الانتصار الكاسح الذي حققه حزب العدالة والتنمية في مواقع مهمة في خريطة الجماعات، منح التفوق أيضا لعدد من وزرائه الذين نزلوا للمنافسة الانتخابية في استحقاقات الجمعة الماضي، في الوقت الذي فشل فيه زعماء حزبيون ووزراء سابقون في تحقيق تطلعاتهم ووعودهم السياسية. أكبر الفائزين في هذه الانتخابات كان إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب في الميزانية، الذي وصفه أعضاء الحزب الإسلامي ب»محرر فاس»، بعدما استطاع أن يسقط حميد شباط من قلعته الانتخابية، ويحقق اكتساحا لم يكن لأكثر المتفائلين بإمكانية تحقيق المصباح لنتائج متقدمة، أن يتوقعه بهذه الطريقة. الأزمي، وبعدما اخترق مختلف القلاع الانتخابية لشباط، وعلى رأسها مقاطعة زواغة، وقع عليه الاختيار لقيادة مجلس المدينة بعدما أعلن الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، أنه سيكون عمدة لعاصمة أهل فاس، معلنا بذلك انهيار «إمبراطورية شباط». وفي الوقت الذي اعتبر الأزمي أن هذا الانتصار «يوم تاريخي»، طالب الأمين العام للاستقلال بفتح تحقيق، وتحدث عن وجود خروقات كبيرة. ثاني أكبر الرابحين من اكتساح العدالة والتنمية هو عبد العزيز العماري، عضو الأمانة العامة والوزير المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني، والذي وقع عليه الاختيار كعمدة لمدينة الدارالبيضاء، التي حقق فيها اكتساحا ب74 مقعدا من أصل 147، وهي المدينة التي لن يحتاج فيها، في حال رغبته في ذلك، إلى تحالفات بالنظر إلى الأغلبية المطلقة التي حصل عليها الحزب. العماري، الذي دخل النسخة الثالثة من حكومة بنكيران، سيكون القيادي الإسلامي الذي سيسير أكبر ميزانية مخصصة لمدينة مغربية، في ظل الاختصاصات الجديدة التي منحت للجماعات، وأيضا بالنظر للأغلبية المريحة التي حصل عليها، بشكل سيجعله في موقع مطمئن لتنزيل برنامجه الانتخابي. عزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز واللوجستيك، ورئيس المجلس البلدي لمدينة القنيطرة، كان بدوره أحد أكبر الفائزين في هذه الانتخابات. فرغم الصراع الكبير الذي تشهده المنطقة، إلا أن النتائج الأخيرة أكدت التفويض شبه المطلق لسكان القنيطرة لعزيز الرباح، لتسيير شؤونها المحلية. واستطاع الرباح أن يظفر بأغلبية مطلقة ب42 مقعدا من أصل 55 المشكلة لمجلس مدينة القنيطرة، حيث ظهر عضو الأمانة العامة للمصباح منتشيا بالانتصار الكبير. أنصار الحزب الإسلامي اعتبروا انتخابات الرابع من شتنبر امتحانا لتدبير الرباح لعاصمة جهة الغرب، فكانت النتيجة هي رضا الأغلبية الساحقة من المصوتين لحصيلة هذا التدبير، الذي استطاع أن يجعل من القنيطرة قطبا حضريا واعدا. صقور الحزب الإسلامي حققوا بدورهم نتائج مهمة في هذه الاستحقاقات، وكان من أبرزهم عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي، الذي استطاع أن يعيد الحزب إلى تسيير مدينة مكناس بعد مرحلة بلكورة. وتمكن مصباح مكناس من الظفر ب34 مقعدا من أصل 61، وهو ما يجعله في موقع مريح سيمكنه من إبرام تحالفات قوية مع أحزاب التحالف الحكومي. وسارت نتائج العدالة والتنمية في جهة درعة- تافيلالت التي فاز فيها ب13 مقعدا، في اتجاه منح رئاسة الجهة إلى الوزير السابق الحبيب الشوباني، خاصة بعدما تمكنت أحزاب الأغلبية من تحقيق نتائج مهمة، ومنها التجمع الوطني للأحرار الذي حقق 11 مقعدا، والحركة الشعبية 5 مقاعد، والتقدم والاشتراكية 5 مقاعد. من جانبهم استطاع وزراء الحركة الشعبية، الذين نزلوا للتنافس في دوائرهم الانتخابية، تحقيق نتائج مرضية. وتمكن امحند العنصر، الأمين العام للحركة، من اكتساح مقاعد معقله الانتخابي بدائرة إموزار مرموشة، حيث استطاع الفوز ب11 مقعدا من أصل 16. وحافظ محمد مبديع، عضو المكتب السياسي للحزب والوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، على قلعته الانتخابية بمدينة الفقيه بن صالح، حيث تمكن من الفوز ب21 مقعدا، إلى جانب إدريس مرون، وزير التعمير، الذي فاز في جماعة عين مديونة بإقليم تاونات.