كشفت وثائق ومحاضر وتقارير سرية متوفرة بأرشيف جماعة «سيدي الطيبي» الواقعة في أحواز القنيطرة، عن وجود اختلالات فظيعة وفضائح فساد بالجملة شابت التدبير المالي والإداري للجماعة نفسها، خلال الولاية السابقة التي كان يشرف عليها محمد كني، المنتمي إلى حزب الحركة الشعبية. وقالت المصادر إن البحث الأولي الذي باشرته لجنة مكونة من أعضاء المجلس الجماعي الحالي قاد إلى اكتشاف خروقات مريبة وتلاعبات خطيرة بالمال العام واستغلال بشع لمشروع إعادة هيكلة وتأهيل مركز «سيدي الطيبي»، الذي سبق لعاهل البلاد أن دشنه منذ سنوات، ليستفيد منه المعوزون والبسطاء من أبناء المنطقة المكتوون بلهيب السكن العشوائي، حيث أشار التقرير النهائي، وفق المصادر ذاتها، إلى حصول الرئيس الحركي وجميع أفراد أسرته الصغيرة على قطع أرضية بطرق غير مشروعة. وحسب المصادر نفسها، فإن اللجنة وضعت يدها على مجموعة من الشواهد الإدارية التي تشير إلى أن الرئيس السابق استغل منصبه ليستفيد هو وزوجته وثلاثة من أبنائهما من 4 بقع أرضية ذات مساحات كبيرة مجهزة في إطار مشروع إعادة الإيواء، رغم أنهم لا يقطنون بالقطاع المستهدف بهذه العملية ولا يتوفرون على صناديق أو مساكن تعرضت للهدم بهذه المنطقة. وفجرت تحريات أعضاء المجلس، الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، فضيحة أخرى من العيار الثقيل تكشف إقدام الرئيس نفسه على توزيع مبالغ خيالية على عدد كبير من أفراد أسرته وأقربائه كتعويض لهم عن منشآت سطحية يتحدث الكثير من سكان »سيدي الطيبي« عن عدم وجودها أصلا، كما منح نفسه تعويضات ضخمة بعدما أجرى تغييرات جوهرية على المحاضر النهائية للخبرات المنجزة لتحديد عدد وحجم الأغراس موضوع التعويض. وأفادت المصادر ذاتها بأن مجموعة من الوثائق المهمة اختفت من مكاتب الجماعة في ظروف مريبة، خاصة تلك التي لها علاقة بمشروع إعادة الهيكلة الذي شهد جملة من التجاوزات التي حرمت المواطنين الفقراء من حق الاستفادة من مساكن تؤويهم، وهو ما سبق وأن أشار إليه التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات. وقالت المصادر إن الرئيس الحالي للمجلس، سارع، مطلع الأسبوع الجاري، إلى توجيه شكاية ضد الرئيس السابق إلى قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، توصلت »المساء« بنسخة منها، مطالبا بفتح تحقيق في الموضوع وإجراء التحريات اللازمة مع المسؤول المذكور بشأن ما كشفت عنه اللجنة من خروقات واختلالات في تدبير المال العام، على حد تعبير الشكاية ذاتها. وحاولت الجريدة الاتصال بمحمد كني، الرئيس السابق للجماعة، للرد على مجمل الاتهامات الموجهة إليه، لكن هاتفه ظل مغلقا، حيث يرجح أنه استبدل الرقم الهاتفي الذي سبق وأن أمدنا به في إحدى المناسبات الرسمية برقم جديد لم نتمكن من الحصول عليه.