في محاولة للتخفيف من الأزمة التي خلقتها صفقة «تأمين الجفاف» بعد أن تم تحويلها لشركة «سهام» المملوكة لمولاي حفيظ العلمي، الوزير في حكومة بنكيران، سارعت وزارة الفلاحة إلى التأكيد أن قطاع التأمين الفلاحي مفتوح أمام جميع الشركات، مضيفة أن (سهام) أصبحت الفاعل الثاني في القطاع، في الوقت الذي وجد فيه بنكيران في موقف حرج مرة أخرى، بعد أن كان «آخر من يعلم» بالصفقة. وكان الجدل حول صفقة «تأمين الجفاف»، التي منحت لشركة «سهام» المملوكة لمولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، قد انتقل إلى قبة البرلمان، بعد أن وجه عبد اللطيف وهبي، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، استدعاء إلى كل من محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد، وعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، والوزير العلمي، للمثول بشكل استعجالي أمام لجنة مراقبة المالية العمومية بمجلس النواب. وفي سياق متصل، قال عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، بخصوص اتفاقية «تأمين المحصول»، إنهم بصدد تجميع المعطيات الكاملة حول هذه الاتفاقية «وطالبنا كفريق بعقد اجتماع للجنة القطاعات الإنتاجية بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش لنناقش الموضوع بتفصيل»، مضيفا أنه «من حيث المبدأ لا نعترض على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق كآلية دستورية، لكن في تقديرنا المطالبة حاليا سابقة للأوان والأولى عقد اجتماع اللجان الدائمة المعنية مباشرة بالموضوع». مشيرا إلى أنه «على الجميع أن يعلم أن الدستور يطوقنا جميعا في هذه المقتضيات والبرلمان سبق له أن صادق على قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وهناك قوانين مرتبطة بالصفقات العمومية ينبغي أن تحترم وتراعى». وأشار بوانو إلى أنه كان من اللازم الإعلان عن تفاصيل هذا التأمين بواسطة الإجراءات المعمول بها، سواء طلبات عروض أو غيرها، متعهدا بتتبع هذا الأمر، «وسنتخذ الموقف والقرار المناسب في وقته». وكان القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، اعتبر أن توقيع الوزيرين بوسعيد وأخنوش، يوم الأربعاء الماضي، عقدا يهم اتفاقا لتأمين المحصول الزراعي مع شركة تأمين خاصة في ملكية الوزير العلمي، يناقض مقتضيات المادة 33 من القانون التنظيمي رقم 13.65 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، مؤكدا أن البرلمان حينما وضع ذلك القانون كان يهدف إلى تحصين عمل الوزراء وفقا لمقتضيات الفصل 36 من الدستور ضد كل شطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز ووضعية الاحتكار، وضد الهيمنة وباقي الممارسات المخالفة لمبدأ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية ببلادنا. من جهته، نقل النائب الاتحادي، المهدي مزواري، الجدل حول صفقة تأمين الجفاف إلى ملعب رئاسة الحكومة، بعد أن وجه سؤالا شفويا إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، عن المعايير الموضوعية التي اعتمدت لإسناد تأمين المحصول لوزير في حكومته. وفيما يبدو أن بنكيران في موقف محرج مرة أخرى، بعد أن كان «آخر من يعلم» بالصفقة، كما كان الحال بمناسبة إحداث صندوق تنمية العالم القروي، كشفت مصادر حكومية ل»المساء» أن رئيس الحكومة رغم عدم علمه بأمر الصفقة، إلا أنه انبرى للدفاع عنها، معتبرا أنها كانت نتيجة «منافسة حرة»، مبديا في الوقت ذاته استغرابه من «ناس يدعون إلى تحرير السوق ويعملون ضده». وفي الوقت الذي تثار فيه شبهة استغلال المنصب والنفوذ لتحقيق مزايا كان من المتعذر تماما التوصل إليها لولا وجود هذا المنصب الوزاري، تبدي مصادر برلمانية استغرابها من عدم دخول مؤسسة دستورية بقيمة مجلس المنافسة على خط صفقة تأمين الجفاف، وفق ما ينص عليه الفصل 166 من دستور 2011، حيث لم يصدر إلى حد الساعة أي موقف عنها.