اتهمت ثلاث نساء خلال السنة الماضية بالتعاون مع الشبكات الإرهابية الإسلامية المتواجدة بإسبانيا. وتوصلت تقارير أمنية لعناصر الشرطة والحرس المدني إلى حدوث تغيير في دور المرأة في الحرب المقدسة. فمن مناضلات تحولن إلى ناشطات. بل أكثر من ذلك، أصبح حلم بعضهن أن يصبحن مقاتلات. فاطمة، كانت تشتغل طباخة في حانة-مطعم «كاستيلديفيلس» ببرشلونة خلال السنوات العشرين الماضية، تلمس في صوتها عذوبة وغبطة كبيرة عندما تتحدث عبر الهاتف: «لقد تزوج حسن». زوجها فرانسيسكو روديناس المولود في مدينة جيان الإسبانية، سمع حديثها عبر الهاتف بفرح واحتفل بزواج حسن. لكن رجال الأمن الذين كانوا يسجلون المحادثات الهاتفية، أدركوا أن كلمة «تزوج»، في قاموس أتباع تنظيم أسامة بن لادن، معناها «قتل» في تفجير انتحاري. أكثر من ذلك احتفلت فاطمة، الطباخة الشابة المتزوجة من إسباني، بخبر تفجير أخيها حسن حاسيني لنفسه خلال عملية انتحارية بمدينة الفلوجة بالعراق، حيث كانت فاطمة نفسها من شجعته وساعدته على الانتقال من برشلونة إلى هناك. «كان لفاطمة دور نشيط جدا في الفريق. فبعد إلقاء القبض على عدد من القادة الإسلاميين، بقيت هي المسؤولة عن هيكل المجموعة التي أرسلت متطرفين إلى العراق انطلاقا من كاتالونيا». وجه إليها القاضي بالتزار غارثون تهمة التعاون مع عصابة مسلحة. في محضرها القضائي، يشير غارثون إلى أن فاطمة تكلمت مع شقيقتها أسماء ورحبا برسالة ابن لادن العظيمة» (الرسالة التي جدد فيها تهديده لإسبانيا)، كما أنها هنأتها لأن إخوتها «يوجدون مع القاعدة». فبالإضافة إلى حسن، هناك أخ آخر لها اعتقل في سوريا أثناء محاولته الوصول إلى العراق)، وأنها في القريب سوف تراه على شاشة التلفاز وهو يجري «تداريب عسكرية» من أجل القتل. في نفس المجموعة، التي اعتبرت فيها فاطمة أول امرأة تولد في إسبانيا متهمة بدعم الإرهاب الإسلامي، يوجد اسم كريمة بينديكتو غاييغو. ولدت كريمة في منطقة فيانوفا ببرشلونة سنة 1962 وهي متزوجة من متهم آخر هو التركي سافيت كاراكوك. وجه إليها القاضي غارثون، وهي ممتثلة أمامه بنقابها الأسود الذي يغطي جسدها من الأعلى إلى أسفل قدميها بصرامة أصولية ملفتة، نفس تهمة صديقتها. يفسر القاضي في لائحة الاتهام كيف كانت كريمة تبلغ التعليمات للإرهابيين، بل كانت، عن جهل منها، ترتكب أخطاء عند محاولتها استعمال الكلمات المشفرة أثناء تحدثها مع المتطرفين الإسلاميين لتبلغهم بتلك التعليمات. الاثنتان تحولتا، نهاية السنة الماضية، إلى أول النساء اللائي تمت محاكمتهن في إسبانيا مع شبكات إرهابية إسلامية، كما أضيفت إلى اللائحة امرأة أخرى تدعى فاطمة، تبلغ من العمر 36 سنة، وهي من مواليد المغرب، وتقيم منذ خمس سنوات بشكل قانوني في بريفييسكا بإقليم بورغوس. اعتقلت فاطمة في شهر أكتوبر الماضي من طرف الحرس المدني بتهمة تشكيل خلية إرهابية يقودها الجزار «عبد القادر العياشي»، الذي كان يبعث المال إلى الإرهابيين المسجونين، والذي كان يحرض على الحرب المقدسة. وجدت مصالح مكافحة الإرهاب الإسبانية في حوزة العياشي دليلا حول الدور «النشيط» الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الجهاد. «لقد استخدم تنظيم القاعدة بالفعل