وهبي: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة تعزز الروح الإصلاحية واستقرار الأسرة المغربية    الفتح الرباطي يسحق النادي المكناسي بخماسية    أمن البيضاء يتفاعل مع مقطع فيديو لشخص في حالة هستيرية صعد فوق سقف سيارة للشرطة    رابطة حقوق النساء تأمل أن تشمل مراجعة مدونة الأسرة حظر كل أشكال التمييز    بوريطة : العلاقات بين المغرب والعراق متميزة وقوية جدا    ميداوي يقر بأن "الوضع المأساوي" للأحياء الجامعية "لا يتناطح حوله عنزان" ويعد بالإصلاح    الملك محمد السادس يعزي أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    فرنسا.. الكشف عن تشكيلة الحكومة الجديدة    الفلاح: إطلاق خدمة الأنترنت من الجيل الخامس استعدادا لكان 2025 ومونديال 2030    على سوريا المستقبل الزاهر مناديا    "نيويورك تايمز": كيف أصبحت كرة القدم المغربية أداة دبلوماسية وتنموية؟    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    "البيجيدي": حضور وفد اسرائيلي ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب استفزاز غير مقبول    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة أصيلة بالسجن في قضية اختلاسات مالية    متضررون من الزلزال يجددون الاحتجاج على الإقصاء ويستنكرون اعتقال رئيس تنسيقيتهم    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            أخبار الساحة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط        فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملفات الاجتماعية.. هكذا رفعت الحكومة الراية البيضاء أمام الإصلاح
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2015

رسائل مهمة وجهها الملك محمد السادس خلال خطاب العرش الأخير إلى الحكومة، خاصة في الشق الاجتماعي، حيث اعتبر الملك أن جوهر السياسة هو المسألة الاجتماعية. هذا الأمر دفعه إلى مطالبة الحكومة بتوفير 50 مليار درهم كميزانية لبرنامج استعجال لتغطية الخصاص في البنيات التحتية في المناطق المهمشة، وفي عمق هذا المطلب رسالة أخرى موجهة إلى الأحزاب التي يجب أن ترسي برامج اقتصادية واجتماعية خلال الانتخابات المقبلة تقدم حلولا ناجعة لمشاكل الصحة والتعليم والماء والكهرباء والطرق وغيرها.
منذ تولي الحكومة الحالية زمام الأمور، كان الأمل معقودا عليها لتطوير الاقتصاد الوطني، وبالتالي تحسين الوضعية الاجتماعية للمغاربة، لكن العكس هو الذي حصل، فقد ارتفعت نسبة البطالة، وتزايد عدد الفقراء بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية مقارنة مع ضعف القدرة الشرائية، واستمرت أزمة التعليم العمومي، كما استمرت العديد من مظاهر الفساد الإداري والمالي، ولم تستطع المبادرات والحلول التي قدمتها الحكومة في هذا الصدد أن تحل الإشكالات الأساسية التي تحول دون تحقيق التنمية الاقتصادية.
الجيد في الخطاب الملكي الأخير هو أنه دق من جديد جرس الإنذار، حيث عاد ليضع الأصبع على داء التربية والتعليم حينما قال إن هذا الورش لا يزال مفتوحا، ولا يزال في حاجة للإصلاح. لذلك عاد أهل التربية والتعليم ليفتشوا في أوراقهم السابقة من أجل قراءة ما تحقق، وما يجب أن يتحقق للمستقبل، خصوصا وأن المدرسة المغربية جربت في العشر سنوات الأخيرة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ثم المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، قبل أن تصل اليوم إلى المشروع الجديد الذي جاء به المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي. والذي من المقرر أن يتم تنزيل مقتضياته مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد.
ورغم أن الحكومة وضعت التشغيل ضمن أولويات برنامجها، الذي يهدف إلى تقليص نسبة البطالة لتصل إلى 8 في المائة في أفق 2016، خاصة عبر تعزيز تدابير إنعاش التشغيل وتعزيز ملائمة التكوين للتشغيل وكذا دعم إحداث المقاولات، فإنها لم تسطر له إجراءات استثنائية كفيلة بإعطائه الدفعة التي يستحقها، ما جعل النتائج تبدو سلبية، والتساؤلات تطفو من جديد على السطح حول أسباب فشل الاقتصاد الوطني في خلق مناصب الشغل الكافية.
وبشكل يكشف قصور الأداء، ومحدودية فهم رجل السياسة المغربي للأمن، فضلت الحكومة أن تظل خارج التغطية وغير معنية بالجدل الذي رافق انتشار الجريمة في الآونة الأخيرة، مع ما رافقه من مطالب بضرورة تكريس الأمن بالمدن المغربية.
حكومة بنكيران زهدت بذلك في ملف يدخل ضمن صلب مهامها، لتلقي بالكرة في ملعب المؤسسة الأمنية، وتركن للصمت رفعا للحرج من عدم تفعيل عدد من الإجراءات التي التزمت بها بشكل علني ضمن برنامجها.
ملف آخر، خرج مائلا من الخيمة، يتعلق بالبنوك التشاركية، حيث مازال مخاض ولادة أولى هذه البنوك عسيرا، رغم صدور القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، وانخراط البنك المركزي في إصدار النصوص التطبيقية التي سيتم الاعتماد عليها لمنح تراخيص إنشاء هذه المصارف.
أما بخصوص قطاع الصحة، فالأمل كان معقودا على الوزارة في عهد الحكومة الحالية، بأن تتعامل بذكاء مع مشاكل القطاع المؤرقة التي تراكمت لسنوات خلت، لكن بإلقاء نظرة على واقع الصحة العمومية اليوم يجمع المتتبعون على أن هناك تراجعا «خطيرا» مرده إلى استمرار مجموعة من المشاكل التي لازالت مستمرة رغم الجهود المبذولة من أجل حلها، بدءا بضعف الموارد البشرية وسوء توزيعها، ومرورا بالبنى التحتية وتأخر إنجاز مجموعة من المشاريع الصحية، وانتهاء بالأعطاب التي تصيب المعدات والتجهيزات الطبية والبيو طبية، بسبب قلتها وأيضا بسبب الضغط المتواصل عليها من طرف المرضى.
وما يزال ملف إصلاح العدالة ينتظر الحسم منذ فتحه إلى جانب ملفات أخرى إثر أحداث الربيع العربي في سياق الإصلاحات التي عرفها المغرب، وأجلت الخلافات التي ظهرت بين الأغلبية والمعارضة داخل مجلس النواب حول مشروعي القانونين التنظيميين الخاصين برجال القضاء والمجلس الأعلى للسلطة القضائية التي أثارت حولهما الجمعيات القضائية جدلا واسعا بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهتها للمشروعين المذكورين.
وبالمقابل، وحتى نكون منصفين، فحكومة بنكيران كانت لها إيجابيات ومنجزات تحسب لها، حيث استطاعت تفعيل المقاربة التشاركية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية في العديد من المجالات، منها الحوار الوطني حول الإصلاح الشمولي لمنظومة العدالة، والحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، والحوار الوطني حول الشباب، والحوار الوطني حول قانون الصحافة والنشر، والحوار الوطني حول الإصلاح الجبائي.
ويحسب للحكومة، أيضا، فتحها للعديد من الملفات الشائكة، من قبيل ملف صندوق المقاصة وملف التقاعد، وذلك على الرغم من كون مخرجات هذه الملفات لم تتضح بعد بشكل نهائي.

مشاكل قطاع الصحة العالقة.. نقص مهول في الموارد البشرية وضعف في البنى التحتية
لهذه الأسباب عجزت الوزارة الوصية عن مواجهة الخصاص الفظيع في الموارد البشرية
هيام بحراوي
سنة 2012 قدم وزير الصحة الحسين الوردي، تقريرا صادما عن وضعية المستشفيات بالمغرب، وما تعيشه من تردي وتدني للخدمات الصحية وضعف جودتها، وضعف البنية التحتية وقلة المعدات والأطر الصحية والبشرية، وضعف الخدمات المقدمة للمرضى. وعلى ضوء هذا التقرير كان الأمل معقودا بحسب المهنيين، على وزارة الصحة في عهد الحكومة الحالية، بأن تتعامل بذكاء مع مشاكل القطاع المؤرقة التي تراكمت لسنوات خلت، لكن بإلقاء نظرة على واقع الصحة العمومية اليوم يجمع المتتبعون على أن هناك تراجعا «خطيرا» مرده إلى استمرار مجموعة من المشاكل التي لازالت مستمرة رغم الجهود المبذولة من أجل حلها، بدءا بضعف الموارد البشرية وسوء توزيعها ومرورا بالبنى التحتية وتأخر إنجاز مجموعة من المشاريع الصحية وانتهاء بالأعطاب التي تصيب المعدات والتجهيزات الطبية والبيو طبية، بسبب قلتها وأيضا بسبب الضغط المتواصل عليها من طرف المرضى.
فبحسب ما تم تأكيده من طرف عدد من المشتغلين بقطاع الصحة، فإن هناك تراجعا خطيرا في مستوى الموارد البشرية، سواء تعلق الأمر بالأطباء أو الممرضين، وهناك خصاص «فظيع» يتم تعويضه اليوم بالمتدربين من المدارس الخاصة الذين يجوبون المستشفيات ببدلهم البيضاء، فيحسبهم المرضى موظفين في المستشفى وهم في حقيقة الأمر مجرد صورة تزين بها واجهات المستشفيات العمومية لنفي الخصاص. ودليل ذلك يؤكد مصدر طبي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن عدد المناصب التي خصصت لهذه السنة للأطباء حددت في 15 طبيب وهو العدد الذي لم يسجله المغرب منذ سنوات، وسبب ذلك يعود في نظره إلى خطة مدروسة من أجل صرف النظر على المرفق العمومي.
