لازالت تداعيات قرار الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بتجميد جميع المهام الحزبية التي يتولاها النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي إلى حين الحسم في مصيره متواصلة، في الوقت الذي بدأت تتكشف بعض الخيوط والملابسات المرتبطة بطريقة اتخاذ القرار. وحسب المعطيات المتوفرة، فإن غضبة ملكية كانت وراء إطاحة العدالة والتنمية بأفتاتي بعد الزيارة التي قام بها للمنطقة الحدودية، والتقارير التي تلت ذلك، وهو ما جعل بنكيران يسارع إلى عقد اجتماع استثنائي للأمانة العامة، انتهى بقرار تعليق جميع مهام أفتاتي. وفي الوقت الذي أثار هذا القرار تحفظات عدد من أعضاء حزب العدالة والتنمية، صرح أفتاتي، في اتصال هاتفي مع «المساء»، بأن على الأمانة العامة أن تقول وبصراحة الأسباب التي اعتمدتها في القرار، وأن لا تختبئ وراء زيارة عادية لدواوير في المنطقة الحدودية سبق للحزب أن قام فيها بحملة انتخابية. وكشف أفتاتي تفاصيل ما وقع في الزيارة وطبيعة المسؤولين الذين قاموا باستفساره عن هويته، وقال إن ما يتم الترويج له من روايات أقحم فيها الجيش مجرد «خرايف» و«حكايات» يريد البعض الاختباء خلفها ليمارس لعبة الخيط حتى تجد نفسك خارجها، قبل أن ينفي أن يكون بنكيران قد تحدث معه هاتفيا قبل اتخاذ قرار تعليق مهامه. وأكد أفتاتي أنه لا يفهم لحد الآن خلفيات القرار الحقيقية، مضيفا أنه ينتظر عرض الملف على هيئة التحكيم من أجل الاطلاع على الحيثيات التي «اعتمدها حزب من المفترض أنه يقود تجربة إصلاحية تقتضي الوضوح». وسرد أفتاتي تفاصيل الرحلة التي انتهت بتعليق مهامه، وقال إن الزيارة شملت دواوير محاذية للشريط الحدودي، حيث تقوم الجزائر ببناء خندق لأسباب تهمها، فيما يقوم المغرب ببناء سياج، واعتبر أن زيارة منطقة حدودية أمر عادي، وأن تبادل المنافع عند الحدود أمر طبيعي بحكم أن المغاربة والجزائريين تربطهم علاقات مصاهرة وأخوة، مضيفا أنه «لا يمكن بالمنطق أن تدير ظهرك لجارك». وواصل أفتاتي حديثه مشيرا إلى وجود طريق مدارية بالقرب من السياج تقود إليها طرق معبدة وأخرى ترابية، استعمل إحداها انطلاقا من أحد الدواوير بمعية أعضاء في الحزب، مضيفا أن استعمال هذه الطريق قد يجعلك تدخل التراب الجزائري دون أن تدرك ذلك، وقال إن هذا أمر معروف لدى سكان المناطق الحدودية، التي تمتد على مسافة 2000 كلم. وأشار أفتاتي إلى أن هذه الطريق فيها حركة عادية، ويمر منها الناس ولم يعترض سبيله أحد، كما لا توجد فيها أي علامة تشير إلى أنها منطقة عسكرية ومحظورة، قبل أن يستدرك ويقول: «صحيح أنه توجد قوة عمومية تطلب منك بكل أدب أوراق هويتك لكن لم يطلب منا أحد المغادرة، لذا واصلنا طريقنا ولم يستفسرونا إطلاقا عن سبب تواجدنا هناك». وقال أفتاتي إن تحديد مكان وجوده ممكن بتقنية «جي بي اس» من أجل «فرش القضية»، مضيفا أن «هناك من يسمعون ليل نهار من أجل المزيد من التأكيد على طبيعة ما حصل، بعد ترويج روايات عن ولوج منطقة عكسرية برفقة قبطان أو مهرب». رحلة أفتاتي، وحسب روايته، وصلت إلى واد لا توجد فيه قنطرة، وهو ما فرض عليه بمعية مرافقيه الالتفاف من أجل استكمال الرحلة، قبل أن يجد قوة عمومية طلبت منه أوراق الهوية، وهو ما تم فعلا، وبعد أن قام أحد عناصرها بإجراء مكالمة أخطره بأن مسؤولين سيحضرون للمكان من أجل الحديث معه ليخرج الجميع من السيارة في انتظارهم. وقال أفتاتي: «بعد فترة حضرت سيارة رباعية الدفع تابعة للدرك الملكي على متنها ثلاثة عناصر بزي رسمي، ورابع بزي مدني، استفسرونا عن سبب وجودنا بالمكان، وقال أحدهم إن ذلك ممنوع، لأرد عليه بعفوية بأن المنع له قانون، قبل أن يخبروني بدورهم بأن هناك مسؤولين يرغبون في لقائنا وعرضوا علينا الانتقال إليهم، حيث تبعتهم بسيارتي قبل أن تتعطل سيارة الدرك، ويترجل عنصر بالزي المدني طلب منا نقله معنا، وهو ما استجبنا له، قبل أن نفاجأ بأن سيارة الدرك لحقت بنا وقتا قصيرا بعد ذلك». وأوضح أفتاتي أن سيارة خاصة على متنها مسؤولان بالدرك كانت في الانتظار، لتتحرك الهواتف، وأضاف «لقد طلب مني الحديث مع مسؤولين لم أعلم هويتهم وبعدها غادرنا المكان وعدنا أدراجنا». رحلة أفتاتي، وحسب ما رواه، ستعرف تطورات سريعة ومتلاحقة، وفق ما كشفه في حديثه ل «المساء»، بعد أن اتصل به مدير ديوان رئيس الحكومة جامع المعتصم في اليوم الموالي، وأخبره بضرورة الاتصال ببنكيران بشكل مستعجل، وأضاف أفتاتي «وهو ما قمت به فعلا لأجد هاتفه خارج التغطية، الأمر الذي نقلته للمعتصم، الذي دار بيني وبينه نقاش استعمل فيه مصطلحات الحدود والجيش والمنطقة العسكرية، لأعترض على ذلك وأخبرته بأني برلماني وأعلم ما هو ممنوع». لائحة المتصلين لم تتوقف عند حدود المعتصم، بل اتصل أيضا مصطفى الرميد ليدور نقاش بينه وبين أفتاتي حول ما وقع، «قبل أن يحين الدور على بوانو، الذي استفسر عما حدث لأخبره بما جرى، قبل أن يرد بوجود رواية أخرى لتتخذ الأمور مسارا انتهى بصدور بلاغ الأمانة العامة، التي لا أعلم الطريقة التي تم بها اجتماعها الاستثنائي»، يقول أفتاتي.