على بعد أنفاس من وداع سنة 2015 تبدو الحصيلة متذبذبة بين التفاؤل والتشاؤم، بين الرتابة والمفاجآت، بين الثبات والتحول. عشنا خلال سنة كاملة سلسلة من الأحداث والتقلبات والتحولات التي لامست كل مناحي الحياة العامة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، بالسلب أو بالإيجاب وانعكست عن قرب على الرأي العام وعلى المؤسسات الوطنية وعلى الاختيارات الكبرى وعلى المزاج الجماعي للمغاربة وعلى أملهم وتطلعهم إلى مغرب أفضل. كانت سنة 2015 مليئة بالأحداث السياسية التي كان من أهمها الانتخابات الجماعية والجهوية، كما أنها سنة تناقض بدايتها بين الرخاء بعد انخفاض أسعار النفط والجفاء بعد أن تعززت احتمالية موسم فلاحي جاف. هذا العام فتحت فيه الكثير من الملفات والأوراش وقدمت فيه الوعود والتطمينات لكن القليل منها فقط أنجز وتم الوفاء به. على رأس هذه الملفات التي فتحت ملف إصلاح أنظمة التقاعد والمعاشات الذي خلق توترا نفسيا ونقابيا وسياسيا على مدى الشهور الماضية دون أن ينتهي إلى نتيجة محددة ولا تزال كرته في ملعب الحكومة. في السياق نفسه دخلت الحكومة معمعة إصلاح نظام الدعم وأبت إلا أن تذهب إلى أبعد مدى في رفع يدها عن دعم بعض المواد الأساسية وهذا ما فعلته بخصوص دعم الوقود. وإلى جانب هذه الملفات لا تزال الكثير من القضايا تراوح مكانها في انتظار النتائج هناك قانون للصحافة، وقانون جنائي، ومنظومة للعدالة وغيرها لا تزال تنتظر الحسم بعد أن تم قتلها بالنقاشات العمومية والأكاديمية والبرلمانية خلال هذا العام. من الناحية السياسية يمكن القول إن سنة 2015 كانت سنة التسخينات بامتياز. هناك دورة كاملة من الإحماء الانتخابي والسياسي قامت بها الأحزاب والمرشحون والطبقة السياسية على هامش الانتخابات الجماعية والجهوية التي نظمت في شتنبر الماضي. وقد أفرزت هذه الانتخابات الكثير من المفاجآت لكنها في الوقت نفسه رسمت بعض ملامح المنافسة الانتخابية الكبرى المرتقبة في الانتخابات التشريعية وزكت بعض الفاعلين السياسيين كمرشحين أقوياء للمنافسة على المراتب الأولى ومن ثمة على تشكيل الحكومة المقبلة وقيادتها. وإلى جانب ذلك يبدو أن 2015 كانت سنة مميزة فيما يخص تعزيز الصورة السلبية عن الفاعل السياسي والحزبي خصوصا في قضية النزاهة، وهذا ما ظهر بجلاء في انتخابات مجلس المستشارين، وكذلك في مستوى الخطاب السياسي الذي زاد تدهورا وعرف إمعانا في استعمال اللغة السوقية، ولا أدل على ذلك معارك رئيس الحكومة في قبة البرلمان. لكن الفراغ أو الاستقرار الذي ميز السياسة والسياسيين هذا العام عوضه نسبيا حضور دولي ودبلوماسي متميز حققه المغرب. لقد عرفت هذه السنة مواجهات دبلوماسية ساخنة مع بعض البلدان التي كانت تعتبر حليفة مثل فرنسا، وأخرى صديقة مثل السويد وانخراط القوات المسلحة في تحديات خارجية بالشرق الأوسط والخليج، وكذا مساهمة في حلحلة بعض الأزمات الإقليمية مثل الأزمة الليبية. هذه الصورة التي ظهر بها المغرب إقليميا ودوليا وراءها استراتيجية مختلفة نسبيا تميل إلى الهجوم أكثر من الدفاع، وإلى المبادرة بدل الانتظارية. لقد كانت سنة 2015 ثأرا للعام الذي قبلها الذي عاش فيه المغرب انتكاسات كثيرة على صعيد علاقاته الخارجية. وبالحضور الفاعل نفسه ظهر القطب الأمني كذلك مؤثرا وفعالا خلال هذا العام وفي مستوى التحديات الأمنية الدولية المرتبطة أساسا بمواجهة الظاهرة الإرهابية. نجا المغرب من موجة اعتداءات مدمرة تجتاح كل بلدان المنطقة والجوار ولم تستثن أيا منها، مستفيدة من حالة الانفلات والفوضى التي تعيش على إيقاعها بعض الدول العربية منذ بضع سنوات. ودخل التجربة الأمنية في مجال مكافحة الشبكات الإرهابية ورصدها تحت مجهر البلدان الأوربية التي اكتوت هذا العام بنار الإرهاب وأصبحت متيقنة بالحاجة إلى الحليف المغربي. وتبقى كثير من هذه الأحداث والتحولات التي عشناها خلال 2015 ذات امتدادات في الزمن السياسي والاقتصادي القادم، حيث التحديات أكبر والرهانات أعظم والانتظارات تتسع يوما بعد يوم. هذه القضايا أثارت الجدل حول القيم الوطنية والدينية للمغاربة على رأسها الإجهاض والحرية الجنسية والإرث والعقيدة الإجهاض: في 15 ماي الماضي استقبل الملك محمد السادس بالقصر الملكي بالدار البيضاء، كلا من المصطفى الرميد وزير العدل والحريات، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وإدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليتسلم نتيجة الاستشارات التي قامت بها اللجنة الملكية المكلفة بمقاربة موضوع الإجهاض. وحسب ما كشف عنه الديوان الملكي فإن جل هذه الاستشارات اتجهت إلى تجريم الإجهاض غير الشرعي، مع استثناء بعض حالاته من العقاب، لوجود مبررات قاهرة، وذلك لما تسببه من معاناة، ولما لها من آثار صحية ونفسية واجتماعية سيئة على المرأة والأسرة والجنين، بل والمجتمع. أول هذه الحالات هي عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم أو على صحتها، وثانيها تشمل حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم، فيما تهم الحالة الثالثة التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين. وقد تقرر استنادا إلى هذه الخلاصات بلورة مشروع مقتضيات قانونية، قصد إدراجها في مدونة القانون الجنائي، وعرضها على مسطرة المصادقة، وذلك في إطار احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتحلي بفضائل الاجتهاد. هذه الرسائل التي صدرت عن الديوان الملكي قرأ فيها الكثير من المراقبين انتصارا للهوية الوطنية بعيدا عن بعض التوجهات التي كانت تسعى في بداية