وأضاف المصدر ذاته، أن تراجع الموارد البشرية في عهد الحكومة الحالية مرده أيضا إلى عدم تعويض المتقاعدين من الأطباء والممرضين وعدم تعويض من يهاجرون منهم إلى الديار الأوربية، فضلا عن النقص الذي يهم أيضا الأطر الإدارية التي يتم تعويضها بأطر تمريضية لسد الخصاص، وهو ما يدل في نظره على سوء التوزيع الذي يعرفه مجال الموارد البشرية في قطاع الصحة.
وإذا كان التصنيف الدولي لمنظمة الصحة العالمية يصنف المغرب في ذيل الترتيب في مجال تأطير الموارد البشرية، فإن الواقع يؤكد ذلك خاصة في المجال القروي الذي يعرف أيضا خصاصا مهولا في الأطر الصحية، وكمثال على ذلك أحد المراكز الصحية بإقليم زاكورة الذي يقول المصدر نفسه، يواصل عمله بمولدتين تعملان طوال النهار بدون توقف وممنوعتان من العطلة الصيفية، لعدم وجود بديل لهما وليس هذا فحسب بل إحداهما يؤكد، مضطرة بحسب التعليمات التي أعطيت لها على قيادة سيارة الإسعاف في حال تفاجأت بحالة في وضعية صعبة.
من جهته أوضح إسماعيل المهداوي، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بمكناس، التابع للاتحاد الوطني للشغل، أن مشكل الموارد البشرية مرتبط بسوء تدبير وتوزيع الأطر الصحية، وعدم احترام الاختصاص الذي يؤدي إلى تشغيل ممرضين في مناصب إدارية، موضحا أن 50 في المائة من الأطر الصحية تتواجد، بوفرة في محور الرباط- الدار البيضاءالقنيطرة، وأن الخصاص المسجل هو في المناطق القروية والنائية، مشيرا إلى أنه في هذه السنة تم تسجيل 589 طبيب في محور فاس و300 طبيب في مدينة مكناس.
وطالب المتحدث بضرورة تحديد المهام والحاجيات الحقيقية بسن إطار مرجعي لمناصب الكفاءات الصحية يحدد العدد الإجمالي للأطر حتى لا يكون هناك خصاص.
ومن ضمن التراجعات المسجلة أيضا في قطاع الصحة نجد ما هو متعلق بالبنية التحتية والمؤسسات الاستشفائية التي مازالت لحد الآن مغلقة في عدة مدن، وما هو متعلق بالمعدات والآلات التي يسجل فيها أيضا خصاص ترجعه مصادرنا إلى التلاعب في الصفقات المرتبطة بهذه المعدات.
فالبنايات المغلقة فضحها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي وقف على العديد من الاختلالات بعد مراقبته تدبير مشاريع توسيع شبكة المؤسسات الصحية، كان لها انعكاس سلبي على القطاع من حيث تواجد 151 مؤسسة للعلاجات الصحية الأساسية جاهزة وغير مشغلة في المجالين الحضري والقروي.
وبحسب مصدر نقابي، فإن إغلاق تلك المؤسسات وعدم مباشرة عملها له علاقة بالخصاص الذي تعانيه في الأطر الصحية، فضلا عن أن المستشفيات التي تبنى هي أقل جودة من المؤسسات التي عمرت أكثر من 30 سنة، وذلك بسبب ضعف المراقبة وغياب المتابعة والمراقبة من لدن الوزارة الوصية المسؤولة على السهر على برامج المشاريع الصحية المبرمجة، وإن كانت لا تقوم بتمويلها في معظم الأحيان بسبب ضعف الميزانية المخصصة للقطاع.

تخفيض أسعار الأدوية.. «الهدية» التي حافظت على هامش ربح الدواء
وصف بأنه «زوبعة في فنجان» وأنه يخدم فقط لوبيات صناعة الأدوية
نزهة بركاوي
بعد أن خرجت الحكومة بقرار تخفيض نحو 1500 نوع من الأدوية، بنسب تتراوح ما بين 30 في المائة و80 في المائة، يهم العديد منها علاج أمراض مزمنة وأخرى واسعة الانتشار، صفق الكثيرون لهذا القرار الذي رأى فيه البعض أنه قرار «جريئ» سينهي «أزمة المريض» في المغرب الذي يقف عاجزا تماما عن اقتناء الأدوية خاصة الفئة الهشة، حيث إن المريض المغربي لا ينفق سوى400 درهمٍ من الأدوية في السنة على نفسه ليس لأنه «شحيح» ولكن لأنه غير منخرط في أنظمة التغطية الصحية لا الخاصة ولا العمومية، وهو عاجز عن تغطية مصاريف العلاج والدواء.
القرار الذي قيل إنه اتخذ بعد صراع ومواجهات بين وزارة الصحة ومصنعي الأدوية وأرباب الصيدليات اعتبره مهتمون في القطاع الصحي بأنه مجرد «زوبعة في فنجان»، وأنه لم ولن يخدم المواطن المغربي البسيط في أي شيء، بل إنه يخدم فقط لوبيات صناعة الأدوية في المغرب التي «أملت» على وزير الصحة، الحسين الوردي «قياسات» تلائم مصالحها الخاصة وتحافظ على هامش الربح لديها، وأنها هي من حددت أسعار الأدوية و»أنزلها» الوردي بحذافيرها نزولا عند رغبة الصناع، يقول عبد القادر طرفاي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وهو أيضا باحث في قانون الصحة والأخلاقيات بجامعة جون مولاه بليون بفرنسا.
عملية تخفيض ثمن الأدوية لم تَخْلُ من «تضخيم» للأرقام، يقول طرفاي، وأنه مادام الكثير من المغاربة مازالوا محرومين من التغطية الصحية، فإن هذا القرار وغيره في مجال السياسة الدوائية سيظل مجرد «زوبعة» فالحكومة الحالية تشتغل بكثرة الكلام و»الثرثرة» وخلق الضجات، يقول طرفاي، فمشكل الأدوية في المغرب مازال مطروحا بقوة في المغرب إلى الآن، فالأدوية مازالت مرتفعة جدا مقارنة مع الدول الأوربية خاصة بفرنسا التي تظل الأدوية بها مرتفعة الثمن مقارنة مع باقي الدول الأوربية الأخرى، ومع ذلك فإن الأدوية في المغرب مازالت تفوقها سعرا.
وأكد المصدر ذاته أن الحكومة السابقة كانت تسير في اتجاه خفض سعر الدواء في المغرب، حيث تم تكليف مكتب دراسات دولي إنجليزي أجرى دراسة في هذا المجال وأعد مقترحات من أجل تخفيض الأدوية، وعليه تم اللجوء إلى الأدوية الجنيسة، غير أن لوبي الصناعة الدوائية في المغرب، يضيف المصدر ذاته، «خلق ضجة حول الوزيرة السابقة بادو ونزل بثقله لمنع أي جهة من التدخل في مجال صناعة الأدوية في المغرب»، يقول طرفاي.
وأضاف المصدر ذاته أن وزير الصحة يخضع لأجندة الصناعة الدوائية وهو ينفذ «تماما» توجهاتها ويخدم مصلحتها. وقال إن المرسوم الذي تبنته الحكومة كان بتوجيهات من الصناعة الدوائية، بل إنه كان مفاجئا حتى لتقنيي الوزارة ومديرية الأدوية التي كانت آخر من يعلم بمضمونه. وأضاف طرفاي أن قرار تخفيض سعر الدواء في المغرب كان يقتضي اختيار بعض الدول المشابهة للمغرب اقتصاديا واجتماعيا ومقارنة أسعار الأدوية بها، وبالتالي تحديد السعر الأدنى لهذه الأدوية وتطبيقه في المغرب، غير أن الجميع تفاجأ بأنه تم اختيار فرنسا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال والسعودية وتركيا لإنجاز هذه المقارنة، علما أنه لا مجال للمقارنة بينها وبين المغرب على جميع الأصعدة وهي المقارنة التي تمت أيضا، يضيف طرفاي، إرضاء لصناع الأدوية في المغرب التي اختارت هذه الدول حتى تحافظ على هامش الربح لديها.
المفاجأة السارة، يقول طرفاي، والهدية التي قدمتها الحكومة لصناع الأدوية هي حينما «تبرعت» بنسبة 10 في المائة لفائدتهم، في حين أن الثمن الذي كان قد حدد مسبقا يشمل كل التكاليف، وأن هذه النسبة أضيفت لهم «مجانا» ل»جبر خواطرهم»، كما أن موضوع الأخذ بالحد الأدنى لم يجر تطبيقه، بل إن الحكومة قامت بأخذ معدل الأدوية بتلك الدول وليس الحد الأدنى لأسعار الأدوية بها، وهو ما جعل أن ثمن الدواء في السوق المغربي لا يعرف تغييرا كبيرا، كما أن لائحة الأدوية التي شملها التعديل في السعر حددتها أيضا لوبيات صناعة الأدوية وفقا لمزاجها وبشكل يحفظ هامش الربح لديها، لذلك فإن الضجة التي خلقت حول تفيض السعر في المغرب تبقى مجرد «ذر الرماد في العيون» ودليل ذلك أن الأسعار مازالت باهظة كما أن التخفيض لم يشمل أهم الأدوية التي تعرف استهلاكا كبيرا وذاك السعر المرتفع مثل أدوية السرطانات والمضادات الحيوية التي مازال سعرها مرتفعا حتى مقارنة مع الدول الأكثر غلاء من المغرب.
ويشار إلى أن أغلب الأدوية المخفضة الواردة في الجريدة الرسمية لا تتجاوز نسبة التخفيض فيها ٪30، كما أن الأدوية التي تتجاوز نسبة ٪ 60 من التخفيض تقتصر على 17 دواء وتشكل فقط ٪ 1 من مجموع الأدوية المخفَّضة، ناهيك عن أنها لا تعرف طلباً كبيراً من طرف المرضى، تقول مصادر جد مطلعة. وفيما يخص الأدوية ذات الكلفة المرتفعة مثل أدوية السرطان، فإنها تظلّ باهِظة الثمن رغم التخفيض، فبدون تغطية صحية (لا تزال هزيلة في المغرب ولا تتجاوز ثلث السكان)، يبقى الدواء بصفة عامة بعيداً عن متناول المواطن المغربي البسيط.

