«الجامع الكبير» أو «المسجد الأعظم» بوجدةالمدينة العتيقة، الذي تم بناؤه في عهد أبي يوسف يعقوب المريني سنة 1296 ميلادية يشكل معلمة دينية تاريخية متميزة استطاعت الصمود أمام المؤثرات الطبيعية إلى جانب المدرسة القرآنية التي شيدت سنة 1335، واعتبرت من بين أهم المآثر التي خلفتها الدولة المرينية في المغرب الأقصى. بني المسجد الأعظم بمدينة وجدة على يد السلطان أبي يعقوب يوسف المريني سنة 696 ه/ 1296 م في إطار إعادة بناء مدينة وجدة. وتتكون هذه المعلمة المرينية من قاعة للصلاة تحتوي على 19 رواقا متوازيا وأربعة صفوف من الأعمدة تلتقي في أقواس منخفضة، بالإضافة إلى خمسة بلاطات متعامدة مع جدار القبلة. وتنحصر العناصر الجمالية البارزة لهذا المسجد المريني، الذي يغلب عليه طابع البساطة، في الباب الرئيسي والمحراب الذي يصل عمقه إلى 1.75 مترا ثم المئذنة الأثرية البديعة المنتصبة بالزاوية الجنوبية الغربية لقاعة الصلاة وبالسور الشمالي للقصبة. صومعة المسجد المريني تنتصب بالزاوية الجنوبية الغربية لبيت الصلاة، ويحتمل أن يكون بناؤها قد تأخر عن بناء المسجد بحوالي عشرين سنة أي إلى 717 ه / 1317 م، الصومعة في شكلها العام رباعية الأضلاع، طول كل ضلع منها 4.65 م بارتفاع 24 م، وهي مبنية بالآجر الأحمر الصلب. وخضعت هذه المعلمة الدينية العمرانية التاريخية التي خلفتها الدولة المرينية في المغرب الأقصى والتي صمدت في وجه الزمن لقرون عديدة وتحدت العوامل الطبيعة والبشرية، التي تقع شمال القصبة المرينية، خلال تاريخها الممتد إلى أكثر من سبعة قرون، لتحسينات وتغييرات في بعض ملامحها المعمارية في إطار إعادة بناء مدينة وجدة التي دمرت بكاملها سنة 1272م، حيث تم ترميم الجهة الغربية للمسجد سنة 1880 مع إضافة مرافق أخرى سنة 1934 إثر الزيارة التي قام بها الملك محمد الخامس لمدينة وجدة سنة 1934 بالإضافة إلى إخضاعه في الآونة الأخيرة لعملية الإصلاح. وتتميز هذه المعلمة الدينية بجمالية بنيانها وأشكالها المعمارية وزخرفة سقوفها وأعمدتها وأقواسها وما تحتوي عليها من نقوش وخطوط عربية إسلامية توازي الأنماط المعمارية المتبعة في عهد الدولة المرينية وتشبه إلى حد بعيد في محرابها مسجد تلمسان. واعتبرت هذه الأبحاث أن هذا الجامع العظيم، الذي بصم علماؤه وطلابه في كتبه بمداد الفخر والاعتزاز ونقشت أسماؤهم في سجلات وكتب الفقه والنحو والعلوم، يضاهي أيضا مساجد وجوامع كثيرة في العالمين العربي والإسلامي، خاصة من حيث الدور الذي اضطلع به منذ زمن بعيد كمعهد إسلامي تخرج منه علماء وفقهاء المغرب والجزائر. بدر المقري، الأستاذ الجامعي والباحث في تاريخ المنطقة صرح أن النمط المعماري الذي يميز لحد الآن «الجامع الكبير» ومعه «المدرسة المرينية» والحمام «البالي» داخل المدينة العتيقة إنما يضاهي المعالم المعمارية في قصر الحمراء بغرناطة.