قدرت مصادر طبية عدد حالات الإصابة المحتملة بالسيدا بجهة فاس بولمان ب670 حالة، لم تستطع السلطات الصحية التعرف إلا على 50 حالة منها. وتشكل هذه الإصابات المحتملة المجهولة الهوية، لحد الآن، خطرا محدقا على محيطها الاجتماعي. وتتراوح أعمار المصابين ما بين 19 و35 سنة، وأغلبهم ينحدرون من فئات اجتماعية هشة، بينما أغلب الحالات أصيبت بالداء نتيجة علاقات جنسية مشبوهة. وتكتفي وزارة الصحة، ومعها الجمعيات العاملة في المجال، بمواكبة معالجة المصابين بالداء في منازلهم، فيما دشنت وكالة التنمية الاجتماعية منذ حوالي سنة سياسة دعم مشاريع لفائدة 14 حالة من أصل 50 حالة تم التعرف عليها من أصل 670 مصابا بداء فقدان المناعة المكتسبة. وتشير المصادر إلى أن 50 حالة المصرح بها في الجهة تدخل ضمن 1587 حالة مصرح بها على الصعيد الوطني، وهو ما يجعل جهة فاس بولمان تأتي في المرتبة الأولى بين الجهات التي ينتشر فيها الداء بعد جهة أكادير ومراكش. وتشترك هذه الجهات في كون السياحة تشكل إحدى ركائز اقتصادها، وهو القطاع المتهم بالدرجة الأولى بالمساهمة في انتشار الداء في المغرب. وبالرغم من أن المغاربة لا يولون كثير اهتمام لإجراء تحاليل حول مناعتهم، إلا أن جمعويين يؤكدون أن الحالات التي تم الوقوف عليها بعد مضي حوالي 20 سنة من العمل في ارتفاع مستمر. فقد أحصت الجمعية المغربية لمحاربة السيدا، في سنة 1988، 30 حالة، قبل أن تفيد الأرقام في السنوات الأخيرة بلوغ حوالي 1600 حالة. لكن الحالات غير المصرح بها تقدر ب20 ألف حالة، ما يثير التخوف في أوساط الجمعيات العاملة في المجال. وقال الدكتور لحسن بوجغواض، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة السيدا، إن هذه الجمعية تتكلف بإجراء التحاليل للمصابين المحتملين، ومواكبتهم في تلقي العلاجات، ودعمهم على المستوى النفسي، ومباشرة خطوات التكيف مع وضعهم الجديد في محيطهم الاجتماعي. وتحاط معطيات حالات الإصابة بالداء بسرية شبه تامة. ويتحول المصاب في وثائق هذه الجمعية إلى مجرد رقم. وعادة ما يبدأ الكشف عن الإصابة بالداء بإجراء تحليل أولي تشرف عليه أطر الجمعية. وفي أغلب الحالات المسجلة، فإن المصاب هو الذي يتقدم من تلقاء نفسه لإجراء هذه التحاليل بعد شكوك تراوده حول الإصابة. وتعمد الجمعية إلى إرسال عينات الدم إلى المركز المتخصص بالدار البيضاء، للتأكد من حالة الإصابة. وتضع وزارة الصحة دفترا خاصا بالمصاب تدون فيه معطيات دقيقة تتعلق بوضعه الاجتماعي وبدرجة إصابته بالداء. وتتكلف الجمعية بمنح الحقن للمصاب. وتحظى أغلب الجمعيات العاملة في المجال بصفة المنفعة العامة، وتستفيد من الدعم المادي لوزارة الصحة. كما تستفيد من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأغلبها لها علاقات تعاون مع وكالة التنمية الاجتماعية. وإلى جانب الوضع الاجتماعي الهش لأغلب المصابين، فإن هؤلاء يعانون من حالات اكتئاب توصف بالحادة نتيجة صدمة اكتشاف إصابتهم بالداء. ويحال أغلبهم على أطباء مستشفى ابن الحسن لتلقي العلاجات النفسية بالمجان لمساعدتهم على التكيف مع إصابتهم. ويقول الدكتور بوجغواض إن أصعب مرحلة يعيشها المريض هي التي تأتي مباشرة بعد اكتشاف إصابته. ويخفي أغلب المصابين مرضهم على محيطهم. ومنهم من لا يسر بالمرض حتى لأقرب المقربين منه، خوفا من عزله في محيط يتخوف من عدوى الإصابة.