توفيت ربيعة بريمو وهي تحلم بامتلاك «حانوت» تلم فيه شمل أسرتها الصغيرة، المتكونة من ذكرين، يوسف وياسين، طفل لا يتجاوز عمره 12 سنة، وابنها الأكبر حاصل على شهادة البكالوريا، وكان لها أن حظيت أخيرا ب «قبر» في ملكيتها الخاصة لكنه لن يأوي سواها. توفيت الأم وهي تبكي على حال ابنيها الذي لن يكون أحسن مما كانا عليه في حياتها، وهي التي كانت على الأقل توفر لهما، من خلال التسول، ما يسد رمقهما، علما أن ابنها الأكبر دفعته أنفته إلى مغادرة الحي بأكمله بعد أن تم إجبارها على إخلاء الغرفة التي كانت تستقر بها بحي السلامة بسيدي عثمان وانتقلت آنذاك للعيش في الشارع هي وطفلها الأصغر. كانت دموع ربيعة تلين الحجر، لكنها لم تستطع أن تلين قلوب المسؤولين، ولا حتى جيرانها، رغم محاولات بعضهم البحث عن غرفة لها يتولون هم بأنفسهم أداء سومتها الكرائية، إذ بمجرد ما يعلم صاحب المحل أن الأمر يتعلق بمعاقة يرفض مباشرة استقبالها بمنزله مهما كانت السومة التي ستؤديها. كانت ربيعة تحتمي بجداران المنازل، وقضت تحتها كل الأيام الممطرة والعواصف الرعدية، قبل أن يرأف صاحب أحد المحلات ويسمح لها، بعد أن يغلقه، بالانتقال إلى المساحة المغطاة أمامه لتقضي بها ليلتها على أساس مغادرتها في ساعات الصباح الأولى. ولم تتلق ربيعة العناية حتى في الساعات الأخيرة من حياتها، حيث أصيبت بأزمة مرضية حادة، ولم تنقلها سيارة إسعاف إلى المستشفى ولم يتحمل جيرانها ذلك، على الكيفية التي نقلت بها من قبل، حيث سبق أن نقلتها سيارة إسعاف، عن طريق لفها في «مانطة» وهي شبه عارية، بعد أن رفضت إفراغ غرفتها ودخلت في غيبوبة ونقلت إلى مركز تيط مليل, إلا أن مدير المركز رفض استقبالها لأنها كانت في وضعية صحية حرجة رغم إلحاح الجهة التي نقلتها، وظلت آنذاك ما يزيد على ثلاث ساعات، ومن تم أحيلت على مستشفى سيدي عثمان، الذي سبق أن أكدت ل «المساء» أنها غادرته في حالة يرثى لها.لم تكن سيارة الإسعاف سوى سواعد طفلها الأصغر وطفل آخر في مثل سنه، حيث نقلاها عن طريق كرسيها المتحرك إلى غاية مستشفى سيدي عثمان بتراب العمالة نفسها، على بعد العديد من الكيلومترات، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة. فهل من جهة تحتضن على الأقل طفلها الأصغر وتوفر له ظروف عيش كريم لم يتأت لوالدته رغم ما ذرفته من دموع وأحست به من حسرة، بعد أن تساقطت على جسدها العليل أمطار فصل الشتاء وعانت من قساوة البرد طيلة الأيام الماضية.