لم يكن رشيد الطهريوي، مهندس طوبوغرافي في القطاع الخاص، ينتظر أن يسفر «ربيع الفايسبوك» ل»الغاضبين» من الهيئة المسيرة للقطاع، عن إحالته على مجلس تأديبي للهيئة بناء على «خبرة تقنية» أجرتها شركة «أمن معلوماتي» بطلب من الهيئة الجهوية للوسط للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين، حيث تقرر منعه من مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر، وحرمانه من العضوية بمجالس الهيئة مدة أربع سنوات. وانتقدت النقابة الوطنية للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين في القطاع الخاص بالمغرب قرار الهيئة، وطالبت بفتح تحقيق في ملابساته. وفي السياق ذاته، تسببت تغريدات على شبكة التواصل الاجتماعي في اتخاذ قرار المنع من مزاولة المهنة في حق المهندس هشام بورزة، لمدة أربعة أشهر، وحرمانه من العضوية بمجالس الهيئة لمدة أربع سنوات، بعدما ارتأى مجلس الهيئة أن من شأن التغريدات التي نشرها هذا المهندس أن تخلق البلبلة في الوسط المهني وتخدش مصداقية الهيئة. وعلاقة بالموضوع، اتهم نقيب المهندسين الطوبوغرافيين «الغاضبين»، هشام مليح، بالمس بما يجب للهيئة من اعتبار واحترام، والإخلال بمبادئ الشرف والاستقامة والكرامة، وقال هذا المهندس، في إحدى مراسلاته للهيئة، إنه تم اتهامه بكونه أدلى بتصريحات مدمرة في حق الهيئة. ورد على هذه الاتهامات التي جعلته بدورها مطالبا بالوقوف أمام المجلس التأديبي، بأن إجراءات «الأمن المعلومياتي» التي نهجتها الهيئة غير قانونية، متهما الواقفين وراءها ب»انتحال الصفة الضبطية» و»التطاول على اختصاصات وكيل الملك». أزمة هيئة المثير في القضية، حسب المعطيات التي توصلت بها «المساء»، أن هيئة المساحين الطوبوغرافيين لجأت إلى خدمات شركة في القطاع الخاص تعمل في «الأمن المعلومياتي» لرصد صفحات «الغاضبين» والتأكد من هوياتهم، قبل أن تحيلهم على المجالس التأديبية، في وقت طعنت نقابة المهندسين الطوبوغرافيين في هذا الإجراء، وقالت إن شركات القطاع الخاص لا حق لها في خرق معلوماتهم الشخصية، وبأن أمر محاولات اختراق صفحاتهم، وعلبهم الإلكترونية غير قانوني ما لم يصدر عن هيئة قضائية، ولم تباشره مصالح ذات اختصاص بتنسيق مع النيابة العامة. وأكد هشام مليح، رئيس نقابة المهندسين المساحين الطوبوغرافيين العاملين في القطاع الخاص، أن هذه المتابعات التأديبية تعتبر «وسيلة من أجل منعهم من الترشح لانتخابات الهيئة «. وقال في تصريحات ل»المساء»، إن الهدف من هذه المتابعات هو «تكميم الأفواه المنتقدة» لطرق تسيير الهيئة والتي تطالب ب»افتحاص مالي»، موردا أن القطاع يعيش في «فوضى عارمة»، وحمل المسؤولية للحكومة، ولوزارة الفلاحة، باعتبارها الجهاز الوصي على القطاع. خبرة مثيرة وقرر المهندس رشيد الطاهري، وهو يخوض معركته ضد قرار منعه من مزاولة المهنة وحرمانه من عضوية مجلس الهيئة، رفع دعوى قضائية ضد الشركة التي أنجزت «الخبرة التقنية» التي تسببت في محنته، لكن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، قررت بعد انتهاء الشرطة من التحقيقات، إحالة ملف القضية على الحفظ. ومع ذلك، ف»الخبرات» التي أنجزتها الشركة لفائدة الهيئة والتي تسببت في إحالة عدد من المهندسين على التأديب، ومنعهم من مزاولة المهنة، لا زالت تثير الكثير من الانتقادات، حد اتهام الهيئة بالتطاول على اختصاصات القضاء. وذهب المهندس رشيدي الطهريوي، في شكايته، إلى أن الشركة التي أعدت «الخبرة» لا علاقة لها ب»الأمن المعلوماتي»، ولا أحقية لها في«اختراق البيانات الشخصية والحسابات الشخصية وإعطاء رأيها وخبرتها». وأورد أنه تضرر من نتائج هذه «الخبرة»، وطالب بمتابعة الشركة ب»اقتحام نظام معلومات شخصية وانتحال صفة خبير معلومياتي». أما مسير الشركة، التي وجدت نفسها في «قفص الاتهام»، فقد شدد على أن مقاولته متخصصة في الأمن المعلوماتي، وأنه سبق لها أن قامت بعدد من الأبحاث والتحقيقات لفائدة أشخاص ذاتيين ولفائدة مؤسسات وهيئات، سواء بالمغرب أو بفرنسا، قبل أن يضيف، في معرض آخر، أنه أنجز الخبرة اعتمادا على الوثائق التي تسلمها وليس عن طريق معاينة تقنية لحساب الشاكي بموقع «الفايسبوك».