أصول هندية يحمل اسما مستعارا هو ابن وراق وصديق له يدعى غوي هنيبيل اللذين يقولان إن «الإسلام وبالشكل الذي يوجد عليه ليس دينا معتدلا، إذ يكفي قراءة القرآن المليء بالتهديدات واللعنات المختلفة الموجهة ضد الآخرين للاقتناع بذلك... ألم تتساءلوا أبدا لماذا مجموع المليار من المسلمين يخضعون لأنظمة كل واحد منها أكثر استبدادا من الآخر؟ ولماذا لم يتمكن الإسلام من التخلص من التخلف رغم البترول والثروات الأخرى». يرد ألان غريش على هذا الادعاء بالقول: «إن كاتبينا لم يتساءلا أبدا لماذا إفريقا السوداء غير المسلمة لم تتمكن من الخروج من التخلف؟ ولما لم تستطع بورما والفلبين الدولتان غير المسلمتين من الخروج بالفعل من حالة التخلف كما حدث في أندونيسيا وماليزيا، كما أنهما لم يتساءلا عن الفترة التي كان فيها الأمويون والعباسيون والعثمانيون متقدمين بالمقارنة مع الحضارات الأخرى غير الإسلامية، وهل إن القرآن هو الذي ساهم في تقدمهم أم لا؟ في هذه الصفحة نقدم ثلاثة أسماء هي الصحفية الإيطالية أوريانا فلاتشي والتي قبل أن ترحل أثار كتاب لها موجة كبيرة من التنديد في أوربا لتضمنه لمواقف عنصرية صريحة، ثم المستشرق البريطاني برنار لويس الذي يستغل غطاء البحث والفكر ليمرر أفكارا محقرة للحضارة والتراث الإسلاميين، وأخيرا الباحث الأمريكي ذو الأصول الهندية الذي اشتهر بكتاب له يحمل عنوان «لماذا لست مسلما». أوريانا فالاتشي: عنصرية متأخرة ولدت الكاتبة الإيطالية أوريانا فالاتشي عام 1929 وسط أسرة كانت معروفة بمواقفها المناهضة للفاشية، وفي سن الرابعة عشرة التحقت بصفوف المقاومة الإيطالية، وثلاثة أعوام بعد ذلك ستقتحم مجال الصحافة وكمراسلة حرب في الفيتنام ستتحول إلى شخصية معروفة عالميا بالنظر إلى الاستجوابات التي كانت تجريها مع رجالات سياسة مرموقين. أصدرت أوريانا فالاتشي عام 2002 كتابا حول الإسلام بيعت منه أكثر من مليون نسخة، يتضمن طروحات بعض المحللين في ما يخص موضوع صراع الحضارات، وقد تعرض هذا الكتاب لموجة نقد حادة، خاصة من طرف المفكر الفرنسي برنانر هنري ليفي، ومن طرف ممثلي الديانات التوحيدية الثلاث، ومن جهة رأى المفكر ألان فانكلكروت أنها «استسلمت لإغراء العنصرية»، في حين اعتبر الأب جون ماري كلوديل، وهو المسؤول عن الأمانة العامة الكاثوليكية المهتمة بالعلاقات مع الإسلام، أن فالاتشي تتخذ مقاربة جد خطيرة للقرآن، وهو نفس الموقف تقريبا الذي تبناه رئيس الفدرالية البروتستانتية بفرنسا الذي اعتبر الكتاب مقززا، ثم إمام مسجد باريس دليل بوبكر الذي صرح بأن ما كتبته أوريانا فالاتشي ينبع من نفس التطرف الذي تدعي أنها تحاربه، بل إن موجة الرفض اتسعت لتصل إلى اليهودي باتريك غوبير، رئيس عصبة مناهضة العنصرية والعداء للسامية، الذي عبر بدوره عن إرادته في عدم ترك المجال لتداول هذا النوع من الكتب. لقد جاء كتاب أوريانا فالاتشي «الغضب والعزة» كرد فعل منها على أحداث 11 سبتمبر متضمنا لهجة قاسية وعنصرية وعنيفة تجاه الإسلام والمسلمين، وقد كان هذا المؤلف حسب جيل كيبل، الباحث المختص في العالم الإسلامي، بمثابة مفتاح لتأويل التحولات النفسية التي قادت منذ الحادي عشر من سبتمبر نسبة متزايدة باستمرار من الناخبين الأوربيين والرأي العام الأمريكي إلى الربط بين حالات القلق والخوف الناتجتين عن غياب الشعور بالأمن والهجرة والإسلام والإرهاب، وبالتالي إلى التصويت بغزارة على مرشحي اليمين المتطرف. اشتهرت أوريانا فالاتشي في وقت سابق بأسئلتها الصحفية الغريبة والقوية والمستفزة في آن، وقبل أن تصدر كتابيها سنة 2002 كانت قد