وجدة / 11 يونيو 2014/ومع/ تختزن المدينة العتيقة لوجدة رصيدا تراثيا غنيا ومتنوعا يعكس الطابع التاريخي العريق لمدينة الألفية التي لازالت تحافظ على كثير من خصائصها وشكلها المعماري القديم. ويشكل المسجد الأعظم أو ما يطلق عليه محليا "الجامع الكبير"، الذي يعود تاريخ تشييده إلى سنة 696 هجرية/ 1296 ميلادية في عهد السلطان المريني أبي يعقوب يوسف، في إطار إعادة بناء مدينة وجدة التي دمرت بكاملها سنة 1272م، أحد أهم المعالم العمرانية التاريخية التي خلفتها الدولة المرينية في المغرب الأقصى والتي صمدت في وجه الزمن لقرون عديدة وتحدت العوامل الطبيعة والبشرية. وخضعت هذه المعلمة الدينية، التي تقع شمال القصبة المرينية، خلال تاريخها الممتد إلى أكثر من سبعة قرون، لتحسينات وتغييرات في بعض ملامحها المعمارية، حيث تم ترميم الجهة الغربية للمسجد سنة 1880 مع إضافة مرافق أخرى سنة 1934. وفي الآونة الأخيرة خضعت هذه المعلمة الشامخة، التي اضطلعت بأدوار تاريخية، دينية وعلمية، لعملية الإصلاح والترميم في إطار رد الاعتبار للمآثر التاريخية بالمدينة العتيقة التي تبقى شاهدة على الذاكرة التاريخية لمدينة الألفية. وتتميز هذه المعلمة الدينية بجمالية بنيانها وأشكالها المعمارية وزخرفة سقوفها وأعمدتها وأقواسها وما تحتوي عليها من نقوش وخطوط عربية إسلامية توازي الأنماط المعمارية المتبعة في عهد الدولة المرينية وتشبه إلى حد بعيد في محرابها مسجد تلمسان. وتنحصر العناصر الجمالية البارزة لهذا المسجد المريني، الذي يغلب عليه طابع البساطة، في الباب الرئيسي والمحراب الذي يصل عمقه إلى 75ر1 مترا ثم المئذنة الأثرية البديعة المنتصبة بالزاوية الجنوبية الغربية لقاعة الصلاة وبالسور الشمالي للقصبة. وذكرت أبحاث ودراسات تاريخية أن بناء هذه الصومعة، التي يبلغ علوها 24 مترا وطول كل ضلع من أضلاعها الأربعة 65ر4 مترا، كان متأخرا عن بناء المسجد بحوالي عشرين سنة، أي إلى سنة 717 هجرية / 1317 ميلادية. وتتكون هذه المعلمة المرينية من قاعة للصلاة تحتوي على 19 رواقا متوازيا وأربعة صفوف من الأعمدة تلتقي في أقواس منخفضة، بالإضافة إلى خمس بلاطات متعامدة مع جدار القبلة. واعتبرت هذه الأبحاث أن هذا الجامع العظيم، الذي بصم علماؤه وطلابه في كتبه بمداد الفخر والاعتزاز ونقشت أسماؤهم في سجلات وكتب الفقه والنحو والعلوم، يضاهي أيضا مساجد وجوامع كثيرة في العالمين العربي والإسلامي خاصة من حيث الدور الذي اضطلع به منذ زمن بعيد كمعهد إسلامي تخرج منه علماء وفقهاء المغرب والجزائر. وصرح بدر المقري، الأستاذ الجامعي والباحث في تاريخ المنطقة، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن النمط المعماري الذي يميز لحد الآن "الجامع الكبير" ومعه "المدرسة المرينية" و الحمام "البالي" داخل المدينة العتيقة إنما يضاهي المعالم المعمارية في قصر الحمراء بغرناطة.