سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبديع: هناك معاشات تصل إلى 5 ملايين سنتيم والإصلاح سيؤجل الأزمة لسنوات فقط قال إن التحالف الطبيعي للحركة الشعبية في تشريعيات 2016 سيكون مع الأغلبية الحالية
«تحالفنا الطبيعي سيكون مع الأحزاب المشكلة للأغلبية، ما عدا إذا وقع شيء يوقفه»، هكذا رد محمد مبديع، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، عن سيناريوهات التحالفات الممكنة في الانتخابات التشريعية. واعتبر مبديع، خلال استضافته في برنامج «مناظرات المساء»، أن الحزب لم يلمس أي شيء يضر بالتحالف القائم الآن مع العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية. وعلى صعيد آخر سجل وزير الوظيفة العمومية، تعليقا على ملف الأساتذة المتدربين، أنه «لا يمكن للحكومة أن تصدر مرسوما في الصباح وتتراجع عنه في المساء بسبب وجود ضغوطات». – محمد مبديع هو وزير مكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة. فهل مهمة إصلاح هذا القطاع تعني أنه فاسد؟ أعتقد أنه لأول مرة تنزل الإدارة إلى الجهات لتلتقي بالفاعلين الإداريين ومختلف الهيئات سواء الإدارية أو المؤسسات العمومية والجماعات المحلية. وكان لدينا في هذا الإطار لقاء ضمن مسلسل التواصل الذي بنينا عليه برنامج عملنا، والذي رصدنا فيه خطة تحديث ما يمكن تحديثه وإصلاح ما يمكن إصلاحه. شخصيا أفضل استعمال كلمة التحديث، على اعتبار أن الدولة المغربية تعتز بإدارتها وأطرها ونخبها وتبقى من بين الإدارات الناجحة والفاعلة في المنطقة، بفضل أطرها ونخبها. اليوم المغرب يتوق إلى ما هو أفضل، بعدما دخل إلى عالم الإصلاح والتحول السياسي واستكمال البناء المؤسساتي، وبالتالي فلا يمكن للإدارة أن تبقى خارج هذا المسار. فكيفما كانت السياسات العمومية والإمكانيات والإرادات، فلكي يكون لها وقع على المواطن الذي يبقى في صلب الانشغالات، لابد لها من تنزيل صادق من طرف الإدارة. لابد لنا في ظل هذا الطموح الذي طبع المغرب والعهد الذي جاء بعد الدستور أن نلائم هذه المستجدات مع مطالب الشعب ونعزز تموقعنا الذي انطلق منذ بداية عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وبالتالي من الضروري التوفر على آليات حديثة ومتطورة تتلاءم مع ما يجري حولنا، حتى نبقى في نفس مستوى الإطار التنموي العالمي. – وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ممركزة بطبيعتها. الآن تشير إلى أنكم نزلتم إلى المجال، فهل هذا تحول في تصور الوزارة لعملها؟ وماذا عن إشكالية الإشراف على عدد من الخدمات الإدارية المرتبطة بقطاعات أخرى؟ المغرب اختار أن يكون دور وزارة الوظيفة العمومية أفقيا وممركزا. في دول أخرى نجد أن الوزارة تذهب إلى حد التدبير اليومي والتوقعي للموارد البشرية لكل إدارة وجماعة، في حين أنه في المغرب كل وزارة تدبر شؤون موظفيها لتبقى مهمة وزارة الوظيفة تتمثل في إعداد القوانين بتنسيق مع القطاعات والهيئات المعنية، كما تقدم الاستشارة وتسهر على الملاءمة القانونية. كما تقوم الوزارة بإعداد تصورات واقتراح إجراءات تهدف إلى تحسين علاقة الإدارة بالمواطن والمقاولة. النزول إلى التشاور على المستوى المجالي كان هدفه هو الإنصات