انتقد نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة، سياسة اعتماد الحكامة المالية للمدن على الحالة المالية للدولة من خلال التحويلات المالية، مضيفا أن الحكامة تتطلب التنسيق بين مختلف الفاعلين، الذين يتعين عليهم الأخذ بعين الاعتبار أهداف وإنجازات وتحديات كل منهم. وأكد بنسودة خلال مداخلته في الدورة التاسعة للندوة الدولية للمالية العمومية تحت عنوان «الحكامة المالية للمدن بالمغرب وفرنسا»، أن الحكامة الجيدة للمدن تتطلب أيضا وضع استراتيجية شاملة ترتكز بالأساس على تعزيز تعبئة المداخيل الصافية للجماعات الحضرية وتنسيق جيد بين مختلف الفاعلين. وفي السياق ذاته قال بنسودة إن مداخيل الجماعات الترابية لسنة 2014 لم تمثل سوى 13.6 في المائة من المداخيل العامة للدولة والجماعات الترابية، فيما لم تتعد النفقات العامة 10,5 في المائة. ودعا بنسودة المغرب إلى الاستفادة من التجربة الفرنسية في مجال تسيير المدن، من خلال الاعتماد على حكامة مالية تقوم على أساس ربط النفقات بالمداخيل، وذلك لتجنيب إسقاط الجماعات المحلية في ديون يصعب تجاوزها. من جهته، اعتبر محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، أن إشكالية تمويل المدن لا ترتبط دائما بتوفر الموارد بقدر ما ترتبط بالقدرة على التسيير والتنفيذ، مشيرا إلى أنه يتوجب على المسيرين الجدد للمدن التنسيق مع الإدارات المعنية والتفكير في استراتيجية فاعلة للتحصيل الضريبي، بغية تعبئة الموارد المالية التي تسمح لهم بأداء مهامهم. واستنادا إلى التقرير الذي أعدته الخزينة العامة للمملكة في هذا السياق، فإنه منذ سنة 2007 أضحى نصف سكان العالم يعيشون في المناطق الحضرية، وهذا ما يطبع كل البلدان المتقدمة والنامية، وأضاف التقرير أن الدراسات أثبتت أن 70 في المائة من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول سنة 2050. التقرير نفسه أشار إلى أن المغرب لا يشكل استثناء في هذا الشأن، حيث سجل تناميا كبيرا على مستوى نسبة السكان المتواجدين بالمدن، بحيث بلغت نسبتهم 29 في المائة في سنة 1960، وانتقلت إلى 35 في المائة خلال سنة 1971، لتصل إلى أزيد من النصف في سنة 2004، فيما بلغت السنة الماضية حوالي 60.3 في المائة. وفيما يتعلق بمساهمة المؤسسات العمومية في تطوير البنيات التحتية في المجال الحضري، فقد بلغ حجم الاستثمارات 78 مليار درهم خلال سنة 2013، فيما 17.2 مليار درهم رصدت للبنية التحتية والنقل. وسجل التقرير بالموازاة مع ذلك، نقصا كبيرا في الموارد المطلوبة، الشيء الذي يدفع مسيري المدن غالبا إلى الاعتماد على سياسة الحد من الخدمات المقدمة للمواطنين.