بعد أن أثار نقاشا حادا بين حكومة عباس الفاسي وممثلي النقابات، الذين كانوا قد أعربوا عن تخوفهم من أن يشكل تحويل مؤسسة «بريد المغرب» إلى شركة مساهمة خطوة نحو تخصيصها في المستقبل، صادق مجلس النواب، أول أمس، في جلسة عمومية على مشروع قانون يقضي بتحويل «بريد المغرب» إلى شركة مساهمة. ووصف عبد الله العماري، عضو الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للبريد والاتصالات، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون بأنه «إنجاز تاريخي وانتصار للحكمة». وقال ل«المساء»:» المصادقة على مشروع القانون هو إنجاز تاريخي غير مسبوق، بعد أن كان المشروع الأولي ينص على فتح رأسمال بريد المغرب أمام الخوصصة بشكلها الفاحش. وهو كذلك تتويج للجهود والمعارك النضالية التي خضناها بمعية منظمات وأحزاب ومنابر إعلامية ومراكز دراسات كمركز عزيز بلال للأبحاث والدراسات وهيئة الدفاع على المرفق العمومي ضد خوصصة المؤسسة التي تقدم خدمة عمومية أساسية لعموم المواطنين». وبالنسبة للمسؤول النقابي، فإن «مرور مشروع القانون في جو من التوافق هو انتصار للحكمة والرزانة اللتين عبر عنهما كل من ساهم في إخراج القانون بالشكل الذي تم التوافق حوله، بعد قراءة جيدة لتأثير الأزمة العالمية». وكانت شغيلة البريد ومن ورائها النقابات قد نظمت إضرابات ووقفات احتجاجية أمام مقر البرلمان بالرباط، ووجهت رسائل إلى مختلف الجهات المعنية، كما عقدت لقاءات مع أعضاء الحكومة ومجلس المستشارين ومجلس النواب، نتيجة تخوفها مما قد يحمل مشروع القانون في طياته من تطورات تعصف بمكاسبهم الاجتماعية. وفيما يبدو أنه تبديد للمخاوف التي عبر عنها بعض النواب من أن يشكل تحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة خطوة نحو خوصصتها، أكد أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، على اكتتاب الدولة كليا للرأسمال الأصلي لشركة بريد المغرب، واحتفاظ مستخدمي المؤسسة بحقوقهم المكتسبة في إطار المؤسسة العمومية مع ضمان استمرارية الشخصية المعنوية لبريد المغرب. وسيمكن مشروع القانون المصادق عليه من إتاحة الفرصة لتحديث «بريد المغرب»، والرفع من قدراتها لمواجهة التغيرات التي يشهدها محيط أصبح أكثر تنافسية وتطوير استقلاليتها في اختيارات النمو الداخلي والخارجي وتنويع أنشطتها وشراكاتها. كما سيتيح الإطار الجديد، وفق ديباجة المشروع، تخطي مبدأ التخصص الذي يفرضه القانون الأساسي للمؤسسة العمومية وتوسيع نطاق الغرض الذي يقوم عليه بريد المغرب بصفته شركة مساهمة ليشمل أنشطة أخرى لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالغرض ذاته. جدير بالذكر أن مجلس المستشارين كان قد صادق خلال الدورة الربيعية الماضية على مشروع قانون القاضي بتحويل «بريد المغرب» إلى شركة مساهمة، بعد نقاش بين الحكومة وممثلي المأجورين تركز حول وضعية العاملين بالقطاع بعد عملية التحويل والتخوف من أن يشكل هذا المشروع خطوة نحو خوصصته.