إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدخول السياسي.. ملفات حارقة على طاولة بنكيران
نشر في المساء يوم 12 - 10 - 2015

ستجد حكومة عبد الإله بنكيران نفسها أمام دخول سياسي صعب جدا في أجندة مليئة لاشك أنها ستثير الكثير من الجدل من داخل الأغلبية والمعارضة. وإذا كانت الانتخابات الجماعية والجهوية قد رسمت الكثير من ملامح المشهد السياسي المقبل مع قرار حزب الاستقلال المساندة النقدية للحكومة والموقف المتردد لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من تحالف المعارضة، فإن الشروع في تنزيل مشروع الجهوية الموسعة وتفويت جزء من الصلاحيات إلى الجهات الإثني عشر، والإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة وإصلاح صندوق التقاعد، واستكمال إصلاح صندوق المقاصة تشكل أبرز تحديات «الدخول السياسي المقبل».
بنكيران يعرف جيدا أن الإعداد للانتخابات التشريعية، وتهييء الترسانة القانونية المؤطرة وحده كاف ليهدر الكثير من العمر الحكومي، لاسيما أن حكومة بنكيران أصبحت تعلم جيدا مدى صعوبة التوافق على قوانين الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة. لم يعد أمام بنكيران بعد للدخول في مسلسل المفاوضات داخل الأغلبية الحكومية، ومع أحزاب المعارضة من أجل إيجاد صيغة متوافق عليها للدخول في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ولا يبدو في الأفق أن هذه المفاوضات ستكون سهلة مع احتدام الصراع بين حزبي العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، وحدوث تغييرات طارئة على المشهد أبرز تجلياتها انفراط عقد المعارضة بعد إعلان عبد الحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، فك الارتباط مع التحالف الرباعي.
ارتدادات الانتخابات الجماعية والجهوية، ستؤثر لا محال على التهييء للانتخابات المقبلة، فالقضاء لا يزال يحقق في توزيع رشاوى للوصول إلى الغرفة الثانية، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية شكك في العملية الانتخابية برمتها ووصف المؤسسات بالمغشوشة، بينما هاجمت الأحزاب الكبرى المشاركة في الانتخابات وزارة الداخلية بسبب ما أسمته الحياد السلبي وتدخلها لفائدة أحزاب دون غيرها.
هذا الوضع المضطرب والمتشنج الذي بات يعيشه المشهد السياسي، سيخيم على الدخول السياسي المقبل، وسيفضي إلى تشكيل تقاطبات سياسية جديدة، وهي التقاطبات التي ستشكل ملامح القوانين الانتخابية المقبلة. من الآن، ينبغي على رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن يعي أن معركة اللوائح الانتخابية والتقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع، ستصرفه كثيرا عن التعهدات التي قطعتها الحكومة في برنامجها الحكومي، ليس فقط مع أحزاب المعارضة بل مع أحزاب من داخل الأغلبية الحكومية تسعى إلى الحفاظ على مواقعها الانتخابية في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة.
سنة واحدة في الزمن السياسي لا تعني الشيء الكثير، مع استحضار الأجندة المزدحمة للحكومة، خاصة أن الحكومة لن تكون الفاعل الوحيد، بل ستصطدم بمعارضة تريد الاقتصاص من حزب بنكيران بكل الوسائل بعد أن غزا المدن الكبرى في الانتخابات الجماعية والجهوية الماضية. ومرة أخرى، ستضع أحزاب المعارضة في قلب عاصفة من الانتقادات بدأت تظهر ملامحها من الآن.
من جهة أخرى، ستخوض الحكومة الحالية معركة أخرى تتعلق بتدبير علاقتها بالجهات، إذ أصبح رئيس الجهة آمرا بالصرف ويتجاور في سلطاته مع والي الجهة، مع وجود صلاحيات كبيرة ترتبط بالأساس بالميدان الاجتماعي والاقتصادي. من الناحية التقنية يبدو الأمر غاية في البساطة، لأن الدولة تتوفر على إرادة للانتقال من نظام مركزي إلى نظام جهوي يتكئ على التدبير المحلي للموارد، لكن من الناحية السياسية ينطوي الأمر على الكثير من الصعوبات أولها أن خمس جهات من أصل 12 جهة حازها حزب الأصالة والمعاصرة العدو الأول لحزب العدالة والتنمية، مما قد يفضي إلى نوع من الاصطدام المؤسساتي.
