خصص الموقع الإلكتروني الإسباني «20 دقيقة» مؤخرا، حيزا هاما للحديث عن الجوهرة السوداء المرحوم العربي بن مبارك، في ركن «رياضيون منسيون»، بالاستعانة بكتاب «أساطير فريق أتلتيكو مدريد» للمؤلفين الإسبانيين ناتشومونطيرو، وميغيل أنخيل غيخارو، حيث يعتبرهذا الكتاب مرجعا رياضيا رئيسيا لجماهيرفريق الأتليتي. وأبرزالموقع الإلكتروني، أن المغربي بن مبارك أسطورة فريق أتلتيكومدريد، يعد واحدا من أفضل اللاعبين الذين مروا من نادي «الكولتشونيرو» كما يحلولعشاق النادي تسميته. وكان المرحوم عبد القادرالعربي بن مبارك رأى النور بمدينة الدارالبيضاء، أيام الإستعمار الفرنسي، وبالضبط يوم 16 يونيو1914، رغم أن هذا التاريخ ليس دقيقا لأن هناك مصادر أيضا أشارت إلى أن تاريخ ميلاده هو2015 وأخرى 2016 وحتى 2017 في حين أن يوم ازدياده موثوق منه. والمرحوم بن مبارك هوابن لأب كان يعمل نجارا، وبدأ بدايته بمزاولة الكرة بأحياء مدينته الأصلية الدارالبيضاء، حيث كان يمارس لعبة كرة القدم حافي القدمين، لكن فقدانه لوالده عندما كان طفلا فرض عليه الخروج إلى العمل في سن مبكرة. وفي السياق ذاته، كانت بداية بن مبارك مع فريق إيديال كازابلانكا سنة 1934، وهوفريق متواضع بمدينته، وفي أول ظهور له واجه فريق إيديال كازابلانكا، فريق الإتحاد الرياضي المغربي (اليسام) الذي كان يعتبرأحسن فريق في تلك الفترة على الصعيد القاري، ولعب المرحوم بن مبارك هذه المباراة حافي القدمين لأنه لم يكن مرتاحا للعب بالأحذية الرياضية، وتألق بتسجيله لهدفين حيث أشادت الصحافة الرياضية المغربية الصادرة في تلك الحقبة بموهبة الجوهرة السوداء، ثم انضم سنة 1935 إلى فريق الإتحاد الرياضي المغربي، مقابل الحصول على عمل بمحطة للوقود. وأمضى بن مبارك عامه الأول مع الفريق الرديف للإتحاد الرياضي المغربي، ولم يمنعه ذلك من اللعب للمنتخب الوطني المغربي فقط في المباريات الودية نظرا لأن المغرب كان مستعمرة فرنسية في تلك الحقبة، ثم انضم في العام الموالي إلى الفريق الأول لليسام أوالإتحاد الرياضي المغربي، مما أثاراهتمام عدة أندية بالعاصمة الإقتصادية بمؤهلاته. وفي سنة 1937، تقدم فريق أولمبيك مرسيليا الفرنسي بعرض رسمي لجلب الجوهرة السوداء بن مبارك، لكن فريق «اليسام» رفض هذا العرض لكن سرعان ما سينتقل بن مبارك عاما بعد ذلك إلى فريق أولمبيك مرسيليا مقابل 44 ألف فرنك فرنسي. وبعد بضعة أشهر من انضمامه إلى فريق مرسيليا ستتم المناداة على بن مبارك إلى المنتخب الفرنسي، حيث لعب أولى مبارياته مع منتخب «الديكة» أمام المنتخب الإيطالي بمدينة نابولي، وهكذا كانت بداية علاقته مع المنتخب الفرنسي التي استمرت لأزيد من 15 سنة، مع العلم أنه في تلك الحقبة لم يكن هناك أي لاعب فرنسي سبق له حمل الشارة الدولية لمدة طويلة. وتوقف الموقع الإسباني، للحديث عن الشلل الذي أصاب كرة القدم بأوروبا سنة 1939 بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، مما جعل المرحوم بن مبارك يعود إلى المغرب حيث انضم إلى فريقه السابق اليسام، غير أنه بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، أبدى المدرب الأسطوري الإسباني الأرجنتيني