كيف فشلت المدرسة المغربية في جل تجارب الإصلاح!!
بعد أن دق الخطاب الملكي حولها ناقوس الخطر
أحمد امشكح
عاد الخطاب الملكي ليضع الأصبع على داء التربية والتعليم حينما قال الملك إن هذا الورش لا يزال مفتوحا، ولا يزال في حاجة للإصلاح. لذلك عاد أهل التربية والتعليم ليفتشوا في أوراقهم السابقة من أجل قراءة ما تحقق، وما يجب أن يتحقق للمستقبل، خصوصا وأن المدرسة المغربية جربت في العشر سنوات الأخيرة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ثم المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، قبل أن تصل اليوم إلى المشروع الجديد الذي جاء به المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي. والذي من المقرر أن يتم تنزيل مقتضياته مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد.
وكان المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، قد قدم تقريرا عن حصيلة الميثاق الوطني للتربية والتكوين خلال ثلاث عشرة سنة على تنزيله. وهو التقرير الذي لم يختلف عما جاء به تقرير مجلس الراحل مزيان بلفقيه، أو ما قدمته عملية التشخيص التي قام بها وزير التربية الوطنية في حكومة عباس الفاسي أحمد اخشيشن حينما جاء بمشروع المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، والذي كان مقررا له أن ينطلق في 2009 على أن يكمل سنواته في 2012، قبل أن يتوقف بقرار سياسي في منتصف الطريق.
في تقرير المجلس الأعلى، نقرأ الخلاصات نفسها حول التعلمات الأساسية، التي لا تزال رهانا صعب التحقق، وحول الهدر المدرسي، الذي يجعل عددا من تلامذتنا يغادرون فصول الدرس في السنوات الأولى دون أن يكملوا المشوار الدراسي إلى أقسام الإعدادي والثانوي.
وفي التقرير نفسه أرقام حول عدد هؤلاء الذين يغادرون خصوصا بالنسبة للعنصر النسوي. ومعطيات حول التعليم الأولي، الذي يكاد يغيب في العالم القروي، وإن كان بدرجة غير كافية في الوسط الحضري، مما يقلص تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
وفيه أيضا حديث عن الجودة، التي لا تزال هي الأخرى هدفا تسعى إليه المدرسة المغربية، والتي خصها الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الثالث، بالاهتمام، حيث نص على ضرورة الرفع من جودة التربية والتكوين، وضرورة التزام الدولة بالعمل على جعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجيات الأفراد والمجتمع، وذلك بوضع مرجعيات المناهج والبرامج ومعايير التأطير والجودة في جميع مستويات التربية والتكوين. أما الهدف الأكبر، فهو إعادة صياغة أدوار المدرسة، وجعلها مؤهلة لتحسين جودة التعلمات من خلال اعتماد مقاربات تدبيرية مبنية على مبادئ التعاقد، والشارك، والحكامة الجيدة.
أما لتنزيل كل هذه الأفكار، فقد وضعت خطة لإرساء نظام الجودة بالمنظومة مبني على رؤية مستقبلية. وذلك من خلال وضع وحدة مركزية، وأخرى جهوية، وثالثة إقليمية وفق مخطط ممتد من سنة 2010 إلى سنة 2016.
كما خص الميثاق الوطني للتربية والتكوين، قضية التعليم الأولي بالاهتمام حينما تحدث على أن تعميم التعليم الأولي يجب أن ينتهي في 2015. وهو الرهان الذي لم يتحقق بالجودة التي كانت منتظرة.
كما كان المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، قد أعطى لهذا الشق العناية الكبيرة، وخصص له مشروعا من مشاريعه بالنظر للدور الذي يلعبه، رغم الكثير من الإكراهات التي تعترضه. لذلك عاد الحديث مجددا عن هذه النقطة في مشروع الإصلاح الذي من المقرر أن تدخله المدرسة المغربية في مستهل الموسم الدراسي المقبل.
هذا بالإضافة إلى ظاهرة الهدر المدرسي التي توقف عندها تقرير المجلس الأعلى. فالأرقام تقول إن 400 ألف تلميذ ظلوا يغادرون حجرات الدرس كل موسم دراسي إما بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية كالفقر. أولضعف دخل الآباء، والطلاق وأمية الآباء والزواج المبكر بالنسبة للفتيات. هذا بالإضافة إلى بعد المدرسة، وضعف الوسائل البيداغوجية حيث تطغى المناهج التقليدية .وسوء العلاقة بين التلميذ والمدرسة والناتج عن الاكتظاظ الحاصل داخل حجرات الدرس مثلا، وأنظمة الامتحانات وطبيعة ونوعية العمل التربوي الذي يعرف اضطرابا وتباينا، مع الخلل الحاصل في البنية التربوية، كعدم توفر بعض الأسلاك.
وحينما نتأمل كل هذه الأسباب التي تقف وراء الهدر المدرسي نجد أنها تشترك فيما هو بيداغوجي صرف، وفيما يتعلق ببنيات الاستقبال. لذلك فمحاربة الظاهرة لا يمكن أن تعرف طريقها إلى النجاح إلا بإصلاح حال المنظومة التربوية ككل. أما اعتبار التربية غير النظامية حلا للهدر فلا يعدو أن يكون حلا ترقيعيا لأنه لا يفي بالغرض.
وبلغة الأرقام نجد أن هذه التربية غير النظامية لا تستقبل سنويا إلا قرابة الثلاثين ألف تليمذ، في الوقت التي تقول فيه الأرقام نفسها إن الذين يغادرون أقسامهم لهذا السبب أو ذاك يفوق سنويا 400 ألف تلميذ. والفرق جد شاسع بين الرقمين.
وكما تحدث الخطاب الملكي الأخير عنها، واعتبر الاختلاف حولها غير ذي قيمة، فقد توقف تقرير المجلس الأعلى مليا عند الإشكالية اللغوية التي يعتبر الحسم فيها أولوية الأولويات. وهي الإشكالية المتمثلة في استعمال غير متناسق للغة التدريس في منظومة التربية والتكوين، وأثر ذلك على صعوبة اكتساب المعارف العلمية، والكفايات التجريبية والتطبيقية في الجامعة، نظرا لضعف إلمام التلاميذ باللغة الفرنسية.
وظل موضوع اللغة يشكل واحدا من القضايا الكبرى التي اشتغل عليها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، خصوصا ما يتعلق باللغة الثانية التي وجب الاعتماد عليها. وهكذا فبعد أن كان التوجه العام يسير نحو إعمال الإنجليزية كلغة ثانية بدلا من الفرنسية، التي ظلت ترافق التعليم المغربي باعتبارها إرثا استعماريا سماه البعض بغنيمة الحرب. وبالنظر إلى أن الإنجليزية هي اليوم لغة التكنولوجيا والعلوم، عادت لجنة المناهج بداخل المجلس الأعلى في نهاية الأشغال لتتداول في الأمر، وتعيد الفرنسية إلى مكانتها السابقة بعد أن دخلت السياسة على الخط، وتحرك لوبي الفرنكوفونية للضغط بقوة. لذلك بدأ الحديث عن إمكانية جعل اللغة الفرنسية تدرس منذ الصفوف الأولى الابتدائية.
وشكل تعميم التعليم، أو التعليم للجميع، أو إلزامية التعليم، أحد الأهداف التي أولتها البلاد أهمية قصوى منذ الاستقلال إلى الآن، فوضعت لها مخططات، ونظمت منتديات للإصلاح تحت شعارات الجودة والقرب والجهوية. بل إن التعميم شكل، الدعامة الأولى في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. إلا أن الهدر المدرسي الذي تزيد نسبته بالوسط القروي، يحول دون بلوغ الحاجيات المتزايدة لنظامنا التربوي في الآجال المناسبة.
وتشكل الفتيات أولى ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب بنسبة تقارب اليوم الستين في المائة، لدرجة أن غياب مراحيض بداخل المؤسسات التعليمية قد يتسبب في مغادرة تلميذة حجرات الدرس.
في تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول 13 سنة من إعمال الميثاق الوطني للتربية والتكوين، نكتشف كيف أن نسبة نجاح هذا الاختيار كانت ضئيلة مقارنة مع الأهداف الكبرى التي وضعت له.
غير أن أهل التربية والتعليم يتحدثون على أن من بين أسباب فشل بعض إجراءات الميثاق، ضعف الإمكانيات المالية التي رصدت له. لذلك حينما جاء المخطط الاستعجالي على أنقاضه، وفرت له إمكانيات مالية كبيرة وصلت وقتها إلى أكثر من أربعين مليار درهم. غير أن بعض الاختيارات السياسية سارعت لتوقيفه قبل أن يكمل سنواته، ودون أن يخضع للتقييم. فهل تحتاج المدرسة المغربية اليوم لإصلاح الإصلاح، كما قال الخطاب الملكي، أم أن ما جاء به المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي من إجراءات قد يكون بداية للإصلاح؟

محاربة البطالة.. جهود محتشمة وبرامج عقيمة
مناصب الشغل المحدثة لم تتجاوز 21 ألف خلال السنة الماضية رغم الحاجيات الملحة لبعض القطاعات
المساء
رغم أن الحكومة وضعت التشغيل ضمن أولويات برنامجها، الذي يهدف إلى تقليص نسبة البطالة لتصل إلى 8 في المائة في أفق 2016، خاصة عبر تعزيز تدابير إنعاش التشغيل وتعزيز ملائمة التكوين للتشغيل وكذا دعم إحداث المقاولات، فإنها لم تسطر له إجراءات استثنائية كفيلة بإعطائه الدفعة التي يستحقها، ما جعل النتائج تبدو سلبية، والتساؤلات تطفو من جديد على السطح حول أسباب فشل الاقتصاد الوطني في خلق مناصب الشغل الكافية.