توقفت منذ أكثر من عشر سنوات عن التعاون مع كبريات الجرائد العالمية مختارة الصمت بعد مسار طويل وحافل، إلا أن أحداث 11 سبتمبر فاجأتها في عز تقاعدها بنيويورك، وهي العارفة بكل الثورات الإسلامية التي حدثت في العقد الثاني من القرن العشرين، وبالفعل فقد اعتبرت أوريانا فالاتشي واحدة من بين قلة من النساء اللواتي تمكن من إجراء حوار صحفي مع الخميني عام 1979، حيث انتهى استجوابها له بمشاجرة بين الإمام والصحفية بعد أن سألته عن المصير الذي ينتظر النساء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ثم قامت بنزع التشادور الذي كانت تغطي به رأسها. وبعد أن عاشت بالتجربة تفجيرات برجي التجارة العالميين صدمتها هذه المأساة، وفي أواخر شهر سبتمبر طلب منها مدير إحدى الجرائد الإيطالية المعروفة كتابة مقال عن هذا الحدث، فقبلت بشرط ألا تمارس عليها الرقابة. ومباشرة بعد صدور هذا المقال، الذي حمل نفس عنوان الكتاب، أثار ضجة كبيرة ودافع وزير الثقافة الإيطالي حينها عن الكاتبة، في حين أدانها مثقفون آخرون، وظهرت كتب أخرى من مثقفين إيطاليين للرد على أحكامها العنصرية والمعادية للمسلمين، أما اليسار الإيطالي فقد اتخذ موقفا واضحا من أوريانا فالاتشي واعتبر ما تضمنه كتابها عنصرية صريحة، وفي فترة الغليان هذه استغل سيلفيو برلوسكوني الفرصة وزاد من حدة الجدال بإعلانه أن الحضارة الغربية متفوقة على حضارة الإسلام. في كل فقرة من فقرات الكتاب كانت أوريانا فالاتشي تستعمل عبارة «أجد من العار...» مؤاخذة الكنيسة واليسار لمواقفهم تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، كما أدانت «حضور أفراد متنكرين في صورة انتحاريين في مظاهرة متعاطفة مع الفلسطينيين نظمت في روما»، حيث ذكرت في هجومها الشرس»إني أجد من العار أن تسمح الكنيسة الكاثوليكية لقس في الفاتيكان بالمشاركة في مظاهرة بروما شكر أثناءها باسم الرب الانتحاريين الذين يقتلون اليهود»، ومن جهة أخرى وجهت سهام نقدها «لأبناء الله» الذين «يتكاثرون مثل جرذان». هكذا وكرد فعل لما تضمنه مقال وكتاب أوريانا فالاتشي أصدر المرصد الأوربي للعنصرية تقريرا حول التوجهات المناهضة للإسلام بعد أحداث 11 سبتمبر ومنتقدا «النبرة العنيفة والمسيئة» و «مضمونه المعادي للمسلمين والعرب والمهاجرين، وبذلك وجدت الصحفية الإيطالية نفسها محل اتهام من كل الديمقراطيين في أوربا وممثلي الديانات التوحيدية الذين أخذوا مسافة من هذه المرأة التي أنهت مسارها المهني بفضيحة عنصرية محت كل الأعمال الجيدة التي كانت قد أنجزتها. ابن وراق: الإسلام خطر على العالم ابن وراق هو اسم مستعار لباحث أمريكي في قضايا الإسلام، ولد عام 1946 في الهند وينتمي إلى عائلة مسلمة، اشتهر بكتابه «لماذا لست مسلما». يقدم ابن وراق نفسه كناقد لكل الأديان والإسلام خصوصا، والذي يعتبره دون غيره ضد العقل، وحسب دراسته فإن المشكلة لا تقتصر على تطرف بعض أشكال الإسلام بل على الإسلام نفسه. من جهة أخرى يرى أن ربط الإسلام بين الدين والدنيا وبين الإسلام والسياسة بطريقة لا تقبل الفصل يجعل منه يواجه صعوبة إصلاح نفسه، كما أن ذلك يعيق أي فرصة للتغيير، مضيفا أن أخطر ما تركه الإرث الإسلامي هو دفاعه عن فكرة أن القرآن هو كلام الله المنزل وبالتالي فهو كلام مقدس وصالح لكل زمان ومكان، وهذا في نظره «يشكل عائقا أمام كل تقدم فكري ويقضي على أي أمل في حرية التعبير التي وحدها تسمح للإسلام بولوج القرن الواحد والعشرين». تظهر نبرة العداء للإسلام المليئة بالكليشيهات الجاهزة والمسلمات والمواقف المسبقة أكثر حين حديثه عن