للمواطنين والفاعلين ومدبري الإدارة والخدمات الإدارية المحلية والإقليمية والجهوية. نحن رصدنا، بحكم التجربة وتصورنا لوضع لمسة على تحديث الإدارة، مجموعة من الآليات التي حصرناها في 18 مشروعا، وتهم ثلاثة محاور أولها تثمين الرأس مال البشري وثانيا علاقة الإدارة بالمواطن وثالثا مجال الحكامة. ففي كل هذه المستويات هناك مجموعة من المشاريع، بيد أنه لا يمكن إنجاحها إلا بطريقة تشاركية وتعاون وإنصات، لأن الهدف هو إنتاج قوانين تحل المشاكل أو تحسن الخدمات. ولتحقيق هذه الغايات فلابد من انخراط الفاعلين المعنيين لتنزيلها، ولهذا فلابد من التشاور معهم، كما هو الحال مثلا بالنسبة لإصلاح أنظمة التقاعد. – لماذا لا تكون هذه الوزارة مجرد مؤسسة استشارية؟ لا أحد يمنع أي وزارة أن تستشير المواطنين وتشركهم وتغني وتحسن وتجود وتدعم عملها. اليوم أصبح للمجتمع دور مؤطر ومدستر، فالمواطن له رأيه ورغم أنني نائب برلماني أمثله إلا أنه يجب أن أنصت إلى المواطن وأعمل برأيه. مثلا بالنسبة للرأسمال البشري، فقد تشاورنا حول إعادة النظر في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لم تتم مراجعته منذ سنة 1958، في حين أن مغرب اليوم مختلف وموظف اليوم لا يشبه موظف 1958 سواء من حيث التكوين أو الانتظارات وتصوراته وتدبير ترقيته وعمله. أيضا فالدستور يتغير ولابد من ملاءمة القوانين مع هذه الوثيقة، ناهيك عن وجود أساليب حديثة للتدبير ولا يمكن أن نستمر في التعامل مع قانون وضع في تلك الحقبة. ومن بين مشاكل هذا القانون هو أنه منذ سنة 1958 وقعت تعديلات، غير أنها لم تساهم في تحسينه بل في عدم انسجامه، حيث ظهرت فئات أخرى كالأساتذة الجامعيين والأطباء والمهندسين، والحال أن هذه الأنظمة خلقت تفرقة بين الموظفين. وبالتالي يجب ملاءمة هذه القوانين ليس فقط من حيث الأجور، بل أيضا من حيث الترقية والمراقبة والتتبع والتكوين المستمر ومجموعة من النقط. الآن المتصرفون يشتكون لأن هذه الفئة تطالب بحقوقها، وهذا الإصلاح يأتي في إطار تسوية هذه الأوضاع، ويهم أيضا إصلاح أنظمة الأجور. أضف إلى ذلك ضرورة إصلاح نظام التقييم، حيث يحصل اليوم الموظفون على معدل 3/3 أو20/20 في حين أن المواطنين يطالبون بتحسين الأوضاع. أما بخصوص الترقية الداخلية، فالوظيفة العمومية المغربية من بين الإدرات الأسرع عالميا في هذا المجال، والحال أن الترقية لا تتم عندنا من خلال الإنتاج والمواظبة بل بشكل أوتوماتيكي، وهذا المعيار لا يشجع على الإنتاجية. الترقية لا يجب أن ترتبط فقط بالأقدمية بل أيضا بالتكوين المستمر، فالارتقاء إلى درجة أعلى يعني أنك قادر على الإنتاج بشكل أفضل، والحال أن هناك من يلج قسم مكتب الضبط بسلم 6 ويبقى هناك إلى أن يصل إلى سلم 11، ويظل مشتغلا في القسم نفسه. – هذه الإشكاليات المرتبطة بالتقييم والترقية تطرح قضية أخرى تتعلق بالغياب غير المشروع. أين وصل هذا الملف؟ لقد وقفنا على عادات غريبة جدا، فهناك من لا يأتي بتاتا إلى مقر عمله ويحصل على الأجرة في نهاية الشهر، بل هناك من يشتغل في مؤسسات أخرى ومن هاجر خارج المغرب، بل إن هناك موظفين غادروا الحياة ولازالت الأجرة توجه إلى حسابهم البنكي، وهو أمر غير معقول. – الموظف لا يتحمل المسؤولية بل الحكومة هي التي يجب أن تضبط هذه الأمور نحن نشتغل، ولو كان كل شيء جيدا لما وجدتني هنا. الغياب غير المشروع كان في السابق، والآن خلقنا آليات للتفتيش والمراقبة والتتبع على مستوى شبكات الكتاب العامين والمفتشين العامين للوزارات ومدراء الموارد البشرية، إذ أنهم مطالبون بتقديم لائحة الموظفين لتتم مقارنتها مع الحوالات الصادرة عن الخزينة العامة، حتى نكتشف الموظفين الذين يتوصلون بأجرة دون أن ترد أسماؤهم في هذه اللوائح. في القطاع الخاص يعمل رب المقاولة على الاقتطاع بمجرد أن يتغيب، لكن في القطاع العام هذه الأمور لا تتم بالصرامة اللازمة. ففي هذا الإطار، نعمل من أجل تخليق الإدارة ومحاربة كل السلوكات السلبية من خلال ربط الأجر بالقيام الفعلي للعمل. فالتصدي لظاهرة التغيب غير المشروع مبدأ أساسي لتكريس الحكامة. هذا وقد تم خلال سنة 2014 ضبط 670 حالة تغيب غير مشروع عن العمل. ومنذ انطلاق هذه العملية إلى الآن تم ضبط 2107 حالة تغيب وفعلت في حقها مسطرة ترك الوظيفة. – في عدد من الجماعات نجد حالة من التسيب في التعاطي مع حضور الموظفين، أليس كذلك؟ هذا الأمور موجود في عدد من الإدارات، ومن حسن الحظ أن بعضها لجأ إلى آليات صارمة للمراقبة، في حين أن أخرى لم تفعل ذلك وفي نهاية المطاف يحصل الموظف على الأجر عن طريق الخزينة دون أن يؤشر عليه رئيس الجماعة، وهذا غير معقول. المجلس الأعلى للحسابات عندما يراقب مالية الجماعة فإنه يحاسبك على كيفية اقتناء بعض الأمور وكيفية سير طلبات العروض، في حين يغفل كتلة الأجور. فالرئيس الذي يتغيب موظفو جماعته ويحصلون على أجرهم، فهذا الأمر يدخل ضمن تبديد الأموال العمومية ويشكل تواطؤا على اعتبار أن هؤلاء الموظفين يحصلون على أجرة عمل لم يتم أداؤه. في إحدى المرات كنا نتناقش مع رئيس الحكومة وركزنا على إصلاح القضاء، لكنني أكدت أن هذا الأمر جيد غير ان إصلاح الإدارة بدوره له أولوية، فالقضاء يتوجه إليه المتنازعون فقط في حين أن الإدارة يتوجه إليها الجميع، وبالتالي فهذه أوراش كبيرة. – ماذا عن فكرة التعاقد، وهل ستعتمدها الحكومة للإنهاء مع التوظيف في القطاع العام؟ التعاقد هو فكرة قمنا ببلورتها في مشروع مرسوم سنقدمه أمام المجلس الحكومي. هذا المشروع لديه مجموعة من الأهداف، فهو يخلق فرص شغل جديدة لحاملي الشهادات ويلبي رغبة في سد الخصاص المعبر عنه من طرف عدة قطاعات وفي مناطق نائية، وسيخلق دينامية داخل الإدارات العمومية. الشخص الذي سيدخل في إطار التعاقد لمدة معينة، عليه أن يبذل مجهودا حتى يتم تمديد مدة هذه العقدة، ناهيك عن كون الاستئناس والتدريب داخل الإدارة سيؤهلهم لولوج الوظيفة العمومية التي لن نستغني عنها. فالتعاقد مكمل للوظيفة العمومية التي ستظل قائمة، وإذا وجدنا أن هذه الفكرة ناجحة فسنرى إن كانت هناك إمكانية لتوسيعها. أعتقد أن التعاقد هو آلية جيدة تحفيزية وتتأسس على المردودية، ومن الأفضل أن يشتغل الناس على أن يبقوا جالسين حتى يتوفروا على خبرة. فمن مصلحة المواطنين أن نخلق آلية أخرى للتوظيف، مكملة وتوسع فرص الشغل لفائدة الأطر. – الطلبة الأطباء رفعوا السقف وحققوا جميع المكاسب، وهناك من يقول إن حكومة بنكيران «انهزمت» في هذا الملف، فلماذا لا تتنازل في هذا الملف الخاص بالأساتذة؟ المسألة ليست مرتبطة بمرسوم، بل إننا دولة فيها حكومة ومؤسسات، وليس عاديا أن نضع مرسوما في الصباح ونتراجع عنه في المساء بسبب وجود ضغط من هذا الطرف أو ذاك . – هل من جهات معينة تتهمونها بالوقوف وراء هذه الاحتجاجات؟ يجب أن نكون مسؤولين، ونحن نرى ما يقع في محيطنا الإقليمي والدولي. أتمنى أن يتم التعامل مع الموضوع بشيء من الحكمة والتعاون من طرف الطلبة، فهناك من لم يجد حتى فرصة للتكوين. – ماذا عن مشروع قانون الولوج إلى المعلومة؟ عندما قدمت مشروع الولوج إلى المعلومة أكدت أن هذا النص ليس أقل أهمية أو انفتاحا مقارنة مع تجارب كنداوفرنسا، والحال أن البعض يحتقر مؤسساتنا مع الأسف. – كيف أن هذا القانون ليس أقل انفتاحا وأهمية، علما أن المشروع تعرض لمجموعة من التحيينات وتم توسيع الاستثناءات؟ تحليل التنقيط الذي تمنحه مؤسسات أجنبية لقوانين الدول في هذا المجال كشف أن النقطة التي حصل عليها مشروع القانون من طرف هذه المؤسسات تأتي في المجموعة المكونة من بعض الدول المتقدمة ككندا وتفوق هذه النقطة دولا أخرى كفرنسا وألمانيا. أعتقد أن هذا القانون يشكل تحولا كبيرا في بلادنا، والبرلمان مؤسسة دستورية ويمكن أن تطرح مختلف الإشكالات أمامها. هدفنا هو إنتاج مشروع ينجح، والحال أنه يمكن إصدار قانون لكننا سنتحجج بغياب وسائل تطبيقه. أعتقد أنه يجب أن ننتج نصا واقعيا لنكون قادرين على تفعيله والتجاوب مع المرحلة. اليوم إذا ذهبت إلى رئيس جماعة وطلبت منه لائحة ممتلكات الجماعة وهو لا يتوفر عليها، فكيف سيفعل؟ وبالتالي نحتاج إلى مرحلة انتقالية لنسهر على تكوين الموظفين الذين سيقدمون المعلومة، علما أن هناك مؤسسات قد ترفض حتى تقديم هذه المعلومات. – في فرنسا المعلومة محينة، لكن على مستوى الإدارة المغربية فهناك وزارات لازالت تحتفظ ببوابتها بالوزير الذي خرج من الحكومة. كيف ستتعاملون مع هذه الإشكالات؟ الآن وصلتم إلى ما أريد قوله، وهو أن الأمر لا يرتبط فقط بإنتاج القانون بل بتوفير الأطر المؤهلة لتنزيله وتهييء المعلومات وتحيينها. هناك دول لديها قوانين متقدمة جدا ومنفتحة ولا تضع أي استثناءات، لكنها لا تطبق في هذه القوانين شيئا. بالنسبة لنا فنحن في بلد المؤسسات والمجتمع المدني له دور، وما نصدره يجب أن ينفذ. – يقول البعض إن هذه الحكومة تحملت وزر عدد من الإصلاحات و»كلات العصا» في تدبيرها لبعض الملفات كالتقاعد وغيرها، ما ردك؟ نعم، لأن الحكومات السابقة «ظهرها رطب من كرشها». الكثير من الأشياء لا يلزمنا بها الدستور من قبيل مواجهة التغيب غير المشروع، وإخراج مرسوم إعادة انتشار الموظفين، التقاعد وغيرها من الملفات التي اشتغلنا عليها. – هل هذه الحكومة تنتحر سياسيا؟ نحن لدينا إرادة سياسية للإصلاح. هذه حكومة واقعية، فالشعب أعطاها أصواته وائتمنها على مصير الملفات ونشتغل بواقعية وصدق ووضوح، وشخصيا إذا كانت هذه الملفات ستكلفني منصبي فأكون قد ضحيت من أجل بلدي، لأن المنصب لا يمثل شيئا أمام إسعاد المغاربة وحل عدد من الإشكاليات. – ماذا عن ملف التقاعد؟ هذا ملف كبير، وهدفنا هو الحرص على ديمومة الصندوق المغربي للتقاعد حتى نضمن حياة كريمة للمتقاعدين. – الحل الذي تقترحونه سيؤجل فقط الأزمة ولن يحلها… صحيح، فهذا الإصلاح سيؤجل الأزمة بحوالي 7 سنوات. الآن لدينا أربعة أنظمة مختلفة، فالصندوق المغربي للتقاعد لا يحدد سقفا للمعاشات وهناك من يحصل على 50 ألف درهم كمعاش، في حين أنه على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هناك سقف ولا تتجاوز المعاشات 4200 درهم كيفما كان أجرك. – ما هو أعلى معاش في الصندوق المغربي للتقاعد؟ يمكن أن يصل إلى 50 ألف درهم، حيث تحصل على أجرك وزيادة بالنظر لإعفائه من الضريبة، ولا يوجد سقف لذلك. وفي المقابل فالمهندس المشتغل في القطاع الخاص ويتقاضى 50 ألف درهم فمعاشه لن يتجاوز 4200 درهم، وبالتالي يجب أن نصل إلى إصلاح هذه الأمور. فالصندوق المغربي للتقاعد وبالرغم من التغيرات المرتبطة بالتحولات الديمغرافية، إلا أنه يواجه اليوم عجزا كبيرا. وبطبيعة الحال فيمكن أن نصلح هذا الصندوق دون الأنظمة الأخرى، غير أننا نشتغل بشكل تدريجي. – هل المتقاعدين الحاليين معنيون بهذا الإصلاح؟ هؤلاء حقوقهم مصانة، والشيء نفسه بالنسبة للموظفين الذي اشتغلوا قبل دخول الإصلاح حيز التطبيق. فمثلا الموظف الذي اشتغل 35 سنة قبل دخول الإصلاح حيز التنفيذ، فسيتم احتساب هذه السنوات وفق المؤشرات السابقة، في حين ما تبقى من سنوات العمل سيتم احتسابها وفق النظام الجديد. وبالتالي فمن بين مزايا هذا الإصلاح هو المحافظة على المكتسبات السابقة، التي لن تمس. – ألا ترى بأن التواصل الحكومي في ملف التقاعد كان فيه خلل؟ وماذا عن موقف النقابات؟ أتفق معكم، فالتواصل محدود. أما بالنسبة للنقابات، فملف التقاعد انطلقت الاستشارة بشأنه منذ دجنبر 2003 تاريخ المناظرة الوطنية حول إصلاح أنظمة التقاعد، حيث تم على إثرها في سنة 2004، إحداث لجنتين لإصلاح أنظمة التقاعد، الأولى وطنية يرأسها السيد رئيس الحكومة والثانية تقنية ثلاثية التركيب تضم ممثلين عن القطاعات الحكومية المعنية وعن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية وعن الاتحاد العام لمقاولات المغرب وعن صناديق التقاعد، حيث بدأت آنذاك بوادر الأزمة تظهر ووضعت دراسات اكتوارية وتقارير سواء من طرف المجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط ومكتب العمل الدولي وحتى من طرف النقابات ووزارة المالية وغيرها من المؤسسات. اليوم لدينا إجماع مع النقابات على ضرورة الإصلاح، لكن ما نختلف حوله هو الطريقة وأيضا الإجراءات المواكبة. النقابات تقول إن المساهمة التي سترتفع لا يجب أن يؤديها الموظف، بل أن تتحملها الدولة بشكل كامل. فالفرقاء الاجتماعيون يرون أن الزيادة في السن وتقليص قيمة المعاش والرفع من المساهمات هو ثلاثي يصفونه ب»المشؤوم»، ويدعون إلى إقرار إجراءات موازية من قبيل الزيادة في الأجور وإحداث درجة جديدة وغيرها. بالنسبة لهذه الإجراءات المواكبة فيمكن أن تنتظر وعندما تتحسن الأوضاع والظروف فيمكن أن نناقشها لكن الشيء الذي لا يمكن أن ينتظر فترة أطول هو إصلاح التقاعد الذي يجب أن ينزل فورا، لأننا نخسر في كل يوم 6 ملايير سنتيم. إذا لم نقم بإصلاح الوضع فالدولة عليها أن تضخ ميزانية في الصندوق، وبالتالي قد تلجأ إلى الزيادة في الضرائب