من جهة أخرى، تعرف الحكومة أن أي تأخير في صندوق التقاعد، سيؤدي إلى استنزاف موارده خاصة أن المعارضة أصبحت مستعدة لاستثمار فشل الحكومة في إدارة هذا الملف طوال أربع سنوات سياسيا وانتخابيا. هل تكفي سنة واحدة، ليشرع بنكيران ومعه تحالفه الحكومي في إجراء أحد أكثر العمليات الجراحية قساوة في العمر الحكومي الحالي، فهو من جهة يعرف أن التركة التي ورثها عن الحكومة السابقة ليست «خفيفة»، ويعرف أن مسانديه في الشارع منحوه الثقة للمرة الثانية، ويعرف كذلك، أن خصومه لن يفوتوا هذه الفرصة إذا ما فشل في تحقيق إصلاح شامل لصناديق التقاعد.
مشروع إصلاح التقاعد الذي يشبه إلى حد بعيد الاقتراب من «عش الدبابير» في ظاهره اجتماعي اقتصادي يهدف إلى إنقاذ فئة واسعة من المغاربة من «السكتة القلبية» لكن في جوهره سياسي، وإلا كيف يمكن أن نفسر أن أحزاب المعارضة من أولها إلى آخرها لا تدع أي فرصة تمر دون أن تثير هذا الموضوع وتوجه التقريع لبنكيران بسبب تأخره في إنجاز ما وعد به المغاربة. هذا التعارض بين السياسي والاجتماعي سيجعل حكومة بنكيران تسير في حقل من الألغام قد ينفجر في زمن سياسي حساس مرتبط بالانتخابات التشريعية المقبلة، وهو نفس الأمر الذي ينسحب على استكمال إصلاح صندوق المقاصة.
بالإضافة إلى هذه الملفات، هناك قضايا كثيرة لم تحسم فيها الحكومة إلى حدود اللحظة منها على الخصوص القوانين المتعلقة بمدونة الصحافة، إذ من المنتظر أن يقدم مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، حصيلة ما توصل إليه بعد أربع سنوات من التشاور بين المهنيين والسياسيين والمتدخلين في حقل الإعلام.
سنة واحدة، وملفات حارقة يمسك بها بنكيران، وانتخابات في الأفق، ومشهد سياسي موسوم بالاضطراب والكثير من الضبابية، سيجعل الدخول السياسي المقبل مليئا بالانتظارية والتشويق أيضا.
الحكومة تواجه في سنتها الأخيرة امتحان قدرتها على التنزيل الديمقراطي للدستور
عادل نجدي
يطرح الدخول السياسي الجديد أسئلة عدة تتلخص بالأساس في مدى جاهزية وقدرة حكومة عبد الإله بنكيران، وهي تدخل السنة الأخيرة من ولايتها، على مواجهة التحديات التي تميز مرحلة ما بعد دستور الربيع العربي، خاصة على مستوى تنزيله الديمقراطي.
ويبدو ورش المخطط التشريعي، الذي يهدف أساسا إلى التنزيل الديمقراطي والتشاركي للمقتضيات الدستورية، من أبرز التحديات المطروحة على الحكومة الحالية خلال الدخول السياسي الجديد، حيث ستجد هذه الأخيرة نفسها بين مطرقة ضيق الحيز الزمني وسندان واجب إخراج العديد من القوانين التنظيمية المرتبطة بتفعيل دستور 2011 .
الواقع أن تنزيل القوانين التنظيمية والقوانين المرتبطة بها ليس بالأمر الهين، وإنما يتطلب تعبئة استثنائية من قبل الحكومة والبرلمان على حد سواء، غير أن معارضيها يرون أنها لم تنجح ولم تتوفر على إرادة حقيقة في تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بتلك القوانين، إذ استنزفت الكثير من الوقت والجهد خلال السنوات الأربع السابقة، دون أن تتمكن من إخراج إلى حيز الوجود جميع القوانين التنظيمية التي يستلزمها التنفيذ الديمقراطي لدستور المملكة الجديد، وفقا لما ينص عليه الفصل 86 منه، وكذا القوانين المتعلقة بالحكامة.
وبدا لافتا، على امتداد السنوات الأربع، أن حكومة بنكيران لم تتمكن خلال ثلثي الولاية التشريعية الحالية من استكمال بقية القوانين والقوانين التنظيمية المؤسسة مثل مشروع القانون التنظيمي للسلطة القضائية، ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ومشروع القانون التنظيمي للإضراب ومشروع القانون الأساسي للنقابات المهنية.