الجهاد، نافيا وجود مبدأ التسامح في الإسلام الذي «سيطر بقوة السيف وقضى على المسيحية في الشرق والثقافة الفارسية، كما نهب وأحرق الكنائس والمعابد وخرب الهند وآلاف المعابد الهندوسية». يحاول ابن وراق أن يعطي الانطباع بأنه ديمقراطي يدافع عن شرعة حقوق الإنسان، لكنه في الحقيقة يتستر خلف هذه الشعارات لتوجيه الطعنة تلو الأخرى للثقافة والدين الإسلاميين، مدعيا العلمانية، منطلقا في ذلك من مسألة الردة التي يرى فيها اعتداء على مبدأ حرية الاعتقاد. يقول ابن وراق في كتابه «لماذا لست مسلما «لا يجهل المناضلون الإسلاميون أن الإسلام لا يتلاءم مع مبادىء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لقد اجتمعوا في باريس عام1981 لكتابة إعلان إسلامي لحقوق الإنسان يغيب كل الحريات التي تتناقض مع الشريعة الإسلامية، إلا أن الأخطر هو أنه وتحت ضغط الدول الإسلامية تمت مراجعة البند 18 من إعلان الأممالمتحدة في نونبر 1981 وتم إلغاء حرية الاعتقاد والحق في تغيير الدين وتمت المحافظة فقط على الحق في امتلاك دين». أحيانا تتحول كتابات ابن وراق إلى افتراضات مشكوك فيها وتتضمن كذبا صريحا واختلاقا، كما هو الحال في انتقاده للزعماء الدينيين في إيران الذين يدينهم لأعمال اقترفوها ويقول: «إنه من الصعب بالنسبة إلى الغرب أن يتخيل السلطة التي يمارسها الملالي على الناس، حيث يدفعونهم إلى اقتراف أفعال شنيعة بمبرر أن الله سبحانه وتعالى يريد ذلك، وكمثال على ذلك قام مجموعة من المسلمين الذي كانوا في حالة هستيرية وبإيعاز وتضليل من الملا برجم طفل متخلى عنه بدعوى أنه ابن لعلاقة غير شرعية...». برنار لويس: خادم إسرائيل الوفي قبل أعوام كتب المستشرق البريطاني برنار لويس أن «أوربا ستصبح مسلمة عند نهاية القرن». هذا مثال فقط من جملة فقرات تتضمنها كتبه والتي يلجأ إليها اليمين المتطرف والعنصريون في أوربا والولاياتالمتحدة وإسرائيل كلما أرادوا النيل من الإسلام والمسلمين، مستغلين الهالة العلمية التي تحيط بهذا المستشرق والتي تخفي مواقف إيديولوجية صريحة وكراهية شديدة للعرب، وهدفهم من وراء ذلك هو وضع المتاريس استعدادا لمقاومة «الغزو البربري الجديد». يقول الكاتب ألان غريش إن برنار لويس مثل الإله الروماني جانوس يتوفر على وجهين، فقد استقر في الولاياتالمتحدة منذ عام 1974 وعرف عنه تخصصه في تركيا وأصدر عدة كتب عن العالم الإسلامي، ومن جهة أخرى دخل كمثقف مخاض الصراع السياسي الذي من أهم ملامحه مساندته غير المشروطة لإسرائيل وبحثه عن الذرائع لتبرير أعمال جنرالات تركيا الذين كانوا يحتكرون السلطة بنفيه للإبادة التي تعرض لها الأرمن، حيث تعرض لمحاكمة في فرنسا نظرا لهذا الموقف. ومنذ وصول جورج بوش إلى السلطة أصبح برنار لويس مستشارا يتم الاستماع إليه كثيرا ومقربا من المحافظين الجدد، إذ يقول عنه بول وولفويتز في تكريم له بإسرائيل «لقد علمنا برنار لويس فهم التاريخ المعقد والمهم للشرق الأوسط واستعماله لإرشادنا نحو المرحلة المقبلة بهدف بناء عالم أفضل للأجيال القادمة». إنه هو من قاد الإدارة الأمريكية نحو «المرحلة المقبلة» في العراق، موضحا أن غزو هذا البلد العربي سيساهم في ميلاد فجر جديد، وأن الجنود الأمريكيين سيتم استقبالهم بالورود باعتبارهم محررين، وأن المؤتمر الوطني العراقي لصديقه أحمد شلبي المنفي والذي لا يملك أدنى تأثير سيبني عراقا جديدا. يقول برنار لويس إن العالم الإسلامي ظل جامدا في معارضته للغرب، ومنذ سنة 1957 جاء بمفهوم «صراع الحضارات» قبل أن يصبح رائجا وينقله عنه آخرون، حيث «تفهم مشاعر العداء الحالية التي