[email protected] هناك دول كثيرة قررت بلديات مدنها تخصيص أماكن للنساء في بعض وسائل النقل العمومية. وإلى جانب الهند والبرازيل واليابان انضمت مؤخرا بلدية مكسيكو سيتي إلى المدن التي تخصص حافلات للنساء فقط. فمن كثرة التحرشات التي تتعرض لها نساء هذه البلدية في الحافلات من طرف الرجال قرر أعضاؤها بالإجماع تطبيق جدار للفصل الجنسي بين الرجال والنساء. وأستطيع أن أجزم بأن مجلس مدينة الدارالبيضاء مثلا إذا قرر تطبيق هذا القانون وخصص حافلات للنساء وأخرى للرجال، فإن المجلس سيتلقى دعوات صالحة من كل نساء الدارالبيضاء. فمحنة النساء داخل الحافلات لا تعلمها إلا الراسخات في ركوب الطوبسيات ذهابا وإيابا كل يوم. ولعل أحد أسباب ارتفاع مبيعات السيارات الاقتصادية في المغرب هو التحرش بالنساء في وسائل النقل العمومية. وهناك اليوم عدد كبير من النساء العاملات في القطاع الخاص وموظفات السلالم المتوسطة يخترن الاستثمار في شراء سيارة على الاستثمار في شيء آخر. وعندما تدخل المرأة إلى سيارتها فكأنها تدخل إلى عالم يشكل امتدادا لبيتها، وليس الأمر مشابها لدخولها الطوبيس. حيث يتحول جسدها إلى ملكية مشتركة بين الراكبين وتضيع سيطرتها عليه في الزحام. فتحت ذريعة الاكتظاظ يسمح بعض الراكبين لأنفسهم بممارسة رياضتهم المفضلة في اللصيق خلف الراكبات. ومنهم من يفضل لو أن كل الطوبيسات كانت بلا مقاعد، لكي تكون جميع الراكبات مجبرات على الوقوف. هناك محنة حقيقية اسمها التحرش تعيشها النساء المغربيات في شوارع المدن وفي وسائل النقل وفي أماكن العمل. ولازال بعض الرجال يعتبرون أن توقيف المرأة والتحدث إليها في الشارع العام حق من حقوقهم المكتسبة. أما في القطار فهناك متخصصون في البحث عن المقصورات التي توجد بها فتيات، ومنهم من يترك كل الأماكن الفارغة في القطار ولا يحلو له سوى مقعد مقابل لامرأة تجلس وحيدة، فيأتي ويجلس قبالتها ويسألها ذلك السؤال البليد الذي يقول «الأخت خدامة ولامزالة كاتقرا». فالعقلية الرجولية المتخلفة لبعض المغاربة تفترض أن كل امرأة تجلس وحيدة في القطار أو الحديقة أو المقهى هي امرأة «باغيا تفاهم». ولعل الحلقة الأضعف في كل مسلسل الاعتداءات اليومية التي تحدث في شوارع المغرب هذه الأيام، هي النساء. حتى أصبحنا نرى نساء يخرجن للقيام برياضة المشي في الصباح الباكر برفقة كلاب «البيت بول» الشرسة. أما الرجال فقد أصبح بعضهم يحمل معه عوض قنينة الماء زرواطة قبل أن يخرج للقيام بركضه الصباحي. وقبل أسبوع تناولت طعام الغذاء مع أحد الأصدقاء وحكى لي قصة وقعت بالقرب من مقر الجريدة دون أن ينتبه إليها أحد. والضحية مستخدمة تشتغل في شركته اعترض طريقها رجل وأجبرها بسكين تحت عنقها على الصعود معه إلى سطح عمارة سكنية. وهناك اغتصبها طيلة ساعتين. وعندما ذهبت إلى العمل لاحظ مديرها أن حالتها غير طبيعية فسألها إن كانت تشكو من عارض صحي، فانهارت باكية وحكت له ما وقع لها وهي في طريقها إلى العمل. فاتصل المدير بالأمن وفتح تحقيق في الموضوع. يومان بعد ذلك سيقع المجرم ضحية كمين نصبته له الشرطة قرب العمارة التي يتصيد