يتفق الجميع على أن قرار تهريب الديربي البيضاوي إلى الرباط هو تدبير أمني وقائي الغاية منه التقليص من حالات التوتر التي تصاحبه، والحيلولة دون تكرار ما حصل في ديربي 20 أكتوبر بين الرجاء والوداد، حيث تحولت المدرجات إلى جهنم بفعل سقوط عشرات الشهب النارية في الملعب، وحدوث أعمال شغب خارج وداخل المركب انتهت باعتقال 11 متفرجا أغلبهم من اليافعين، كما تم اعتقال مشجع الوداد يحيى القباج المعروف بالصولدا لاتهامه ببيع الشهب للقاصرين. يمكن للجنة البرمجة أن تستعمل السلطات المخولة لها في تحديد مواعيد وزمن المباريات لكن حين يتعلق الأمر بالديربي فالأمر يتجاوز المجموعة الوطنية إلى السلطات الأمنية التي قد تصادق أو ترفض البرمجة، استنادا إلى معطيات أمنية تتعلق بسلامة الأرواح والممتلكات. ليست سوابق الرجاويين والوداديين في الشغب هي التي كانت الدافع إلى إبعاد المباراة بحوالي 100 كيلو متر، بل إن السلطات الأمنية للدار البيضاء ارتأت أنه من الصعب استنفار القوات الأمنية ووضعها في حالة طوارئ ثلاث مرات في ظرف أسبوع واحد، يوم الأربعاء في مباراة الوداد واتحاد العاصمة الجزائري، ويوم السبت بملعب الأب جيكو في لقاء الرشاد البرنوصي والترجي التونسي، ثم الديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد، فضلا عن حالة الاستنفار يوم عيد المولد النبوي، الشيء الذي أدى إلى إبعاد المواجهة البيضاوية خارج المدينة والتخلص من عبء لقاء غالبا ما ينتهي بخسائر في العتاد والأرواح أحيانا. تستنفر السلطات الأمنية عادة حوالي 1000 رجل أمن من مختلف الفصائل والتشكيلات الأمنية، لكن حين يتعلق الأمر بالديربي فإن العدد يتضاعف، مع تعزيزه بعناصر من وكالات وشركات الأمن الخصوصي في حدود 60 إلى 80 عنصرا. يتقاضى رجال الأمن في إطار الخدمة المؤدى عنها تعويضات من مداخيل المباراة تتراوح ما بين 15 و20 ألف درهم كغلاف مالي إجمالي للتغطية الأمنية، أما تعويض الفرد الواحد من الحرس الخصوصي فيصل إلى 200 درهم. في المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله يوجد 24 مدخلا، لكن عدد الأبواب التي يتم استعمالها لا يتجاوز النصف، بل إن الترتيبات الأمنية تفرض وجود طاقم أمني في كل بوابة من أجل تشديد الحراسة والمراقبة. عزالدين مسطار: رجل تخصصه تدبير الأخطار تعتمد وكالات الحراسة التي تتكفل بتنظيم التظاهرات الرياضية على شخص تحول من اختصاص الأمن الغذائي إلى أمن الأبدان، عز الدين مسطار واحد من واضعي خطط مكافحة المخاطر في مباريات الكرة، ملم بالكرة عارف بخباياها حريص على التدخل لسل الشعرة من عجين بؤر التوتر. أكد عزالدين أن وكالات الحراسة الخصوصية هي مؤسسات معترف بها من طرف وزارة الداخلية، لكنها تحتاج إلى تأهيل مواردها كي تصبح تدخلاتها ناجعة، وتمارس مختلف المهام المنوطة بها من استقبال وحراسة مع التحلي ببعض المواصفات كالصرامة والليونة وتقمص شخصية الزبون عند الاقتضاء، كي يتوفق في امتصاص الغضب والتقليص من حالات التوتر، وهذا لا يتأتى إلا بالتنسيق التام مع النادي في شخص اللجنة التنظيمية والأجهزة الأمنية. وأكد خبير الأخطار أن الأمن الخاص يجب أن يكون ملما بتضاريس الملعب وفسيفسائه، عارفا بكل أطراف اللعبة من لاعبين ومسؤولين وحكام وصحافيين ومتفرجين بأصنافهم ومختلف الفئات الساهرة على التنظيم، وطالب بتفعيل التدابير الوقائية التي سبق أن أعلن عنها بعد أحداث الشغب التي أعقبت مباراة الرجاء والوداد برسم منافسات كأس العرش، خاصة المقترح القاضي بوضع منطقة عازلة حول محيط الملعب، وأكد على ضرورة إبعاد نقط بيع التذاكر إلى خارج المركب واقترح وضع حاويات عليها علامات إشهارية للمستشهرين بعيدا عن الملعب، تفاديا للازدحام وتسهيلا لمهام مختلف المتدخلين، على أن يجتاز المتفرج ثلاثة حواجز قبل أن يصل إلى المدخل الأخير المفضي إلى الملعب، ولم ينف وجود خلافات بين الفينة والأخرى بين الأمن العام والخاص، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا إذا تضافرت الجهود بين جميع المتدخلين، وتعزيز دور الجمعيات التي تناصر الفرق والتي يكتفي المسؤولون عنها بالجلوس في المنصة الرسمية إلى جانب المسيرين، واعتبر سلوكات مجموعة من مسؤولي النوادي مثيرة للفتن، حيث إن احتجاجات مسؤول تشرعن إلى حد ما غضب بقية المشجعين.