ويتضمن المخطط التشريعي الذي وضعته الحكومة الحالية 13 قانونا تنظيميا، ونصوصا تخص مراجعة القوانين المتعلقة بالمؤسسات ذات الصلة بالحقوق والحريات والحكامة، وعددها سبعة قوانين، بالإضافة إلى القوانين ذات الصلة بالتدابير التشريعية المندرجة في إطار ملاءمة الترسانة القانونية مع مقتضيات الدستور (19 نصا قانونيا)، إضافة إلى 286 نصا قانونيا ذات صلة بتنفيذ السياسات القطاعية.
ومن بين النصوص التنظيمية المتضمنة في المخطط التشريعي: القانون التنظيمي المنظم لسير أشغال الحكومة، والقانون التنظيمي المتعلق بتنفيذ الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي المحدث للمجلس الوطني للغات والثقافات الوطنية، والقانون التنظيمي المتعلق بكيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب، والنص المتعلق بالمناصفة.
وإلى جانب التأخر المسجل على مستوى إخراج القوانين التنظيمية، التي تصنف في منزلة موالية بعد الدستور، كانت طريقة تدبير حكومة بنكيران لتنزيل أسمى قانون محل انتقاد أحزاب المعارضة، التي لم تتوان عن اتهامها بإخلافها بموعد دستوري مركزي، وإجهاض أحد مقوماته المتمثل في الديمقراطية التشاركية. صحيح أن الحكومة مسؤولة عن التأخر المسجل على مستوى التزامها وفق منطوق الفصل 86 من دستور 2011 بإخراج جميع القوانين التنظيمية وعرضها على المؤسسة التشريعية خلال الولاية التشريعية الحالية ( 2011-2016 ) غير أن المسؤولية تبدو مشتركة بين السلطة التنفيذية والتشريعية معا. فإذا كانت الحكومة مسؤولة من خلال التعبير عن إرادة سياسية حقيقية لتنزيل تلك القوانين وأخذ المبادرة التشريعية من خلال مشاريع قوانين تحيلها على البرلمان، فإن هذا الأخير مسؤول من خلال جدية مناقشة القوانين المعروضة عليه أو المقترحة من طرفه، وكذا عبر تقديم مقترحات القوانين التنظيمية، وهو ما لم يتحقق إذ ظلت المبادرات في هذا الصدد محدودة.
ولئن كانت دعوة الملك محمد السادس، خلال افتتاح الدورة الخريفية، يوم الجمعة 09 أكتوبر، البرلمان إلى الإسراع بالمصادقة على مشاريع القوانين التنظيمية المعروضة عليه، خاصة المتعلقة بالسلطة القضائية، إضافة إلى مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، تضع حكومة كما المؤسسة التشريعية أمام مسؤوليتيهما، فإن السلطتين التنفيذية والتشريعية رغم انشغالاتهما خلال الأسابيع القادمة بمشروع قانون المالية لسنة 2016، ملزمتان بتغيير إيقاع عملهما وإعطاء الأولوية في الوقت الراهن إلى استكمال القوانين التنظيمية الهادفة إلى التنزيل الديمقراطي لدستور المملكة الجديد، وسط تساؤلات عن قدرتهما على القطع مع ممارسات الماضي، والاعتماد على التوافق الإيجابي.
الدخول البرلماني.. صراع مع الزمن لاستكمال البناء التشريعي والمؤسساتي
بسبب تراكم عدد من مشاريع ومقترحات عدد من النصوص
خديجة عليموسى
يشكل الدخول البرلماني الجديد تحديا بالنسبة للمؤسسة التشريعية، بسبب تراكم عدد من مشاريع ومقترحات عدد من النصوص، سواء القوانين التنظيمية أو القوانين العادية المعروضة على عدد من اللجان بمجلس النواب، والتي تنتظر مدارستها والمصادقة عليها، حيث تفوق مائتي نص يهم مختلف المجالات والقطاعات، وهذا ما سيجعل الفرق البرلمانية أغلبية ومعارضة تدخل في صراع مع الزمن قصد استكمال نقاشها والمصادقة عليها، لا سيما أن مناقشة مشروع قانون المالية 2016 يستأثر بحصة زمنية مهمة.
الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية التاسعة تعتبر حاسمة ومصيرية بالنسبة للطبقة السياسية، لأن سنة 2015 فرصة لاستكمال البناء المؤسساتي والجانب التشريعي من خلال النصوص التنظيمية والقانونية في الدستور واستكمالها وإخراجها ومنها قانون الإضراب والمناصفة، وفق ما أكدته ربيعة الطنينشي، نائبة برلمانية، عن حزب العدالة والتنمية، والتي أشارت إلى أنه يتطلب التأسيس لمرحلة جديدة في جانب العلاقة مع المواطن ما يجعل البرلماني مطالبا برفع إيقاع عمله والانضباط للمؤسسة التشريعية حضورا وتفاعلا وممارسة من أجل إنهاء المدة الانتدابية.
ومن بين القوانين التي ينبغي أن تكون لها أولوية هي المتعلقة بالمرأة والمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، خاصة أن الانتخابات الجماعية والمحلية مهمة من حيث ارتفاع تمثيلية النساء من 12 إلى 30 في المائة، لكن هذا يجعل الطموح أكبر إلى تحقيق المناصفة التي ينص عليها الدستور، تضيف الطنينشي، التي أشارت إلى أنه ينبغي أيضا تعديل عدد من القوانين التنظيمية المؤطرة للانتخابات والتي ظهرت عدد من الثغرات أثناء تنفيذها خلال الانتخابات الجماعية والجهوية والمتعلقة بمجلس المستشارين، إلى جانب إيلاء أهمية للقوانين ذات الطابع الاجتماعي والصحة، دون الحديث عن القوانين المتعلقة بالأمازيغية والتي تتطلب وضع الخلافات السياسية جانبا، والاتجاه رأسا إلى النص القانوني من أجل إصداره في أحسن جودة.
وفي السياق ذاته تحدث محمد دعيدعة، عضو مجلس المستشارين، عن أنه يتعين خلال الدورة الحالية تنزيل ما تبقى من القوانين التنظيمية للدستور والاهتمام بالقضايا التي انتخب من أجلها البرلمانيون، ومن القوانين التي يعتبرها المستشار البرلماني، في تصريحه ل»المساء»، ذات أولوية هو القانون التنظيمي للإضراب الذي يهم سوق الشغل، إلى جانب عدد من القوانين التي تتطلب الارتقاء بالممارسة البرلمانية من أجل إخراجها إلى حيز التنفيذ.
ومن بين التحديات والرهانات المطروحة على المؤسسة التشريعية خلال هذه المرحلة، كيفية الوصول إلى توافق بين الأغلبية والمعارضة من أجل التسريع بإخراج عدد من النصوص القانونية، خاصة أن السنة التشريعية السابقة اتسمت بارتفاع منسوب الصراع بين الحكومة والمعارضة، إذ أن الأولى كانت تتهم الثانية بعرقلة التشريع، في حين كانت المعارضة تلقي باللوم على الحكومة متهمة إياها بالاستحواذ على التشريع عبر رفضها عددا من مقترحات القوانين التي تتقدم بها، كل هذه الخلافات انعكست على مسار التشريع وهو ما جعل بعض النصوص القانونية تعود إلى اللجان من جديد، وكمثال على ذلك مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية التي كانت محط شد وجذب بين الأغلبية والمعارضة قبل انتهاء الدورة الربيعية، إذ تم التصويت على مشروعي القانونين التنظيميين من لدن الأغلبية، بعد انسحاب المعارضة خلال محطة التصويت داخل لجنة العدل والتشريع، وبعد وصول مشروعي القانونين إلى الجلسة العامة تم إرجاؤهما من أجل الدراسة، وقبيل افتتاح الحالية تمت برمجتهما لتؤجلهما فرق المعارضة من جديد، باستثناء الفريق الاستقلالي، بدعوى الانشغال بانتخابات مجلس المستشارين.
وبعيدا عن الجانب التشريعي، فإن من بين الملفات المطروحة أيضا على المؤسسة التشريعية، تفعيل الدبلوماسية البرلمانية للقيام بدورها كاملا في كل ما يتعلق بإعادة النظر في طبيعة العلاقات مع البرلمانات في مختلف البلدان، حتى يتسنى لها الدفاع عن القضايا الوطنية وفي مقدمتها ملف الصحراء المغربية.