أخيرا، قدمت دراسة صادرة عن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك)، أرقاما متفائلة جدا، حيث أكدت الوكالة أن سوق الشغل سيكون في حاجة إلى أزيد من 124 ألف منصب شغل سنة 2016.
الدراسة التي شملت 5855 مقاولة عبر التراب الوطني وأشرف عليها حوالي 420 مستشارا في التشغيل، وامتدت من 17 فبراير إلى 5 ماي الماضيين، أوضحت أن الحاجيات المرتقبة في المهن العالمية المتعلقة بتقنيات التواصل الحديثة وترحيل الخدمات ستبلغ 23 في المائة، بينما ستصل الحاجيات في صناعة السيارات والطيران إلى نسبة 21 في المائة، وحاجيات الفندقة والمطعمة إلى نسبة 11 في المائة، والتعليم إلى 5 في المائة، والتجارة والتوزيع إلى 6 في المائة، والصناعة الغذائية إلى 5 في المائة، والأنشطة المالية والتأمينية إلى 4 في المائة.
لكن بين هذه الأرقام والواقع هوة سحيقة، فالتقرير الذي سلمه والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، إلى الملك، أخيرا، والذي أكد على خطورة الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، أشار إلى أن مناصب الشغل المحدثة لم تتجاوز 21 ألف منصب شغل برسم السنة الماضية.
السؤال المطروح، إذن، هو إذا كانت حاجيات سوق الشغل تتجاوز في الغالب 100 ألف منصب شغل سنويا، كما جاء في دراسة «أنابيك» فلماذا لا توفر الحكومة سوى بضعة آلاف منصب سنويا؟
الجواب على هذا السؤال بسيط للغاية، فالحكومة لم تهتدي إلى الآن إلى الوصفة السحرية لاجتثاث منابع البطالة لأنها لازالت إلى حدود هذه الساعة تتشبث ببرامج قديمة أثبتت فشلها، وحولت «أنابيك» من وكالة وطنية للتشغيل إلى مجرد «مكتب سمسرة» في اليد العاملة.
وعلى الدوام تشكل الأرقام المتعلقة بنسبة البطالة مجالا لتبادل «الاتهامات» بين الحكومة وبين العديد من المؤسسات التي تعنى بالوضعية الاقتصادية، ومن بين هذه المؤسسات نجد المركز المغربي للظرفية الذي وصف في نشرته الشهرية الأخيرة التي أصدرها حول سوق الشغل بالمغرب مشكل البطالة بالملف المقلق نظرا للارتفاع المستمر لأعداد العاطلين عن العمل في المغرب، وهذا يفترض القيام بإصلاح هيكلي للقطاعات المنتجة في المغرب.
المركز اقترح على الحكومة بأن تعجل بإصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، وذلك من أجل التخفيف من الأعباء التي تتحملها المقاولات وهو الأمر الذي سيشجعها على خلق مناصب شغل أكبر، بالإضافة إلى الرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي ليكون قادرا على مواجهة التقلبات الاقتصادية التي يعرفها العالم بين الفينة والأخرى.
وبلغة الأرقام قال المركز المغربي للظرفية إن نسبة البطالة قد سجلت ارتفاعا خلال السنة الماضية ب0.7 نقطة على الصعيد الوطني، لتقارب نسبة 10 في المائة، وكانت أكثر الفئات تضررا من ارتفاع البطالة هي فئة الشباب والنساء وحاملي الشواهد العليا، ففي المجال الحضري ارتفعت البطالة ب2.1 نقطة بالنسبة للشباب، و1.5 نقطة في صفوف النساء، وارتفع ب1.3 نقطة بالنسبة للشباب الحامل للشواهد العليا.
وأشار المركز إلى أن الخلل الذي يعرفه سوق الشغل بالمغرب، يتميز بهيمنة الأنشطة التقليدية خصوصا القطاع الفلاحي الذي مازال يعتبر من القطاعات الأكثر توفيرا لمناصب الشغل وذلك على حساب قطاع الصناعة، بالإضافة الدور الكبير الذي يلعبه القطاع غير المهيكل في توفير فرص العمل.

العدالة.. الإصلاح المعلق في انتظار التوافقات
المساء
ما يزال ملف إصلاح العدالة ينتظر الحسم منذ فتحه إلى جانب ملفات أخرى إثر أحداث الربيع العربي في سياق الإصلاحات التي عرفها المغرب، وأجلت الخلافات التي ظهرت بين الأغلبية والمعارضة داخل مجلس النواب حول مشروعي القانونين التنظيميين الخاصين برجال القضاء والمجلس الأعلى للسلطة القضائية التي أثارت حولهما الجمعيات القضائية جدلا واسعا بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهتها للمشروعين المذكورين، هذا الجدل دفع رئيس مجلس النواب إلى تأجيل التصويت على مشروعي القانونيين إلى الدورة البرلمانية المقبلة بناء على الدفوع التي تقدمت بها فرق المعارضة.
مركز «كارنيغي» الأمريكي شخص خلال ندوة عقدت أخيرا بالرباط لتسليط الضوء على أعطاب العدالة في العالم العربي ومن بينها المغرب في ثلاثة مستويات تتوزع بين سياسي يرتبط بالاستقلالية، وأخلاقي يرتبط بالنزاهة، وتدبيري يرتبط بالحكامة والفعالية. ليخرج بتوصيات مهمة للإصلاح تتمثل أولها في التعاون بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتغليب الحسّ الوطني والمصلحة العامة في صياغة القوانين المُنظِّمة للسلطة القضائية، وإيجاد ضمانات كافية للقضاة في مواجهة المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
هذه التوصية سرعان ما ضرب بها عرض الحائط ودخل ممثلو لسلطة القضائية والتشريعية في حرب طاحنة وصلت حد اتهام برلمانيين لبعض القضاة المتكتلين في إطار نادي قضاة المغرب بالسعي إلى خلق دولة داخل الدولة وممارسة العمل السياسي، ليدخل الجميع في سجال فرض تأجيل النظر في القوانين الخاصة بالسلطة القضائية إلى وقت لاحق.
ورغم المجهودات الكبيرة التي بذلتها وزارة العدل والحريات لإصلاح منظومة العدالة فإن بعض الجمعيات المدنية المهتمة بالشأن القضائي انتقدت الوتيرة البطيئة التي يسير بها هذا الإصلاح، الذي يعول عليه المغاربة من أجل إدخال إصلاحات عميقة على منظومة العدالة التي عانوا لسنوات طويلة من الاختلالات التي كانت تعرفها.
وخلال الحديث عن إصلاح منظومة العدالة من الواجب الاعتراف بالمجهودات المهمة التي قامت بها وزارة العدل والحريات بإصدار ميثاق لإصلاح منظومة العدالة، الذي اعتبره الكثير من المتتبعين للشأن القضائي خارطة طريق لإنجاز الإصلاحات المرتبطة بمنظومة العدالة وفي مقدمتها القضاء. وجاء هذا الميثاق بعد مسار طويل وشاق ومشاورات مكثفة مع كافة المتدخلين بجميع جهات المملكة، وتميز بعقد 41 اجتماعا لهيئة العليا لإصلاح العدالة، و11 ندوة جهوية غطت الخريطة القضائية للمملكة، فضلا عن استشارات كتابية ل 111 هيئة ومنظمة، و 104 ندوة مواكبة على صعيد المحاكم.
واستجاب الميثاق المذكور لأهم مطالب الجمعيات المهنية للقضاة، التي تتمثل في ضمان استقلال السلطة القضائية التي نص عليها دستور 2011، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، وتحديث الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها.
ولإيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها منظومة العدالة منذ سنوات طويلة وضعت وزارة العدل والحريات أزيد من 200 آلية تنفيذ، تشمل 353 إجراء تنفيذيا، تم تضمينها في المخطط الإجرائي المرفق بالميثاق، والذي يحدد الإجراءات التفصيلية المطلوبة لتطبيق الآليات المقترحة لتنفيذ مختلف أهداف الميثاق.
توصيات «كارنيغي» لإصلاح منظومة العدالة
التعاون بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتغليب الحسّ الوطني والمصلحة العامة في صياغة القوانين المُنظِّمة للسلطة القضائية، وإيجاد ضمانات كافية للقضاة في مواجهة المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
إعادة النظر في برامج التعليم في معاهد القضاء، وتدريس العلوم الإنسانية والنفسية في كليات الحقوق ومعاهد القضاء، لجعل مهنة القضاء متناغمة مع المجتمع.
تحويل المؤسسات المؤقّتة إلى مؤسسات دائمة في تونس، مثل الهيئة المؤقّتة للقضاء العدلي، والمطابَقة بين التصوّر الدستوري لهذه المؤسسات والنصوص التطبيقية.
التأكيد على استقلالية المحاكم وظيفياً ومالياً.
إعطاء المجلس الأعلى للقضاء فرصة ممارسة الصلاحيات الموكولة إليه في الدستور، وإخضاع عمله إلى المعايير الدولية.
الشفافية في تعيين القضاة.
وضع آليات لتصفية القضايا والحدّ من الاستئنافات، والتركيز على جودة القضاء ونجاعة الفصل في القضايا.
الحدّ من تبعية النيابة العامة لوزير العدل، والاعتماد على معايير الكفاءة والاستقلالية والنزاهة في ترقية القضاة.
ضمان الاستقلال المالي للمحاكم، واعتماد تحديد دقيق لمفهوم السلطة القضائية.
ضمان استقلال القاضي عن مسؤوله الإداري والمجلس الأعلى، وإعطاء ضمانات للقاضي أثناء الإجراءات التأديبية.
تعميق معرفة القاضي للمجتمع في إطار مبدأ الصمود أمام الباطل وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، وتطبيق مفهوم المحاكمة العادلة.
تمكين المواطن من تنفيذ أحكامه من دون تأخير، خصوصاً الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية.

