بادرت سلطات مدينة الدارالبيضاء إلى اتخاذ قرار يقضي بمنع «التيفوهات» في مباريات فريقي الوداد والرجاء بملعب محمد الخامس، على خلفية أعمال الشغب التي أعقبت مباراة الديربي التي جمعت بين الفريقين يوم الأحد الماضي. السلطات بررت قرار المنع بفحوى الرسائل التي رفعت في مباراة الديربي، والتي ساهمت على حد قولها في تأجيج فتيل الشغب. والسؤال اليوم، هل بمنع رفع التيفوهات في ملعب محمد الخامس سيتم القضاء على الشغب، وهل الشغب الذي عرفته المباراة بسبب التيفوهات فقط، أم أن له أسبابا أخرى؟ بداية لا يمكن إلا أن ندين الرسائل العنصرية التي ميزت تيفوهات الديربي، وهي الرسائل التي كانت لدى الطرفين معا، وإن ظهرت بشكل أكثر حدة في تيفو جمهور الوداد، فكرة القدم مجال للفرجة والمتعة ولا يمكن أن تتحول أبدا إلى مجال لتمرير مثل هذه الرسائل المرفوضة. لكن مع ذلك، هناك جملة من الملاحظات التي يمكن إبداؤها.. لقد أعطت التيفوهات رونقا لكرة القدم ومنحتها جمالية كبيرة، وبدل إصدار قرار بمنعها بشكل نهائي، يجب مساءلة من سمح بتمرير هذه الرسائل، علما أن السلطات الأمنية من المفروض أن تكون على دراية بمضامين التيفوهات، خصوصا أن هناك وحدات ترافق الإلترات وتنسق معها. فما الذي يمنع السلطات الأمنية من المراقبة القبلية، ثم ما الذي جعل ثقة السلطات كبيرة في الإلترات إلى الحد الذي جعلها تسمح ببقاء السلالم في المدرجات، مع أنه من المفروض أن تختفي بعد أن يتم رفع «التيفو»، وألا يمكن الاتفاق مع الإلترات على أن تعمل بوضوح، رغم أن هناك من سيخرج ليقول إن من مبادئها العمل في سرية، ودون مساطر إدارية، لكن هذه الإلترات لا تتردد في بيع منتوجاتها، كما أن نواتها الصلبة تجني الكثير من المال. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص، حينها يمكن إصدار قرار المنع. هناك أيضا أسئلة مازالت تحتاج إلى أجوبة، وبينها كيف تسلل 26 ألف متفرج إلى داخل المدرجات دون تذاكر، وهل كان عدد رجال الأمن كافيا لتغطية الديربي، ثم ألم تكن هناك ثقة مفرطة من السلطات الأمنية، ومن سمح بدخول القاصرين رغم أن هناك مذكرة تمنعهم من ذلك؟ أما الأهم فهو أن محاربة الشغب تحتاج إلى استراتيجية شاملة تضم العديد من القطاعات، وتحتاج إلى مسؤولين لديهم الإرادة لمحاربته، لا توفير عوامل نموه، كما أن بعض الإلترات في حاجة إلى مراجعة شاملة، خصوصا أنها تعتبر نفسها فوق القانون، وتساهم في التحريض والشغب، الذي يحركه الراشدون، ويذهب ضحية له القاصرون.