عاشت ولاية أمن طنجة، أول أمس الخميس، يوما حزينا، بعدما توفي شرطي يعمل في مصلحة المرور، إثر دهسه بطريقة وحشية من طرف سائق حافلة للنقل السري، الأمر الذي تسبب له في إصابات بالغة أدخلته في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة. وكان الشرطي، رشيد شختونة، يمارس عمله بشكل اعتيادي بساحة أمريكا الجنوبية غير بعيد عن منطقة السوق الداخل، حين انتبه إلى ارتكاب سائق عربة النقل السري من نوع مرسيديس 207، مخالفة، فطلب منه التوقف، وهو ما استجاب له الأخير بداية، فطلب منه الشرطي وثائق السياقة ورخصة مزاولة المهنة. وحين انتبه الشرطي إلى أن السائق يمارس عمله بشكل غير قانوني، رفض السماح له بمغادرة المكان إلى حين إتمام الإجراءات القانونية، وحاول السائق ثني الشرطي عن قراره، لكن أمام إصرار الأخير قام السائق بحركة «مجنونة»، إذ أدار محرك العربة منطلقا بقوة وداهسا الشرطي. وحسب شهود عاينوا الحادثة، فإن الجاني لم يعر أي اهتمام للشرطي، وكان همه الوحيد هو الفرار، إذ انطلق بسرعة كبيرة، لدرجة أن مقدمة السيارة رفعت جسد الشرطي الذي ظلا عالقا بهيكل العربة التي سحلته لمسافة لا تقل عن 200 متر، قبل أن تلقي به على الأرض بعنف، فيما تمكن السائق من الهروب. ويضيف الشهود أن الشرطي أصيب بجروح بالغة نتيجة الصمة والسحل العنيفين، ما أدى إلى فقدانه لخوذته، حيث تلقى ضربة عنيفة في مقدمة رأسه، وحاول بعض الحاضرين إسعافه بوضع قطع من الثوب على مكان الجرح، دون أن يتمكنوا من إيقاف النزيف، وما هي إلا لحظات حتى دخل الشرطي، الذي كان مضرجا في دمائه ومثخنا بالإصابات، في غيبوبة. ونقل الشرطي على وجه السرعة إلى المستشفى، حيث أجريت له عملية جراحية، وكشفت الفحوصات التي أجريت له أنه أصيب إصابات خطيرة في أنحاء متفرقة من جسمه، خاصة في الكتف والظهر والساقين، لكن الإصابة الأخطر كانت في الرأس والتي تسببت له في ارتجاج دماغي، إلى جانب النزيف الحاد، وبقي الضحية في غيبوبة إلى غاية صباح أول أمس الخميس حيث وافته المنية. وأقيمت صلاة الجنازة على الشرطي ذي ال42 عاما، بمسجد محمد الخامس عصر أول أمس الخميس، ثم ووري الثرى بمقبرة سيدي عمار، مخلفا وراءه زوجة وثلاثة أبناء، وقد عرفت الجنازة حضور مسؤولين أمنيين وسياسيين وفاعلين معروفين بطنجة، إضافة إلى عدد كبير من المواطنين الذين أبدوا تعاطفا كبيرا مع الشرطي، وطالبوا بوضع حد لظاهرة النقل السري ومآسيها. من جهة أخرى، تمكنت عناصر الأمن يوم الخميس من إيقاف المشتبه فيه الرئيسي بارتكاب هذه الجريمة، ويتعلق الأمر بشاب في بداية العشرينات يدعى «م.ب»، يحترف مهنة النقل السري، كان قد اختبأ بعد الواقعة في منزل بحي مسنانة، وقد تم وضعه رهن الحراسة النظرية إلى حين التحقيق معه. ويشتغل المشتبه به مع شخص يعرف عنه أنه أحد أباطرة النقل السري بطنجة، إذ يملك أحد أكبر أساطيل الحافلات غير المرخص لها، والتي لا تعمل فقط في النقل العادي، بل أيضا نقل العمال ونقل البضائع، وسبق لعدد من العاملين معه أن عمدوا للفرار بطريقة «جنونية» أثناء توقيفهم من لدن الأمنيين.