المؤسسة الأمنية وعناصر الشرطة ملزمون بدفع فاتورة التدبير السيئ للمنتخبين والسياسيين
الحكومة تستقيل من مهامها في محاربة الجريمة بالشوارع وتكتفي برصدها في الأفلام والبرامج


مصطفى الحجري
بشكل يكشف قصور الأداء، ومحدودية فهم رجل السياسة المغربي للأمن، فضلت الحكومة أن تظل خارج التغطية وغير معنية بالجدل الذي رافق انتشار الجريمة في الآونة الأخيرة، مع ما رافقه من مطالب بضرورة تكريس الأمن بالمدن المغربية.
حكومة بنكيران زهدت بذلك في ملف يدخل ضمن صلب مهامها، لتلقي بالكرة في ملعب المؤسسة الأمنية، وتركن للصمت رفعا للحرج من عدم تفعيل عدد من الإجراءات التي التزمت بها بشكل علني ضمن برنامجها.
هذا الحرج وجد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران نفسه مجبرا على التخلي عنه بشكل جزئي، حين مساءلته سنة 2003، حول «الوضعية الأمنية بالمغرب»، ليختبئ في لعبة قديمة خلف الأرقام الجاهزة، والعبارات الباردة، ويؤكد أمام مجلس النواب، بأن الوضعية الأمنية في المغرب «ليست مثالية، لكنها تبقى تحت السيطرة»، وأن التتبع اليومي لهذه الوضعية من طرف المصالح المختصة «لا يشير إلى وجود انفلات أمني،على غرار ما يقع في بلدان مشابهة».
بنكيران وفي تعاطيه مع ملف الجريمة والأمن، أفرط في لغة الخشب وهو يؤكد أن سياسة الحكومة في مجال محاربة الجريمة تتبنى «مقاربة شمولية ومندمجة لا تنحصر فقط في الشق الأمني، بل تتجاوزه لتشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية»، وهي المقاربات التي لم يتم تنزيلها لحد الآن، ولو في حدها الأدنى، لتستمر المدن المغربية بما فيها من أحزمة بؤس تطوقها من كل جانب، في إنتاج الجريمة أمام تنامي مؤشرات البطالة، والهشاشة، والتهميش الذي تكرسه سياسات عمومية تكتفي بالمنطق التقليدي في التعاطي مع حاجيات المواطن، وتغيب بشكل تام أهمية توفير الإحساس بالأمن في مفهومه الواسع.
مسؤول بارز في سلك الأمن الوطني نبه إلى أنه لا يكمن الاستمرار في دفع فاتورة التسيير الكارثي لمنتخبين وسياسيين ومسؤولين لا زالوا ينتجون أحزمة بؤس، ويتغاضون عن خروقات خطيرة للتعمير أسهمت في ظهور أحياء، بعضها تحول إلى «غيوتوهات» يصعب اختراقها أو ضبطها أمنيا، وهو ما نجد في عدد من المدن المغربية بما فيها العاصمة الرباط.
وقال إن الأمن لا يتحقق بوجود رجل شرطة وكوميسارية فقط، بل بتوفير مناخ يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويعيد الاعتبار لمفهوم العمران والتعمير والتمدن، محذرا من أن هذا الأمر لن يتحقق في ظل استمرار تناسل البؤر العشوائية وزحف الإسمنت في مشاريع سكنية عملاقة، تفتقد لأبسط الشروط والمرافق، ما يخلق تجمعات بشرية ضخمة، ستتحول عما قريب إلى معامل لتفريخ الإجرام.
هذه المعطيات ترسم المزيد من العلامات القاتمة حول القادم من الأيام، خاصة مع اقتراب انتهاء السقف الزمني الذي رفعته الحكومة لتنزيل مخططها الخماسي الذي أعلن عنه بنكيران (2013 – 2017)، والذي يهم إحداث 63 وحدة جديدة للأمن من بينها منطقتان و31 مفوضية و30 دائرة للأمن، وترشيد انتشار عناصر الأمن، وتعزيز الموارد البشرية للمصالح الأمنية، والرفع من القدرات المهنية لمصالح الأمن وتطوير أساليب عملها لمسايرة تطور الإجرام، إضافة إلى تدعيم الجانب الوقائي عن طريق القيام بحملات لإلقاء القبض على المبحوث عليهم، والقيام بدوريات منتظمة لمحاربة ظواهر الانحراف خاصة في النقط الساخنة، وإحداث مرصد وطني للإجرام قصد الارتقاء بالمعالجة الأمنية والقضائية لظاهرة الإجرام بتحديد الوسائل والمناهج الملائمة والفعالة لردع الأفعال الإجرامية بكافة أشكالها وهو المرصد الذي لم يظهر له أثر إلى الآن.
فجزء كبير مما ورد في حديث رئيس الحكومة ظل حبيس النوايا الحسنة التي يفرط السياسيون في استهلاكها، ولم تتم ترجمة هذه التدابير على أرض الواقع، ليبقى كل الثقل على عناصر الأمن ممن يرهقون أنفسهم في تطهير الشوارع من قطاع الطرق، والمجرمين، في دوامة لا تنتهي أمام ارتفاع نسبة العود، وانتقال الجريمة من الاحتراف للهواية، كل ذلك وسط تطمينات رسمية مفادها أن «لا شيء يدعو للقلق»، وأن «الوضع تحت السيطرة».
ويبقى الاستثناء الوحيد الذي عرت فيه الحكومة على سواعدها ممثلا في مبادرة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لمراسلة الهيأة العليا للسمعي البصري، حول برامج الجريمة والمواد السمعية البصرية التي تتضمن أمورا مرتبطة بها، في إطار ما وصف ب»دعم التوجه الوطني لمحاربة الجريمة»، والحد من «أي انزلاق للتعاطف مع المجرمين أو التطبيع مع ثقافة الجريمة»، لتفضل الحكومة بذلك الاستقالة من مهامها في محاربة الجريمة في الشوارع، وتكتفي بمحاربتها على شاشات التلفزة.

أقصبي *: إصلاحات الحكومة وهمية وتخفي أزمات مستقبلية خطيرة
عبر مساحة هذا الحوار، يرسم الاقتصادي نجيب أقصبي صورة قاتمة، للوضعية العامة للاقتصاد المغربي التي ما فتئت تعرف انحدارا متواصلا للمؤشرات الاقتصادية الحيوية، وعجز الحكومة الحالية عن بناء سياسات اقتصادية رشيدة في مواجهة الاختلالات المالية العميقة، ويعتبر أقصبي بأن كل المؤشرات الاقتصادية الهامة مقلقة، وتنذر بأزمات اقتصادية مستقبلية من شأنها وضع السياق الاقتصادي والاجتماعي العام في موقف حرج.. إضافة إلى استمرار الحكومة في رهن الاقتصاد الوطني للمؤسسات المالية الدولية، وتجاهل مطالب الإصلاحات الجذرية للنظام الضريبي المترهل، الذي من شأنه أن يحسن مداخيل الدولة المالية والنهوض بالسياسات الاجتماعية في قطاعات التعليم والصحة.
حاوره – يوسف منصف
– ما هو السياق الاقتصادي العام الذي جاءت فيه الحكومة الحالية؟
للتاريخ، هذه الحكومة جاءت في وضع خاص سنة 2012 بالمغرب، بعد مخاض حراك 20 فبراير، وإصدار الدستور الجديد. وعلى الصعيد الدولي جاءت أيضا في خضم أزمة عالمية كانت قد ابتدأت منذ 2008، وكان وقعها على الاقتصاد المغربي قويا، وبذلك كانت سنة 2012 سنة الاختلالات تفاقم خلالها كل من العجز الداخلي والخارجي.
إذن، نحن نتفهم بأن مطمح الحكومة، كان هو العودة إلى التوازنات الاقتصادية الكبرى، أما اليوم ونحن في سنة 2015 أي بعد مرور 3 أو 4 سنوات، نستطيع تقييم أداء الحكومة ونتائجها بصفة معقولة.
– هل نجحت الحكومة في تجاوز الاختلالات المالية الكبرى؟
بالنسبة لما يسمى بالتوازنات الخارجية (الميزان التجاري وميزان الأداءات)، فالميزان التجاري قد عرف طيلة سنوات 2012 و2013 و2014 عجزا متفاقما، ووصل مستويات خطيرة، حيث وصل إلى 23 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وفيما يخص مؤشر معدل تغطية الصادرات للواردات تذبذب بدوره بين 45 و 50 في المائة، والأمر نفسه ينسحب على ميزان المعاملات الجارية الذي عرف نسبة عجز بلغت 7 في المائة.
وهذا الوضع المختل يعتبر مقلقا جدا، وبالمقابل شهدت سنة 2015 انخفاضا طفيفا جدا في نسب العجز، مثل نسب عجز الميزان التجاري الذي انحدر إلى 19 في المائة، ومعدل تغطية الصادرات للواردات الذي ارتفع إلى حوالي 57 في المائة.
كذلك عرف عجز ميزان الأداءات انخفاضا وصل إلى 5 في المائة، وهذا التحسن يعتبر متواضعا لأن العجز لازال قائما..
– هل هذا التحسن الطفيف راجع لتحول بنيوي في الاقتصاد المغربي، أم هو نتاج ظرفية معينة وعوامل خارجية..؟
مع الأسف نلاحظ بأن التحسن النسبي للميزان التجاري يعود لأمر وحيد، ألا وهو انخفاض أسعار النفط وباقي المواد المستوردة مثل مشتقات النفط والمواد الغذائية، التي يمكن لها أن تتغير غدا.
وأذكر هنا بأن عجز الميزان التجاري ما هو إلا مرآة لعجز القطاعات الإنتاجية للاقتصاد المغربي، الذي لا يملك قدرات إنتاجية لطرح عروض منتوجات وخدمات منافسة ومتنوعة، والأدهى من ذلك أن نسب العجز تطال حتى مبادلاتنا بمجموعة الدول التي تربطنا بها اتفاقية تبادل حر بدون استثناء، وهي تقارب 55 دولة. بعكس ما كانت الحكومات السابقة والحالية تسوق له من انتعاش اقتصادي والانفتاح على أسواق جديدة. فالتقرير الحديث الصادر عن مكتب الصرف في هذا الباب يفصح عن نتائج كارثية للاتفاقيات التبادل الحر، بسبب عدم قدرة الاقتصاد الوطني على طرح منتوجات مجدية وتنافسية.
