سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزارة الداخلية الإسبانية ترحل محمد الحداد ومحاميه فضل عدم إشعار الهيئات المدنية والحقوقية المتضامنة معه لاستقباله بعد 39 يوما من دخوله إضرابا مفتوحا عن الطعام وفقدانه 17 كيلوغراما
أقدمت وزارة الداخلية الإسبانية مساء الجمعة الماضي، على ترحيل المغربي محمد الحداد، وهو في يومه ال39 من دخوله إضرابا عن الطعام احتجاجا على عدم تنفيذ الحكومة الإسبانية مقرر القضاء الإسباني، الذي برأه من تهمة التورط في أحداث 11 مارس الإرهابية، التي هزت العاصمة الإسبانية مدريد، سنة 2004. كانت الساعة تشير إلى الثامنة ليلا حينما وصلت دورية أمنية إسبانية إلى معبر باب سبتة الحدودي قادمة من الجزيرة الخضراء وعلى متنها محمد الحداد وهو في حالة إنهاك تام ومقيد اليدين وراء ظهره. «هؤلاء هم من سيعرفون كيف يوقفوا إضرابك عن الطعام فلهم خبرة معروفة في هذا المجال» يقول أحد رجلي الأمن الإسبان باستهزاء للحداد، وهو يسلمه للسطات الأمنية المغربية. «معتقل الجزيرة الخضراء أشبه بالجحيم، ولا يمت بصلة إلى سجون الدول الديموقراطية»، يقول محمد الحداد ل«المساء» وهو في حالة وهن تام بمستشفى سانية الرمل بتطوان. فمحمد الحداد تم نقله من مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين بسبتة إلى الجزيرة الخضراء بعد دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام. «كان سجنا لا يخضع لمعايير سجون الدولة الإسبانية، يؤوي سجناء الحق العام، وخصوصا المهاجرين غير الشرعيين» يوضح الحداد، وهو يروي معاناته داخل السجن في إضراب عن الطعام، وكيف كان رجال الأمن يجبرونه، رغم وهنه، على النزول والصعود يوميا إلى باحة السجن، والجلوس مرغما إلى مائدة الطعام رغم إضرابه عن الطعام، مضيفا أنهم كانوا يمتنعون عن تزويده بالماء أو السكر، كوسيلة ضغط عليه لوقف إضرابه عن الطعام. «في مركز سبتة كنت أقتني قنينات الماء المعدني من مصروفي الخاص، أما في معتقل الجزيرة الخضراء فقد كانت الظروف الأمنية هناك جد مشددة»، يحكي الحداد، وهو يتحسس أسنانه التي هشمها أحد عناصر التدخل السريع الإسبان المتواجدين في معتقل الجزيرة الخضراء، بعدما دخل في مشادات كلامية مع حارس للسجن، حينما انتزع منه قنينة ماء من يديه لمنعه من شرب الماء. ووفق الحداد، فإن عبارات السب والشتم في حقه كانت ترافقه في السجن كل وقت وحين، من قبيل «عد إلى بلدك يا ولد...»، وعبارات أخرى يندى لها الجبين تصدر من أفواه حراس سجن دولة ديمقراطية. محمد الحداد كان يسعى لاسترداد حقوقه، التي تسببت في ضياعها تهمة وجهتها إليه الحكومة الإسبانية، أثبتت التحقيقات القضائية بعدها، براءته منها بعد إخضاعه لتحليلات الحمض النووي، التي جاءت في صالح الحداد أثناء التحقيق معه من طرف القاضي الإسباني خوان ديل أولمو في إطار الإنابة القضائية. ويستعرض محدثنا بالقول وهو يحتسي بعض الحساء في غرفته بجناح أمراض القلب، بالمستشفى الإقليمي بتطوان أن المسؤولين عن سجن الجزيرة الخضراء منعوه من مقابلة شخصية مع طفلته ذات الخمس سنوات، عكس ما هو معمول به. «عانيت صعوبات كبيرة في النوم ومغصا شديدا في المعدة، بسبب إضرابي عن الطعام، كما قل نظري بعض الشيء قبل أن أدخل في مرحلة فقدان بعض الجزئيات من ذاكرتي، لكن إصراري ومؤازرة رفقائي في الزنزانة لي كانت بمثابة دعم كبير لي». وحسب الحداد فإن اجتماعا تم عقده في العاصمة مدريد بين مسؤولين مغاربة وإسبان بخصوص قرار طرده وترحيله إلى المغرب، حيث سلمه المسؤولون بسجن الجزيرة الخضراء زوال يوم الجمعة