أقر وزراء الإعلام العرب، في اجتماعهم الاستثنائي، الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة أول أمس، وثيقة جديدة لتنظيم البث الفضائي التلفزيوني والإذاعي في المنطقة العربية، من شأنها إلزام هيئات البث ومقدمي خدماته باحترام مبدأ السيادة الوطنية والسلم الاجتماعي، لكل دولة على أرضها، وهو ما رفضته قطر بشكل قاطع، وتحفظت عليه الأردن والإمارات. الوثيقة الجديدة تتيح لكل دولة عربية الحق في فرض ما تراه من قوانين ولوائح أكثر تفصيلا، وتعطيها الحق في منع بث أي مواد إعلامية تحث على التحريض على الكراهية والإرهاب، مع التفريق بينه وبين الحق في مقاومة المحتل، كما تلزمها بضمان حق المواطن العربي في متابعة الأحداث الوطنية والإقليمية والدولية الكبرى، خصوصا الرياضية منها التي تشارك فيها فرق أو عناصر وطنية، وذلك عبر إشارة مفتوحة وغير مشفرة أيا كان مالك حقوق هذه الأحداث حصرية كانت أو غير حصرية. وفي تعليقه على بنود الوثيقة قال وزير الاتصال المغربي، خالد الناصري، في تصريح ل«المساء» من مصر، إن «ما جاء في الوثيقة يعبر عن مواقف سليمة أيدها الوفد المغربي لأنه لا يمكن أن نسمح بالترويج لمبادئ وقيم تقهقرية ورجعية تضرب القيم الإنسانية»، وتساءل الناصري، الذي ترأس الوفد المغربي الذي شارك في الاجتماع الاستثنائي لوزراء الإعلام العرب بمصر: «هل يمكن أن نسمح باسم حرية التعبير بالترويج لقيم الكراهية والإرهاب؟»، واستطرد وزير الاتصال أن «هذه الوثيقة لو كانت تعبر عن مواقف مخالفة للتوجه الديمقراطي للمغرب لتحفظنا عليها»، وأكد أيضا «أن هذه الوثيقة لا تتضمن فكرة واحدة تمس بحرية التعبير». في المقابل فإن مدير قناة «الجزيرة» بالدوحة، وضاح خنفر، عبر في تعليق خص به «المساء» عما يمكن اعتباره رفضا لما جاءت به وثيقة وزراء الإعلام العرب في مصر، وقال مضيفا: «نرى دوما أن مواثيق الشرف الصحفي تنبع من صميم المهنة وينبغي أن يشرف على إعدادها الصحفيون والمؤسسات الإعلامية دون تدخل من جهة غير صحفية». وفي نفس الصدد قال عبد الباري عطوان، مدير يومية «القدس العربي»، من لندن إن «هذه الوثيقة هي حصيلة لتحرك عربي لوأد الإعلام العربي وقتل حالة الصحوة الأولية التي بدأت تمس هذا الإعلام»، وأضاف عطوان: «هذا الإرهاب الذي يمارس على الإعلام تحت ذريعة ممارسة الإرهاب والتصدي له يأتي بعد حدوث تحرك للرأي العام العربي خصوصا بعد أحداث غزة، ولهذا قرر النظام الرسمي العربي تكميم منابر الإعلام، وخاصة البث الفضائي». وأضاف مدير يومية «القدس العربي» في تصريح خص به «المساء»: «ما يحدث الآن هو محاولة لإعادة الإعلام العربي إلى مرحلة الجاهلية الأولى وما قبل الصحوة أي إعلام استقبل، وودع وأشاد»، واستطرد عبد الباري عطوان قائلا: «إن هذه الوثيقة هي امتداد للاعتداءات التي تعرض لها العديد من الصحفيين مؤخرا من بينها الاعتداء على الزميل رشيد نيني في المغرب، وجميل النمري في مصر، واعتقال الزميلة هويدا طه في مصر، وإغلاق مدونات واعتقال أصحابها في مصر، وقبل ذلك اغتيال زملاء مثل: سمير قصير، وجبران التويني والصحفية العراقي أطوار بهجت»، وفي النهاية اعتبر عطوان أن كل هذا يصب في محاولة «لإعادة الإعلام العربي إلى قفص الطاعة الرسمي وأن يظل خاضعا للديكتاتوريات القمعية». من جانبه قال وزير الاتصال المغربي السابق، العربي المساري: «إن هذه الوثيقة تدخل في نطاق الجنون، وهي معاكسة للتيار الذي خلقته التكنولوجيا وضد حق تمرير المعلومة وتمرير الخبر»، وأكد المساري أن «ما تقوله الوثيقة هو مستحيل التحقق، ووزراء الإعلام العرب ليست لهم صلاحية كتابة ميثاق شرف للصحفيين لأن هذه مهمة الصحفيين أنفسهم»، وأضاف: «إن ما يحدث هو العبث، ووزراء الإعلام العرب هم كائنات شاذة في الكون ويعاكسون التيكنولوجي».