ارتدادات الانتخابات الجماعية والخطاب الملكي وانتخابات مجلس المستشارين تنذر بدخول سياسي مختلف
محمد أحداد
يتزامن الدخول السياسي المقبل مع توترات ومتغيرات جديدة، أفرزتها نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، أبرزها التأثير ولو بشكل جزئي على التحالفات القائمة على الساحة السياسية الآن. هذا التأثير يبدو واضحا على الأحزاب السياسية التي منيت بالهزيمة، خاصة أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال، التي تشهد حركية داخلية قوية، فبالإضافة إلى أن الغاضبين يسيرون نحو تأسيس حزب جديد في مطلع شهر يناير المقبل، فإن تيارا غاضبا تبلور داخل الحزب رافض للتسيير الحالي ولأداء حزبهم في الانتخابات الأخيرة وسوء تدبير التحالفات، فيما لا تزال أصداء هزيمة حميد شباط في قلعته الانتخابية والسياسية تتردد في البيت الاستقلالي منذرة بصراع ساخن، بعد أن استغلت حركة «بلا هوادة» نتائج الحزب لمهاجمة شباط ودعوته إلى الاستقالة من قيادة الحزب.
من جهة أخرى، أفضت التحالفات الحزبية المترتبة عن الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة إلى حدوث شرخ كبير داخل أحزاب الأغلبية، ولم يكن كافيا أن تصدر هذه الأحزاب بيانا غداة الانتخابات يدعو إلى الوفاء بالتزامات الأغلبية، حيث صوتت أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية على مرشحي الأصالة والمعاصرة في انتخابات رؤساء الجهات، وكادت أن تؤدي «أزمة تطوان» إلى انفراط عقد الأغلبية لولا أن مرشح العدالة والتنمية تحالف مع البام في آخر لحظة.
بطبيعة الحال، يمتلك عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ما يكفي من الذكاء ليعرف أن تحالفه الحكومي هش، وسيكون أكثر عرضة للهشاشة بعد الانتخابات الأخيرة، لأنه سيزرع مزيدا من أجواء عدم الثقة بين الأحزاب المكونة له، وليس من المجازفة في شيء إذا قلنا إن التهييء للانتخابات التشريعية المقبلة وإعداد القوانين المتعلقة بها، لن يسير بالطريقة التي يبتغيها رئيس الحكومة بوجود أحزاب باحثة عن التموقع الانتخابي.
من جهة أخرى، لن يكون الإعلان عن أسماء المتابعين في تقديم رشاوى في انتخابات مجلس المستشارين، حدثا عاديا، إذ لم يكن متوقعا بتاتا أن تفصح اللجنة المركزية للتتبع، التي يرأسها كل من وزيري الداخلية والعدل، عن هذه الأسماء وأن يكون من بينها عضوان من العدالة والتنمية ونجلا حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال.
حزب الاستقلال، الذي انسحب من الحكومة بعد صراع طويل الأمد مع رئيسها، عاد ليخلط الأوراق من جديد بإعلان المساندة المادية لحكومة عبد الإله بنكيران. ففي الوقت الذي اعتقد فيه الجميع أن الاستقلال ذاهب إلى معركة كسر العظام مع البيجيدي إثر خسارته المدوية في فاس، فاجأ شباط الجميع بفك الارتباط مع حزب الاستقلال، وقبله كان وزير الداخلية محمد حصاد سبق أن قال داخل اجتماع للمجلس الحكومي إن شباط حاول لي ذراع الدولة عبر»التهديد بحرق مدينة فاس».
هي تطورات، تنحو بالمشهد السياسي إلى مسار واحد يتمثل في تغيير التحالفات الحزبية القائمة، وقد تفرز انتخابات مجلس المستشارين تحالفات جديدة أمام توجه ليس مؤكدا بعد لأحزاب الأغلبية في مقدمتها العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية للتصويت على عبد الصمد قيوح، مرشح حزب الاستقلال، في مواجهة حكيم بنشماس رئيس المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة.
إلى جانب كل هذه التحولات، لابد من التذكير في هذا المقام بأن أحزاب الاستقلال والحركة الشعبية تعيش على وقع هزات تنظيمية قوية، ولئن كان توجه المعارضين لإدريس لشكر واضحا بالاتجاه نحو تأسيس حزب سياسي جديد، فإن أعضاء الحركة التصحيحية لحزب الحركة الشعبية، الذين يقودون جولات مكوكية لجمع ثلثي أعضاء المجلس الوطني للإطاحة بامحند العنصر، قرروا تنظيم مؤتمر استثنائي يوم الخامس والعشرين من أكتوبر الحالي بالصخيرات، مما يعني أن الحركة ستكون أمام قيادتين، الأولى امحند العنصر والثانية سعيد أولباشا، بينما صارت حركة بلا هوادة المناوئة لحميد شباط أكثر قوة بعد النتائج المخيبة للآمال التي حصل عليها الحزب.