النقاش حول قضية الإجهاض إلى فتح الظاهرة على مصراعيها دون ضوابط أو رقابة. الشذوذ: في يوم الاثنين 29 يونيو تعرض شاذ جنسي بمدينة فاس لاعتداء بالضرب والجرح من طرف عدد من المواطنين بعد أن تجمهروا حوله بشارع الحسن الثاني وأقدموا على الاعتداء عليه بالضرب والرفس بطريقة وحشية. ورغم أن هذا المشهد يمكن أن يتكرر في مدن أخرى أو في أي مكان من هذا العالم إلا أن تصوير هذا المشهد وبثه عبر شبكات التواصل الاجتماعي أثار جدلا واسعا وتعاطفا كبيرا مع ضحية الاعتداء، مما حذا بالسلطات الأمنية إلى المسارعة بفتح تحقيق وتوقيف بعض المتورطين في هذا الاعتداء. لكن المهم في هذه الحادثة أنها كانت مناسبة لبعض أدعياء الصف الحداثي الذين استغلوا هذه المشاهد من أجل فتح ملف الشذوذ الجنسي بالمغرب وإثارة بعض المطالب التي تتنافى تماما مع القيم الوطنية والدينية السائدة في المجتمع من قبيل الحديث عن تقنين «المثلية» أو التوقف عن تجريمها. هذه المطالب المفارقة للواقع المستوردة من بيئات غربية مختلفة تغذت أكثر من خلال بعض الأحداث الأخرى التي تم تسجيلها خلال هذا العام سواء في مهرجان موازين الذي عرف مطالبة مغني شاذ جنسيا على خشبة أحد العروض بإلغاء الفصل الجنائي المجرم للشذوذ وكذا تعري ناشطتين من حركة «فيمن» الدولية في ساحة حسان بالرباط تضامنا مع الشواذ المغاربة. الإرث: في 20 أكتوبر الماضي أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل في الزواج وفسخه وكذا الإرث، وذلك وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ودعا المجلس في تقرير موضوعاتي، قدمه حول «وضعية المساواة والمناصفة في المغرب: صون إعمال غايات وأهداف»، الحكومة إلى تسريع إحداث هيئة المناصفة ومكافحة أشكال التمييز وتخويلها اختصاصات الحماية والوقاية والنهوض بالمساواة والمناصفة بين الجنسين. هذه الدعوة التي صدرت عن المجلس الوطني أسالت الكثير من المداد هذه السنة وأثارت نقاشا واسعا بين أنصار التيار المحافظ وأنصار التيار الحداثي. واختلفت القراءات التي تلت هذه التوصية بين من اعتبرها انتصارا للقيم الكونية التي يسعى المغرب للانخراط فيها تبعا لالتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان، وبين من رأى فيها استفزازا جديدا للمشاعر والقيم الوطنية والدينية من طرف تيار حداثي كشر عن أنيابه خلال هذه السنة مستثمرا أجواء الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي تعيشه البلاد. غير أن الذي توضح من هذه الدعوة الخاصة بالمساواة في الإرث أنها تدخل في إطار استمرارية سياسة إصلاحات الواجهة أو منطق «المزوق من برا أش خبارك من الداخل» وهي الإصلاحات التي تركز على تلميع صورة المغرب في الخارج دون الالتفات إلى عمق الإشكالات كما هو الحال بالنسبة لمعضلة إنصاف المرأة وتمتيعها بحقوقها. الحرية الجنسية والإفطار والعقيدة: تفجر النقاش حول هذه القضايا في سياق الجدل الذي أثارته مسودة القانون الجنائي الجديد الذي تقترحه وزارة العدل. ففي مُقابلِ الانتقادات الواسعة الموجّهة إلى وزارة العدْل والحريات، من طرف الجمعيات الحقوقية، بشأن ما تراه «تضييقا» على الحريات الفردية، خاصّة تلك التي لها صِلة بالجانب الدّيني، مثل تجريم الإفطار العلني في رمضان أو تجريم الزنا أو تغيير العقيدة الدينية حاول المشرع البحث عن حيثيات ومستندات مرجعية دستورية لكل التجريمات التي ينص عليها القانون الجنائي. وبينما طالبت المنظمات الحقوقية بإسقاط العقوبات التي جاءت بها مسودة القانون خصوصا في قضايا ما يسمى بالحريات الفردية والتي تهم الإفطار العلني في رمضان والعلاقات الجنسية غير الشرعية والسكر العلني كانت الجهات التشريعية تحاول تبرير تجريم كل مخالفة على حدة، ففيما يتعلق بالإفطار العلني في رمضان ظهرت الوزارة في موقع المدافع وهي تؤكد أن القانون لا يجرم الإفطار بقدر ما يجرم المجاهرة به، ولا يجرم السكر وإنما يعاقب على الفوضى المترتبة عنه. ما يمكن استخلاصه من الجدل الذي عرفه العام 2015 بخصوص كل هذه القضايا هو أن هناك تطورا كبيرا مسجلا على مستوى المطالبات التي خرجت من السرية إلى العلنية إذ لم يعد رفع شعار توسيع الحريات الفردية يقتصر على المجمع عليه بل امتد كذلك إلى القضايا الخلافية والحساسة. الدبلوماسية.. المبادرة في باريس والمفاجأة في السويد والاتحاد الأوربي الاختبارات التي مرت بها الدبلوماسية الوطنية هذا العام عديدة ووازنة. فكل الملفات التي تشغل أجندة الشؤون الخارجية عرفت تطورات في اتجاهات سلبية أو إيجابية لكن عموما استطاعت الدبلوماسية المغربية خلال هذا العام أن تفرض نهجا جديدا مختلفا عما عهدناه عنها من مهادنة وميل مبالغ فيه للحلول السلمية أو معالجة الأشياء بتركها وتجاهلها. ومن بين أهم الملفات الدبلوماسية التي شهدت هذه السنة تطورات هامة ملف العلاقات المغربية الفرنسية التي كانت دخلت في نفق مظلم منذ فبراير 2014 عندما تلقت السفارة المغربية بباريس استدعاء من مصالح الأمن الفرنسية موجهة لمدير مديرية مراقبة التراب الوطني بناء على شكاية تتهمه بالتعذيب. ولأول مرة منذ سنوات عديدة كان رد الفعل المغربي تصعيديا ومناسبا لحجم الإهانة التي تلقتها الدولة خصوصا أن هذا الاستدعاء تلته استفزازات فرنسية أخرى كان من أهمها تعرض وزير الشؤون الخارجية صلاح الدين مزوار للتفتيش الذاتي في أحد المطارات الفرنسية دون إعارة أي اهتمام لوضعه كدبلوماسي. لقد ساد البرود وسوء الفهم والجفاء العلاقات بين الرباط وباريس لأكثر من عام إلى أن فتحت الأحداث الإرهابية التي شهدتها فرنسا بعد الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو قوسا استثنائيا بين البلدين. لكن قبل هذا تعاملت الأجهزة الدبلوماسية بنهج مختلف عن ذي قبل، لقد تم توقيف اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين وتم استفسار السفير الفرنسي بالرباط وتراجع المغرب عن تفعيل العديد من مجالات التعاون وخصوصا في المجال الأمني. وظهر جليا أن الرباط تريد من فرنسا التي تخضع لحكم الاشتراكيين أن تراجع سياستها الاستفزازية التي تتعامل مع المغرب باعتباره مستعمرة سابقة وتابعة متناسية العلاقة الاستراتيجية التي ربطت بين البلدين منذ الاستقلال. هذا التعاطي الدبلوماسي المختلف سيؤتي أكله بتناغم مع التفوق الأمني الذي سجله المغرب في مواجهة الظاهرة الإرهابية خصوصا بعد أن اكتوت باريس بنيرانه في هجوم شارلي إيبدو، حينها أدركت فرنسا أن لا مناص من إنعاش العلاقات الثنائية بين البلدين واستئناف التنسيق القضائي والأمني. وقد توج هذا المسلسل االاستثنائي بين البلدين بعودة الدفء إلى العلاقات بتوشيح الرجل الأمني الأول عبد اللطيف الحموشي بعد أن كانت باريس توجه له استدعاء قضائيا، ثم تعزز الأهمية الاستراتيجية للتنسيق الأمني مع المغرب بعد الضربات الإرهابية التي تلقتها باريس أخيرا والتي لعبت فيها الأجهزة الأمنية المغربية دورا هاما في تقديم بعض المعلومات الحاسمة. وإلى جانب الملف الفرنسي الذي انتهى نهاية سعيدة واجهت الدبلوماسية الوطنية هذا العام مفاجآت عديدة تهم أساسا قضية الوحدة الترابية وكان من أهمها ذلك التوتر الذي شهدته العلاقات المغربية السويدية عقب إعلان استوكهولم نيتها الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية. ومرة أخرى كشرت المؤسسة الدبلوماسية عن أنيابها وبادرت إلى الهجوم ونهج سياسة الرد بالمثل عندما تقرر توقيف مشروع لإحدى كبريات الشركات السويدية المتخصصة في صناعة الأثاث بالدار البيضاء وكذا تعبئة كل أشكال الدبلوماسية الموازية رسمية وشعبية وتوجيه خطاب مباشر وواضح للمؤسسات السويدية. هذه الأزمة العابرة التي لبدت سماء العلاقات بين البلدين كشفت عن جانب من جوانب الأزمة التي تعيشها السياسة الدبلوماسية الوطنية وهي غياب الرؤية الاستباقية بحيث أن تفكير السويد في الاعتراف بالجمهورية الوهمية سقط على رؤوس المغاربة خبرا كالصاعقة غير المتوقعة، علما أنه سبقه نقاش عمومي منذ فترة داخل المؤسسات السياسية السويدية. وعموما فقد حققت المواجهة الدبلوماسية في هذا المباراة انتصارا صغيرا بعد أن تراجعت الخارجية السويدية عن توجهاتها وإنكارها لأي نية بالاعتراف بالبوليساريو. وبالطريقة المفاجئة نفسها التي نزل بها الموقف السويدي والأزمة التي أثارها، خلق قرار المحكمة الأوربية القاضي بمنع استيراد المنتجات المغربية التي يكون مصدرها الأقاليم الجنوبية صدمة في أوساط الرأي العام الوطني. ورغم أن الملف لا يزال مفتوحا أمام القضاء وأجهزة الاتحاد الأوربي ولم يتم البت فيه بصفة نهائية إلا أن الظاهر من اللهجة الدبلوماسية لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون استمرار المغرب في النهج الهجومي والتصعيدي خصوصا بعد أن هدد البلاغ الرسمي الذي صدر عقب هذا الحكم باحتمال مراجعة كل ما يجمع المغرب والاتحاد من اتفاقيات وبناء تعاقدي، بل إن تصريحات الوزير صلاح الدين مزوار ذهبت إلى حد وصف الحكم القضائي بأنه «لعب بالنار». والظاهر حسب عدة مؤشرات وطنية وأوربية أن هذا الحكم لن يكون له وقع كبير في النهاية على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي. أطفال وحجاج وصيادون في كرونولوجيا الكوارث والمآسي 10 أبريل: كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا من هذا اليوم عندما حدثت الكارثة التي أودت بحياة 35 شخصا جلهم من الأطفال الأبرياء. في هذا اليوم المشهود من سنة 2015 تذكر المغاربة تاريخهم الأسود مع حوادث السير التي لا تزال تحصد يوميا أكثر من 10 أرواح في اليوم. حادثة طانطان لم تكن عادية وروتينية كتلك التي تشهدها الطرق الوطنية بشكل شبه يومي. لقد شكلت هذه الحادثة مأساة حقيقية لعدة أسباب أولها أن جل الضحايا كانوا من الأطفال الذين كانوا عائدين من مدينة بوزنيقة بعد مشاركتهم في إحدى الدورات الرياضية المدرسية حيث تحولت فرحة الأطفال الأبرياء ونشاطهم إلى حزن وغم أرخى سدوله على قلوب الأسر المكلومة. ومما زاد من هول المأساة أن وفاة هؤلاء الأطفال كانت بطريقة بشعة بعد أن اشتعلت النيران في الحافلة التي كانت تقلهم ومات جلهم بسبب الحرق حيث تحولت الحافلة إلى فرن كبير نال من نعومة الطفولة ويفاعتها. هذا المشهد الفظيع والمهول خلق رأيا عاما غاضبا مما دفع إلى التساؤل عن أسباب هذه الحادثة فتناسلت بعض التفسيرات ومنها تلك التي تحدثت عن أن سبب الحريق كان هو الشاحنة التي اصطدمت بها الحافلة والتي تحمل وقودا مهربا من الأقاليم الجنوبية في اتجاه مدن الشمال. إلا أن التحقيقات الرسمية سرعان ما قدمت رواية أخرى للحادث أكدت فيها أن سائق الحافلة فقد السيطرة على السياقة، وخرج عن مساره، وانحرف نحو الشاحنة التي كانت قادمة من الاتجاه المعاكس، فاصطدم بها بقوة على مستوى وسطها من جانبها الأيسر، وتحديدا بالجزء الأمامي من المقطورة. هذه التفسيرات ورغم أنها كانت بمثابة الإغلاق النهائي لهذا الملف إلا أنها لم تجب عن كل الأسئلة التي كانت تتناسل. 