أضرمت بائعة متجولة النار في نفسها، مساء أول أمس، أمام الباب الرئيسي للملحقة الإدارية السادسة بمدينة القنيطرة، في محاولة منها لوضع حد لحياتها احتجاجا على ما وصفها المصدر ب«الحكرة« التي طالتها من قبل السلطة أثناء بحثها عن قوتها وقوت أسرتها الفقيرة. وحسب مصدر مطلع، فإن إدارة المركب الجهوي الاستشفائي لعاصمة الغرب، قررت الاحتفاظ بالضحية «فتيحة. ه»، البالغة من العمر 42 سنة، بغرفة العناية المركزة بقسم المستعجلات، واصفة حالتها بالحرجة لكنها أكدت أنها ما زالت على قيد الحياة. وأشار المصدر إلى أن فؤاد المحمدي، عامل الإقليم، ظل يتابع شخصيا عن كثب تفاصيل هذا الحادث. واستطاع المسعفون التدخل في الوقت المناسب وإنقاذ السيدة من موت محقق، بعدما أتت النيران على 30 في المائة من جسدها، حيث تم نقلها على وجه السرعة عبر سيارة إسعاف تابعة للوقاية المدنية إلى المستشفى لتلقي العلاجات والفحوصات الضرورية، قبل أن يلحق بالمصابة جمع غفير من المواطنين لمؤازرتها ودعمها. وقال المصدر إن الضحية أقدمت على محاولة الانتحار حرقا بسكب مادة حارقة على جسمها احتجاجا على تدخل عناصر الحرس الترابي للملحقة الإدارية السادسة لمنعها بالقوة من افتراش الأرض لبيع سلعها أمام السوق الشعبي الموجود بمنطقة «أولاد امبارك» التي تعرف تناميا خطيرا للبناء العشوائي بفعل الرشوة والتلاعب بلوائح المستفيدين. وعلق شاهد على هذا الحادث بلغة لا تخلو من سخرية «في الوقت الذي تنعم فيه بائعات الهوى بالعلب الليلية والفنادق الفاخرة بحماية خاصة من طرف الشرطة، تجد أمثال فتيحة من العفيفات الباحثات عن لقمة عيشهن بطرق شريفة أنفسهن تحت رحمة مطاردات رجال السلطة الذين يشنون عليهن حربا ضروسا رغم أن دخلهن اليومي لا يتجاوز 30 درهما في أحسن الأحوال». ووفق معطيات موثوقة، فإن البائعة المتجولة التي تعاني من وضع اجتماعي صعب، ظلت تصرخ والنيران تلتهم جسدها مرددة بأن قائد الملحقة السادسة قام بتعنيفها لفظيا رافضا استقبالها لنقل شكواها إليه من تصرفات عدد من أفراد المخازنية الذين عبثوا ببضاعتها وأتلفوها أمام أعين المواطنين. وأشار المصدر ذاته إلى أن المصابة أضرمت النار في جسدها إثر شعورها بما وصفتها ب«الظلم والحكرة»، خاصة وأن المنطقة، بحسبها، غارقة حتى النخاع في مشاكل احتلال الملك العام ليس من طرف الباعة الجائلين فقط، بل إن العديد من الجهات المحظوظة حولت مجموعة من البقع الأرضية الخالية بمنطقة «أولاد امبارك» وكافة أحياء «بئر الرامي» إلى حظائر وإسطبلات للأغنام والدواب دون أن تتدخل السلطة لمحاربتهم بفعل فساد عدد من مسؤوليها وأعوانها. ولقي إضرام الأربعينية النار في جسدها تضامنا واسعا من قبل ساكنة «أولاد امبارك»، الذين تجمهروا حولها لمعرفة الأسباب الحقيقية في إيذائها لنفسها، وهو ما استنفر سلطات المنطقة، ودفع فؤاد المحمدي، عامل إقليمالقنيطرة، إلى طلب إعداد تقرير شامل ومفصل عن هذا الحادث، خاصة بعد محاولة بعض المنتخبين الركوب على هذه المأساة لتحقيق مكاسب ضيقة. وبحسب المصدر ذاته، فإن عناصر من شرطة ولاية أمن القنيطرة ظلت ترابض بالمستشفى الجهوي، في انتظار تحسن وضعها الصحي، قصد إنجاز محاضر رسمية لها في الموضوع، والاستماع إلى جميع الأطراف التي ذكرتها على لسانها ومواجهتها بهم.