فوجئت إدارات مجموعة من مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية بتنقيل مرضى «بويا عمر» إليها. ووجدت نفسها في وضع حرج أمام احتجاج أسر المرضى، الذين التحف العديد منهم الأرض، نظرا لضعف الطاقة الاستيعابية بتلك المستشفيات، وعدم وجود أماكن شاغرة لاستقبال الوافدين الجدد. موجة الانتقادات الشديدة بدأت من مدينة الدارالبيضاء، حيث وجه رئيس مقاطعة عين الشق، التي يقع في دائرة نفوذها المستشفى الذي وضع به نزلاء «بويا عمر» رسالة إلى السلطات المحلية بالمدينة يحذر فيها من مغبة العواقب، التي يمكن أن تحدث بعد وضع هؤلاء النزلاء في مستشفى الأمراض الجلدية الآيل للسقوط. الوضع الجديد وصفه المتتبعون بأنه «أكثر خطورة» مما كان عليه الأمر في «بويا عمر»، حيث كان المرضى يجدون، على الأقل، غرفا تؤويهم، وأفرشة يحتمون بها، إضافة إلى سهولة الزيارات والمتابعة والمراقبة المباشرة، وهو ما بات يهدد بشكل كلي خطة وزير الصحة الحسين الوردي لإعادة الاعتبار لنزلاء «بويا عمر». لقد ظهر بجلاء أن وزير الصحة تحرك تحت الضغط، ولم يفكر جيدا في توفير بنيات الاستقبال للمرضى، الذين تم تنقيلهم من «بويا عمر»، بل لم ينسق حتى مع إدارات المستشفيات، التي كان من المفروض أن تعرف مسبقا بأنها ستستقبل بعضا من الوافدين الجدد. يوما عن يوم يظهر أن المسؤولين في هذه البلاد يشتغلون بمنطق «رفع الحرج»، ولا يهمهم حل المشكل جذريا بقدر ما يسيطر عليهم هوس مواجهة الأزمة والانتقادات والضغوطات، فيلجؤون إلى تدابير متسرعة وعشوائية تجعل الوضع يتفاقم أكثر مما كان عليه سابقا. وهذا المنطق لن يخدم أبدا البلاد ولا العباد.