دقائق معدودة من تساقطات مطرية شهدتها مدينة فاس، مساء يوم أول أمس الأحد، كانت كافية لتعري عن واقع هشاشة البنيات التحتية في جل أحياء العاصمة العلمية، خاصة في الأحياء التي تقدم على أنها «راقية»، وحديثة «التجهيز» كما هو الشأن بالنسبة لمنطقة «طريق عين الشقف»، وطريق صفرو، وحي النرجس، وحي الزهور. فقد تحولت جل الشوارع بالمدينة إلى أنهار مفتوحة، بعدما كشفت التساقطات على أن بالوعات تصريف مياه الأمطار قد أصابتها الأعطاب، دون أن يشغل الوضع المجلس الجماعي للمدينة، أو وكالة الماء والكهرباء والتطهير، والتي لا تجيد بحسب المواطنين سوى الزيادة في فواتير الماء والكهرباء، وتجنيد المستخدمين لقطع التيار الكهربائي بمجرد تأخر طفيف عن تسديد الفاتورة، دون رحمة أو شفقة، ودون أي أخذ بعين الاعتبار لظروف المواطنين، وإكراهاتهم، ودون أن تقابل ما تجنيه من أموال طائلة للقيام بأدنى الخدمات في مجال صيانة البالوعات تحسبا للتساقطات، خاصة وأن هذه الحوادث تتكرر. وعاشت فاس العتيقة لحظات عصيبة بسبب هذه التساقطات، حيث ارتفع منسوب مياه واد الجواهر الذي يقطع أحياء المدينة العتيقة، ولازالت أشغال إصلاحه جارية، وتخوف قاطنو البنايات المجاورة من أن يؤدي هذا الوضع الاستثنائي إلى انهيارات. ووجد المواطنون أنفسهم وجها لوجه مع فيضانات الشوارع، وكان الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لأصحاب محلات تجارية في حي الأطلس، يعانون في كل مرة من تسرب المياه إلى محلاتهم، ما يلحق بهم خسائر مادية كبيرة، حيث تتعرض سلعهم للإتلاف، والمثير، بحسب بعض التجار، أن المنتخبين لا يكلفون أنفسهم حتى عناء القيام بزيارة تفقدية للإطلاع على أحوالهم في مثل هذه «المناسبات»، فما بالك باتخاذ مبادرات ل»تصحيح» مثل هذه الاختلالات المرتبطة بالبنيات التحتية الأساسية التي يؤدون من أجلها ضرائب لفائدة الدولة، يقول أحد هؤلاء التجار المتضررين ل»المساء». ووجد مستعملو الطريق من أصحاب الناقلات صعوبة كبيرة في قطع الأنهار خاصة وأن أهم شوارع المدينة مصابة أصلا بالهشاشة، ومليئة بالحفر العميقة، وازداد هذا الوضع في الشوارع التي أحدثت في الآونة الأخيرة لمواكبة التوسع العمراني الذي شهدته العاصمة العلمية في ظل ما يعرف بالانتعاشة العقارية للمجزئين وأصحاب الشركات العقارية الكبيرة والمحظوظة. وعاينت «المساء» عددا من مستعملي الطريق وهم «يبحرون» برا بحذر شديد خوفا من أن «يغرقوا» في الحفر العميقة التي غمرتها مياه الأمطار. واستغرب عدد من المواطنين غياب أي «دوريات» للمنتخبين، أو أي «استنفار» لدى وكالة الماء والكهرباء والتطهير والتي تتعرض لانتقادات لاذعة أيضا بسبب عدم اكتراثها لأوضاع الإنارة العمومية في الشوارع الرئيسة للمدينة، ما يغذي في بعض الحالات «جشع» المجرمين لقطع الطريق، وسرقة المواطنين تحت طائلة التهديد باستعمال السلاح الأبيض. وانتقد هؤلاء المواطنون لجوء بعض الأسماء الوازنة في سماء المدينة إلى «التهافت» من أجل الظهور في عدد من وسائل الإعلام بمظهر المدافع عن مصالح المدينة، و»الإنجازات الحضارية والتاريخية» التي تحققت فيها، لأغراض انتخابية وصفوها ب»البئيسة»، فيما واقع الحال يؤكد بأن البنيات التحتية في مدينة فاس تعاني من أزمة عميقة، تهدد بتحويلها إلى قرية نائية كبيرة، إذا ما استمر الإهمال على ما هو عليه.