حاوره: المصطفى أزوكاح - أفضى التهاب الأسعار في السنة التي ودعناها إلى ردود أفعال اجتماعية، لعل أبرزها الأحداث التي شهدتها مدينة صفرو، كيف قرأتم هذا الوضع؟ < من أجل الإجابة عن هذا السؤال، يبدو لي ضروريا التمييز بين التضخم الذي تعلن عنه السلطة المشرفة على سياسة التغذية، وتمثل الناس لحركة ارتفاع الأسعار. نحن نلاحظ أن معدل التضخم، الذي يقاس بمؤشر تكلفة المعيشة، يجري التحكم فيه بشكل واضح منذ 1998. غير أن الساكنة تعتبر أن الأسعار تعرف تطورا يناقض الخطاب الرسمي. فالارتفاعات التي طالت أسعار المواد الغذائية، التي تشكل جوهر قفة الأسر المغربية، تمثل مؤشرا قويا على تدهور القدرة الشرائية، وهذا التمثل الذي ترسخ لدى الناس يجد أصله في التفاوتات التي تميز الدخول، إلى درجة أن الفئات الفقيرة ترى في السياسة الاقتصادية سببا مباشرا في تراجع رفاههم الاجتماعي. - ما هي التأويلات التي يمكن أن تثيرها ردود الأفعال الاجتماعية التي قادت إليها الزيادات في الأسعار؟ < يجب أن نلاحظ أن القدرة الشرائية تتراجع في نفس الوقت الذي نسجل فيه أن الأجر الأدنى تمت مراجعته قبل سنوات قليلة، غير أن تطور الأجر الحقيقي يظل دون التطور الذي ميز التضخم. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحد الأدنى للأجور غير مطبق في العديد من المقاولات، وإذا أمعنا النظر في مستوى الفقر، وإذا أدركنا أن التضامن الأسري بدأ يتلاشى.. فإننا سنعي، آنذاك، بالتدهور الذي طال مستوى المعيشة، ولاسيما في ظل صعوبة الولوج إلى المواد والخدمات الأساسية، مثل الصحة والتربية. أنظر إلى ما يجري الآن، فقد أفضى التمثل السائد حول التضخم المفرط إلى بروز خطاب في النقاش العمومي، يعيد النظر في صندوق المقاصة باسم حقيقة الأسعار. وهذا الخطاب يوصي باستهداف الفئات الفقيرة بالدعم دون أن يطرح التساؤل حول استنزاف مخصصات الدعم من قبل لوبيات بعينها. ومن جهة أخرى، تغلب حركة معارضة التضخم الاتجاه نحو كبح الزيادات التي تعرفها مخصصات صندوق الدعم، بدل الحث على رفع الأجور وتصحيح الفوارق التي تساهم فيها السياسة الاقتصادية. - في ظل هذا الوضع، هل يجب أن يظل التحكم في التضخم الهدف الأسمى الذي تسعى إليه السلطات العمومية؟ تهدف السياسة الاقتصادية إلى استقرار الإطار الماكرو اقتصادي، عبر التحكم في التضخم والعجز العمومي. عموما، جرى حصر التضخم في حدود 2 %، لكن على حساب النمو والتشغيل والرفاه. وبالتالي، فإن الخروج من هذا التخبط يقتضي إعادة تحديد السياسة الموازنية والنقدية، ليس فقط بالتركيز على التضخم، ولكن كذلك من أجل تشجيع النشاط الاقتصادي ومحاربة البطالة. إن دعم الطلب الشامل يكتسي أهمية قصوى، خاصة وأن الاقتصاد المغربي ليس متجها نحو الصادرات كما يزعم البعض. وعلى هذا المستوى، يمكن أن يساهم دعم القدرة الشرائية للأجراء ومحاربة الفقر وتقليص الفقراء، عبر الأداة الضريبية، في النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، دون أن يؤدي ذلك إلى تضخم مضر. ويمكن للسيولة المتوفرة بكثرة لدى الأبناك أن توظف في الاستثمار المنتج عوض الأنشطة المضاربية، كما هو الحال منذ سنتين تقريبا. لا يجب أن يصبح التضخم شبحا مخيفا يسكن المغرب على حساب التنمية.