ومسؤولية الحكومة تبقى قائمة لأنها عززت ومددت في هذه الاتفاقيات وتداعياتها، وأعضاء الحكومة أنفسهم واعون بأن هذه الاتفاقيات للتبادل الحر كانت عبارة عن أخطاء كبيرة، وتعتبر «ماكينة» لتوليد عجز تجاري دائم.
– بالرغم من «إصلاح» صندوق المقاصة مازال عجز الميزانية قائما، لم يعز ذلك؟
عجز الميزانية العامة ناهز 7 في المائة سنة 2012، ويرجع لعامل مركزي، ألا وهو صندوق المقاصة الذي كان يلتهم لوحده 55 مليار درهم بقيمة بين 6 و 7 من الناتج الداخلي الخام. ولم تكن أزمة صندوق المقاصة إلا بمثابة الجزء الظاهر من جبل الجليد، لأن المشكل أعمق يتمثل في النظام الضريبي غير المجدي، ولم يعد يتوفر على القدرة لتزويد الدولة بالموارد المالية الكافية، لأن المغرب لا يتوفر على عائدات مالية قارة أو ثروة طبيعية من شأنها الحفاظ على مداخيل مالية مستقرة. وبالتالي يظل دون تحقيق الاكتفاء المالي.
فهذا النظام الضريبي كان يجب عليه أن يضمن بين 80 و 85 في المائة من الموارد المالية للدولة، إلى جانب عائدات الفوسفاط وتحويلات المؤسسات العمومية والمداخيل الناتجة عن اتفاقيات الصيد البحري…، التي تشكل –مجتمعة- بين 10 و 15 في المائة فقط من المداخيل. وبالتالي كان لزاما التفكير في إصلاح النظام الضريبي بصورة جذرية لأجل تحسين موارد الدولة الذاتية، حتى تتجنب اللجوء إلى الديون بسبب ضعف النظام الضريبي.
– هل الموارد الضريبية الحالية كافية لتغطية مصاريف الميزانية العامة؟
في سنة 2012 كان معدل تغطية الموارد الضريبية لمصاريف الميزانية العامة (معدل الاكتفاء المالي)، في حدود 62 في المائة، فإرث الحكومة كان ثقيلا في هذا الباب، لكن اليوم ونحن في سنة 2015 ما يزال هذا العجز قائما بنسبة 58 في المائة. وهذا يبقى مؤشرا على ضعف داء الحكومة لأنها لم تستطع تغطية مصاريفها ولجأت بدورها إلى دوامة القروض الخارجية، عوضا عن القيام بالإصلاحات الضرورية للمالية العمومية لأجل تحسين مستوى تغطية الموارد الضريبية للمصاريف الحكومية وتحقيق الاكتفاء المالي.
مع الأسف، الذي وقع هو عكس ذلك، فالإصلاحات المنشودة لم تتوفر، وعلى رأسها الإصلاح الضريبي.. رغم كل ما قيل عن المجالس الضريبية التي تم الترويج لها سنة 2013، الشيء الذي جعل مداخيل الضريبة في انخفاض مستمر، نتج عنه تفاقم مطرد لمالية الدولة.
وطيلة السنوات السابقة، لازال وضع النظام الضريبي يتراوح بين سيء وأسوأ لأنه نظام غير مجدي وغير عادل، وتبقى هذه الحكومة مسؤولة عن ذلك وعن تفاقم المديونية العمومية كنتيجة مباشرة لهذا العجز، بالرغم من أن الحديث حول المديونية لا يطال إلا مديونية الخزينة العامة الذي يناهز 68 في المائة، في استثناء مديونية المؤسسات العمومية. وبالتالي يكون مستوى المديونية الحقيقي للمغرب هو 80 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو مستوى خطير جدا..
– هل لجوء الحكومة الحالية لسياسة القروض الخارجية، من شأنه أن يخفف الأزمة المالية؟
بالعودة للتاريخ، نجد أن الحكومات السابقة كانت بدورها تروج لخطاب تطميني حول مستوى المديونية قبل أن نفاجأ بأزمات مالية خانقة على غرار ما وقع في منتصف الثمانينيات مع سياسة التقويم الهيكلي. وفقدان السيادة على القرارات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، فنحن معنيون بما يقع في اليونان اليوم وبشكل أشد حساسية.
ينضاف كذلك مغالطة أخرى يتم التباهي بها، وهي انخفاض عجز الميزانية في حدود 5 في المائة، الذي لم يكن باعثه سوى عامل ثانوي، وهو «إصلاح» صندوق المقاصة المرتبط بدوره بالظرفية الخارجية وليس ناتجا عن تطور في هياكل الإصلاح الوطني.
فرئيس الحكومة روج لمقاربة الإصلاح لصندوق المقاصة عبر مدخلين، وهما تحرير الأسعار، وتوفير الدعم المباشر للمعوزين تلافيا للنتائج الاجتماعية لتلك الفئات، ولكن الواقع أسفر –عمليا- عن تحرير أسعار المحروقات التي شهدت مصادفة محظوظة وهي انخفاض سعر مواد المحروقات في السوق العالمية، دونما توفير أي دعم مباشر، لأن المستهلك لم يشعر بها، والذي سيكون أمام وضع كارثي في حال عودة أسعار المواد المحررة إلى مستوياتها السابقة.
وعجز الميزانية الذي كان في حدود 7 في المائة يمكن أن يقفز إلى 10 أو 15 في المائة، ففي آخر المطاف لم يكن هناك لإصلاح صندوق المقاصة بقدر ما كان هناك تطبيق حرفي لإملاءات صندوق لنقد الدولي الذي فرض «حقيقة الأسعار». وبالتالي تكون الحكومة قد تقدمت خطوة إلى الأمام لأجل التراجع خطوتين إلى الخلف.
ويبقى تحسن عجز الميزانية هشا ومصطنعا، ويخفي واقعا خطيرا قابلا للانفجار في أية لحظة.
– ما هي قراءتكم للأداء الحكومي فيما يخص السياسات العمومية ذات الطابع الخدماتي (صحة تعليم..)؟
بالعودة للنموذج التنموي للمغرب، الذي انطلقت أسسه منذ ستينيات القرن الفارط، فقد اعتمد على ركيزتين وهما الرهان على اقتصاد السوق ودور القطاع الخاص في التنمية، والركيزة الثانية متمثلة في الرهان على الاندماج في الأسواق الخارجية عبر قطاع التصدير. والسياسات العمومية للمغرب تركزت حول هذين العنصرين، سواء أكانت مالية أو اجتماعية أو قطاعية.
وهذه الحكومة توصف من الناحية الاقتصادية، كونها محافظة نيوليبيرالية، لم تغير شيئا، فهي لم تأت للتغيير في الاختيارات الاقتصادية الكبرى، بالرغم من ادعائها ل»لمسة اجتماعية» كان يمكن لها أن تظهر من خلال توفير الدعم المالي المباشر، أو إصلاح النظام الضريبي، وهما أمران لم يتحقق بشأنهما أي شيء.
ضغط الاختلالات المالية حجم إمكان الإصلاح، لهذا بات الهاجس الاجتماعي ثانويا أمام الهاجس الحقيقي للحكومة المتمثل في تحقيق التوازن المالي، لأنها جاءت في سياق صعب تمثل في ضيق هامش العمل بفعل الصلاحيات الاقتصادية المحدودة لها، وكذا هيمنة المؤسسات المالية الدولية.
– هل نحن أمام سياسة تقويم هيكلي في نسخة مطورة؟
يكاد الوضع يقترب من ذلك، فتباهي الحكومة بفتح خط ائتماني مع البنك الدولي هو أمر –بدوره خطير- حيث يرمي إلى فرض البنك الدولي لسياساته التقشفية والاجتماعية دونما الحصول الفعلي على الأموال، التي تبقى فقط رهن الإشارة. وبالتالي نحن أمام «سياسة التقويم الهيكلي» دون أموال القروض، التي يستدعي الحصول عليها اتفاقيات أخرى بشروط جديدة مع المؤسسة المانحة.
فالحكومة منذ وصولها للحكم، رهنت سياستها بالبرامج الاقتصادية والاجتماعية والمالية لصندوق النقد الدولي، الذي بات يتفنن في إثقال المدينين بحزمات الإصلاحات دونما توفير عملي للسيولة النقدية، إذ يقتصر الأمر على فتح حسابات ائتمانية فقط.
وتبقى الحكومة ملزمة كل سنة، قبل وضع الاختيارات الكبرى للميزانية العامة، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وفي حال عدم تأشير هذا الأخير تبقى الحكومة عاجزة عن تمرير أي قرار اقتصادي أو اجتماعي، فهامش تحرك السياسات العمومية هو مؤطر ومقنن من لدن المؤسسات المالية وهاجس التوازن المالي يكون دائما على حساب الجانب الاقتصادي والاجتماعي…
وتبقى المنجزات القائمة للحكومة مصطنعة «شبه وهمية» لا تتوفر على أية أسس اقتصادية، لأنها غير متسمة بالديمومة، وتخبئ أزمات عميقة تحتها.
– ماذا عن سعي الحكومة لتوفير لمناخ أعمال إيجابي؟
منذ 40 سنة، ونحن نسمع عن إصلاح مناخ الأعمال، ما ينم عن كونه لم يصلح بعد. فأي مستثمر خارجي يكون هاجسه الأساسي هو الربح الدائم، وتوفير الأمن والعدالة. وبالمغرب تظل هذه المعادلة صعبة التحقيق، أمام ضعف القدرة الشرائية وتوزيع عادل للدخل وغياب طبقة وسطى، وكلفة عوامل الإنتاج التي تصطدم بغلاء العقار وصعوبة التمويل الذي يتحكم بها كارتيل البنوك، فعموم الاقتصاد المغربي هو ذو طابع ريعي غير منسجم واقتصاد السوق الذي يتطلب وجود إدارة شفافة ومنافسة حقيقية، عوضا عن الاحتكار وتفشي مظاهر الرشوة والزبونية..في منطق معاكس للخطاب الرسمي.
