في رحلة «غسل الذنوب» اصطحب نيكولا ساركوزي زوجته الجديدة في أول تنقل رسمي لهما خارج التراب الفرنسي، و تعمد خلال زيارته الرسمية لدولة جنوب إفريقيا زيارة الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا في بيته، قبل أن يتوجه برفقة زوجته إلى جزيرة روبن حيث زارا الزنزانة التي سجن فيها مانديلا إبان حقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. الكثيرون في فرنسا يعتبرون لقاء ساركوزي وكارلا بروني بمانديلا صك غفران يبعثه الرئيس الفرنسي، عبر عدسات المصورين، إلى مواطنيه الفرنسيين الذين أقعدوه في أسفل ترتيب الشعبية، إلى درجة أن صحيفة «لوموند» اعتبرت أن أيا من الرؤساء الذين سبقوا ساركوزي إلى قصر الإيليزيه لم يشهدوا انحدارا في الشعبية بهذه السرعة وإلى هذا المستوى، في مقارنة بين شعبية الرئيس الحالي وشعبية أسلافه على كرسي الجمهورية الفرنسية الخامسة. دوائر عدة في فرنسا تتهم اليوم ساركوزي بإضعاف هيبة الوظيفة الرئاسية بسلوكياته المتشنجة وانفراده بتسيير شؤون فرنسا، أما معارضوه في الحزب الاشتراكي فيتهمونه بإخلاله بواجبه كرئيس للدولة وبالانسياق وراء مهاجمة المواطنين بشتائم الشارع، حتى إن قطب اليمين الفرنسي المتطرف، جون ماري لوبين، خرج بجملة من جمله الشهيرة عن ساركوزي، قال فيها: «إنه أشبه ب«تان تان» منه بديغول». زيارة ساركوزي الرسمية لدولة جنوب إفريقيا تميزت أيضا بالتصريح الجديد لرئيس الجمهورية الفرنسية الذي أعلن من خلاله أنه «سيعيد التفاوض في جميع الاتفاقات العسكرية التي وقعتها فرنسا مع دول إفريقية تربطها علاقات مميزة بباريس»، قبل أن يضيف، في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الجنوب إفريقي ثابو مبيكي في العاصمة كاب تاون: «يجب أن تكون فرنسا حاضرة بشكل مختلف في إفريقيا»، حسب تعبيره. وأضاف ساركوزي أنه قرر «معاودة التفاوض حول جميع الاتفاقات العسكرية التي وقعتها فرنسا في إفريقيا»، مضيفا أن كل هذه الاتفاقات ستنشر «بشفافية»، موضحا، في الآن نفسه، أن «كل رؤساء الدول المعنية أبلغوا بالأمر». في حين أوضح، في مقابلة نشرتها صحيفة «ذي ستار» ونقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، قائلا: «أعتقد أن الزمن قد تغير وأن فرنسا ليس عليها القيام بدور الشرطي في إفريقيا، هذا دور الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية الإفريقية»، على حد قوله. هذا، وقد أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة «فرانس بريس» بأنه من المؤكد أن بعض القواعد العسكرية ستلغى، مشيرا، كمثال، إلى قاعدة أبيدجان حيث يتمركز 900 جندي من الكتيبة 43 لمشاة البحرية بشكل دائم، في الوقت الذي تنتشر فيه قرابة 9000 جندي فرنسي في كل القارة السمراء.