الماضي، قرار رفض الطعن المقدم من طرف محاميه الإسباني ضد قرار رفض منحه اللجوء الإنساني بإسبانيا وترحيله إلى المغرب. «اجمع ملابسك» يقول له حارس السجن قبل أن يتم اقتياده مصفد اليدين على متن دورية أمنية إلى ميناء الجزيرة الخضراء ومنها إلى سبتة مع قرار يقضي «بمنعه من دخول فضاء شينغين لمدة عشر سنوات». «استغربت عدم وجود القنصل المغربي بالجزيرة الخضراء للموافقة على قرار ترحيلي وفق ما هو معمول به في كل الدول»، يقول الحداد، موضحا أن الأعراف والقانون يقضيان بضرورة حضور الممثل الدبلوماسي للدولة المعنية بقرار طرد وترحيل مواطنيها من تراب أية دولة»، إلا في حالة المغرب فإن القناصلة المغاربة لا يعبؤون تماما بالأمر. تسلمت 8 عناصر أمنية مغربية بلباس مدني بباب سبتة محمد الحداد من أيدي رجلي الشرطة الإسبان. «فك قيده» ينهر عنصر أمني مغربي رجل الشرطة الإسباني»، فالحداد لم يعد يحس بيديه بعد ساعتين من وضع القيود عليهما وراء ظهره. أنجز رجال أمن المعبر إجراءات التسليم، قبل أن يشرعوا في سؤاله عن السبب وراء دخوله سبتة وطلبه اللجوء السياسي، وسؤاله حول من «أوحى إليه بذلك الأمر، ومن هم محاموه الإسبان إلى غيرها من الأسئلة الروتينية» يقول الحداد، مشيرا إلى أنهم منحوه المطبوع الخاص بدخول التراب المغربي، ليؤشروا عليه بعد ساعتين ويسمح له بدخول التراب المغربي دون مشاكل. هذا الأخير اتصل بعائلته ودفاعه في المغرب، الحبيب حاجي، لإشعارهم بدخوله التراب المغربي وهو في حالة وهن تام. « كنت في حالة تعب شديد، فقد كنت في اليوم ال 39 من إضرابي عن الطعام». لكن لحبيب حاجي «فضل» عدم إخبار هيئات المجتمع المدني المتضامنة مع الحداد، كما لم يشعر الحقوقيين بمدينة تطوان بوصوله لاستقباله بباب سبتة وهو ما أثار تساؤلات عديدة لدى هؤلاء واستياء كبيرا، «فمحامي الحداد المذكور كان لا يتوانى استدعائنا للاحتجاج على إسبانيا في ملف أميناتو حيدار لكنه اختار التعتيم على وصول الحداد لأسباب لم يكشف عنها» يقول أحد الحقوقيين بالمدينة. تم نقل الحداد بعد ذلك إلى قسم الإنعاش على متن سيارة إسعاف تابعة للوقاية المدنية، حيث قدمت له الإسعافات الطبية ليتم نقله إلى جناح قسم أمراض القلب، بعدما أوقف إضرابه عن الطعام. «زارني مدير المستشفى موضحا لي أنه سيتم يومه الاثنين إخضاعي لكافة الكشوفات والتحاليل الطبية لمعرفة المضاعفات الصحية الناتجة عن إضرابي عن الطعام، وفقداني 17 كيلوغراما من وزني»، يقول الحداد، موضحا أن طلبه اللجوء السياسي كان «حادثا» للاحتجاج على عدم ممارسته لحقه الدستوري في الترشيح للانتخابات الجماعية الأخيرة»، مؤكدا أن مطلبه الأساسي هو تقديم الدولة الإسبانية اعتذارا عما حدث له جراء التهم المجانية التي وجهتها إليه والتي تمت تبرئته منها قضائيا مع جبر أضراره ورد اعتباره. ليلة يوم الجمعة الماضي انتهي أحد فصول قصة محمد الحداد التي انطلقت يوم 13 يونيو الماضي بعدما رفضت وزارة الداخلية الإسبانية طلب منحه اللجوء السياسي أو الإنساني «بسبب عدم استيفاء ملفه للشروط المطلوبة» كما أنه وفق التقارير المقدمة إليها «لم يتم التأكد من تعرضه للتعذيب في معتقل تمارة السري»، والذي يقول محمد الحداد إنه كان مختطفا فيه لمدة 45 يوما. وعللت وزارة الداخلية الإسبانية قرارها، كذلك، بعدم وجود أي دليل يثبت أن محمد الحداد كان يعاني من مضايقات من طرف الأجهزة الأمنية المغربية، معللة قرارها بكونه كان مراقبا في مكتب للاقتراع في الانتخابات الجماعية الأخيرة، بعدما كان قد رشح نفسه للانتخابات في لائحة حزب العمال التي ترأسها محاميه.