هيلينيو هيريرا رغبته في جلب بن مبارك، وبعد إلحاح شديد نجح في جلبه إلى فرنسا من جديد، وتحديدا للإلتحاق بفريق ستاد باريس الفرنسي الذي قضى معه ثلاث مواسم. وفي يوم 6 ماي 1948، خاض فريق ستاد باريس الفرنسي مباراة حبية بمدينة مدريد أمام فريق أتلتيكومدريد، وفي ذلك اليوم تلاعب المغربي بن مبارك كما شاء بدفاع الفريق» الروخي بلانكو» مما جعل أحد مسيري فريق أتلتيكومدريد يقف من مكانه بالمنصة الشرفية للملعب ويصيح بأعلى صوته: «يجب جلب هذا اللاعب الأسود!» وهوما تم بالفعل قولا وفعلا، حيث في نفس هذا العام دفع فريق الأتليتي 17 مليون فرنك فرنسي للحصول على خدمات الجوهرة السوداء بن مبارك الذي كان عمره آنذاك 31 سنة في زمن آخر. وفي سياق متصل، عرف المرحوم بن مبارك بلقب «الجوهرة السوداء» حيث أصبح نجما بدون منازع لفريق أتلتيكومدريد، بجوارالسويدي هنري كارلسون الذي تم جلبه سنة 1949 وساهما معا في إشعاع كرة القدم الإسبانية، وكانت الملاعب تمتلئ عن آخرها فقط لمشاهدة المغربي بن مبارك يقوم بمداعبة الكرة. وسجل بن مبارك في موسمه الأول 6 أهداف من أصل 18 مباراة خاضها مع فريق «الكولتشونيرو»، وفي موسم (19491950) سجل 11 هدف ثم ارتفع رصيده من الأهداف بقميص «الروخي بلانكو» إلى 14 هدف (موسم 19501951) ساهمت بشكل أساسي في تتويج فريق أتلتيكومدريد بلقب دوري الليغا الإسباني لموسمين متتاليين، وفي موسمه الأخيرينبغي تسليط الضوء على الهدفين التاريخين اللذان أحرزهما بن مبارك أمام الجارالتقليدي فريق ريال مدريد بعقرداره، في مباراة انتهت بانتصارفريق أتلتيكومدريد بستة أهداف مقابل ثلاثة، حيث احتفل بن مبارك على طريقته الخاصة بعد تسجيل هدفه الثاني على فريق ريال مدريد أمام أعين مدربه الإسباني الأرجنتيني هيلينيوهيريرا مدرب فريق أتلتيكومدريد في تلك الفترة. وأنهى الجوهرة السوداء بن مبارك موسم (19511952) مع فريق الأتليتيك بتسجيله لثلاث عشرهدفا والتتويج بالكأس اللاتينية، وفي الموسم الموالي سجل عشرة أهداف من أصل تسعة مباريات وعمره آنذاك 40 سنة، لكن المرحوم بن مبارك لم يتمكن من البقاء بالعاصمة المدريدية بعد عودته من جديد إلى فريق أولمبيك مرسيليا الذي أمضى معه موسمين إضافيين، أما في سنة 1954 لعب آخرمبارياته الدولية مع المنتخب الفرنسي رغم أنه لعب موسم آخربعد ذلك (19551956) بصفوف فريق الإتحاد الرياضي لبلعباس الجزائري، وبعد تجربتين قصيرتين مع فريقي سطاد المغربي واتحاد الفتح الرياضي الرباطي سيعتزل الكرة كلاعب سنة 1957. ومباشرة بعد ذلك، سيلج المرحوم العربي بن مبارك عالم التدريب حيث أشرف على تدريب المنتخب الوطني المغربي بعد الإستقلال، لكن الحياة لم تبتسم له حيث عاش رحمه الله أرملا مرتين وأيضا فقد أبنائه في حياته، وقضى المرحوم بن مبارك السنوات الأخيرة من عمره وحيدا بمدينته الأصلية الدارالبيضاء، وهكذا ظل يشعربالوحدة إلى أن توفي بمنزله، وظل أسبوع بمنزله بعد وفاته قبل اكتشاف جثته حيث حدد يوم 16 دجنبرمن عام 1992 كتاريخ لوفاته، ليمنحه الإتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ستة سنوات بعد ذلك ميدالية وسام الإستحقاق تقديرا له على خدماته في عالم الكرة.