في جو رهيب، ووري جثمان الزجال المغربي محمد الزياتي الإدريسي الثرى بمقبرة لعلو بالرباط أمس الجمعة. وكان موكب الجنازة قد انطلق من مسجد الشهداء بالأوداية، بحضور كثيف لأصدقائه وذويه، وخاصة من الوسط الفني، وفي مقدمتهم الإخوان ميكري الذين كان لهم به ارتباط فني، وبالأخص يونس ميكري الذي لحن له العديد من القطع، وعلى رأسها «ليلي طويل»، التي ذاع صيتها على المستوى العالمي، وتعرضت موسيقاها للسرقة بإذن وبدون إذن من مؤلفها، ونذكر من بينهم مجموعة (البوهيم) التي وظفت ألحان هذه الأغنية في بعض ألبوماتها سنة 1981، مما جعل ميكري يرفع دعوى قضائية ضذ هذه المجموعة. يونس ميكري الذي تأثر لهذا المصاب الجلل، قال في تصريح ل«المساء»: «لقد كان المرحوم محمد الزياتي صديقا وأخا أضعه في مرتبة أشقائي حسن ومحمود»، مبرزا أن مسيرته الفنية ارتبطت بالمرحوم بداية السبعينيات، وأنه تعلم من الزياتي الحديث بالعربية، فيما تعلم منه المرحوم الحديث بالفرنسية، ليستطيعا بذلك تذويب حاجز التواصل الذي يقول عنه إنه كان حميميا، موضحا أن كلمات الراحل الزجلية كانت تتماشى مع الإخوان ميكري أكثر من غيرهم من الملحنين، وهذا سر نجاح الأغاني التي قدمناها برفقة الفقيد. يذكر أن الراحل توفي عن عمر يناهز 65 سنة، وكان يشتغل في سلك التعليم الابتدائي كأستاذ، وهو أب لثلاثة أبناء (بنتين وولد) سار على درب والده المطرب عبد اللطيف الزياتي. وكان المرحوم يعاني من أمراض الجهاز التنفسي، ويعرف عنه أنه كان يدخن بشراهة، وهذا ما ضاعف من وضعه الصحي، وشاءت الأقدار أن يتزامن يوم ولادته مع يوم وفاته يوم الخميس 24 دجنبر. بالإضافة إلى الإخوان ميكري، تعامل الراحل الزياتي الإدريسي مع عدد من الملحنين، من بينهم عبد الله عصامي وعز الدين المنتصر ومحمد بلخياط وأحمد العلوي، والمطربين عبد الهادي بلخياط ومحمود الإدريسي ونعيمة سميح ولطيفة رأفت ومحمد الغاوي ونعمان لحلو وبشرى غزال وغيرهم. وإضافة إلى المقالات والخواطر والقصائد الزجلية التي كان ينشرها في العديد من الصحف الوطنية، كما ذكرت قصاصة لوكالة المغرب العربي، «فقد خلف الراحل ديوان زجل غنائي عنونه ب«ليلي طويل» المقطوعة التي بلغت شهرتها الآفاق بكلماتها الرقيقة العذبة ولحنها البديع المنساب، وكرست مكانته في الزجل المغربي، والتي حازت سنة 1972 على الأسطوانة الذهبية العالمية. ومن بين المقطوعات الزجلية التي تضمنها الديوان والتي وضعت لها الألحان وشدا بها المطربون المغاربة «ملاك» و«لا تكونش أناني» و«سرب الحمام» و«إياك تنسى» و»خطوة بخطوة» و«نغمة هوى» و«باغيا نحب» و«احنا اولاد اليوم». وكان الزجال المغربي الراحل، المعروف بإنتاجه الشعري الغزير والمتنوع وزجلياته المتميزة، يحرص على كتابة قصائده ومقطوعاته باللغة الثالثة التي ليست بالفصيح الذي يصعب فهمه ولا بالدارجة التي لا ترتاح لها الأسماع. كان الراحل محمد الزياتي الإدريسي يؤمن بأن الشاعر يحتاج إلى توفر الإحساس الصادق المرهف مع المعاناة والشعور الواعي بمادته زيادة على التمكن من أدواته الأدبية والتقنية». وكانت النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة قد أقامت له حفلا خاصا لتوقيع ديوانه الشعري الزجلي، وذلك على هامش المهرجان الوطني للأغنية المغربية بمراكش سنة 1992.