ومناخ الأعمال يفرض كذلك، يد عاملة مؤهلة، الأمر الذي يطرح إشكال بؤس منظومة التعليم وتدني مستويات جودتها. ففشل منظومة التعليم له وقع مباشر على الاستثمار والرفع من المردودية الاقتصادية.
المستثمر يطلب كذلك إحقاق العدالة، وعلاقة واضحة وشفافة مع الإدارة، فالإصلاحات التي همت تلك المجالات تبقى «كلام في كلام»، وتبقى التقارير الدولية في هذا الباب أكبر دليل عن هذه الحصيلة السلبية.
المغرب يحتل الرتبة 129 في مؤشر التنمية المحلية، الذي يجمع التعليم والصحة والمداخيل المالية. فأمام هذه الرتب الجد متدنية لا نستطيع أن نتحدث عن إصلاحات تذكر، فقط هناك ترسيخ وديمومة لواقع عام متدني..

البنوك التشاركية والمخاض العسير لإقرار معاملات مالية إسلامية
الكتاني: هناك تماطل وتخوف كبير من انطلاق البنوك الاسلامية
المهدي السجاري
مازال مخاض ولادة أولى البنوك التشاركية أو الإسلامية في المغرب عسيرا، رغم صدور القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، وانخراط البنك المركزي في إصدار النصوص التطبيقية التي سيتم الاعتماد عليها لمنح تراخيص إنشاء هذه المصارف.
هذا المخاض العسير يجد مدلوله في التأخر الحاصل في خروج أولى البنوك إلى الواقع. فبعدما سبق لعبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن أعلن بأنه سيتم الترخيص لأولى البنوك بداية سنة 2015، عاد الأخير ليعلن من جديد أن أول مصرف إسلامي سيشهد النور بداية 2016، وأنه سيتم في البداية الترخيص لبنك واحد، رغم أن العديد من المؤسسات المالية الأجنبية أعلنت عن رغبتها للاستثمار في المجال.
والي بنك المغرب كشف في ندوة صحفية أن التراخيص التي سيتم منحها للبنوك الجديدة، ستتأسس على احترام مجموعة من المعايير خاصة ما يتعلق بقيمة رأس المال، وتشغيل الأطر المغربية، ثم الشراكات مع مؤسسات مالية مغربية. وأورد أنه من الأفضل منح ترخيص واحد في البداية ثم التوسع حسب الحاجة، عوض منح عدة ترخيصات في البداية ثم نضطر إلى التراجع.
بيد أن بعض الخبراء المهتمين بقطاع البنوك التشاركية لم يخفوا انتقاداتهم لهذا التأخر، وما يكشف عنه من «عدم اطمئنان» لدخول هذه البنوك، علاوة على ما حمله القانون المؤسس لهذه المصارف من مقتضيات، منها اشتراط خضوع هذا الأخير إلى لجنة الائتمان المشكلة من ممثلي البنوك التقليدية وعدم إخراج أي منشور دون موافقتها.
عمر الكتاني، الخبير في مجال المالية الإسلامية، أكد في تصريح ل»المساء»، أن التطورات التي يعرفها ملف البنوك التشاركية تكشف عن وجود تخوف كبير من انطلاقها، وهو ما دفع والي بنك المغرب إلى الإعلان بأن هذه البنوك ستنطلق سنة 2016، وذلك لتفادي الأصوات المنتقدة لهذا التأخر.
وأوضح الكتاني أن هناك بعض العناصر الموضوعية التي يمكن الاستناد إليها لفهم إعلان الجواهري بدء هذه البنوك السنة القادمة. فمن جهة هناك إشكال إعداد الأطر التي ستشرف على تسيير المنتوجات المالية الإسلامية، إذ أنه لا يمكن الانطلاقة بدون التوفر على أطر وخبراء يتقنون هذه المعاملات. وأشار إلى أن «خروج القانون لا يعني قدرة المؤسسات المالية على الاشتغال».
وتحدث خبير المالية الإسلامية عن «وجود تماطل من لدن المؤسسات البنكية، على اعتبار أنها لم تكن ربما مقتنعة في البداية بأن المسألة ستدخل حيز التنفيذ، وأن الوضع لم يعد يسمح بمزيد من التأخير، وبالتالي ربما كان هناك طلب لبنك المغرب لتأجيل الانطلاقة لمدة سنة تقريبا، في انتظار أن تتهيأ».
وسجل المتحدث ذاته أن «الانطلاقة في الوقت الحالي ستجعل هذه البنوك تستعين بالخبرة الخليجية في المجال، في إطار الشراكات المرتبطة معها». ولم يخف الكتاني ممارسة البنوك التقليدية لنوع من الضغط في هذا المجال، «غير أنه لتكسير هذا اللوبي يجب أن تتأسس مؤسسات بنكية إسلامية مستقلة عن البنوك التقليدية، ومادام لم تتأسس فهذا اللوبي هو الذي سيسيطر على تسيير وتوجيه هذه البنوك»، يوضح الخبير الاقتصادي.
ونبه الكتاني إلى أن «الممارسة ستكشف بأننا لسنا أمام بنوك تشاركية بل بنوك تجارية، على اعتبار أن المعاملات التشاركية تحمل مخاطر أكبر، وتعتمد على ضرورة معرفة نوعية هذه المعاملات سواء من طرف البنوك أو الزبائن»، ومشيرا إلى أن «المواطنين لا يعرفون المعاملات الإسلامية من قبيل المشاركة والمضاربة والمغارسة والمرابحة وغيرها».
توفر ثقافة المعاملات التشاركية لدى المواطنين دعا إليها المجلس الاقتصادي في الرأي الذي أصدره حول مشروع القانون المتعلق بهيئات الائتمان، من خلال تخصيص قسم منفصل يذكر ويتمم أحكام القانون المتعلق بحماية المستهلك، والتأكيد على حق المستهلك في الحصول على معلومات واضحة وكاملة وكافية، والحق في حرية تنقل الحسابات البنكية بدون تكاليف، والمساواة في الولوج إلى الخدمات التي تقدمها مؤسسات الائتمان، إلى جانب الحق في اللجوء إلى إجراءات تقديم وتدبير الشكاوى.

قطاع الإعلام.. الورش الذي ظل عصيا على الإصلاح
وفاء لخليلي
مضت أزيد من سنتين منذ تم تنزيل دفتر تحملات قطاع الإعلام، الذي رسمت وزارة الاتصال من خلاله العديد من المكاسب والأوراش التي يعد تحقيقها مكسبا للإعلام الوطني في إطار تنزيل ما جاء به دستور 2011، على مستوى تعزيز الحريات الصحافية والارتقاء بالأخلاقيات المهنية وتعزيز التعددية اللغوية والسياسية، باعتبار هذه العناصر جميعها، شرطا للتطور الديمقراطي، وذلك عبر تطوير المنظمة الإعلامية طبقا لمضامين الدستور الجديد، وتطويرا للرسالة الإعلامية.
من بين المضامين التي جاء بها دفتر تحملات مصطفى الخلفي وزير الإعلام والاتصال، مبدأ التعددية في شقيها اللغوي والسياسي، فبالنسبة للشق الأول، فقد سبق للخلفي أن أكد أن السياسة اللغوية المتبعة مؤطرة بأهداف منها، السيادة من خلال تدعيم وترسيخ اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية في الشبكة المرجعية٬ والتعددية والوحدة٬ والانفتاح على اللغات والثقافة الأجنبية بما يعزز التواصل وتلاقح الحضارات. فإنه رغم «بعض» تعزيز حضور كل من اللغتين الرسميتين للبلاد، إلا أن متتبعين للشأن الإعلامي بالمغرب، اعتبروا أن الفرانكفونية ولغتها، لازالتا حاضرتين وبقوة داخل المشهد الإعلامي، كما أنهما تحتكران حيزا زمنيا مهما منه.
وفي ما يتعلق بالتعددية والتنوع٬ أكد مصطفى الخلفي في تصريحات إعلامية سابقة، أن هذه الدفاتر تتوخى المحافظة وتكريس مبدأ التعددية السياسية والحزبية، في شتى البرامج وتوسيع مجالها ليشمل التعددية المدنية والمجالية، من أجل ضمان احترام التعبير التعددي لتيارات الفكر والرأي في جميع المجالات، فقد شهدت سنة 2014، حسب تقارير الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري برسم الستة أشهر الأولى من سنة 2014، تطورا فيما يخص التعددية في الإعلام السمعي البصري العمومي، بخصوص مجموع البرامج، فقد بلغت نسبة مداخلات أحزاب الأغلبية 30,24% وأحزاب المعارضة 34,41%، مقابل 33,78% لأحزاب الأغلبية و31,84% لأحزاب المعارضة عن الفترة نفسها برسم سنة 2013، وهو ما يعني إحراز تقدم لحضور أحزاب المعارضة على حساب أحزاب الأغلبية ما بين سنتي 2013 و2014، وهو ما يساهم في الحفاظ على التعددية والتنوع بجميع أشكاله، رغم تأكيد تقرير سابق للهاكا، عدم احترام مبدأ الإنصاف بين الفاعلين السياسيين.