حتى الأطفال، وكذلك المعاقين. إذن لا ينبغي علينا أن نندهش إذا وجدنا أن الإرهابيين المقبلين سيكونون نساء»، يقول مسؤول رسمي. لقد لاحظ تقرير للحرس المدني تطور دور النساء، اللائي، وإلى حدود الآن، مازلن يخضعن لإملاءات أزواجهن في حرب ابن لادن: «هناك بيانات تدل على أن المرأة في الإسلام الراديكالي بدأت تلعب دورا أكثر أهمية. فقد أصبحت المرأة المتطرفة، وخاصة النساء اللواتي اعتنقن الإسلام وولدن في الدول الغربية، يبحثن عن دور أكبر لهن في الجهاد». وتعتبر حالة البلجيكية مورييل ديغوك، المولودة في بلجيكا، والتي اعتنقت الإسلام وفجرت نفسها في هجوم انتحاري في بعقوبة شهر نوفمبر 2005، أول مثال عن مناصرات ابن لادن الأوربيات. مثلها مثل فاطمة وكريمة. كانت مورييل تلبس نقابا يغطي كل أطراف جسدها، بل كانت ترفض تناول الأكل مع والدها ولا تسمح له بمشاهدة التلفزيون الغربي أو أن يشرب الجعة في حضورها. «في السابق كن يكتفين بدعم أزواجهن، أما الآن فقد تحولن إلى مناضلات»، يؤكد أحد المسؤولين. يعتقد بعض رجال الأمن أن المتطرفين يستخدمون زوجاتهم لأنهن أقل لفتا للانتباه»، بينما يقول الآخرون إن تكوين هؤلاء النساء الغربي مع الفكر الراديكالي سيساعدهم كثيرا على تحقيق أهدافهم. «فعلا أود أنا أيضا الذهاب معك، لأنني أيضا ملزمة بفعل كل شيء تفعله وأود المشاركة»، تقول إحدى النساء في رسالة بعثتها إلى زوجها عندما كان يجري تداريب ليصبح مفجرا انتحاريا. لقد وضع الحرس المدني «بروفايلا» وتقييما لنساء تنظيم القاعدة في إسبانيا. كلهن تقريبا مغربيات تحولن إلى الإسلام المتطرف بعد سنوات من إقامتهن في أوربا. مستواهن الدراسي يتراوح بين المتوسط والعالي، كما أنهن يتمتعن بقوة الإرادة وثقة كبيرة في النفس. يستقطب الأصوليون هؤلاء النسوة، حسب وثيقة خاصة، «داخل محيطهم الخاص، سواء العائلي أو الجيران، وداخل المساجد، أو عن طريق حوارات شبكة الأنترنت»، حيث توجد مواقع إسلامية متطرفة خاصة بالنساء. المغربية مليكة العرود، واحدة من ضمن هؤلاء النساء. مليكة المقيمة ببلجيكا منذ أن كان عمرها خمس سنوات تقضي عقوبة سجنية في سويسرا بتهمة الإرهاب. كانت مليكة شابة أوربية، مقبلة على الحياة، تحب ارتياد الملاهي الليلية وتناول المخدرات، إلى أن تعمقت في الإسلام بشكل قوي. وزوجها ليس سوى أحد الذين قتلوا أحمد شاه مسعود، زعيم تحالف الشمال بأفغانستان، ثلاثة أيام قبل أحداث 11 شتنبر. ألفت مليكة كتاب «جنود النور» الذي يباع عن طريق الأنترنت. وفي الكتاب الذي تصف فيه نفسها كشابة مسلمة. تعتبر مليكة نفسها بلجيكية وليست مغربية، «هذا الإحساس لم يأت من فراغ»، تقول، فبلجيكا منحتها تكوينا دراسيا وإعدادية لأولادها وتغطية صحية، لكن رغم ذلك فإن مليكة تعتبر أنه لا مفر أمام الإهانة التي تلحق المسلمين في العالم سوى المقاومة. «حاليا يريدون أن يكونوا مجرد أرواح، وسلاحا آخر»، تؤكد مصادر من مصالح مكافحة الإرهاب. في إحدى هذه المنتديات كتبت امرأة اعتنقت الإسلام أن «سكرات الموت تبعث الحقيقة». وإلى حدود الآن، فإن هذه السكرات الدموية تأتي عن طريق أياد وتقاسيم وجه ولحية ذكورية، لكن غدا لا أحد يجرؤ على الرهان بما سوف يحدث. * عن أسبوعية «أنترفيو»