بعد ما يربو عن سنتين من الصراع، تمكن محامو المملكة من إرغام مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، على رفع مبالغ الاعتمادات المالية المخصصة لتغطية الأتعاب المعتبرة بمثابة مصاريف مدفوعة من طرف المحامين، مقابل الخدمات التي يقدمونها في إطار المساعدة القضائية. ويكشف مشروع مرسوم أعدته وزارة العدل، بتنسيق مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب ووزارة الاقتصاد والمالية، وينتظر أن يصادق عليه مجلس الحكومة القادم، عن تقديم الرميد العديد من التنازلات من أجل إنهاء خلافه مع أصحاب البذلة السوداء واحتجاجاتهم، وذلك برفع سقف الأتعاب المستحقة في إطار المساعدة القضائية إلى 2500 درهم عن القضايا المعروضة أمام المجلس الأعلى، بزيادة 500 درهم عن المبلغ الذي كان قد حدد خلال النسخة الأولى من مشروع المرسوم، وهي النسخة التي ووجهت برفض المحامين. بالمقابل، خصص مشروع المرسوم مبلغ 2000 درهم للقضايا التي يترافع بشأنها المحامون في إطار المساعدة القضائية أمام محاكم الاستئناف بالمملكة، خلافا لما كان عليه الأمر في النسخة الأولى، حيث تم تخصيص مبلغ 1500 درهم. أما بالنسبة للقضايا المعروضة أمام المحاكم الابتدائية، فتم تخصيص مبلغ 1500 درهم عوض 1000 درهم. ويبدو لافتا، من خلال مرسوم المشروع، الذي جاء بعد إلغاء الرميد للمرسوم الأول للمساعدة القضائية جراء رفض المحامين له بالرغم من تكلفته المرتفعة على خزينة الدولة، فتح المشروع إمكانية مراجعة المبالغ المخصص للمساعدة القضائية كل سنتين بقرار مشترك لوزير العدل والحريات ووزير المالية بعد التشاور مع هيئة المحامين. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الرميد يطمع في الظفر بدعم المحامين في معركة إقرار مشروع القانون الجنائي والمسطرة الجنائية المنتظر إحالته على المؤسسة التشريعية خلال السنة التشريعية الحالية، تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2016 الاعتمادات المالية المتعلقة بالمساعدة القضائية في الباب المخصص لميزانية وزارة العدل والحريات. من جهة أخرى، يكشف مشروع المرسوم أن صرف الاعتمادات المالية بخصوص المساعدة القضائية سيتم بتفويض من وزير العدل للآمرين بالصرف على أن يتم توزيعها على مختلف هيئات المحامين بعد التشاور معها. ويأتي مشروع المرسوم بعد مشاورات فتحها الرميد مع جمعية هيئات المحامين في ماي الماضي، وكذا بعد مطالبة محمد أقديم، خلال استقباله بمعية المكتب الجديد لجمعية المحامين، من قبل الرميد بمقر الوزارة في مارس الفائت، بإعادة فتح موضوع المساعدة القضائية من جديد، حيث اتفق الطرفان على تقديم الجمعية مقترحات جديدة من أجل دراستها مع الوزارة ومصالح وزارة الاقتصاد والمالية. جدير ذكره أن مرسوم المساعدة القضائية، الذي صادق عليه مجلس الحكومة في 6 مارس 2013، كان قد قوبل بالرفض والاحتجاج من قبل المحامين، باعتباره مسا صريحا بمبادئ الحرية والاستقلال، وهي المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المهنة، وذلك بتدخل جهات إدارية في أمور هي من صميم الشأن المهني الموكول حصرا إلى المؤسسات المهنية، بالإضافة إلى المس بصلاحيات المؤسسات المهنية، خاصة صلاحيات النقباء في ما يتعلق بتحديد أتعاب المحامين المعينين في إطار المساعدة القضائية.