7 يونيو: لم تكد تمضي إلا بضعة أشهر حتى استقرت عقارب الساعة عند ساعة من ساعات الكوارث والموت ومآسي الأطفال. هذه المرة كانت الساعة تشير إلى منتصف نهار يوم الأحد 7 يونيو عندما بدا الخبر الفاجعة يصل إلى أسماع أسر مكلومة فقدت 11 من أبنائها الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 سنة بمنطقة واد الشراط بالصخيرات. كان الأطفال في رحلة إلى شاطئ البحر نظمته جمعية رياضية ينتمون إليها عندما ابتلعهم المحيط الأطلسي وتتحول الرحلة إلى كارثة اهتز لها الرأي العام وخلقت جدلا واسعا عن تحديد المسؤوليات لم يحسم إلى يومنا هذا رغم الإدانة القضائية الموقوفة التنفيذ التي لحقت مدرب الأطفال مصطفى العمراني وتحميله مسؤولية القتل الخطأ. 15 غشت:عاد البحر مجددا ليأخذ الأرواح ويلتهم الجثث لكن هذه المرة في شواطئ الداخلة، حينما تعرض مركب «أشرف» للغرق في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، ويغرق معه 11 شخصا في هذه الفاجعة التي هزت المدينة. كان على متن المركب 12 شخصا يعملون في مجال الصيد البحري، غرق منهم 11، فيما نجا من الفاجعة شخص واحد يعمل تقنيا بالمركب، ليروي مأساة الضحايا المنتمين كلهم إلى عائلة واحدة ومن دوار تليلت الموجود بجماعة إمسوان بشمال أكادير. 24 شتنبر: أدى تدافع الحجاج في مشعر منى إلى مقتل المئات على الأقل وإصابة آلاف آخرين حسب الأرقام الرسمية السعودية. كان للمغاربة نصيب كبير من بين الجنسيات التي استشهد من بين أفرادها 42 حاجا وأصيب آخرون لا يزال بعضهم يخضع للعلاج. استأثر هذا الحادث باهتمام كبير في أوساط الرأي العام خصوصا أن الجهات الرسمية تعاملت بهدوء مبالغ فيه مع الأنباء التي تواردت من موسم الحج حيث حدث ارتباك كبير في إخبار الرأي العام بما جرى واكتفى الجميع بمتابعة الخبر عبر القنوات الفضائية، في حين ظلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الخارجية تنكر الأرقام التي أعلن عنها منذ البداية حول عدد الضحايا ونهجت سياسة التدريج في الكشف عنها إلى أن أقرت في النهاية بما تم الإعلان عنه في البداية. هذه المأساة تركت أثرا بليغا في نفوس الجميع بالنظر إلى هولها واستهتار الطريقة التي وقعت بها بأرواح الآلاف من حجاج بيت الله. قطاع الأمن.. قيادة جديدة، تحديات محدقة وسمعة دولية قطاع خرج هذه السنة مرفوع الرأس وطنيا ودوليا إذا كان هناك من قطاع حقق نسبة هامة من أهدافه خلال العام 2015 فهو القطاع الأمني الذي خرج من هذه السنة مرفوع الرأس وطنيا ودوليا. هناك ملاحظة عامة يتبناها جل المراقبين تفيد أن الجهاز الأكثر تنظيما وفعالية وقوة في المغرب هو الجهاز الأمني بمختلف فروعه من أمن وطني أو مخابرات مدنية وعسكرية. هذه السنة شهد فيها المجال الأمني عدة تطورات وواجه فيها أيضا لائحة طويلة من التحديات التي نجح في بعضها وجنى من خلال هذا النجاح سمعة وطنية ودولية. في 15 ماي الماضي وبعيد يوم واحد من ذكرى الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها الدار البيضاء في 2003 عين الملك محمد السادس عبد اللطيف الحموشي على رأس الإدارة العامة للأمن الوطني ليجمع بينها وبين مديرية مراقبة التراب الوطني. كان هذا التعيين بمثابة تتويج لمسار هذا الشاب الذي حرق المراحل وحقق نجومية غير مسبوقة في المجال الأمني استطاع من خلالها أن يبوئ الأجهزة الأمنية الوطنية مكانة متميزة إقليميا ودوليا خصوصا فيما يتعلق بمواجهة الظاهرة الإرهابية والتصدي لها. هذا التعيين الذي اعتبر حدثا أمنيا كبيرا كان إيذانا بتوجه نحو هيكلة جديدة للأجهزة الأمنية ومحاولة للرقي بأداء جهاز الأمن الوطني وتعزيز فعاليته وكذا حل معضلة التنسيق الأمني وتوفير قاعدة معطيات موحدة بين كافة الأجهزة التي تواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى تحديات تطور الجريمة واتخاذها أبعادا جديدة ومختلفة. وقد تبين طوال هذا العام أن نهج اليقظة الأمنية والضربات الاستباقية الموجهة للجماعات والخلايا المفترضة استفاد من توسيع قاعدة المعلومة ووسائل الوصول إليها بالنسبة لهذه الأجهزة، مما مكن حسب التقارير التي تكشف عنها وزارة الداخلية باستمرار عن تفكيك عشرات الخلايا والتنظيمات وإحباط الكثير من العمليات الإرهابية التي كانت ستستهدف الاستقرار والأمن، خصوصا من طرف فاعل إرهابي جديد يسيطر على مشهد العنف منذ سنتين هو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصار ب»داعش». وبينما نجحت «داعش» في اكتساح واختراق جل بلدان المنطقة لا يزال المغرب محافظا على حصانته الأمنية رغم أن التهديد لا يزال واقعا قائما لا يمكن نفيه. لكن التفوق الأمني المغربي تجسد هذا العام بجلاء خصوصا بعد الدور الذي لعبته الأجهزة الأمنية المغربية في مساعدة السلطات الأمنية الفرنسية في الكشف عن أماكن تواجد الإرهابيين المتورطين في اعتداءات 11 نونبر في باريس. باريس هذه هي التي نالت منها الاعتداءات الإرهابية للمرة الثانية في ظرف شهور. هذا النجاح في مواجهة الظاهرة الإرهابية واستباقها وهذه السمعة الدولية التي أصبحت تتمتع بها أجهزة المخابرات الوطنية لم يواكبها على الصعيد المحلي والوطني جهد أكبر في محاربة الجريمة العادية. لقد خرجنا هذا العام من أجواء الاستنفار التي شهدتها سنة 2014 في مواجهة ظاهرة «التشرميل» التي عرفت حينها ما يشبه الحملة الأمنية الواسعة لاجتثاث كل مظاهر العنف المسلح خصوصا في أوساط المراهقين والشباب الذين بدأت مظاهر العنف تستهويهم وتتحول بفضل وسائط الاتصال الحديثة إلى ثقافة شعبية تدعو للتفاخر والانبهار. فالظاهر أن الجريمة العادية إن صح الوصف كالسرقات بالعنف وتجارة المخدرات والاغتصاب هي أكثر الجرائم التي مازالت تؤرق بال المواطن المغربي خصوصا في المدن الكبرى. ولا شك أن تنامي ظواهر الإجرام لا يسائل المؤسسة الأمنية وحدها بل