دعا عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إلى عدم إضاعة الوقت في المشاورات التي تهم الإصلاحات الهيكلية، والتي تكتسي طابعا استعجاليا من قبيل إصلاح أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة، في إشارة منه إلى النقاش الدائر بين الحكومات والفرقاء الاجتماعيين في هذا المجال. وقال الجواهري، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، المنعقد يوم الأربعاء الماضي «لا ينبغي أن نظل نتحدث عن إصلاح المقاصة والإصلاحات الهيكلية لأنها من المسلمات ومناقشتها تضييع للوقت». ومن بين المشاكل الهيكلية الأخرى التي تحدث عنها الجواهري التعليم، الذي اعتبر أن إشكال النمو مرتبط أساسا به، منتقدا السياسة التعليمية المعتمدة بالمغرب عبر قوله «يجب حل مشكل التعليم في أقرب وقت لأن النظام المعتمد اليوم يبعدنا عن ركب الدول الصاعدة». وبخصوص البنوك التشاركية، كشف والي بنك المغرب، أن الملك محمد السادس أعطى موافقته حول هذه البنوك، غير أن ذلك يتطلب أن يكون هذا المنتوج منسجما مع القوانين المعتمدة في السياسة النقدية ومع المذهب المالكي. وعبر الجواهري عن استغرابه مما يتم تداوله من وجود ضغط لوبي الأبناك ضد هذا النوع من البنوك، مضيفا «هذه الأبناك لا تخيفنا وإذا كان هناك جزء من المغاربة يرغبون فيها فلماذا لا نلبي طلباتهم». ورفض المتحدث ذاته تسييس الملف وربط هذه الأمور بالعقيدة، على اعتبار أن الذين يستثمرون في مجال البنوك التشاركية يهمهم «البزنس»، مشيرا إلى أنه يتم التهيئ لإخراج هذه البنوك، عن طريق الحسم في الطريقة التي سيتم بها الإشهار وكذا إصلاح القانون وتكوين العلماء وإعادة التمويل. ودافع والي بنك المغرب عن استقلالية بنك المغرب عن الحكومة واعتبره خيارا استراتيجيا، وذلك في رده على عبد العزيز أفتاتي الذي أكد أنه لا بد من خضوع بنك المغرب للمراقبة، على اعتبار أن هامش الخط وارد مقدما مثال بريطانيا التي تراجعت عن مبدأ الاستقلالية في المجال. وجوابا على الاحتكار الذي تعرفه ثلاثة بنوك، قال والي بنك المغرب «أنا دافعت عن الاحتكار، ولولاه وتوسيع القاعدة لم نكن لنتمكن من ولوج إفريقيا، ونحن أقل من الدول في الاحتكار لأن الربح الصافي لهذه البنوك لا يتعدى 9 مليارات درهم«. ومن جهة أخرى، تطرق الجواهري إلى أنه يتم حاليا العمل على تعديل القانون الأساسي لبنك المغرب، والذي يأخذ في الاعتبار الدروس التي تم استخلاصها من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة بغية ملاءمة هذا القانون مع أفضل المعايير الدولية، من خلال تعزيز استقلالية بنك المغرب بمنحه على الخصوص سلطة تحديد استقرار الأسعار وتوسيع مهامه لتشمل الاستقرار المالي، الذي أصبح يشكل انشغالا رئيسيا منذ الأزمة المالية الأخيرة. ومن بين الآفاق التي تحدث عنها الجواهري الانتقال إلى نظام صرف أكثر مرونة مما من شأنه أن يمكن من امتصاص الصدمات الخارجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن هذا الانتقال ليس بالأمر السهل وهو ما يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط الأساسية من أهمها «التحكم الدائم في التوازنات الماكرو اقتصادية خاصة على مستوى المالية العمومية، وإعادة تكوين مستوى كاف من احتياطات الصرف والتوفر على قطاع بنكي قوي ومتين، فضلا عن الإعداد الجيد للفاعلين في مجال تدبير مخاطر الصرف.