عندما تبين لفرنسا أن عدي وبيهي قد خرج عن طوعها وأصبح يشكل خطرا على نفوذها في المنطقة وأن تحركاته وصلاته برموز الحركة الوطنية بالمنطقة قد تقلب موازين القوة بتافيلالت، بدأت التفكير في طريقة للتخلص منه، فكانت واقعة ما عرف في تاريخ المنطقة بمؤامرة 1947، التي عهد بتنفيذها للمراقب المدني الفرنسي في المنطقة المعروف بروسو، حيث تمت الدعوة إلى اجتماع ضم جميع زعماء القبائل وباقي قواد الاستعمار بالمنطقة وتم إخبارهم بأن عدي وبيهي قد فقد عقله وأصبح في عداد الحمقى والمعتوهين، وبالتالي فقد أصبح يشكل خطرا على الجميع، فتم اعتقاله واقتياده إلى مدينة برشيد حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية هناك خلال الفترة الممتدة بين سنة 1947 إلى حدود سنة 1956، سنة الحصول على الاستقلال، وخلال التسع سنوات التي قضاها تحت الإقامة الجبرية، استغل السماح لعائلته وأصدقائه القدامى وأبناء قبيلته بزيارته من أجل تنظيم صفوف المقاومة ضد فرنسا في المنطقة. هذه المؤامرة التي حيكت ضد عدي وبيهي يرى فيها عدد من متتبعي سيرة الرجل أنها تشكل دليلا قاطعا على أن الرجل لم يكن في يوم من الأيام خائنا للوطن، بل تحمل تسع سنوات من الإقامة الجبرية من أجل الدفاع عن استقلال المغرب ودفع بذلك ضريبة الاتصالات التي قام بها مع عناصر المقاومة الوطنية. فبالرغم من الماضي الذي كان له مع القوات الاستعمارية، إلا أنه كان طيلة مراحل وجوده في مراكز القرار خادما مطيعا للجهة التي تتولى تدبير شؤون البلاد، سواء على عهد الحماية أو في فجر الاستقلال، كما أن الرجل لم يكن من بين الموقعين على عريضة المطالبة بتنصيب بن عرفة سلطانا للمغرب بدل محمد الخامس، في حين أن عددا من قواد المنطقة انخرطوا في حملة مناصرة السلطان بن عرفة، في الوقت الذي كان محمد الخامس في منفاه بجزيرة مدغشقر. ففي الفاتح من غشت من سنة 1953، رفع الباشا التهامي الكلاوي عريضة إلى رئيس جهة الدارالبيضاء فيليب بونيفاس، تضمنت توقيعات 330 من القياد والباشوات وخمسة من شيوخ الزوايا المطالبين بخلع السلطان محمد الخامس وتنصيب بن عرفة، بعد أن أوحت سلطات الحماية إلى القواد والباشوات بأن الخطر أضحى يتهدد سلطتهم في حال انهيار النظام القائم، حيث لم يتوان الإقطاعيون، من فرط معاداتهم للبورجوازية الوطنية، حسب تعبير بيير فيرموريين، عن الاصطفاف وراء السلطات الاستعمارية لتنصيب سلطان ضعيف (بن عرفة)، ليكون حسب زعمهم ضمانة لنفوذهم ولثرائهم العقاري. وقد سعى حزب الاستقلال، ساعتها، إلى البحث في العالم القروي عن عناصر تكون قادرة على تكسير هذا الرباط المقدس بين الإقطاعيين والسلطات الاستعمارية، ليظهر جيش التحرير المغربي الذي قاد العديد من العمليات ضد القوات الاستعمارية ومن يوالونها من القياد والباشوات، الذين استبدت بهم نشوة الإعلان عن السلطان بن عرفة من أجل التمادي في الظلم والتجاوزات ضد السكان المحليين، خاصة بمناطق الأطلس المتوسط، حيث تم السطو على أراض فلاحية لعشرات العائلات وتم ضمها عنوة إلى أملاك هؤلاء القياد، كما أن بعضهم استولى على أنصبة قبائل بأكملها من مياه السقي في مناطق كبني ملال، التي استولى فيها القواد الاستعماريون على أنصبة قبيلتين من مياه عين أسردون، والتي استمرت مظلمتهم لأزيد من قرن من الزمن وهي معروضة أمام القضاء وصدرت فيها أحكام ضد قادة الاستعمار، ولم تجد القبائل من ينفذ هذه الأحكام الصادرة لصالحها بعد عقود من التقاضي. كما أن الرواية الشفوية لا تزال تحتفظ بقصص غريبة وعصية على التصديق، أحيانا، ترسم أشكال الاعتداء التي مارسها قواد الاستعمار على أبناء القبائل التي ظلت ترفض الانصياع لقرارات الإدارة الاستعمارية. وفي هذا السياق المشحون بالأحداث، وفي ظرفية مفصلية من تاريخ المغرب المعاصر، لم يعرف عن عدي وبيهي أي من المواقف التي تجعله في خانة القواد الذين أعلنوا خيانتهم للملك الشرعي للبلاد، ولم ينساقوا مع المؤامرة التي دبرها التهامي الكلاوي، حيث قام في الخامس والعشرين من أكتوبر من سنة 1955 بمبايعة السلطان محمد الخامس واعتذر عن ما سبق وكان يدبر له، كما حذا حذوه كافة الموقعين على العريضة سالفة الذكر، وجاءت بعد ذلك مرحلة الاستقلال.