إسبانيا - نبيل دريوش قرأ سياسيون إسبان عدم مشاركة الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، في الملتقى الأول لحوار الحضارات الذي أسدل عليه الستار أمس بمدريد، على أنه قد يكون مؤشرا على أن الرباط بصدد مراجعة علاقاتها مع جارتها الشمالية التي مازال يشوبها الفتور، رغم عودة السفير عمر عزيمان لمواصلة عمله بإسبانيا. وكان عزيمان نفسه قد أخبر ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير خارجية إسبانيا، خلال الاستقبال الذي خصه به في مكتبه بمجرد عودته، أن وفدا رفيع المستوى سيزور العاصمة الإسبانية بمناسبة الملتقى الذي يعد أهم مشروع بالنسبة إلى رئيس الحكومة الإسبانية رودريغيث ثباتيرو في البحث عن موقع لإسبانيا في اللعبة الدولية. ولم يحضر إلى الملتقى عن الجانب المغربي سوى أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بحكم أن حضور المستشار المغربي أندريه أزولاي لا يعد تمثيلا رسميا للمغرب نظرا إلى كونه عضوا في لجنة الحكماء التي ضمت شخصيات دولية وقامت بالتحضير لوثائق مبادرة تحالف الحضارات. وكان اختيار أزولاي في اللجنة محاولة من ثباتيرو، وقتها، لإشراك شخصية مغربية في مبادرته لضمان دعم جاره الجنوبي في الأدوار التي تطمح الديبلوماسية الإسبانية إلى لعبها، إضافة إلى الدور الذي قام به خصوصا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يراهن على إيجاد موقع للمغرب في عملية السلام بالشرق الأوسط في عقد التسعينيات من القرن الماضي. ويأتي هذا الغياب المغربي عن ملتقى حوار الحضارات أياما قليلة بعد الخرجة الإعلامية للسفير عمر عزيمان في صحيفة «إيل بريوديكو» الكتالانية التي كشف فيها النقاب عما دار بينه وبين الملك محمد السادس قبيل عودته إلى مدريد، إذ أخبر الملك محمد السادس سفيره لدى التاج الإسباني بأن مشكل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين قائم بين البلدين، ولا يمكن أن يكون بأي حال طابوها. ولم يحدد عزيمان وقتا للشروع في الحوار حول المشكلة، بيد أنه لوح بإمكانية حدوث أزمة أخرى بين البلدين في حالة عدم قبول الإسبان فتح نقاش حول مستقبل المدينتين. وتفادى السياسيون الاسبان التعليق على تصريحات عزيمان طيلة هذا الأسبوع باستثناء مانويل تشافيث، رئيس حكومة الأندلس، الذي أكد أن مشكلة سبتة ومليلية لا يمكنها أن تقف حجر عثرة أمام إقامة علاقات جيدة بين البلدين. ومن جانب آخر، عطلت الأزمة الأخيرة بين البلدين التنسيق الذي كان جاريا بين البلدين حول مشروع نفق مضيق جبل طارق الذي يتوقع أن تكون هذه السنة حاسمة في اتخاذ خطوات عملية بشأنه، وتأثر المشروع بانقطاع الاتصالات التي كانت جارية بين كريم غلاب، وزير النقل والتجهيز، ونظيرته الإسبانية ماغدالينا ألباريث التي كان مقررا أن تقوم بزيارة إلى الرباط في شهر دجنبر الماضي قبل أن يقرر غلاب عدم استقبالها بسبب ما فسر آنذاك بأنه مشكل في الأجندة دون أن يحدد أي موعد آخر للقاء بين مسؤولي البلدين.