على باقي المواطنين الذين ليسوا بموظفين أو إلغاء مشاريع أخرى أو نقترض من الخارج، وفي كل الحالات فسيؤدي باقي المواطنين عن الموظفين. المغرب يوجد فيه 34 مليون نسمة، في حين أن عدد الموظفين المدنيين يقدر بحوالي 500 ألف، ولا يمكن لنا أن نحرم المواطنين من مشاريع أخرى أو نرفع الضرائب من أجل الموظفين. – ننتقل الآن إلى مناقشة بعض القضايا السياسية والوضع الداخلي لحزب الحركة الشعبية. أنتم جزء من هذه الحكومة، لكنكم تضعون قدما مع الأغلبية وأخرى مع المعارضة، خاصة الأصالة والمعاصرة. ما قولكم في هذا الأمر؟ نحن سعداء بكوننا نتقاسم اليوم تجربة تدبير الشأن العام الوطني مع حلفائنا الحاليين، سواء العدالة التنمية أو التقدم والاشتراكية أو التجمع الوطني للأحرار، ونحن سعداء أيضا بأننا اشتغلنا بشكل تشاركي وتضامني وبتفان وتكامل وتفاعل وفي إطار من الانسجام. طبعا لا يمكن أن تجد كل شيئا كاملا بل لابد أن يكون هناك نقص في أحد الجوانب، وقد لا نتفاهم حول بعض المقتضيات أو التوجهات، لكن في المجمل فكل ما نتفق عليه ننزله بانسجام، وهذه المنجزات نتقاسم فيها المسؤوليات والإيجابيات والسلبيات. نحن الآن في سنتنا الأخيرة ولدينا حصيلة يجب أن ندافع عليها جميعا لأننا ساهمنا فيها إلى جانب حلفائنا. أيضا لدينا برنامج تكميلي للمرحلة المقبلة وسندافع عنه بتعاون مع حلفائنا، وسيمهد الطريق للتحالف القادم. – هل أنتم متشبثون بتحالفكم مع العدالة والتنمية؟ في الممارسة السياسية لا نتحدث عن تشبث، غير أننا لم نلمس أي شيء يضر بهذا التحالف. وبالتالي فهذا هو التحالف الطبيعي الذي سيكون مع هذه الأحزاب المشكلة للأغلبية، ما عدا إذا وقع شيء يوقفه. – الانتخابات الأخيرة، خاصة على مستوى رئاسة مجلس المستشارين، أبانت عن وجود قطبين أحدهما يجمع الأصالة والمعاصرة والتجمع والحركة والاتحاد الدستوري والآخر يضم أحزاب الكتلة و»البيجيدي»، كيف ترى هذا التحليل؟ أولا لم يكن هناك مرشح من طرف الأغلبية لرئاسة مجلس المستشارين، وقد كان سيوجه لنا اللوم لو لم نصوت لصالحه، والحال أنه كان هناك مرشحان من طرف المعارضة، ولم يكن هناك التزام أخلنا به على مستوى الأغلبية. بالنسبة للانتخابات الجماعية والجهوية فهي تختلف عن الانتخابات التشريعية، إذ لا يوجد برلماني من الحركة الشعبية صوت ضد التحالف الحكومي، بل إننا منضبطين ونصوت مع الأغلبية. الإشكال يقع في بعض الحالات الاستثنائية على مستوى الانتخابات الجماعية التي لها خصوصيتها، ف»البيجيدي» صوت مع «البام» في مناطق معينة، على اعتبار أن هذه الانتخابات تدخل فيها اعتبارات عائلية ومعطيات محلية يصعب التحكم فيها، غير أن هذه التحالفات نجحت بنسبة 80 في المائة لأول مرة. فإذا كانت هناك بعض الاستثناءات فهذا أمر عاد بالنظر إلى طبيعة هذه الانتخابات. – عدد من أعضاء العدالة والتنمية تحدثوا عما يسمونه ب«التحكم». هل أنتم راضون عما أفرزته انتخابات رئاسات الجهات؟ أحزاب التحالف الحكومي لم تحصل على الأغلبية في جهة بني ملال-خنيفرة. الحركة والأحرار و»البيجيدي» والتقدم كان لديهم 28 صوتا، في حين أن المعارضة كان لديها 29 صوتا، وبالتالي فمن الطبيعي أن تؤول الرئاسة للمعارضة. المسألة غير الطبيعية هو أن أعضاء باسم التحالف صوتوا لصالح المعارضة، وهذا الأمر غير معقول وغير أخلاقي وسنتخذ الإجراءات الصارمة في حق هؤلاء الأعضاء الذين لم ينضبطوا. – ماردك على منصف بلخياط الذي قال إنه لا يمكن أن يصوت ل«أستاذ التربية الإسلامية»، لأن أمامه مصطفى الباكوري الذي دبر إحدى أكبر المؤسسات في المغرب؟ لا يمكن أن أحل محل بلخياط لأجيب عن هذا الأمر. السياسة تنبني على الشرعية، والشخص الذي يتوفر على الشرعية لا يهمنا من هو لأن المواطنين هم الذين اختاروه وهو يمثلهم، سواء أكان أستاذا للتربية الإسلامية أو عاطلا. أعتقد أنه يجب تقدير إرادة المواطنين، لأن هذه هي الديمقراطية. – هذا يعني أن السياسة تقوم على الشرعية التي يمنحها المواطن وليس على الكفاءة… أكيد، لأن الشعوب هي التي تصنع مصيرها وتستأمن الناس الذين سيمثلونها. المستوى العلمي آلية ويمكن أن يساعد ويكون حافزا، لكن المواطن هو من يجب أن يختار هذا الشخص الذي يتوفر على هذا المستوى الدراسي. طبعا لن ألوم بلخياط لأن ذلك اختياره، لكنني شخصيا أحترم إرادة الشعب. فهو ضحى بالتزامه على مستوى الأغلبية وذهب للتصويت على الباكوري وهو أمر يهمه، لكن ما كنت لأفعل ذلك لو كنت مكانه. – الحركة الشعبية بدأ كبيرا لكن هناك من يرى أنه بدأ ينكمش على غرار بعض الأحزاب. ما رأيك؟ صحيح أن الحزب يستحق مكانة أحسن من التي نحن فيها اليوم. حقيقة نستحق نتائج أفضل بيد أننا اجتزنا مرحلة صعبة في وقت الاندماج والتي لم ندبرها بشكل جيد، حيث لم نناضل لتكون طريقة التصويت لصالحنا. الاندماج تسبب في إقصاء الثلثين من ممثلينا، فمثلا دائرة الفقيه بنصالح فالتزكية يمنحها الحزب لشخص واحد هو رئيس اللائحة، أما من قبل فقد كانت هناك أربعة دوائر فردية وبالتالي فالحزب كان يمنح أربع تزكيات وقد يفوزون بكاملهم أو ثلاثة أو اثنين، واليوم يفوز شخص واحد. طبعا مادام هذا الأمر قد تسبب في إقصاء ثلثين من مناضلينا فهذا الأمر دفعهم إلى التوجه نحو أحزاب أخرى، ولم يكن من السهل أن نعيدهم إلى الحزب. في سنة 1986 التي وقع فيها الاندماج كان لدينا 86 برلمانيا، في حين أنه على مستوى التزكيات لم نستطع أن نقدمها إلا لجزء من هؤلاء، فاختار الباقي التوجه نحو أحزاب أخرى فذهبنا نبحث عن مناضلين عاديين لترؤس اللوائح ولم يتمكنوا من الفوز. – البيت الداخلي للحركة الشعبية فيه كلام، في ظل الحديث عن وجود صراعات قوية. كيف هي علاقتك بالأمين العام، وما موقفك من الحركة التصحيحية؟ الحركة الشعبية تعيش كجميع الأحزاب نشاطا بنيويا فيه تفاعلات، وهناك الرأي والرأي الآخر. لقد ظهرت حركة تقول إنها تصحيحية، لكن ذلك مجرد شعار لأنه ليس في عضويتها أي منتخب أو برلماني أو مستشار. سعيد أولباشا مناضل أقدره وأحترمه، لكنه اليوم ليس بنائب برلماني ولا بمستشار أو رئيس جماعة. طبعا هم أرادوا التموقع دون أن يكون لهم أساس وهذا أمر صعب، فنحن ننزل إلى الحملة الانتخابية ونجول في الأسواق تحت درجات حرارة تتجاوز ال45، في حين أنهم يجلسون في فنادق الخمسة نجوم ويصدرون البيانات. التصحيح يكون من الداخل، إذ يجب أن تكون معي في مؤسسات الحزب وتعطي رأيك في المجلس الوطني والمكتب السياسي، لكن الحمد لله الأمور تسير بشكل جيد. أول