تكنها شعوب الشرق الأوسط بشكل أفضل عندما ندرك أنها لا تلخص نزاعا بين الدول والأمم وإنما صداما بين حضارتين، بدأ مع تدفق العرب المسلمين نحو الغرب وغزوهم لسوريا وإفريقيا الشمالية وإسبانيا المسيحية، واستمر الجدل الكبير بين الإسلام والمسيحية كما كان يسميه غيبون بالهجوم المسيحي المضاد للحروب الصليبية وفشلها، وبعد ذلك من خلال صعود الأتراك في أوربا ومعركتهم الشرسة للبقاء فيها ثم انطواؤهم، ومنذ قرن ونصف والشرق الأوسط يتحمل الهيمنة الغربية السياسية والاقتصادية والثقافية، حتى في الدول التي لم تعرف نظاما استعماريا... وقد عملت بجهد على الرفع من قضية النزاعات الشرق أوسطية والتي توصف باعتبارها خصومات بين دول إلى مستوى صراع بين الحضارات». غداة حرب السويس وهي فترة كان الشرق الأوسط يعيش فيها حالة غليان شاملة عرفت فيها القومية أزهى فتراتها وأقواها، في حين كان الإسلام السياسي يعيش على الهامش، في تلك المرحلة لم ير برنار لويس في إرادة الشعوب العربية وتوقها إلى التحرر من التواجد الغربي باعتبارها رد فعل سياسيا وإنما كنزعة عداء للثقافة الغربية. يتابع ألان غريش أن برنار لويس وبرباطة جأش وازدراء للمتغيرات التي قلبت المنطقة، قام باستعادة فكرته الثابتة لصدام الحضارات عام 1990، لكنه وفي نفس الوقت سيترك لشخص آخر هو صمويل هنتغتون مهمة نشر هذه التركيبة وإضفاء شعبية عليها، والتي تعني باختصار «أن هؤلاء لا يحبوننا، ليس بسبب ما نفعل وإنما لأنهم يرفضون قيمنا المتعلقة بالحرية، لأنهم ومنذ قرنين فقدوا قوتهم». كل شيء كان يحدث في الشرق الأوسط كان برنار لويس يرجعه إلى نزعة العداء للغرب، فتأميم قناة السويس عام 1965 بواسطة جمال عبد الناصر سببه كره المسلمين للغرب، وسقوط شاه إيران وثورة 1979 سببه أيضا الحقد تجاه الغرب، ونفس الشيء بالنسبة لانتفاضة الفلسطينيين ضد احتلال أرضهم والمقاومة في العراق، إنه نفس العداء للغرب. يقول برنار لويس إن «الإسلام الذي يعاني من الضعف منذ قرنين، بحث دائما عن مبررات لمحاربة عدوه: الديمقراطية الغربية. لقد ساند الإسلام أولا قوى المحور في مواجهة الحلفاء، والشيوعيين ضد الولاياتالمتحدة بعد ذلك...». من بين أبرز الأسماء التي ردت على أقوال برنار لويس المفكر الفلسطيني الراحل إدوار سعيد الذي أثاره موقف المستشرق البريطاني اليهودي المحقر للعرب والمسلمين فهم «يختلفون جذريا عنا... وحتى الموسيقى الغربية يرفضونها، فلا يمكن لسائح يتجول في شوارع القاهرة أن يسمع نوتات موزار أو براهامس ترتفع من أحد دكاكين الأسواق» ليواجهه إدوار سعيد بحكم تخصصه في فن الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية بالقول إن «عدة عواصم في العالم العربي تتوفر على معاهد موسيقية جيدة كالقاهرة وبيروت ودمشق وتونس والرباط وعمان، بل حتى رام الله، وتخرج منها آلاف الموسيقيين المتفوقين ذوي الطابع الغربي والذين عزفوا في مختلف الأوركسترات السمفونية ومسارح أوبرا مملوءة عن آخرها...» متسائلا عن الدافع الذي جعل برنار لويس يختار سلاح الموسيقى الغربية لإدانة الإسلام ولماذا لم يضع في عين الاعتبار التراث الموسيقي الكبير للعالم الإسلامي. رغم كل التحولات التي عرفها العالم لم يتغير هذا الموقف الإيديولوجي لبرنار لويس تجاه الإسلام والملح، حسب إدوار سعيد، على فكرة أن كل مقاربة سياسية وتاريخية عليها أن تبدأ وتنتهي بمسلمة تقول إن المسلمين هم مسلمون، وكما يقول ألان غيرش بلهجة ساخرة إنه وبدون شك سيكتشف بعض العلماء الأمريكيين قريبا جينة للإسلام ستفسر ما يميز المسلمين عن باقي الإنسانية المتحضر.