خلصت دراسة معنونة ب«ماهي أحلام الشباب المغربي؟»، صدرت مؤخرا بالمغرب وتم تقديمها بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، إلى أن هناك العديد من الشباب ولو كانوا أقلية يحلمون ب«الجهاد» ويرغبون في أن تتحول أجسادهم اليافعة إلى قنابل موقوتة تنفجر في باب أقرب حانة. الدراسة، التي صدرت عن دار النشر «مرسم» وأشرفت عليها السوسيولوجية المغربية، فاطمة المرنيسي، أبرزت أيضا أن 24 في المائة من الشباب المغربي توقفت أحلامهم في هذا البلد وصاروا ينظرون إلى ما تحقق داخل المملكة بسلبية تامة أقرب إلى الكوابيس. في المقابل، لم تشر الدراسة تماما إلى أنه في المغرب هناك شباب آخر يحلم أحلاما أخرى بعيدة عن كوابيس الموت على صفحات ال«فيس بوك». شباب لا زال متفائلا ويحلم أحلاما كبيرة، أحلام أخرى كان يمكن أن تطلق عليها «المرنيسي» في دراستها اسم «الأحلام الممنوعة» على وزن «القصائد الممنوعة» للشاعر نزار قباني. اليوم في المملكة، صار العديد من الشبان المغاربة يكرهون كوابيس البؤس ومهن الفقر، وحين يغمضون جفونهم يتحولون إلى أمراء وملوك ووزراء وأيضا مشاهير على صفحات «الأنترنيت». شباب «الفيس بوك» لم يعودوا في حاجة إلى «الحزب الثوري» لقلب النظام وتنصيب أنفسهم رؤساء وزعماء على الرأس الأيسر لفأرة الحاسوب. يقلبون النظام كل يوم وفي كل لحظة، دون حمل أسلحة أو كلاشينكوفات. كما أنهم لا يترددون في اختيار مناصب سامية في مملكة الأنترنيت: رئيس، وزير، أمير أو حتى ملك. والغريب أنهم يقومون بذلك دون أية عقدة خوف، ولا يهمهم ما حدث لكل أولئك الذين تجرؤوا في تلك السبعينيات الغابرة على ممارسة «الأحلام الممنوعة». آخر الممارسين المغاربة ل«الأحلام الممنوعة» شاب لم تستطع المخابرات المغربية المختصة في الرقميات إلقاء القبض عليه. ويحتمل أنه خطط للانقلاب «الفيس بوكي» مع رفيقه الآخر فؤاد مرتضى، الذي ألقت عليه السلطات المغربية القبض نهاية الأسبوع الماضي بتهمة انتحال شخصية الأمير، هذا الأخير لم يعترف إلى حدود كتابة هذه السطور باسم رفيقه الذي لازال ينتحل صفة الملك محمد السادس على «الفيس بوك». وإلى الآن، يمكن للعديد من زوار الموقع الاطلاع على صفحة خاصة بالملك محمد السادس، والتي يشرف عليها أحد الحالمين الشباب (مادامت وكالة الأخبار الرسمية نفت أن يكون للعائلة الملكية أي موقع أو صفحة على الأنترنيت) والتي يمكن الوصول إليها داخل شبكة أعضاء موقع «فيس بوك» بمجرد كتابة ثلاث كلمات: «الملك محمد السادس»، مع إمكانية مراسلة «الملك» أو إضافته إلى لائحة الأصدقاء، بالإضافة إلى إمكانية إرسال خطاب إلكتروني إلى صاحب الصفحة لدعوته إلى قبولك ضمن لائحة أصدقائه الخاصة. ليس هذا كل شيء، فالصفحة مرفوقة بصورة رسمية ل«الملك»، ومذيلة برابط داخلي يحمل اسم «المغرب» باللون الأزرق ينقلك بمجرد الضغط عليه إلى إحدى الشبكات الكبرى «لمغاربة الفيس بوك». ولم يتمكن مسؤولو المخابرات الرقمية المغربية من التأكد مما إذا كان أحد الأطفال بالدار البيضاء هو مؤسس صفحة «الملك» على ال«فيس بوك». وإذا كان الخبر صحيحا، فإن هذا الأمر سيشكل تحولا خطيرا في مفهوم «الحلم عند الطفل». وسيؤكد أن الأطفال المغاربة لم يعودوا بلداء ولم تعد تقنعهم مهن من قبيل: طبيب أو مهندس أو طيار. هذا المعطى الأخير تأكد بقوة عندما خرجت دراسة أخرى، هذه المرة في إسبانيا، تؤكد أن الأطفال المغاربة «لا يحسون بالخوف من الموت»، خصوصا مع تزايد إقبالهم على ركوب قوارب الموت، حيث صرح العديد من «الحراگة الأطفال» المغاربة للمشرفين على الدراسة ب»أن أحلامهم انتهت في المغرب، وأنهم لا يخافون من مواجهة الغرق في البوغاز من أجل تحقيق أحلامهم الجديدة». في الليل حين ينام الآباء بعد مشاهدة نشرة الأخبار المسائية، يحضرهم كابوس ديونهم البنكية المتكتلة ويزورهم شبح فاتورة الكهرباء المرتفعة، والتلفاز الذي تكسر، والمدير المستبد، وعون السلطة المرتشي، والضريبة الملتهبة، وحافلات النقل المنعدمة، والمستشفيات المقفلة، والطماطم الغالية. وفي الطرف الآخر من المنزل المظلم، في الغرفة الصغيرة، وأمام الحاسوب العائلي، يجلس عشاق «الأحلام الممنوعة». يفتحون صفحاتهم «الملكية» على ال«فيس بوك» ويبدؤون في «تحقيق الرفاه» والحلم بالمملكة، والقصر، وسيارة الدفع الرباعي، وملابس «زارا»، وموسيقى «بيتهوفن»، وعالم آخر ممكن.