رهان لدينا هو النجاح في الانتخابات المقبلة وأن نحضر فيها بقوة، أما بخصوص سي العنصر فليس لدي أي خلاف معه بشكل نهائي بل إنني أقدره وأحترمه «وفوق راسي وعيني». العنصر لديه الشرعية لأنه أمين عام إلى حدود سنة 2018، وأنا أؤمن بالشرعية، ناهيك عن أنني لدي تقدير خاص له وأتحدث معه باستحياء وهذه تربيتي. يجب أن تعلموا بأنني لم أحصل على التزكية لثلاث مرة، لكن النضال يحتاج إلى الصبر والكفاح وليس إلى التسرع. – هل ترى أن محمد مبديع يمكن أن يصبح أمينا عاما للحركة الشعبية؟ البلاد والمؤسسات يحتاجان للصالحين، وأنا أؤمن بالمؤسسات. عندما يصل موعد المؤتمر فمن يصلح سننتخبه أمينا عاما، وأتمنى أن يكون جميع القياديين مجتمعين حول هذا الرأي، وليس أن ننفرد بمطالب خاصة. أنا يشرفني أن أكون عضوا في حزب قوي، على أن أكون رئيسا لحزب ضعيف. بالنسبة لمن يريد أن يصبح قياديا الآن فأنا ضد ذلك، بل إنني سأبقى ملتزما ومنخرطا في مسار تقوية الحزب، ومن يصلح لقيادة الحزب سأدعمه. – ارتباطا بالعمل السياسي، ألم يؤثر منصبك الوزاري على عملك كرئيس الجماعة؟ كما أن المشرع منحنا الآليات التدبيرية التي تسهل منصبي الوزاري وساعدني لأبلغ انشغالات المواطنين وأكون في مستوى مسؤوليتي الجماعية، فأي رئيس جماعة لديه إمكانية للعمل ولهذا نجد ستة نواب للرئيس، ونحن نوزع أمورنا بشكل جيد وهناك تتبع مستمر إذ أنني أتوجه كل أسبوع إلى الفقيه بنصالح. النواب الذين يتوفرون على تفويضات يقومون مقامي، أما الأمور التي ترتبط بالمواطنين والقضايا التي تستوجب حضوري فإنني أكون حاضرا فيها، إذ أنني أستقبل أسبوعيا المواطنين في مكتبي ولم يتغير أي شيء بالنسبة لمبديع. وأكاد أقول بأن مهمة رئيس فريق برلماني كانت تشغلني أكثر من الوزارة، والحال أن هذا المنصب هو تتويج لمسار سياسي. أنا مع الحق والمعقول وليس مع توظيف كل شخص فقط لأنه خرج للاحتجاج – في هذا السياق المتسم بإعادة النظر في آليات التوظيف وفصله عن التكوين، طفى على السطح ملف الأساتذة المتدربين. ما موقفك من هذه القضية؟ ربما لم يكن هناك تواصل كبير حول هذا الملف، غير أنه ارتأينا أنه لا يمكن التراجع عن هذه المراسيم ويمكن أن يستمر الحوار في هذا الإطار. هؤلاء الشبان والشابات كانوا يعلمون بأنهم اجتازوا المباراة كطلبة متدربين وليسوا بموظفين، ولذلك قلصنا من قيمة المنحة. طبعا نحن بدأنا في إعادة النظر في قطاع التعليم ونريد أيضا دعم التعليم الخاص بأساتذة يتوفرون على تكوين جيد. المشكل اليوم في التعليم الخاص هو وجود بعض المدرسين لا يتوفرون على تكوين كاف أو هناك أساتذة يشتغلون في القطاع العام والخاص في الآن ذاته، واليوم نريد إعطاء فرصة أحسن في مجال التكوين. – لكن هناك احتجاجات… الحوار موجود وتم ذلك بين وزارة الداخلية والتربية الوطنية بحضور النقابات والممثلين المعنيين. الحوار مفتوح، لكن لا يمكن أن نوظف كل من يقوم بالاحتجاج. طبعا نحن لم نظلم هؤلاء، وشخصيا فأنا مع الحق والمعقول وليس مع توظيف كل شخص فقط لأنه خرج ليحتج. وجود حكومة متساهلة ومنفتحة مع التظاهر السلمي لا يعني أن كل من يحتج سنقوم بتوظيفه ونتراجع عن أي قرار نتخذه أو مرسوما نصدره. هذه دولة ويجب الانضباط إلى القانون.