في الظاهر، يبدو أن حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة يسيران نحو الحفاظ على مواقعهما مع استقرار أكثر قوة للإسلاميين بعد اكتساحهم للمدن الكبرى. ومع كل التطمينات القادمة من الحزبين، فإن ملامح المشهد السياسي تؤشر على بروز بوادر لقطبية حزبية ثنائية.
بيد أن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتتاح الدورة البرلمانية، سيرخي بظلاله على الدخول السياسي، إذ وجه رسائل مباشرة وأخرى مبطنة إلى الأحزاب السياسية لاسيما التي خرجت بخفي حنين، فبعد أن ساد خطاب التشكيك ومهاجمة الدولة وأجهزتها فيما يخص تنظيم الانتخابات ومساندة أحزاب معينة، وجه الملك نقدا شديدا لمروجي هذا الخطاب ودعا إلى ترشيد الفعل السياسي والابتعاد عن الصراعات الهامشية.
الخطاب الملكي، لا شك، أنه شكل صدمة قوية للفاعل السياسي، سواء المصطف في المعارضة أو الأغلبية، خاصة أنه انتقد بطء العمل التشريعي فيما يتصل بتنزيل بنود الدستور الجديد وبعض ردود الفعل التي تلت نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية.
كيفما كانت التخمينات، فإن المشهد السياسي سيؤثر بصيغة أخرى على تنزيل البرنامج الحكومي، وسيؤثر كذلك على التوازنات الحزبية القائمة، وقد يعيد خلط الأوراق من جديد، في انتظار الانتخابات التشريعية المقبلة، التي توحي كل المؤشرات بأنها ستشهد عودة حزب العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة لولاية ثانية.
الشرقاوي: لن يقع تغيير كبير في سلوك الطبقة السياسية التي لازالت تفكر بدستور 1996
قال إن حكومة بنكيران تواجه خطر خرق القواعد الدستورية ما يستدعي تدخل الملك
حاوره – عادل نجدي
استبعد عمر الشرقاوي، الباحث في العلوم السياسية، حدوث تغيير كبير على سلوك الطبقة السياسية خلال الدخول السياسي الجديد، معتبرا، في الحوار مع «المساء»، أن تلك الطبقة لا زالت تفكر بدستور 1996، ورغم وضع آليات قانونية وأخلاقية لتهذيب سلوكها، فإنها أبدت مقاومة شرسة لمواجهة ثقافة المسؤولية. ويرى المحلل السياسي أن الدخول السياسي يأتي محكوما بتداعيات انتخابات 4 شتنبر وما ترتب عنها، والتي أثبتت هشاشة التحالفات، سواء داخل الأغلبية أو المعارضة، متوقعا أن تدخل الأحزاب السياسية، بعد نهاية الدورة الأولى للبرلمان والتي تهيمن عليها مناقشة القانون المالي، في حملة انتخابية سابقة لأوانها.
