استنفر شاب، صباح أول أمس الأحد، مختلف المصالح الأمنية بمدينة مراكش عندما تسلق لاقطا هوائيا تابعا لاتصالات المغرب بمنطقة جليز، مهددا جل الحاضرين بالانتحار في حالة ما إذا لم يتم تلبية طلبه، المتمثل في استدعاء فتاة. وبالرغم من استدعاء المصالح الأمنية للفتاة التي تربطها به علاقة، فإن «مراد»، الذي يعمل مرشدا سياحيا غير مرخص له «فوكيد» لم ينزل من فوق اللاقط الهوائي، ليزيد من معاناة أفراد الوقاية المدنية والعناصر الأمنية والقوات المساعدة، وغيرها من الفرق، التي حلت بالمكان منذ الساعة التاسعة والنصف صباحا إلى حدود الثامنة من مساء اليوم نفسه. ظنت عناصر الأمن أن الأمر يتعلق بمختل عقليا، وأن الأمر لن يستغرق سوى ساعة أو ساعتين، قبل أن يتمكنوا من السيطرة على الوضع، وإنزال الشاب من فوق اللاقط الهوائي، لم يتوقعوا أن الأمر سيزيد عن 10 ساعات. حاولت عناصر الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن مراكش التهدئة من روع «مراد»، والتأكيد له أن هذا الأمر لن يفيده في شيء، وأن الانتحار معصية لله عز وجل، وأنه سيذهب إلى حال سبيله إن هو نزل من فوق اللاقط الذي يرتفع عشرات الأمتار، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. ومع عدم اتضاح مطالب الشاب، الذي كان في حالة هستيرية. اضطر أفراد الأمن إلى استدع والدته، لعله «يحشم ويسمع ليها» تقول مصادر «المساء»، لكن عدم استجابة «مراد» لطلب والدته رغم دموعها التي انهمرت أمامه، جعلتها تخاطبه قائلة: «وسير راني ساخطة عليك أ مسخوط الوالدين». استمر «مراد.د» في الصراخ، وظن المسؤولون أنه سيصاب بالتعب، خصوصا بعد أن نزع سترته، لكنه طلب قنينة ماء التقطها بطريقة شابها الحذر من أن تتم السيطرة عليه، إذ عاد وتسلق اللاقط الهوائي بسرعة. حضر والي جهة مراكش أسفي، محمد مفكر، لكن لاشيء تغير. وظلت جموع المواطنين، الذين استمتع بعضهم بالحادث، بينما أصيب بعضهم الآخر، خصوصا من السياح الأجانب بالذعر، حيث كان بعض المواطنين يتوسلون إليه للنزول من المكان رأفة به وبوالدته، بينما كان يشجعه بعض الشباب على القفز من فوق اللاقط ورسم مشهد المغامرة: «يلا كنتي فاندام تلاح». وأخيرا، وصلت رسالة شفوية من «مراد. د»، الذي طلب إحضار «خديجة». ظن المحاورون أنها قد تكون شقيقته، لكنها كانت في الحقيقة فتاة يحبها. بدأت الاتصالات تجري بشكل سريع لعل «خديجة» تكون الفرج، الذي ينهي المعاناة. بعد أن توصلوا إلى رقم هاتف الفتاة التي طلبها، تم ربط الاتصال بها، واستدعائها على الفور. جل الذين حضروا الحادث كانوا يتطلعون لرؤية «خديجة»، التي أقدم من أجلها «مراد» على هذا العمل الخطير، لكن المفاجأة كانت كبيرة. فقد ظهرت فتاة بتسريحة رجالية، ترتدي بذلة رياضية سمراء البشرة. بدأ أحد عناصر الأمن بتلقين «خديجة» بعض المعطيات، التي من شأنها أن تثني «مراد» عن عصيانه. «قولي ليه كانبغيك، نزل، وخلي علاقتنا تستمر…». لم تنفع هذه العبارات في إقناع الشاب بالهبوط من فوق اللاقط الهوائي، ليقوموا بمحاولة وضعها فوق المصعد، الذي يستعمله عمال الكهرباء في إصلاح الأعمدة الكهربائية، لكن دون جدوى. وصلت الساعة إلى السابعة والنصف وبدأ التعب يدب في جسد «مراد»، والظلام والبرد القارس زادا من معاناة الجميع بمن فيهم الشاب، الذي قرر أن ينهي «الفيلم»، ويستسلم لعناصر الأمن، التي اقتادته على وجه السرعة على ولاية الأمن، لمباشرة التحقيق معه.