يمتد كذلك إلى مسؤولية المؤسسة القضائية والسجنية والتربوية وغيرها، إلا أن المقاربة الأمنية في هذا المجال تحتاج إلى مزيد من التفكير في حلول غير تقليدية لا تقتصر فقط على البحث عن الجناة بعد ارتكابهم لجرائمهم وإنما العمل على سياسة استباقية شبيهة بتلك التي يتم من خلالها مواجهة الظاهرة الإرهابية. الانتخابات الجماعية.. الخاسرون والفائزون إذا كان هناك من لائحة للشخصيات الخاسرة في سنة 2015 فلا بد من أن يكون على رأس اللائحة الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط الذي خرج من الموعد السياسي والانتخابي هذا العام خاوي الوفاض ولا حتى بخفي حنين. الرجل الذي ملأ الفضاء السياسي والإعلامي منذ انتخاب الحكومة الحالية وتبنى كل الخطابات المناوئة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران خسر موقعه الذي كان يسمح له بالمناورة المحلية بعد أن سحقته الماكينة الانتخابية للعدالة والتنمية في عقر داره بمدينة فاس. سقط العمدة من على رأس العاصمة العلمية وتراجع حزبه إلى المرتبة الثانية خلف حزب الأصالة والمعاصرة وانحسر عدد المنتخبين الذين يمثلون حزب علال الفاسي في المدن الكبرى: في الدار البيضاء، فاس، مراكش، طنجة وغيرها من الحواضر. سقوط شباط اعتبره البعض مقدمة لسقوط الحزب العتيد الذي اشتهر بفعاليته الانتخابية وبدأت متاعبه عندما قرر بناء على توجيهات أمينه العام الخروج من التحالف الحكومي الذي كان منضما إليه وترك حليفه العدالة والتنمية يواجه تبعات الولاية الحكومية والإصلاحات اللاشعبية التي ينوي القيام بها. إلى جانب شباط والاستقلال تكرست في الانتخابات الجماعية التي جرت في 4 شتنبر الماضي خسارة قديمة جديدة هي تلك التي حلت بأهل اليسار الذين خرجوا من هذه الانتخابات مرة أخرى بحصيلة هزيلة تؤكد أن مستقبل المؤسسات والانتخابات في المغرب يميني ومحافظ بعيد عن الاشتراكية والاشتراكيين الذين تبقى عودتهم إلى الفعل والتأثير السياسي والانتخابي مرهونة بالحزب الكبير الذي لا يزال مجرد حلم بالنسبة للكثير من المناضلين والمناضلات. فلا الاتحاد الاشتراكي ولا قوى تحالف اليسار ولا حتى حزب التقدم والاشتراكية الذي تحالف مع الإسلاميين في الحكومة استطاعوا أن يواجهوا الماكينات الانتخابية لبعض الأحزاب اليمينية أو الإدارية التي أكدت خصوصا في العالم القروي احترافيتها وقوة شبكة الأعيان والنافذين التي تتوفر عليها. وإذا كان الاستقلال والاشتراكيون أكبر الخاسرين على الأقل سياسيا ومعنويا، فإن الفائزين الرئيسيين في الانتخابات الجماعية والجهوية هذه السنة كانا هما الغريمين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية. لقد أنصفت الصناديق حزب عبد الإله بنكيران في الحواضر والمدن بينما أعطت الأغلبية من الناخبين أصواتها لحزب الأصالة والمعاصرة في العالم القروي حيث العصبيات القبلية والعائلية والعرقية. فرغم حصوله على المرتبة الثالثة وراء حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال بدا حزب العدالة والتنمية قبيل وبعيد الإعلان عن النتائج أكبر الفائزين في الانتخابات الجماعية والجهوية. الانتصار الكبير والهام الذي حققه الإسلاميون يتمثل في فوزهم بالأغلبية في جل المجالس الجماعية للمدن الكبرى وخصوصا تلك التي تخضع لنظام وحدة المدينة. وهي المدن التي كان يسيرها بالأمس خصوم الإسلاميين من الأحزاب السياسية المنتمية أساسا إلى صفوف المعارضة. أما الفائز الثاني في هذه الانتخابات، فهو الحزب الحاصل على المرتبة الأولى حزب الأصالة والمعاصرة. لقد عاد حزب التراكتور من خلال الانتخابات الجماعية والجهوية ليؤكد ليس فقط قوته الانتخابية بل أيضا استمراريته وبقاءه في نطاق المنافسة السياسية بعد محنة الشرعية التي عاشها عقب الربيع العربي واحتجاجات 20 فبراير. حصد الباميون آلاف المقاعد في الانتخابات الجماعية رغم خسارتهم الفادحة في عدة مدن كبيرة، إلا أنه أكد مرة أخرى أنه ماكينة انتخابية مؤهلة للمزيد من المنافسة في كل المواعيد الانتخابية المقبلة. وهذا هو الدرس الأساسي الذي ظهر بجلاء أن المشهد السياسي يسير في اتجاهه. فقد اعتبرت الانتخابات الجماعية بمثابة مناورة أو مباراة تدريبية وحبية استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة التي يرى بعض المراقبين أن المنافسة فيها ستقتصر على المصباح والجرار. بشائر ونذر الاقتصاد..بترول بخس واستثمارات مديونية وجفاف تحسن طفيف في المؤشرات الماكرو اقتصادية واستمرار المشاكل البنيوية مثلما عرف بعض البشائر شهد العام الجاري مجموعة من النذر وعلامات الخطر التي تهدد الاقتصاد الوطني. فمن انخفاض أسعار البترول إلى استقطاب بعض الاستثمارات مثل مشروع «بوجو ستروين القنيطرة»، ومن ارتفاع مستويات الدين الخارجي والداخلي إلى موسم فلاحي مهدد بالجفاف، تبدو المؤشرات الاقتصادية متذبذبة ولا تبعث لا على الاطمئنان ولا على اليأس. في يونيو الماضي تم التوقيع على اتفاقية ستشرع بموجبها المجموعة الفرنسية «بوجو ستروين» بتعاون مع الحكومة المغربية وصندوق استثماري سيادي إماراتي، في تشييد مركب صناعي يضم وحدتين صناعيتين في المنطقة الصناعية بمدينة القنيطرة لتصنيع وتجميع السيارات منخفضة ومتوسطة الكلفة والتي ستشرع في عمليات الإنتاج بداية من سنة 2017. ويعتبر هذا المشروع إلى جانب مشروع «رونو طنجة» واحدا من نجاحات استقطاب الاستثمارات التي تبشر بإمكانية تسريع وتيرة القطاع الصناعي وخلق نسيج اقتصادي حديث يخرج من رحمة الاقتصاد الزراعي والريعي الذي ظل المغرب يعيش على إيقاعه منذ الاستقلال. هذا المشروع الصناعي