فيما ينتظر رد الفعل الرسمي إزاء الرسالة التي بعث بها جناح من معتقلي السلفية الجهادية إلى الملك محمد السادس يطلعونه من خلالها على ما يعتبرونه أوضاعا مزرية يعيشونها حاليا داخل السجون المغربية، اعتبر مراقبون أن المبادرة التي أقدم عليها هؤلاء المعتقلون بمثابة تحول نوعي في مواقف السلفيين الجهاديين بالمغرب. أسباب نزول هذه الرسالة، التي وقعها 33 معتقلا من السجن المحلي عين السبع عكاشة بالدار البيضاء، تكمن في حرمانهم من مجموعة من الحقوق والمكتسبات التي راكموها منذ سنوات، وصلت إلى حد منعهم من استعمال الكؤوس الزجاجية لشرب الشاي والقهوة. واعتبر محمد ضريف، الباحث المختص في شؤون الحركات الجهادية، أن دافع هؤلاء لديباجة هذه الرسالة هو وصول مطالبهم المتعلقة بحل ملفاتهم إلى الباب المسدود، خاصة أنهم طرقوا خلال محطات سابقة أبواب عدد من الجهات. وأبرز ضريف في تصريح ل»المساء» أنهم أدركوا مؤخرا أن الجهة الوحيدة التي يمكن لها الحسم في ملفهم هي المؤسسة الملكية. وأبرز الباحث في شؤون الحركات الجهادية أن الرسالة التي بعث بها هؤلاء تضمنت ولاء ضمنيا للملك، والأساسي فيها أنها وضعت حدا لما كان يقال عنهم إنهم ضد المؤسسة الملكية. كما أعلنوا أنهم يعتبرون أنفسهم من رعايا الملك وأنهم يلتجئون إليه شأنهم في ذلك شأن باقي المواطنين عندما يواجهون مشاكل يستعصي على المسؤولين حلها. الرسالة تبين، حسب ضريف، أنهم ليسوا خارج المجتمع أو الدولة. وحول القيمة المضافة التي ستحملها هذه الرسالة، أبرز ضريف أنها تبقى مجرد مبادرة عن مجموعة من الأشخاص من داخل السجن يتعين قبل الحكم عليها انتظار مواقف باقي أجنحة هذا التيار الموجودة بالسجون الأخرى لمعرفة ما إذا كانت تجسد نفس الفكرة التي طرحتها أم أنها تبقى مبادرة خاصة بهؤلاء النزلاء. وبخصوص رد الفعل الرسمي إزاء هذه المبادرة، أوضح الخبير في شؤون الحركات الجهادية أنه من السابق لأوانه الحديث عن أي موقف ما لم يعبر باقي السجناء الآخرين عن مواقفهم صراحة إزاء ما حملته تلك الرسالة. كما يتعين أولا معرفة موقف شيوخ هذا التيار طالما أن الموقف الرسمي تتحكم فيه مجموعة من الاعتبارات، علما أن مربع اتخاذ القرار بالمغرب تتباين فيه وجهات النظر إزاء ملفات السلفية الجهادية بين متشدد على المقاربة الأمنية وبين داع إلى فتح الحوار مع هؤلاء. واستهلت الرسالة المفتوحة، التي وجهها هؤلاء للملك ب: «نكتب لكم و أنتم من ملككم الله تعالى البلاد واستأمنكم على مصالح الأمة المغربية واسترعاكم سبحانه رعاياه، بعد سبع سنوات عجاف من الصبر على الظلم وقلة المنصف لنا و لعوائلنا الذين تشردوا و نالوا كما نلنا حقهم من الظلم و الهوان و قلة ذات اليد و انتهاك كرامتهم ككرامتنا بما شهد به القريب و البعيد و بعد طول انتظار لإنصاف و إعادة الحق إلى أهله، و جبر كسر من زج بهم في غياهب السجون بغير دليل أو برهان». وخلصت الرسالة «واعلموا وفقكم الله لما فيه خير البلاد و العباد و لما يحبه و يرضاه، أننا نؤكد على براءتنا أمام الله عز و جل ثم أمامكم و أمام شعبنا المغربي حفظه الله بالإسلام من كل سوء.و نطلب منكم و من المؤسسات التي ترأسونها أن ترفعوا عن الأبرياء الظلم الجاثم على أرواحهم و صدورهم بما أعطاكم الله من السلطة التنفيذية.و تقبلوا وافر الدعاء بالسداد و التوفيق لكل خير».