يحل شهر رمضان ببلادنا دائما على إيقاع التغيير، هذا التغيير يشمل مختلف تفاصيل الحياة، إذ يتخلى كثيرون أحيانا عن بعض العادات اليومية في مقابل عادات تميز هذا الشهر الكريم. وأول مظاهر التغيير في الشارع المغربي، ظهور مهن كثيرة مختلفة ومتنوعة، في حين يتزايد الإقبال على مهن كادت أن تكون هامشية قبل رمضان. بيع العصائر واحدة من بين المهن الهامشية التي تلقى رواجا متزايدا خلال رمضان، خاصة وأن الشهر الفضيل تزامن مع فصل الصيف. في سوق حي أناسي بالدار البيضاء، تجمع عدد كبير من عربات العصائر المصفوفة بجنبات الشوارع و الأزقة، التي اختلفت أطعمتها وتشكلت مكوناتها. يقول «عبد الصمد 40 سنة أحد بائعي العصير»: هذا السوق هو مصدر قوتي، فأنا هنا منذ 7 سنوات، وفي الأصل أنا من سكان حي أناسي، وبالتالي الناس هنا يعرفونني، وازدادت شعبيتي بسرعة بفضل جودة برتقالي وبشاشة وجهي، وأكد عبد الصمد أن عربته توفر له خلال رمضان من الرزق ما يكفيه وأولاده الثلاثة. إذ يكثر الطلب على « المبردات» على حد تعبيره، خاصة عصير البرتقال الذي يعرف بفوائده المتعددة وثمنه المناسب، إذ يبيع عبد الصمد كأس عصير البرتقال ب 5 دراهم، في حين يباع لتر واحد من عصير البرتقال الطبيعي ب12 درهما. ونظراً لكونه يتعامل يومياً مع عشرات الزبائن، فإن معدل الدخل اليومي خلال شهر رمضان لهذا الرجل الأربعيني قد يصل إلى 600 درهم. غير أن هذه المداخيل تحد نسبيا بعد مرور رمضان وتغير درجات الحرارة. أما بالنسبة لتكاليف هذا «المشروع»، فيؤكد عبد الصمد أنها بسيطة جداً، خاصة وأن أسعار البرتقال ليست مرتفعة، وهو لا يدفع ثمن إيجار محل أو ما شابه. وبجانب عبد الصمد، تواجدت عربة أخرى لبيع العصير لكنه بطعم آخر هذه المرة. عصير قصب السكر الذي يلقى إقبالا كبير خلال رمضان، إذ استطاع أن ينافس باقي نكهات العصائر الأخرى باعتباره مصدرا غنيا بالفوائد الصحية والعلاجية، من قبيل علاج الاكتئاب وتقوية العظام، وغيرها من الفوائد التي جعلت الزبائن يلتفون حول عربات بيع عصير قصب السكر كل يوم، يقول أحد الزبائن: أشتري يوميا لترين من عصير السكر خلال رمضان أبدأ بهما إفطاري، أنا وعائلتي الصغيرة، فهو مفيد لصحتي، وثمنه مناسب للجميع. وبعيدا عن عربات العصير المنتشرة هنا وهناك، يستغل بعض الأطفال والشباب عطلة الصيف وتزامنها مع شهر رمضان لكسب بعض الدراهم من خلال وضع أكياس بودرة العصير المتعددة النكهات على أرصفة الشوارع، وبيعها بأثمنة بخسة، فالكيس الواحد يساوي درهمين فقط، في حين تباع علبة أكياس العصير بعشرين درهما، الشيء الذي يغري العديد من ربات البيوت لتقديم عصائر متنوعة لأسرتها. إلا أن خبراء التغذية يؤكدون أن عصائر البودرة التي تم تذويبها في الماء تمثل خطرا كبيرا على صحة الإنسان لأنها تحتوي على مكسبات الطعم، وعلى نسبة سكر عالية، كما أنها تزيد من نسبة الحساسية لمرضى الصدر وتزيد من هيجان الشعب الهوائية.