الضخم يأتي في سياق بدأت تتحسن فيه مؤشرات مناخ الأعمال بالمغرب مما جعله مؤهلا رئيسيا على الصعيد القاري والإقليمي لاستقطاب المزيد من الاستثمارات. وإلى جانب الشق المتعلق بالاستثمارات، استفاد الاقتصاد الوطني والمالية الوطنية هذا العام من استمرار الانخفاض في أسعار البترول الذي وصلت أدنى مستوياتها منذ فترة طويلة، مما خفف بشكل كبير من عبء فاتورة الطاقة التي كانت دائما تعلة من التعلات التي تقدمها الحكومة للزيادة في أسعار المحروقات وما يرتبط بها من منتوجات. ويتزامن هذا الانخفاض في الأسعار الدولية مع تخلص الحكومة بشكل نهائي من دعم المحروقات وتحرير أسعارها في الأسواق المحلية، مما يساهم بدوره في توفير المزيد من السيولة المالية التي كانت ترهق الميزانية العامة وأصبحت اليوم عبئا على جيوب المواطنين. بالمقابل يكاد يهيمن على المشهد التحليلي للاقتصاد الوطني هاجس وحيد وأساسي يتعلق بالارتفاع الصاروخي الذي تعرفه المديونية الوطنية. إذ تتواصل التحذيرات من ارتفاع مديونية المغرب وخطورتها على مالية الدولة من طرف الهيئات والمؤسسات الاقتصادية والمالية التي كان آخرها مركز الظرفية الاقتصادية الذي اعتبر أن مديونية المغرب بلغت «مرحلة مقلقة»، مؤكدا أن الوضع الحالي لديون المملكة يجعل من ماليته العمومية «جد هشة وتحد من وتيرة النمو الاقتصادي بالمملكة». وذهب المركز في انتقاده لارتفاع مديونية المملكة إلى حد اعتبارها تهدد مستقبل الأجيال القادمة من أبناء المغاربة الذين سيولدون ليجدوا أن عليهم ديونا لم يكونوا مسؤولين عنها، مسجلا لجوء الدولة المستمر إلى الاقتراض لتصحيح عجز الميزانية. وقد بلغت المديونية العامة للمغرب أكثر من 720 مليار درهم خلال العام الماضي، بعد أن كانت في حدود 385 مليار درهم خلال سنة 2007، مسجلة ارتفاعا نسبته 9.3 في المائة، وباتت مديونية الدولة تمثل ثلاثة أضعاف المداخيل العادية للدولة. مركز الظرفية الاقتصادية توقع أن تعرف مديونية الدولة بعض الاستقرار في سنة 2017، لتتوقف عند نسبة 68 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وبعدها يمكن أن تبدأ في التراجع إلى نسبة 60 في المائة ابتداء من العام 2020. ودعا تقرير المركز الاقتصادي إلى «الحذر» من مواصلة الرفع من ديون المملكة، والتركيز على توجيه النفقات العمومية نحو أنشطة منتجة، مشيرا إلى أن نسبة المديونية العامة للدولة بلغت أكثر من 61.5 في المائة خلال سنة 2013، و63.4 في المائة خلال العام 2014، علما أنها لم تتعد 45.5 في المائة في سنة 2008. وتوقعت الوثيقة أنه في حال استمرار المنحى التصاعدي للديون العمومية، فإن الدولة «ستجد نفسها مجبرة على اعتماد سياسة التقشف التي يمكن أن تكون لها نتائج جد مكلفة». ويطفو على السطح النقاش حول خطورة مستويات المديونية واحتمالات نهج سياسة التقشف في وقت شرعت فيه الحكومة أصلا في التخفيف من أعبائها اتجاه النفقات العمومية من خلال رفع الدعم عن المواد الأساسية وتقليص المناصب المالية في قطاعات اجتماعية على رأسها التعليم والصحة وكذا تشجيع القطاع الخاص في كثير من الخدمات العمومية. إلا أن آخر المؤشرات الاقتصادية الظرفية التي يمكن أن تؤثر تأثيرا بالغا على الاقتصاد الوطني خلال الموسم الحالي هي ظاهرة الجفاف التي يبدو أنها قد تؤثر على حصيلة الموسم الفلاحي 2015-2016 بعد تأخر ملحوظ في التساقطات المطرية. وتأتي هذه الظرفية المناخية الاستثنائية عقب سنوات مطيرة عرفت فيها مستويات التساقطات أرقاما قياسية وسجلت فيها المحاصيل الفلاحية أرقاما كبيرة. وتعكس هذه المعضلة استمرار ارتباط الاقتصاد الوطني بالظروف المناخية الهشة التي يمكن أن يبلغ تأثيرها حد رفع أو تقليص مستويات النمو المسجلة سنويا. الجيش في عاصفة الحزم: المبادرة أو المغامرة المغرب اختار التموقع عسكريا بخوض حرب اليمن 2015 كانت سنة اختبار حقيقي للقوات المسلحة الملكية التي لم تخرج منذ سنوات خارج الحدود وتنخرط في حرب حقيقية بعيدا عن أرض الوطن، باستثناء تلك المشاركات التي كانت تحت مظلة الأممالمتحدة في بعض الدول الإفريقية كالكوت ديفوار أو في جمهوريات يوغسلافيا السابقة كالمشاركة ضمن قوات حفظ السلام بكوسوفو. لقد فرض الارتباط الاستراتيجي الوثيق بين المغرب ودول الخليج العربي اصطفاف المملكة إلى جانب ما سمي التحالف العربي من أجل إعادة الحكومة الشرعية إلى اليمن عقب الانقلاب الذي قام به الحوثيون حلفاء إيران ضد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. ففي 26 مارس الماضي دشنت قوى التحالف العربي الذي يضم الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والكويت والأردن ومصر والمغرب والسودان إضافة إلى باكستان، (دشنت) عمليات عسكرية ضد مواقع الحوثيين في اليمن اختارت لها المملكة العربية السعودية اسم عاصفة الحزم. كان انخراط المغرب في هذه العملية أمرا محتما بعد أن رأت حليفته السعودية في هذه العاصفة ضرورة مستعجلة للحفاظ على أمنها وحدودها من احتمالات التصعيد الحوثي والتوغل المدعوم من إيران. وجاءت موافقة المغرب على المشاركة في هذه العملية العسكرية استمرارا وامتدادا لتحالف سابق بدأت السعودية وبعض دول الخليج تبنيه قبل بضع سنوات في مواجهة تكتل مقابل تشرف عليه إيران يضم بدوره عددا من الدول العربية التي استقوى فيها المد الشيعي كالعراق وسوريا ولبنان. كما أن هذه المشاركة العسكرية كانت ترجمة لوتيرة التعاون وتمتين العلاقات التي نهجها المغرب مع دول الخليج في السنوات الأخيرة وهي العلاقات التي وصلت إلى حد اقتراح مجلس التعاون الخليجي على المغرب والأردن