قال عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة خلال افتتاح أشغال «المنتدى الدولي الثالث حول السياسات العمومية للتشغيل»، أول أمس الأربعاء بمراكش إن الحكومة حققت إنجازات مهمة في مجال محاربة البطالة، خاصة في صفوف الشباب، قبل أن يردف قائلا :»لكننا لم نصل بعد إلى المستوى المطلوب، مما يتطلب الاجتهاد في بلوغ ذلك». وأكد بنكيران أن موضوع التشغيل يعد من أهم المشاكل في العالم بعد التربية والتكوين، لما يكتسيه من أهمية بالغة وراهنية في أهداف الحكومات في مختلف أقطاب العالم، لتزامنه مع مشكل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها كافة الدول، و»ما يترتب عن ذلك من ظواهر اجتماعية خطيرة، من قبيل اتساع الفوارق الفئوية، واستفحال منظور الإقصاء والتهميش»، مضيفا أنه «ليس من الممكن في ظل هذه المرحلة التي تشهدها البشرية الاستمرار بمنطق القناعة والصبر، وعيش البعض خارج منطق الثروة»، ما يدفع إلى خلق منهجية جديدة للعلم في العالم تضمن للشخص الحد الأدنى من العيش الكريم. ودعا بنكيران إلى «التحلي بنوع من الجرأة والشجاعة على مستوى حكومات دول العالم، للتفكير في مقاربات مختلفة تعالج قضية التشغيل وتساهم في تحقيق توازن اجتماعي حقيقي، وإذكاء وتفعيل مقاربة جديدة لامتصاص مشكل التشغيل». وأشار رئيس الحكومة إلى أن «التفكير في حلول تسير في اتجاه مراجعة الأفكار الجامدة، وتحرير السوق، وإعادة التوازن، يهم أيضا الفاعلين في قطاع التشغيل من رجال الأعمال، والأثرياء، والنخب، والنقابات، وذلك في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية»، لإرساء انطلاقة واضحة وبناءة تلتئم من خلالها جميع الأقطاب الاجتماعية.من جهته، أكد وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، أن ضمان الولوج المتكافئ لسوق الشغل لكافة الطبقات الاجتماعية من شأنه التقليص من الفوارق الاجتماعية، والنهوض بنمو مستدام وأكثر إنصافا وشمولية بأي بلد. وأضاف خلال اللقاء المقام تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس حول موضوع «تعزيز النمو من خلال سياسات ومؤسسات دامجة لسوق الشغل»، أن ولوج كافة الطبقات الاجتماعية لسوق الشغل على قدم المساواة، سيسهم في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، والتقائية أفضل للدخل، قبل أن يؤكد أن الوزارة حريصة دائما على خلق فرص شغل ذات جودة تضمن العمل اللائق وتوفير الشروط الأساسية لحياة كريمة ومحترمة. من جانبه، دعا المدير العام لمنظمة العمل الدولية، غي رايدر، إلى الاعتراف بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الصعب لأزمة الشغل ومواجهته، مشيرا إلى أن العالم العربي لا يشكل استثناء من هذه القاعدة، مؤكدا أن توفير الشغل يشكل أولوية عالمية وتحد من تحقيقها معدلات النمو المتوسطة والمتواضعة المسجلة. وأشار رايدر إلى أن الشباب يمثلون الفئة المعنية الأكثر بظاهرة البطالة، موضحا أن البلدان الصاعدة والسائرة في طريق النمو تمثل النسبة الأكبر من البلدان، التي تواجه ضياع مناصب الشغل. من جهته، قال مدير التشغيل والعمل والشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ستيفانو سكاربيتا، إن الولوج إلى شغل يتسم بالجودة لن يكون فقط في صالح اقتصاد البلد، ولكن سيسهم أيضا في تحقيق التنمية المستدامة والاجتماعية مشيرا إلى أن المنظمة وضعت مخطط عمل يعنى بتشغيل الشباب في مختلف قطاعات الأنشطة، ويعالج بالأساس موضوع اختيار التكوين والكفاءات والمؤهلات المكتسبة وذلك تلاؤما مع سوق الشغل. واستعرضت ممثلة إسبانيا، مارينا ديلكورال، تجربة بلادها في هذا القطاع السوسيو اقتصادي الحيوي، موضحة أن إسبانيا قامت بإصلاحات هيكلية من أجل إعادة وضع البلاد في مسار التنمية من خلال، على الخصوص، إرساء سياسات ناجعة تحفز ولوج المواطنين إلى سوق الشغل. وأكدت على ضرورة توجيه ثمار النمو نحو سوق الشغل، بشكل يضمن تحقيق ازدهار اقتصادي للسكان، والمساهمة في خلق الثروة المستدامة والمندمجة. vv