على امتداد ثلاثة أسابيع عشنا على وقع كأس العالم للسيدات لكرة القدم، التي جرت منافساتها بكندا، وسط حضور جماهيري لافت، وتنافس وتشويق وإثارة كبيرة انتهت بإحراز سيدات الولاياتالمتحدةالأمريكية للقب، بعد فوزهن في النهائي على حامل اللقب، منتخب اليابان بخمسة أهداف لاثنين. دورة كندا 2015 هي السابعة بالنسبة لكأس العالم النسوية، فقد بدأت هذه المسابقة سنة 1991 بالصين، وحينها توج المنتخب الأمريكي باللقب، إثر فوزه على النرويج بهدفين لواحد، قبل أن يتمكن هذا الأخير من إحراز لقب الدورة الموالية بالسويد 1995، بعد تغلبه على ألمانيا بهدفين لصفر. لقب الدورة الثالثة بالولاياتالمتحدةالأمريكية 1999 عاد لفائدة المنتخب المضيف الذي حسم البطولة لصالحه بالضربات الترجيحية على حساب الصين(5-4) بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل دون أهداف. دورة 2003 جرت مرة أخرى بأمريكا، لكن لقبها آل لصالح المنتخب الألماني الذي تفوق على السويد بهدفين لواحد، علما أن هذا المنتخب عاد ليحرز دورة 2007 بالصين، بعد تفوقه على البرازيل بهدفين لصفر، بينما فاز منتخب اليابان بدورة 2011 على حساب أمريكا بثلاثة أهداف لاثنين. منتخب الولاياتالمتحدةالأمريكية، هو الأكثر تتويجا بالألقاب، بثلاثة كؤوس عالمية، وهو أمر ليس مفاجئا، بالنظر للاهتمام الذي تحظى به كرة القدم النسوية في أمريكا على كافة المستويات، مما أوجد لهذا المنتخب قاعدة كبيرة للاختيار، وجعله يتربع على القمة. لقد تطور مستوى كرة القدم النسوية بشكل كبير، ولذلك أصبحنا نتابع مباريات قوية، فيها كل شيء، من تكتيك ومهارات واندفاع بدني، علما أن هذا التحسن لا ينطبق على منتخب واحد فقط، بل على عدد كبير من المنتخبات، التي تتوفر بلدانها على بطولات نسوية قوية، تحظى بالمتابعة والاهتمام. ولأن المناسبة شرط كما يقول الفقهاء، فإن كأس العالم لكرة القدم للسيدات التي جرت بكندا، يجب أن تدفعنا إلى التساؤل عن واقع هذه اللعبة في المغرب، ولماذا مازالت لم تراوح مكانها بعد، فرغم أن انطلاقتها بالمغرب كانت مبشرة، وتوجت قبل سنوات بمشاركة في كأس إفريقيا بنيجيريا، إلا أن القائمين على تسيير كرة القدم في المغرب لم يضعوا أرضية صلبة لها، الأمر الذي يفسر التراجع المهول للكرة النسوية في المغرب، وعدم قدرتها على إيجاد موطئ قدم إفريقيا وعالميا، إذ لم يسبق لسيدات المغرب أن تأهلن لنهائيات كأس العالم. اليوم هناك بطولة نسوية بشطرين، لكن هذه البطولة تجرى في ظروف صعبة، فباستثناء فريق الجيش الملكي، فإن بقية الفرق تعاني في صمت، بل إنها تجد صعوبات في التنقل لخوض المباريات، هذا دون الحديث عن الوضعية السيئة للملاعب التي تجرى فيها المباريات، و»حفلة» التلاعب الجماعي بالنتائج، والتي لم تحرك معها الجامعة ساكنا. وإذا كانت وضعية الكرة النسوية في المغرب، هي امتداد للوضعية المزرية للرياضة المغربية بشكل عام، حيث لا وجود لأي استراتيجية لإصلاح الأعطاب التي تغلغلت في جسد الرياضة، ناهيك عن أن هذا الجسد لا يمكن أن يستجيب للعلاج بأقراص مهدئة، لأنه يحتاج إلى جراحة شاملة، إلا أنه مع ذلك لابد أن نسائل الجامعة عن استراتيجيتها لتطويرها، والدفع بها إلى الأمام، خصوصا وأن فوزي لقجع نفسه اعترف بأنه مقصر في حق كرة القدم النسوية. عمليا لا وجود لأي خطة للإقلاع بالكرة النسوية، لذلك، على الجامعة أن تستفيد من تجارب الآخرين، وأن تخصص إمكانيات مهمة للفرق، وأن تفرض على فرق البطولة «الاحترافية» من خلال دفتر تحملات واضح، التوفر على فرق نسوية لديها وسائل العمل، حتى تفرز منتخبا وطنيا قويا بمقدوره أن يضمن بداية المشاركة في كأس إفريقيا ومن ثمة بلوغ نهائيات كأس العالم، كما على المدير التقني الوطني ناصر لارغيط، أن يضع «خارطة طريق»، لتطوير هذا الصنف، لأن الإدارة التقنية لا تقتصر على منتخبات الرجال فقط، بل تشمل كل شيء.