الانخراط كعضوين، إضافة إلى الاستفادة من حزمة من المساعدات المالية المباشرة وغير المباشرة. ورغم أن المشاركة المغربية في عاصفة الحزم تظل محدودة من الناحية البشرية واللوجستيكية إذا قورنت بنظيرتها المصرية، إلا أن هذا الالتزام المغربي اعتبر قرارا استراتيجيا حساسا جدا يمكن أن يكلف المغرب كثيرا، خصوصا في حال فشل الحملة العسكرية وعدم تحقيق أهدافها. وقد بدا بعد شهور من القتال في اليمن أن المعركة لا تزال متوازنة ولم يستطع أي من الأطراف أن يحسم المعركة لصالحه في ظل اقتصار عاصفة الحزم على الضربات الجوية دون توغل بري فعال. وكان المغرب من بين أول البلدان التي دفعت دماء جنودها في هذه المعركة. ففي يوم الأحد 10 ماي أعلن بلاغ للمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية عن فقدان طائرة مقاتلة من طراز «إف 16». وقال البلاغ إن الطائرة «تابعة لسرب القوات المسلحة الملكية، كانت رهن إشارة التحالف الذي تقوده العربية السعودية في اليمن». تبين لاحقا أن الطيار الراحل ياسين بحتي لم يستطع القفز من طائرته التي استهدفتها المضادات الجوية للقوات الحوثية في اليمن فقضى شهيدا هناك قبل أن يتم تسليم جثمانه للسلطات السعودية ثم يتم ترحيله إلى المغرب. اختار المغرب التموقع عسكريا إضافة إلى التموقع الدبلوماسي والسياسي والخروج من سياسة التقوقع على الذات والانغلاق والحياد فيما يتعلق بالصراعات العربية العربية. وإذا كان في هذا النهج قدر معين من المبادرة والفعل والتقدمية إلا أنه يستلزم في الوقت ذاته التساؤل حول آفاق هذا الانخراط والالتزام إلى جانب بعض القوى العربية التي تصارع في واقع الحال من أجل الحفاظ على استقرارها والحد من احتمالات تأثرها بتداعيات الربيع العربي الذي نجح المغرب في تجاوزه بفضل تركيبته الداخلية. لأجل ذلك يرى بعض المحللين أن هذه المشاركة المغربية يجب أن تظل في حدود لا تحولها إلى مغامرة حقيقية. 2015.. وزراء سجلوا براءات اختراع لمفردات وعبارات كانت مادة لسخرية المغاربة وزراء مغاربة ومسؤولون حكوميون، أبدعوا خلال سنة 2015 في خرجاتهم الإعلامية أوفي قبة البرلمان بقبتيه، من خلال مفردات جديدة، حصلوا بها على براءة اختراعهم ولهم كامل حقوق ملكيتها. زلات لسان أو إجابات غير مدروسة ومتسرعة، حولتهم إلى مادة ل"السخرية"، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لدى العديد من النشطاء المغاربة، كل من موقعه وحسب توجهاته الفكرية والسياسية في التعامل مع زلة اللسان أو الكلمة التي سقطت سهوا من فم وزير أو مسؤول. لم يمر أسبوع أو شهر أو حتى يوم من دون أن يوقع وزير شهادة ميلاد كلمة أو عبارة، قد تكون زلة لسان أو ارتباك في الإجابة أو رد عفوي غير محسوب أو ردة فعل قوية أو حتى « حشيان الهضرة» كانت مرة في إطار صراع ومشادات كلامية بين سياسيين ومرات هي هفوات لغوية أو تعبيرية للوزراء، الذين لم يكن في وسع غالبيتهم غير الاعتذار عنها وسحبها، رغبة منهم في إيقاف سلسلة الهجمات التي توجه لهم من قبل مغاربة وجدوا في الفضاء الأزرق ساحتهم للتعبير عما يرونه صحيحا وخطأ والتوضيح كذلك، ومنهم من استطاع دخول موسوعات إعلامية «ويكيبيديا»، كما كانت كلماته مادة دسمة للعديد من المقالات التي أدخلت العديد منهم في مقارنات بين سياسيين عرفوا بكلامهم الموزون وبينهم وزراء اليوم الذين اتسم غالبيتهم بصفة « غير جيب آفم وقول» . مرة استعلاء ومرة استخفافا بالمواطنين البسطاء. جوج فرانك تمكنت شرفات أفيلال (الوزيرة منتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة والمكلفة بالماء) من دخول موسوعة «ويكيبيديا» بفعل كلمتها «جوج فرنك» التي أدرجتها الموسوعة لسيرتها السيرة الذاتية في رسم لمسار الوزيرة التقدمية وأدرجت موسوعة «ويكبيديا» العالمية ، عبارة «جوج فرنك والشعبوية» وذلك بعد اعتبار أفيلال معاش البرلمانيين الذي يبلغ حوالي 8000 درهما مجرد «جوج فرنك»، هذه الأخيرة التي ردت بها الوزيرة على سؤال –حين استضافتها في برنامج»ضيف الأولى» الذي يبث على القناة الأولى- ويتعلق بإشكالية اقتصاد الريع في المغرب، وعن راتب البرلمانيين والوزراء، ومسألة تقاعدهم من الوزارة والبرلمان مدى الحياة، فردت الوزيرة بعبارة أن تقاعد البرلمانيين ماهو إلا «جوج فرنك» تبخيسا منها للمبلغ المادي، الشيء الذي جر على الوزيرة المنتدبة موجة من الانتقادات التي ذهبت في أغلبها إلى أن تصريح الوزيرة فيه استصغار لهموم المواطنين واستسهالا لأموالهم بصفاتهم كدافعي الضرائب. وبينما عجت مواقع التواصل الاجتماعي بمبادرات منتقدة وساخرة من إجابات شرفات أفيلال، وطدت موسوعة «ويكيبيديا» لحضور الوزيرة المنتدبة ضمن مقالاتها تحت عنوان «قضية جوج فرنك والشعبوية». وبعدها بأيام فقط أعلنت شرفات أفيلال، أنها تسحب عبارة «جوج فرنك»، التي وظفتها وهي تتحدث في برنامج تلفزيوني عن معاشات البرلمانيين والوزراء، بعدما جرت عليها وابلا من انتقادات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
