رفضت حكومة عباس الفاسي قبل اختتام الدورة التشريعية الحالية، الأسبوع الماضي، الإجابة عن سؤال آني تقدمت به فرق المعارضة النيابية (الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والعدالة والتنمية) حول حصيلة الحكومة بعد مرور 100 يوم على تشكيلها في ال19 من أكتوبر المنصرم. ويرى بعض المراقبين أن الوزير الأول عباس الفاسي رفض الجواب عن سؤال حصيلة 100 يوم على تشكيل حكومته لأنه لا يريد تكريس هذا العرف السياسي المعمول به في مختلف الديمقراطيات العريقة، مشيرين، في الوقت نفسه، إلى أن الفاسي يدرك جيدا الأداء المتواضع لفريقه الحكومي، فيما يعزو آخرون الأداء المتواضع للحكومة خلال الأيام المائة التي مضت على تشكيلها إلى عدم توفرها على شخصية معنوية مستقلة في اتخاذ القرار الذي كان دائما يتخذ بالإحالة على التوجيهات الملكية، «وهو ما تجلى، على الخصوص، تقول المصادر ذاتها، أثناء عرض التصريح الحكومي من طرف عباس الفاسي غداة تعيينه وزيرا أول عندما كان الأخير يحيل، في أكثر من فقرة من هذا التصريح، على التوجيهات الملكية». وبينما يؤكد مصدر حكومي أن الثلاثة الأشهر الأولى من عمل الحكومة لا ينبغي أن تكون مقياسا للحكم النهائي على طبيعة أدائها، بل لا بد من إعطائها مزيدا من الوقت بالنظر إلى الظروف التي رافقت تشكيلها، قال محمد أبيض، الأمين العام للاتحاد الدستوري، إن حصيلة الحكومة خلال هذه المائة يوم كانت بارزة في سياق سلبي تمثل أساسا في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين من خلال الزيادة في الأسعار، مؤكدا، في تصريح ل«المساء»، أن «كل الوعود التي وعد بها عباس الفاسي في تصريحه الحكومي لم تبد بعد ملامح ترجمتها فعليا في حياة الناس رغم مرور هذه ال100 يوم التي جرت العادة ألا تمارس فيها أحزاب المعارضة أي ضغط لفسح الطريق أمامها كي تعمل بنجاعة أكثر». وقال أبيض في هذا السياق: «لا يمكن أن تكون لنا معارضة قوية إذا لم تكن لنا حكومة، وهو الحاصل مع حكومة عباس التي تدعو أحوالها إلى الشفقة لأنها لا تحتاج إلى من يعارضها، بل هي تعارض نفسها بنفسها بحكم غياب الانسجام بين مكوناتها»، مشيرا، في الوقت نفسه، إلى أن «كل قامت به الحكومة خلال هذه المائة يوم هو أنها تشتغل على برامج كانت مسطرة في عهد حكومات سابقة، وهذه البرامج كانت دائما مستمرة سواء بوجود عباس الفاسي أو بدونه». واعتبر إدريس بنعلي، الخبير الاقتصادي، أن مواصلة عباس الفاسي السير على نهج الحكومات السابقة كانت متوقعة لأن الحكومة موجودة أصلا بإرادة ملكية، والتقييم المطلوب لأداء الحكومة خلال هذه ال100 يوم ينبغي أن ينصب حول ما إذا كان عباس نجح في ترجمة هذه الإرادة الملكية أم لا. وقال بنعلي: «إنه من الخطأ أن نطالب عباس بحصيلة حكومته بعد مضي هذه ال100 يوم على تشكيلها لأننا في المغرب عندنا «ديمقراطية المسطرة» التي لا يترشح فيها صانع القرار إلى الانتخابات، وإنما الذين يترشحون هم الفاعلون الثانويون: وهم الأحزاب السياسية». و«لأن الأمر كذلك، يقول بنعلي، فإن عباس الفاسي قضى هذه ال100 يوم كلها في البحث عن بقائه في الحكومة خاصة بعد أن وجد نفسه مشدودا بخيط من خارجها»، في إشارة إلى فريق الأصالة والمعاصرة الذي يقوده فؤاد عالي الهمة. إلى ذلك، قال لحسن الداودي، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن البصمة الوحيدة التي تسجل لهذه الحكومة خلال هذه ال100 يوم هي أنها جاءت بقانون مالي يغني الغني ويفقر الفقير. وقد تجلى ذلك، يقول الداودي ل«المساء»، في رفض الحكومة لكل التعديلات التي تقدمنا بها حول هذا القانون الذي انتصر بشكل واضح للمؤسسات المالية والأبناك التي استفادت من تخفيض ضريبي على حساب القدرة الشرائية للمواطن.