كشف برلماني من المعارضة، مساء أول أمس الثلاثاء، أن بحوزته لائحة بأسماء مسؤولين سابقين في وزارة الصحة تلقوا «عمولات سخية» من شركات أدوية كبيرة في المغرب لإبقاء أسعار الأدوية في مستويات مرتفعة والحيلولة دون تعديل السياسة الدوائية في اتجاه جعل عموم الأدوية في متناول المواطنين. وأضاف الأمين بوخبرة، عن حزب العدالة والتنمية، في اجتماع مشترك للجنتين المالية والاجتماعية في مجلس النواب لمناقشة التقرير حول ثمن الدواء، أنه توصل باللائحة من موظفين كبار سابقين. وقد حاولت «المساء» الحصول على اللائحة، إلا أن البرلماني اشترط الحصول أولاً على موافقة المصادر التي زودته بهذه اللائحة على نشرها. من جانب آخر، دعا برلماني عضو في اللجنة الاجتماعية إلى إشراك هيئة الوقاية من الرشوة في تركيبة اللجنة الموسعة التي دعت إلى خلقها توصيات التقرير والتي ستكون مكلفة بتحديد أثمنة الأدوية والتعويض عنها، وذلك بغرض التصدي للجهات التي تقدم رشاوى إلى الأطباء والصيادلة لتسويق أنواع بعينها من الدواء، تكون غالبا غالية الثمن. وتميزت تدخلات أعضاء اللجنتين بالتشديد على ضرورة ألا يتوقف التقرير عند هذه المرحلة ويظل حبرا على ورق، فقد اقترح بعضهم عقد اجتماع مع الحكومة للاستماع إلى رأيها والتوصل معها إلى سبل تنفيذ التوصيات التي خلص إليها التقرير، كما علمت «المساء» من خالد الحريري، مقرر اللجنة التي أنجزت هذا التقرير، بأن كلا من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي والجمعية المغربية للصناعة الصيدلانية طلب الالتقاء بلجنة المالية لمناقشة مضامين التقرير والتطرق إلى كيفية خفض أسعار الأدوية لتسهيل حصول المواطنين عليها. فيما دعا نور الدين البورقادي، رئيس المهمة الاستطلاعية التي أنجزت التقرير، الدولة إلى التفاوض مع منتجي الأدوية باسم جميع المغاربة والمؤسسات العمومية التي تشتري الدواء للحصول على أكبر هامش تخفيض في السعر بالنظر إلى كون الدولة ومؤسساتها العلاجية تعد أكبر مشتر للدواء، في حين أن ما يجري حاليا هو أن «الكنوبس» (الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي) يتفاوض من خلال صيدليته لفائدة المنخرطين لديه، ولا يبقى لملايين المواطنين، خصوصا غير المستفيدين من أي نظام للتغطية الصحية، أي جهة تدافع عنهم. وحذر النائب بوخبزة من أن استمرار غلاء الأدوية في المغرب، سواء المكلِّفة منها أو العادية، سيزيد من وتيرة اللجوء إلى الأدوية المهربة، سواء عبر الحدود مع الجزائر أو مع إسبانيا، ووضع البرلماني من وصفهم ب«المتاجرين في آلام المرضى من أجل الاغتناء» و«تجار المخدرات» في خانة واحدة. واستدل برلماني آخر على التفاوت الصارخ في ثمن بيع الأوكسجين للمستشفيات العمومية بالقول إن الخلل في منظومة الدواء لا يتضرر منه المواطنون فقط بل حتى مؤسسات الدولة، فبعض المستشفيات تشتري المتر المكعب الواحد من الأوكسجين، الذي يصنف في خانة الأدوية، ب14 درهما، في حين يباع لمستشفيات أخرى ب90 درهما، مضيفا أن شركتين فقط تحتكران هذا الميدان في المغرب، وأن بعض المرضى تدهورت صحتهم في مستشفيات عمومية وأصيبوا بعاهات مستديمة بسبب الافتقار إلى الأوكسجين.