حذرت مصادر طبية من الارتفاع المضطرد لضحايا المخدرات المغشوشة -خاصة الكوكايين- في أوساط التلاميذ والطلبة، بعد أن عمدت شبكات الترويج إلى تخفيض ثمن هذا المخدر القوي ليصل إلى حدود 80 درهما لكل لفافة، في الوقت الذي نزل فيه ثمن جرعة الهيروين إلى 40 درهما. وأكدت ذات المصادر أن المروجين يعمدون إلى مضاعفة الكمية التي يتم توزيعها عن طريق خلط الكوكايين النقي بعقاقير ومحاليل طبية تستعمل في علاج الصرع وأخرى خاصة بالمعاقين ذهنيا، إضافة إلى حبوب الإكستازي المنشطة، والتي يتم استعمالها، في الغالب، في العلب الليلية من أجل الحصول على الطاقة. وسجلت المراكز المتخصصة في علاج الإدمان خلال هذه السنة ارتفاعا قياسيا في عدد الراغبين في العلاج، خاصة من الفئة العمرية المتراوحة ما بين 18 و30 سنة. نسبة كبيرة من هذه الطلبات -حسب ذات المصدر- يتم تأجيلها بالنظر إلى محدودية الطاقة الاستيعابية لهذه المراكز وارتفاع ضحايا إدمان المخدرات القوية التي لم تعد حكرا على الطبقات الغنية، كما كان عليه الحال في الماضي، بعد أن عمدت شبكات الترويج إلى تخفيض ثمنها أمام تزايد الكميات التي يتم تهربيها إلى المغرب، خاصة من الحدود الجنوبية، وكذا بسبب انخراط عدد من المهاجرين الأفارقة في شبكات الترويج، حيث يجلبون كميات مهمة من الكوكايين لمقايضته في المغرب واستعمال الأموال المتحصلة منه في عمليات مشبوهة. وأكد البروفيسور وناس عبد الرزاق، أخصائي الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى الرازي بسلا، أن الوقت قد حان للانخراط في حملة واسعة للتوعية من أجل الحد من الخطر الذي يترصد عددا كبيرا من الشبان، وحذر من المضاعفات الصحية المرتبطة باستهلاك هذه المخدرات التي قد تؤدي، في بعض الأحيان، إلى السقوط في غيبوبة أو الإصابة بسكتة قلبية بعد التدرج في الاستهلاك، إضافة إلى حصول تلف في غضروف الأنف وتضرر العروق والشرايين الدموية والإصابة بحالة من الهلوسة والذهان. وأشار البروفيسور وناس، رئيس الجمعية المغربية لجودة الخدمات الطبية، إلى أن قاعدة الاستهلاك توسعت وأصبحت تشمل أيضا النساء -اللائي لا يتجاوزن، في نسبة كبيرة منهن، 30 سنة- كما أكد وجود علاقة بين إدمان المخدرات القوية والمرض نفسي. يشار إلى أن العلاج من الإدمان يتطلب مصاريف باهظة تقدر ب300 درهم يوميا، في حين أن مدة العلاج قد تصل إلى شهر كامل، كما أن الرغبة في الإقلاع عن إدمان المخدرات القوية تصطدم أيضا بقلة المراكز المتخصصة في المغرب. إلى ذلك، أكد مسؤول أمني أن نشاط شبكات ترويج المخدرات القوية أصبح يتزايد يوما بعد يوم، وأن الكميات التي يتم ضبطها تشكل جزءا صغيرا من الكميات التي يتم ترويجها من قبل موزعين ينشطون في محيط الكليات والمعاهد والعلب الليلية، ويستعلمون الهاتف النقال في تلبية طلب الزبناء، كما أن إضافة أي زبون إلى قائمتهم لا يتم إلا بعد الحصول على تزكية من زبون موثوق به لتفادي الوقوع في قبضة الأمن. وأكد ذات المسؤول الأمني أن الشبكات الإجرامية استطاعت أن تطور من وسائل عملها أمام محدودية الإمكانيات المتوفرة للجهاز الأمني الذي يعتمد، بالأساس، على ما يرد عليه من معلومات عن طريق بعض المخبرين، وشدد على أن الحل الاستباقي، المتمثل في التوعية، يبقى الحل الأمثل لمواجهة خطر المخدرات القوية التي بدأت تغزو المغرب وتنافس المخدرات التقليدية.