أمامها ضحاياه. عندما وقع المجرم بدأت ضحاياه من النساء في الظهور، وتوصل الأمن إلى حدود أمس بست شكايات من سيدات يتهمن الرجل باغتصابهن في سطح العمارة. والكارثة أن الرجل متزوج وله أبناء. وغالبا ما يحدث أن أسمع عن اختراعات مثيرة للاستغراب. وقبل أشهر مثلا ذكرت القناة الأولى الإسبانية في إحدى نشرات أخبارها الدولية أن باحثين في جنوب إفريقيا اخترعوا جهازا صغيرا يحمي المرأة من الاغتصاب. ففي جنوب إفريقيا هناك خمسون ألف حالة اغتصاب تسجل سنويا، هذا دون احتساب الحالات التي لا تذهب ضحاياها إلى أقسام الشرطة لتسجيل شكاية. ولذلك توصل العلماء إلى اختراع جهاز صغير يشبه النشبة تضعه المرأة داخل جهازها التناسلي قبل أن تغادر البيت تماما كما يمكن أن تضع الخاتم في أصابعها. وهكذا إذا حدث وتعرضت لاغتصاب فإن الرجل بمجرد ما يحاول اغتصابها حتى تزطم عليه النشبة فيسحب أداة الجريمة بسرعة مترنحا بسبب الألم لعدة ثواني تكون كافية لكي تسترجع الضحية أنفاسها ثم تفر بجلدها. والجميل في هذه النشبة الشبيهة بالقراصة ديال النشير، أن ألمها يزداد كلما بدأ انتفاخ العضو الذكري يضعف، والأجمل (بالنسبة للمرأة طبعا) أن كل من تقبطه هذه النشبة لا تكون أمامه أية إمكانية لإزالتها بنفسه، وإنما يجب عليه لكي يتخلص من الألم الشديد الذي يعتصره أن يذهب برجليه عند الطبيب لكي يخلصه من قبضتها الحديدية. والأروع في هذه الحكاية (دائما بالنسبة للنساء) أن كل الأطباء على علم بالنشبة والمستهدفين بها من الرجال الأشرار، لذلك بمجرد ما يأتي أحدهم عند الطبيب بقراصة ملتصقة بعضوه حتى يضرب تلفون للشرطة لكي تأتي وتضع يديه في المينوط قبل أن يزيل له الطبيب المينوط الآخر الذي في أسفله. وهكذا ستفكر كل هذه الذئاب البشرية التي تترصد اللحم الطري في الطرقات، ألف مرة قبل أن تجرؤ على المخاطرة بوضع نفسها في هذا الموقف المخزي. وستتمكن أخيرا الآلاف من النساء من أن يغادرن بيوتهن وهن متأكدات من أنه لا أحد سيقبل بوضع جهازه في الأسر. والأكيد أن نساء مغربيات كثيرات يعانين بصمت من جريمة الاغتصاب، ومنهن من تتعرض لاغتصاب جماعي ينتج عنه غالبا حمل. وهذا ما يفسر هذا العدد الفظيع للأطفال المتخلى عنهم، والذين نراهم في الشوارع يتسولون ويتنفسون هواء ملوثا داخل أكياس بيضاء. فقلت في نفسي أن فكرة استيراد بعض هذه النشبات على سبيل التجربة ستكون فكرة جيدة، على الأقل لإخافة بعض الرجال الذين يتجولون في الشوارع باحثين عن امرأة وحيدة عائدة من العمل، أو فتاة خارجة من المدرسة. فالحل الأمثل للقضاء على جريمة الاغتصاب هي تشويه سمعة مقترفيها عبر القبض عليهم متلبسين بالقراصة في عيادة الطبيب، وهذا ما يسميه المغاربة عندنا «هاك أبوك رجليك جابوك» والرجلين هنا مجازا طبعا حتى لا نأتي على ذكر عضو آخر. كما يمكن أن تستعين وزارة الصحة بوصلات إشهارية، كتلك التي تذيعها ميدي 1، تتكفل بإنتاجها جمعية آفاق التي يوظف الهاروشي علاقاته الوزارية السابقة للعثور لرئيستها، التي ليست سوى زوجته، على منح دسمة، تفعيلا للقاعدة التي تقول «الساقي يسقي راسو وخيرنا ما يديهش غيرنا».