أرجأ الوسيط الأممي كريستوفر روس المكلف بقضية الصحراء زيارة كان من المرتقب أن يقوم بها للمنطقة قصد تذويب نقط الخلاف بين أطراف النزاع، وتحديد موعد للجولة الخامسة من المفاوضات، التي بقيت معلقة منذ تقديم الوسيط الأممي السابق الهولندي فان والسوم استقالته احتجاجا على تعنت الجزائر والبوليساريو. وحسب مصادر مطلعة، فإن أسباب هذا التأجيل تعود بالدرجة الأولى إلى التطورات التي حصلت مؤخرا، والتي تتعلق باعتقال عناصر وفد التامك السبعة على إثر زيارتهم الاستفزازية والمخطط لها لمخيمات تندوف، إلى جانب الحادث الاستفزازي الذي أقدمت عليه أمينتو حيدر بمطار العيون الأسبوع الماضي وتعمدت من خلاله إعلان تنصلها من الجنسية المغربية التي تحملها. ويرى مصطفى ناعمي، الباحث في الشؤون الصحراوية وعضو الكوركاس، أن تأجيل زيارة الدبلوماسي الأمريكي روس للمنطقة يعود بالدرجة الأولى إلى كون الظروف غير مواتية في الوقت الراهن للحديث عن تحديد أي موعد مرتقب للمفاوضات، وأوضح ناعمي في تصريح ل«المساء» أن الوسيط الأممي الجديد يعتمد تقنيات جديدة في إدارة المفاوضات تتطلب توخي مزيدا من الحيطة والحذر، وبالتالي فإن أي زيارة له للمنطقة في الوقت الحالي سيكون مصيرها الفشل. وبخصوص طبيعة التطورات التي يعرفها هذا الملف في الآونة الأخيرة كشف الباحث في الشؤون الصحراوية عن الدور الذي تطلع به الجزائر في كل هذه الأحداث عبر اعتمادها على الورقة الحقوقية من أجل تقويض مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب بعدما أصبح يحظى بإجماع قوي من لدن العديد من الدول المؤثرة في المنتظم الدولي. وأبرز ناعمي أن المغرب أجهض مخططا محكم التنظيم تقوده المخابرات العسكرية الجزائرية من أجل نقل بذور الانفصال الموجودة في مخيمات تندوف إلى داخل المناطق الصحراوية المغربية. واعتبر ناعمي التلويح بالانسحاب من المفاوضات من قبل البوليساريو نوعا من التكتيك التي تقوم به الجبهة بإيحاء من الجزائر. ويرى مراقبون أن كلا من الجزائر والبوليساريو استنفذتا مؤخرا كل الأوراق التي لعبتها من أجل تقويض جهود المغرب المتعلقة بمخطط الحكم الذاتي، عبر خلق متاعب جديدة للمغرب و افتعال أحداث جانبية أبطالها أشخاص موالون للفكرة الانفصالية ويحملون الجنسية المغربية وتقديمهم للمنتظم الدولي كضحايا للممارسات المشينة لحقوق الإنسان، في حين أن واقع الحال هو أن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بامتيازات غير مخولة للعديد من المواطنين المغاربة. وتشير المصادر ذاتها إلى أن التطورات التي يعرفها ملف الصحراء تعري بجلاء حقيقة البوليساريو، التي صارت أداة طيعة في يد المخابرات العسكرية الجزائرية التي تسخرها كيفما شاءت، ذلك أن مشروع الحكم الذاتي وضغط المغرب مؤخرا لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من أجل إعادة توطين محتجزي تندوف خارج نفوذ الجزائر دفعا بهذه الأخيرة إلى اختلاق سيناريوهات جديدة هدفها لفت المنتظم الدولي إلى قضايا جانبية مختلقة بهدف تحوير النقاش والابتعاد عن الفكرة الأساسية المتعلقة بالحكم الذاتي.