ومن بين ما ركز عليه دفتر تحملات قطاع الإعلام، صورة المرأة، حيث أكد دفتر التحملات عمله على تعزيز حضور قضاياها، من خلال تقوية تناول الإعلام السمعي البصري لقضايا المرأة والأسرة والجمهور الناشئ، عبر برامج مخصصة لتقوية روابط الأسرة وتماسكها واستقرارها والنهوض بحقوق المرأة وكرامتها وحماية حقوق الطفل والجمهور الناشئ٬ وتلبية حاجياته٬ وقد سجل حضور النساء في الإعلام السمعي البصري تطورا، حيث سجلت مداخلات الشخصيات العمومية النسائية في النشرات الإخبارية تطورا خلال الفصل الثاني من 2014، حيث بلغت نسبة الحضور 9,83 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2013، التي سجلت نسبة حضور بلغت 5 في المائة، بحسب بيانات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. كما أنه بحسب بيان مداخلات الشخصيات العمومية في وسائل الاتصال السمعي البصري الخاص بالبرامج الحوارية وباقي المجلات الصادر عن الهيئة برسم الأسدس الأول من سنة 2014 بلغت نسبة مداخلات الشخصيات العمومية النسائية10,86 في المائة من مجموع المداخلات، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2013 التي بلغت فيها هذه النسبة 9,67 في المائة.
لكن حسب ما سبق أن صرح به الخلفي ل»المساء»، فإن وضع المرأة في الإعلام الوطني، سواء كانت موضوعا أو صورة أو قضية، أو فاعلا، هو وضع غير مشرف، ذلك أن صورة المرأة تتعرض للاستغلال، ومكانتها في وسائل الإعلام لا تنسجم وطموحات المغرب والتزاماته الدولية.
وأضاف الخلفي أن وسائل الإعلام بشكل عام، لا تزال مقصرة في أداء أدوارها ووظيفتها الحيوية والاستراتيجية في النهوض بصورة المرأة، والارتقاء الموضوعي بمكانتها، والاشتغال على القضاياها الحقيقية والتي يمكن أن تعزز مكانتها المجتمعية، وهذه هي الحقيقة التي وصفها الخلفي «بالمرة»، والتي قال إنه يجب علينا الاعتراف بها ومواجهتها بكل مسؤولية.
وتابع الخلفي متحدثا ل»المساء، « إن حضور المرأة في مؤسسات الإعلام ضعيف، كما أن نسبة النساء الصحافيات في المغرب، لا تتعدى 30 في المائة من مجموع الصحافيين. وبذلك فإن هذه الوضعية، التي تقوم على أساس التعاطي مع المرأة في الإعلام بنزعة تشييئها، واختزالها في جسدها، وتغييب الإنسان الكامن فيها. كما يعود هذا الوضع المتردي للمرأة في الإعلام إلى عدة عوامل، منها، الهوس المحموم في وسائل الإعلام السمعية البصرية، خصوصا لاستغلال المرأة لرفع نسب المشاهدة أو الاستماع، أو استغلالها في الخطاب الإشهاري، واعتبارها الأداة المثلى لتسويق وترويج المنتجات التجارية». وهنا يظهر من تصريح الوزير أن صورة المرأة في الإعلام، التي كانت من بين الدعائم التي ارتكز عليها دفتر التحملات، لازلت تتعرض للاستغلال من قبل قنوات وسائل الإعلام، وهو ما يعتبر نقطة فشل لتنزيل المقتضيات التي جاء بها الدفتر في هذا الباب.
أما بخصوص مسألة احترام أخلاقيات المغاربة، فإن من بين المظاهر التي تعكس فشل الخلفي في التنزيل الفعال لدفتر التحملات بخصوص هذا الباب، عرض القناة الثانية لحفل جينيفير لوبيز، حيث ينص الباب الرابع من دفتر التحملات المتعلق بالأخلاقيات من حيث عدم المساس بالأخلاق العامة، أو الامتناع عن بث مشاهد ذات إيحاءات جنسية. وهو ما يخاف مقتضيات دفتر تحملات شركة صورياد. ولم يجد الخلفي من وسيلة لإبداء معارضته لما نشر سوى صفحات الفايسبوك، وهو ما يدل صراحة على فشل الوزير وعجزه عن التحكم في قطاع الإعلام الذي يشرف عليه. إلى جانبه أيضا، تطرح مسألة الإشهار، الذي تخرقه قنوات القطب العمومي خصوصا في رمضان، وأوقات الذروة.
رافقت دفتر تحملات الخلفي زوبعة من الآراء، التي انقسمت بين القبول والرفض، لكن ما حققه هذا الدفتر، بعدما تم تنزيله، لازال لم يرق إلى المستوى الذي كان يتوقع، خصوصا وأن هذا الدفتر، كان من بين الملفات الحيوية التي ارتكزت عليها الحكومة الحالية، فواقعه حال الإعلام المغربي، وما تضمنه دفتر التحملات، يدلان على فشل هذا الدفتر، في تنزيل عدد مهم من مضامينه الرئيسية، وذلك لا ينفي طبعا، بعض نقاط الضوء، التي توجد في مسار تنزيل هذا الدفتر وتطبيق مقتضياته.

سكن الطبقة المتوسطة.. مشاريع محتشمة وتفعيل متأخر
حسابات المنعشين العقاريين توهن حلم غالبية المغاربة بامتلاك سكن لائق
سمية واعزيز (صحفية متدربة)
يقدر حجم طلب أفراد الطبقة الوسطى في المغرب على الشقق سنويا بنحو 200 ألف شقة، غير أن انعدام منتوج عقاري خاص بأفراد هذه الطبقة يجعلهم يقبلون على شراء السكن الاجتماعي المنخفض التكلفة والموجه للطبقات الفقيرة. ففي ظل هذه المعاناة التي تعرفها الطبقة المتوسطة بالمغرب، الممثلة لحوالي 53% من السكان، على مستوى السكن، وفي ظل ارتفاع جد محموم للطلب ووسط قلة العرض. مرد ذلك، إلى وقوع الشريحة المذكورة، في منزلة بين المنزلتين، فلا هي بالطبقة التي من شأنها الاستفادة من ا لسكن الاجتماعي، نظرا لأوضاعها المادية المنفرجة إلى حد ما، ولا هي قادرة على اقتناء سكن فاخر.
بسبب ارتفاع الضرائب المفروضة على العقار، ومطالبة المنعشين العقاريين، بإعفاءات ضريبية، ورفع لثمن البيع. ارتأت وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة تقديم منتوج سكني جديد لفائدة الطبقة المتوسطة سيرى النور ابتداء من السنة القادمة. المشروع وبعدما شكل أحد ركائز البرنامج الحكومي، يجد طريقة للتفعيل في القانون المالي لهذه السنة، مع بعض التعديلات التي مست ثمن المتر المربع، والذي انتقل من ستة آلاف، إلى سبعة آلاف ومائتي درهم، وكذا المساحة القصوى للسكن، التي صارت 150 مترا مربعا عوض 120.
إنجازات وتحديات وزارة الإسكان في مجال السكن المتوسطي
طرحت وزارة الإسكان والتعمير في ظل الحكومة الحالية مشروعين لا زالا قيد التنفيذ في إطار قانون المالية 2014، أولهما طرح منتوج جديد في السوق المغربية بمواصفات وأسعار تجعله ملائما لحاجات أفراد الطبقة الوسطى وفي متناولهم. ويهدف البرنامج إلى إنتاج شقق تتراوح مساحتها بين 80 و120 مترا مربعا بسعر لا يتجاوز خمسة آلالف درهم للمتر المربع دون احتساب الضرائب. أما الثاني فيتمثل في دعم السكن المتوسط بالنسبة للفئة المتوسطة مع سنها لسياسات تحفيزية بهدف بلوغ وتيرة بناء 100ألف سكن في السنة، من خلال تقديم الدعم للمستفيد وذالك بتحديد 7000 درهم للمتر المربع، إذ يهم المشروع التوجه إلى فئة مستهدفة بعينها، ويشترط فيها التوفر على شهادة عدم ملكية العقار، هذا وتمنح الدولة تحفيزات لشركات القطاع الخاص في إطار تعاقدي إعفاء شاملا من كل الضرائب الوطنية والبلدية، وحق استرداد الضريبة على القيمة المضافة، التي سبق تحصيلها على المواد والمنتجات التي تدخل في إنجاز المشروع، بالإضافة إلى الإعفاء من رسوم التسجيل والضريبة على المباني. ويشترط للاستفادة من هذه الامتيازات التزام المقاول في إطار تعاقده مع الحكومة بإنجاز مشروع يتجاوز حجمه 2500 وحدة سكنية على مدى 5 سنوات، على أن لا يتجاوز ثمن السكن الواحد 200 ألف درهم ومساحته 100 متر مربع.
وبالرغم من تفعيل الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بتنزيل المشروعين وملامستهما على أرض الواقع، إلا أن الأجرأة الحقيقية لا زالت تعرف تعثرا وتأخرا مشهودا في انتظار تفويت الصفقتين لمنجزهما، إلى حين استقبال طلبات العروض من أجل إنجاز المناقصات، والتزام المنعشين العقاريين بدفتر التحملات. لينضاف المشروعان إلى قائمة المشاريع المعلقة داخل وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة.
في المقابل تختزل أسباب مشكلة السكن المتوسطي، في جشع القطاع الخاص، وتعقد الوضعية العقارية المسؤولة عن تأخر التسوية القانونية للأراضي أمام القضاء، وكذا غياب المتابعة فيما يخص منح أراضي الدولة. وعلى صعيد آخر، يتحمل البطء الإداري جزءا من المسؤولية، وبالخصوص على مستوى تكوين الملفات، التي تستغرق في المتوسط ثمانية أشهر في عدة مكاتب، وتتطلب 143 توقيعا على الأقل.
كما يرى المقاولون العقاريون أن تحقيق منتوج بهذه المواصفات أمر مستحيل، وأن دخولهم في مثل هذا المشروع سيكبدهم خسارة مالية قدرها بعضهم بنحو 20 إلى 24 في المائة، وتشكل المقاطعة من طرف المستثمرين العقاريين حجر عثرة في طريق تنفيذ برنامج إسكان الطبقة الوسطى. باعتباره برنامجا غير مربح وغير مجد اقتصاديا بالنسبة لهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.