– ما هي رهانات الدخول السياسي الحالي؟
الدخول السياسي لهذه السنة ليس كسابقيه، فهو يصادف أول سنة تشريعية لمجلس المستشارين، بالمقابل هو دخول يتزامن مع نهاية الولاية التشريعية لمجلس النواب، وبغض النظر عن هذا التفاوت الزمني، يمكن القول إن هذا الدخول السياسي محكوم بأربعة رهانات كبرى: الرهان الأول دستوري ويتعلق بإنهاء حالة الاستثناء الدستوري الذي عاشته الغرفة الثانية منذ إقرار دستور 2011 حيث أضفى هذا الأخير في فصله 176 مشروعية مؤقتة على صلاحيات وتشكيلة مجلس المستشارين، ويبدو أن انتخابات 2 أكتوبر أنهت هذا الوضع الناشز للغرفة الثانية رغم التأخر الذي حصل في انتخابها وفق المرجعية الدستورية الحالية. أما الرهان الثاني فهو تشريعي ويتخذ منحيين، الأول مرتبط بضرورة احترام الحكومة لمقتضى الدستور المتعلق بالإفراج عن جميع القوانين التنظيمية الواردة في الدستور خلال الولاية الحالية، حيث لا زال البرلمان ينتظر إحالة خمسة مشاريع متبقية، ويتعلق الأمر بالقوانين التنظيمية المتعلقة بالأمازيغية والمجلس الوطني للغات والإضراب ومجلس الوصاية والقانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية. أما المنحى الثاني فمتعلق باحترام الحكومة للمخطط التشريعي الذي أعلنته بعد حصولها على التنصيب البرلماني. الحكومة وإن نجحت في الرفع من غلتها التشريعية التي وصلت إلى ما يفوق 260 نصا مصادقا عليه، وهي مردودية جيدة، إلا أن مخططها التشريعي لا زال يعرف بعض الارتباك خصوصا فيما يتعلق باستكمال بناء المؤسسات الدستورية. فلا زلنا ننتظر كشف الحكومة عن القوانين المحدثة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والمجلس الوطني للغات وهيئة المناصفة ومجلس الشباب والعمل الجمعوي ومجلس الأسرة، بالإضافة إلى مجلس الوصاية على العرش، الذي لا يحتاج سوى لملاءمته مع المقتضيات الدستورية الجديدة، خصوصا أن رئيس الحكومة أصبح من ضمن أعضائه. وبالنسبة للرهان الثالث فهو رهان انتخابي، إذ لا ننسى أن هذه السنة ستكون نهاية الولاية الحالية، ما يجعلها سنة انتخابية بامتياز، سواء لدى مكونات الحكومة أو المعارضة، وأتوقع أن تدخل الأحزاب، بعد نهاية الدورة الأولى التي تهيمن عليها مناقشة القانون المالي، في حملة انتخابية سابقة لأوانها. فيما يتجسد الرهان الرابع في الرهان الاجتماعي، خصوصا فيما يتعلق باستكمال الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة والشروع في نظام التقاعد. بنكيران سيراهن بقوة على الخوض في هذين الملفين. وبالرغم من مخاطرهما الانتخابية إلا أنه بإمكانه تحويل هذا الملف إلى مصدر جديد للشرعية خلال انتخابات 2016. الحكومة لها فرصة مثالية للحسم مع ملف التقاعد، خصوصا أنها تملك لعب ورقة القانون التنظيمي للإضراب والذي تسعى النقابات من خلاله إلى توسيع هامش حقوقها، ولذلك فإن الحكومة يمكن أن تقبل بمقايضة مفادها أن تحصل على تنازل النقابات عن مواقفها المتصلبة من ملف التقاعد مقابل تنازل الحكومة عن بعض المقتضيات المقيدة لحق النقابات في الإضراب. – في حالة عدم التزام الحكومة بإخراج جميع القوانين التنظيمية خلال ما تبقى من هذه الولاية، ما هو الجزاء المنتظر؟ خرق القواعد الدستورية ليس كخرق القواعد القانونية العادية، التي ترتب جزاء ماديا سواء بالسجن أو الغرامة، طبيعة القواعد الدستورية تجعل من المؤسسة التي تخرقها معرضة لجزاء سياسي ورمزي خلال الانتخابات، المغاربة صوتوا بشبه إجماع على الدستور ومقتضياته، ولذلك فإن خرق بعض بنوده من طرف الحكومة يعني استخفافا بقيمة أسمى وثيقة قانونية في الدولة وفي نفس الوقت هو تحد سافر لإقرار الشعبي. لذلك، على الملك باعتباره رئيس الدولة والساهر على احترام الدستور أن يثير انتباه الحكومة، في حال ظهور مؤشرات توحي باحتمال خرق المقتضيات الدستورية ومنها الفصل 86، الذي يلزم الحكومة بوضع جميع القوانين الانتخابية خلال هذه الولاية التشريعية. – هل تتوقع حدوث تغييرات على مستوى الخريطة السياسية بعد الارتباك الذي عرفته التحالفات خلال انتخابات المجالس الجماعات الترابية وإعلان حزب الاستقلال فك ارتباطه بالمعارضة؟ مؤكد أن هذا الدخول السياسي يأتي محكوما بتداعيات انتخابات 4 شتنبر وما ترتب عنها، والتي أثبتت هشاشة التحالفات سواء داخل الأغلبية أو المعارضة. ولا يمكن أن نغفل المواجهة الصريحة التي نشبت من جهة بين حزب العدالة والتنمية والتجمع ومن جهة بين والأصالة والمعاصرة والاستقلال والتي دفعت هذا الأخير إلى التلويح بفك ارتباطه بالمعارضة والتحاقه بموقع المساندة النقدية في انتظار تبني القرار من طرف المجلس الوطني. أعتقد أن هذه التحولات التي تطرأ على رقعة المشهد الحزبي طبيعية، لأنها تتزامن مع سنة انتخابية ممهدة للاستحقاقات التشريعية ل 2016، لكن أستبعد أن تؤدي هاته التحولات إلى تغييرات مؤسساتية على مستوى هيكلة الحكومة. – تصادف الدخول السياسي مع سابقة في تاريخ الانتخابات المغربية، وهي الكشف عن أسماء المتهمين بالفساد على القنوات العمومية، ما هي دلالات ذلك؟ كل الطرق القانونية المشروعة لملاحقة الفساد الانتخابي وتقليص رقعته تبقى مطلوبة، لكن رغم إمكانية توفر الداخلية والعدل على قرائن واضحة للإدانة، ما وقع على قنواتنا العمومية يعتبر سابقة قضائية خطيرة، بعد أن اختارت لغة التشهير ومصادرة حقوق المتهم. لقد كان على اللجنة الحكومية، وهي للإشارة مجرد آلية سياسية لا سند قانوني ينظمها، أن تبذل كل ما في جهدها لتجنب المس بقرينة البراءة التي تعد إحدى ضمانات المحاكمة العادلة، لأن الإدانة أو البراءة وفق المقتضيات الدستورية تبقى من اختصاص القضاء.لا أتفق بتاتا مع تلاوة أسماء المتابعين في قضايا فساد انتخابي على القنوات العمومية. – لكن الرأي العام نوه بهذه الخطوة واعتبرها ضربة قاضية للفساد الانتخابي؟ من المؤكد أن خطوة متابعة الفساد الانتخابي إيجابية، لكن لا يمكن تبرير محاربة الفساد بخرق القانون. إن مقتضيات المسطرة الجنائية واضحة، حيث تمنع تصوير الشخص المعتقل الذي يحمل أصفادا أو قيودا أو نشر صورته أو اسمه أو أية إشارة تعرف به دون موافقة منه والمعاقبة على ذلك أو القيام بأية وسيلة كان بنشر تحقيق أو تعليق أو استطلاع للرأي يتعلق بشخص تجري في حقه مسطرة قضائية، سواء كان متهما أو ضحية دون موافقته، ولذلك فإن الحكومة اختارت طريقة غير مشروعة لمحاربة أساليب غير مشروعة. مسألة أخرى في غاية الأهمية ينبغي الإشارة إليها مفادها أن مواجهة الحكومة مع الفساد الانتخابي كان انتقائيا، لماذا ركزت اللجنة على التنصت على المكالمات المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، ولم يمتد ذلك للانتخابات الجماعية التي شارك فيها أكثر من 130 ألف شخص، لماذا لم تترصد الحكومة الخروقات التي شابت انتخابات مجالس المدن والجهات؟ كل هاته الأمور ستظل مثار استفهام. – ما هي التحديات المطروحة أمام السلطة التشريعية خلال الدخول السياسي الجديد؟ التحدي الأول هو المساهمة في عدم خرق الدستور وإقرار القوانين التنظيمية خلال الولاية الحالية على البرلمان بغرفتيه، إعلان حالة التأهب القصوى للمصادقة على القوانين التنظيمية، وتجنب إخضاع تنزيل للدستور للحسابات السياسية الضيقة. كما يطرح أمام البرلمان تحد ثان مرتبط بإضفاء التكامل والتجانس بين الغرفتين، خصوصا بعد انتخاب مجلس المستشارين وفق المقتضيات الدستورية الجديدة. – إلى أي حد يمكن أن نشهد خلال الدخول السياسي الجديد تغييرا في سلوكيات الفاعل السياسي تنجسم وروح ومضامين دستور 2011؟ لا أتوقع حدوث تغيير كبير على سلوك الطبقة السياسية، التي لا زالت تفكر بدستور 1996، هاته الطبقة ورغم وضع آليات قانونية وأخلاقية لتهذيب سلوكها، فإنها أبدت مقاومة شرسة لمواجهة ثقافة المسؤولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.