في سابقة من نوعها مند ظهور أزمة النقل الحضري في جهة الرباطسلا زمور زعير في نونبر المنصرم، انتقض عشرات المواطنين صباح الاثنين في قرية أولاد موسى (مقاطعة احصين)، وهو أحد أكثر أحياء مدينة سلا كثافة سكانية ضد واقع معاناتهم اليومية مع أزمة النقل، فبادروا إلى قطع الطريق الرئيسية في الحي أمام حركة مرور حافلات النقل الحضري والطاكسيات الكبيرة، في حين سمحوا بمرور باقي أنواع وسائل النقل الخاصة ونقل الموظفين وغيرها. في وقت مبكر من صباح أمس فوجئ المواطنون الذين يقصدون أعمالهم وأماكن دراستهم بغياب عربات الخطافة (النقل السري) الذين صاروا يعتمدون عليها منذ أسابيع في ظل النقص الحاد في حافلات شركة «ستاريو» التي خيبت آمال سكان سلاوالرباط وتمارة والنواحي، وفاقم من هذه الأزمة امتناع سائقي سيارات الأجرة في عدد من أحياء سلا عن نقل الناس إلى الرباط، مما يتسبب كل يوم في تأخر الكثيرين عن أعمالهم، ويضطر العديد منهم إلى الذهاب مع «الخطافة» رغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر، وعدم توفر تأمين ضد الحوادث لكل الركاب، بحيث يستقل العربة الواحدة قرابة 20 فردا. وقد تفجر المشكل أمس الاثنين بسبب شروع مصالح الأمن في سحب رخص السياقة في ساحة «جور إي نوي» في الرباط من أصحاب عربات النقل السري قبل أيام بدعوى عدم قانونية نقلهم للمواطنين، كما تعرضت العديد من العربات للحجز في المحجز البلدي، وتم تغريم أصحابها غرامات مالية بلغت 1000 درهم، وهو ما اضطر الكثير منهم إلى التوقف عن النقل فتفاقمت الأزمة القائمة أصلا، وتزامن ذلك مع يوم أمس الاثنين الذي يعد أكثر أيام الأسبوع من حيث كثافة حركة السير بين ضفتي نهر أبي رقراق. وطيلة قرابة الساعتين تجمهر العشرات من الشبان والرجال في وسط قرية أولاد موسى، وفي محطة الطاكسيات الكبيرة، لإحداث ارتباك في حركة السير قصد إبلاغ المسؤولين المحليين وكذا إدارة شركة «ستاريو» بأن الوضع الحالي للنقل الحضري غير مقبول، ويتسبب في معاناة يومية بدنية ونفسية للآلاف المواطنين، خصوصا وأن الشركة أطلقت وعود وردية تتعهد فيه بتوفير العدد الكافي من الحافلات الجيدة والجديدة لتأمين حاجيات النقل اليومية لسكان جهة الرباطسلا زمور، إلا أن شيئا من ذلك تحقق لحد الساعة. والمثير في الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة ليوم أمس أن النساء والفتيات كن يشجعن الشباب والرجال المشاركين في الاحتجاج على البقاء في الشارع والاستمرار في قطع الطريق كوسيلة للتعبير عن سخطهم على الوضع الحالي، وحتى عندما قدمت عناصر الشرطة والقوات المساعدة وبدأت التفاوض بين المسؤولين الأمنيين والمحتجين لكي يتم إخلاء المكان وتترك الحافلات لتعبر كانت النساء يشجعن المحتجين على عدم مغادرة الشارع. طيلة مدة الاحتجاج، جرت عمليات كر وفر بين المحتجين وسائقي الطاكسيات الكبيرة وبعض الخطافة المصرين على نقل الناس، بحيث عمد المحتجون إلى التفرق في بعض اللحظات إلى مجموعتين أو أكثر بغرض سد طريق أخرى غير بعيد عن ساحة الطاكسيات، للحيلولة دون التفاف سائقي الطاكسيات والحافلات على حد سواء على الحصار المضروب. فيما كان الهم الوحيد لعدد من المواطنين غير المشاركين هو إيجاد وسيلة للنقل ومغاردة المكان، ولم يكلفوا أنفسهم عناء المشاركة في الاحتجاج على وضع غير مقبول في نظر الناس استمر منذ أكثر من شهرين، انتشرت خلالهما وسائل النقل غير القانوني، والذين تحولوا إلى منقذين في نظر الكثيرين، لأنهم في غيابهم كانت ستسوء الأمور بشكل خطير ويجد مئات الناس أنفسهم عاجزين عن إيجاد وسيلة نقل للذهاب إلى أماكن عملهم في الوقت المحدد. وقد لقيت هذه المبادرة الاحتجاجية تجاوبا كبيرا لدى سكان الحي، لدرجة أن أحد الجالسين في مقهى قبالة لمحطة الطاكسيات الكبيرة في القرية، قام صارخا معلناً تأييده لهذه المبادرة التي لطالما انتظرها سكان الحي وتحدثوا عنها طيلة الأسابيع الماضية فيما بينهم دون أن يتحركوا لتنفيذها. أول مكان توجهت إليه عناصر الأمن هو أحد محطات الوقود الموجودة في مدخل قرية أولاد موسى، التي تضم أزيد من 100 ألف نسمة، حيث قصدت المكان مجموعة من الشباب لقطع الطريق بطريقة فعالة والحيلولة دون الالتفاف على الحصار المضروب على وسط الحي، وقد وقعت مصادمات بين الشرطة والشباب المحتجين قبل أن يتم تفريق الجمع واعتقل بعض الشباب، وفي المكان نفسه صدم أحد «الخطافة» شاباً حاول اعتراض سبيلهم للحيلولة دون نقله للناس فطرحه أرضا. وعد نائب رئيس الأمن الإقليمي لسلا، الذي حضر إلى عين المكان برفقة مسؤولين أمنيين آخرين، المحتجين بالحضور في اليوم الموالي لمراقبة التزام الحافلات بنقل المواطنين، ودعا المسؤول الأمني المتجمهرين إلى ركوب الحافلات والطاكسيات وإنهاء حالة عرقلة الطريق، فرد عليه بعض الناس بأن السواد الأعظم من سائقي الطاكسيات يمتنعون عن نقلهم إلى وجهتهم المطلوبة الرباط بدعوى اكتظاظ قنطرة مولاي الحسن وقنطرة الفداء، حينها تحدث المسؤول مع أمين سائقي الطاكسيات وطلب منهم نقل الناس إلى الرباط، إلا أن العديد منهم رفضوا الاستجابة فعمدت الشرطة إلى سحب الرخص من العديد من السائقين.