«تْهزّات تْفعَفْعات» أثارت تصريحات وزير الشؤون الخارجية والتعاون،صلاح الدين مزوار،على قناة مغربية،سخرية نشطاء الفايسبوك المغاربة حينما تحدث عن الاتصال الهاتفي الذي جمعه بوزيرة الخارجية السويدية، حيث قال مزوار إن وزيرة الخارجية قد اتصلت به، وأخبرته أن السويد لا نية لها في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية، وان على المغرب ان يبادر إلى إلغاء مقاطعته للمنتجات السويدية، وفتح المجال لتعاون أكبر. لكن وزير الخارجية صلاح الدين مزوار أكد لها في اتصال هاتفي، أن القرار يخص الحكومة، وعلى دولة السويد أن تكون واضحة في قراراتها، وأن يتم الاتفاق بشكل لا غموض فيه وأضاف مزوار بالقول إن وزيرة الخارجية السويدية لما سمعت هذا الكلام «تْهزات وتْفعفعات». «انت جوج ديال الأصْفار» تحول وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة ، مصطفى الخلفي، إلى مادة ل»السخرية»، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لدى العديد من النشطاء المغاربة، وذلك على خلفية ظهوره الذي وصف بالباهت في لقاء على القناة الفرنسة» Europe1» واعتبر الناشطون من خلال الشريط الذي تم تداوله أن الوزير الخلفي، وهو المسؤول على «التواصل والاتصال»، قد عجز بشكل واضح وجلي على مجارات الحوار، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، مما أثار غضب الكثيرين، الذين وصفوا حضوره الإعلامي ب»المهزلة». ووصف أحد النشطاء، الوزير المعني، بلقب «الخلفي لافونير»، في إشارة إلى عبارة « l'avenir « التي ظل يرددها الوزير كلما واجهه الصحفي الفرنسي بسؤال عن موضوع يتعلق بآفاق العلاقات المغربية الفرنسية. وهناك من النشطاء من ركب صورة للوزير، وهو يتوسط قارورتي «شامبوان»من نوع «clear» في إشارة إلى عبارة «je suis claire» التي رددها الخلفي بعد أن حاصره الصحفي الفرنسي بسؤال يهم فرنسا. «je ne connait pas l' arabe» امتنع رشيد بلمختار عن الحديث باللغة العربية أمام صحفية بقناة فرانس 24 الناطقة باللغة العربية، حين مطالبتها له ترجمة تصريحه باللغة العربية بقوله» je ne connais pas l'arabe» وذلك حين تغطيتها لحفل توشيح الأميرة اللامريم لثلاث شخصيات: مسلم ومسيحي ويهودي بمعهد العالم العربي بباريس . القصة أصبحت طرفة ومثار سخرية لدى الصحافة الفرنسية التي لم تستوعب وجود وزير في حكومة مغربية لا يعرف اللغة الرسمية في بلاده، فعندما أخذت صحافية القناة تصريحا لبلمختار بالفرنسية، طلبت منه أن يعيد التصريح نفسه بالعربية لتوظيفه في النشرة الإخبارية في القسم العربي في القناة، لكن وزير التعليم رد عليها ببرودة قائلا: «عفوا أنا لا أعرف العربية» ..(je ne connais pas l'arabe). «العربية دْيالكم كاتْدير ليا السْخانة « قالت «حكيمة الحيطي» الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة أن حديثها باللغة العربية يسبب لها ارتفاعا في درجة حرارة جسمها. جاء قولها ذلك بينما كانت تتكلم باللغة الفرنسية، خلال ندوة صحفية بمدينة الصخيرات، محاولة منها التهرب من الإجابة عن سؤال باللغة العربية، مفضلة الاستعانة باللغة الفرنسية، بحضور عشرات الصحافيين. وتأتي الواقعة، في ظرف يشهد حالة شد وجذب بين أنصار اللغة العربية وحماة الفرانكفونية، بعد مقترح اعتماد اللهجة الدارجة في التدريس، وهو ما أثار غضب دعاة التعريب. وينص دستور المملكة في المادة الخامسة منه على رسمية اللغة العربية والى جانبها اللغة الأمازيغية، وهو ما دفع بمتتبعين على مواقع التواصل وفي مواقع إخبارية إلى التعليق على تصرف الوزيرة بتهربها من الإجابة بالعربية اللغة الرسمية للبلاد حسب الدستور، واعتمادها لغة أجنبية، بأنها قد «أهانت لغة الدستور». « كانسرح بنادم» قال عبد السلام الصديقي (وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية) في حوار لإذاعة مغربية، أنه كان راعيا للأغنام في صغره، ولما سأله منشط البرنامج «شنو كاتسرح»، فأجابه وزير التشغيل ساخرا:»كانسْرح بنادم لا يتوضر ليا....» وزاد قائلا، أنه يتقاضى 5 ملايين ونصف، «كيتبرع بها هو أو وليداتو» !، مستدركا كلامه، للصحفي المحاور،:» واش بغيتي نلبس بحالك صباط ممْسيريش؟»، الشيء الذي اعتبره المغاربة إهانة لهم وتعبير صارخ منه على التكبر. ليقوم فيما بعد الوزير بتقديم اعتذار من خلال صفحته عما إذا كان كلامه قد شكل إساءة للمغاربة لأن قصده هو أنه «كايْسرح وْلاده» «جو سْوي كْلير» تحول وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة ، مصطفى الخلفي، إلى مادة ل»السخرية»، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لدى العديد من النشطاء المغاربة، وذلك على خلفية ظهوره الذي وصف بالباهت في لقاء على القناة الفرنسة» Europe1» واعتبر الناشطون من خلال الشريط الذي تم تداوله أن الوزير الخلفي، وهو المسؤول على «التواصل والاتصال»، قد عجز بشكل واضح وجلي على مجارات الحوار، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، مما أثار غضب الكثيرين، الذين وصفوا حضوره الإعلامي ب»المهزلة». ووصف أحد النشطاء، الوزير المعني، بلقب «الخلفي لافونير»، في إشارة إلى عبارة « l'avenir « التي ظل يرددها الوزير كلما واجهه الصحفي الفرنسي بسؤال عن موضوع يتعلق بآفاق العلاقات المغربية الفرنسية. وهناك من النشطاء من ركب صورة للوزير، وهو يتوسط قارورتي «شامبوان»من نوع «clear» في إشارة إلى عبارة «je suis claire» التي رددها الخلفي بعد أن حاصره الصحفي الفرنسي بسؤال يهم فرنسا. «الطابليت» وقصة جحا والحمار رد لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر،على الانتقادات الموجهة لبرنامج «لوحتي» بتشبيه المنتقدين بالناس في قصة « جحا والحمار» وقال الداودي في تصريح للموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية إن « المنافسة كانت شديدة والذين تم اختيارهم لبيع اللوحات الإلكترونية قدموا أجود عرض وأقل ثمنا»، موضحا أنه « ليس دعما للطلبة وإنما تخفيض للطلبة». واتهم وزير التعليم العالي بأن من نشر « هذه الشائعات هم بعض الموزعين الخائفون من ضياع السوق من بين أيديهم خاصة وأن البرنامج موجه لمليون و 400 طالب» كما ورد في رده.