محمد بنقرو طفت على السطح، أخيرا، روائح صراع بين رئيس المجلس البلدي لمكناس في آخر عمر الولاية الحالية وبعض المقاولين الكبار بالمدينة حول أضخم صفقة في تاريخ المدينة الإسماعيلية، التي تتعلق بما سمي مشروع تأهيل المدينة، والتي رصد لها في شطرها الأول مبلغ 22 مليار سنتيم، في انتظار الشطر الثاني الذي هو الآخر سيتم تخصيص مبلغ 20 مليار سنتيم له، وهي الصفقة التي أثارت صراعا قويا بعد أن أسالت لعاب العديد من الجهات. وأفادت المصادر بأن عملية تمرير هذه الصفقة التي حاول رئيس المجلس البلدي تنفيذها الأسبوع الماضي في عز حملته الانتخابية، بتواطؤ مع المسؤول المكلف بالدراسات، توقفت، بعدما تقدم بعض المقاولين الكبار بالمدينة بطعون إلى المسؤول الأول عن الجهة، بسبب ما تم اعتباره مجموعة الاختلالات والخروقات المسطرية وغيرها التي شابت هذه العملية، بالإضافة إلى الشروط التي تم اعتبارها تعجيزية، والتي تم وضعها أمام كل الراغبين في المشاركة في هذه الصفقة. وبخصوص الشروط التي تم وضعها، تضيف المصادر ذاتها، فإنها تتعلق بضرورة إحضار نموذج من عينات الآجور والزليج والمواد الأخرى التي سيتم استعمالها بمواصفات خاصة وجد دقيقة لا توجد سوى في الصين وإسبانيا من أجل قبول المشاركة، كما أن الحصول عليها يتطلب حوالي أربعة أشهر، فيما المدة التي تم تحديدها من أجل التقدم للمشاركة لا تتعدى شهرا واحدا، الأمر الذي اعتبر حاجزا تم وضعه بشكل عمدي أمام المقاولات التي ترغب في المشاركة لتمكين المقاولات التي لها علم مسبقا بهذه الشروط، والتي تحسب على المكلف بالدراسات نفسه، على حد تعبير المصادر. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هذه الطريقة الذكية تم التخطيط لها بإحكام من طرف المسؤول عن مكتب الدراسات منذ سنة 2013، بتواطؤ مع رئيس المجلس البلدي، بهدف تمرير هذه الصفقة لشركات بعينها دون غيرها، وهذه الفرضية تؤكدها عملية المشاركة الأخيرة في فتح الأظرفة من طرف أربع مقاولات، التي استطاعت إحضار نموذج من عينات السلع المطلوبة طبقا للشروط الموضوعة عبر شاحنة وحيدة، وهو الأمر الذي يؤكد وجود تلاعبات محبوكة في هذه العملية، قبل أن يفطن لها مشاركان اثنان، وهما مقاولان معروفان على الصعيد الدولي، ويتم على إثرها تقديم طعن إلى والي الجهة الذي تدخل من أجل توقيف هذه العملية. و من جهة أخرى، ومن أجل استجلاء الحقائق، ربطت «المساء» الاتصال بأحمد هلال، رئيس بلدية مكناس، من أجل الرد على الاتهامات الموجهة له بخصوص هذه القضية، والذي أكد أن كل ما قيل حول هذه الصفقة مجرد ادعاءات غير صحيحة، لأن الصفقة تم الإعلان عنها وطنيا ودوليا طبقا للقانون، من أجل فسح مجال المشاركة أمام الجميع دون استثناء، أما بخصوص ما سمي بالشروط التعجيزية، فلا يوجد هناك أي منها بتاتا، وذلك من خلال دفتر التحملات، مضيفا أن كل ما في الأمر هو أنه كان من الواجب والضروري إزاء مثل صفقة من هذا الحجم أن يتم وضع مواصفات خاصة من الجودة في المواد المستعملة، والتي يمكن بأن تكون داخل الوطن وليس فقط خارجه. وأكد رئيس المجلس الجماعي لمكناس على أن هذه الصفقة تمت بعد دراسة دقيقة وصادقت عليها وزارة الداخلية وولاية الجهة، وبخصوص تزامن الوقت الذي أعلن فيه عن هذه الصفقة مع الحملة الانتخابية، فهذا طبيعي جدا لأنه لا يمكن أن تتوقف الإدارة وتجمد مثل هذه المشاريع المهمة والضخمة، التي تخدم مصالح المدينة والتي ستعيد إليها الروح والجمالية، كما اعتبر فترة رئاسته لهذا المجلس قد انتهت ولا يدري هل سيبقى رئيسا في المستقبل من أجل تنفيذ هذا المشروع أم لا، لذا فهذا إنجاز كبير سيخدم مصالح المدينة، لا يجب فقدانه، وسيتولى المجلس المقبل تدبيره. واعتبر هلال أن عملية وضع العصا في عجلة صفقة هذا المشروع وراءها أياد خفية وأهداف لها علاقة بخدمة مصالح خاصة لجهة معينة، تسعى إلى إفشال هذه العملية من أجل توظيف المبلغ المرصود لها في قضاء مصالح خاصة، تعتبر مصيرية بالنسبة لهذه الجهة بعدما فشلت في تحقيقها أخيرا.