خلال اليومين الأخيرين، عرفت الموانئ المغربية، وخاصة ميناء الدارالبيضاء، ازدحاما غير مسبوق بعد رسو 27 باخرة محملة بالقمح الطري. هذا الاختناق يعود، بالأساس، إلى توقيف عمليات استيراد القمح الطري منذ 30 أبريل المنصرم، وكذا إلى بطء عمليات التفريغ، الأمر الذي يضطر أصحاب المطاحن الموردين للقمح إلى دفع تكاليف إضافية متعلقة بالتأخير في التفريغ. هذا المشكل ليس سوى جزء من جبل الجليد الذي يخفي تحته صعوبات تسويق القمح في السنوات السمان، فمباشرة بعد إعلان وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش عن الرقم القياسي لإنتاج الحبوب هذا الموسم، والذي سيتجاوز 110 ملايين قنطار، شرعت لوبيات القمح في التحرك من جديد، عبر محاولات لضرب السعر المرجعي الذي حددته الوزارة، والدفع بالأسعار نحو الانهيار، مهددة باللجوء إلى الاستيراد وترك محاصيل الفلاحين عرضة للتلف. الفلاحون، من جهتهم، أصبحوا لا حول لهم ولا قوة أمام هذه الوضعية، وهم الآن يشككون في إمكانية حصولهم على السعر المرجعي المحدد هذه السنة في 270 درهما للقنطار، خاصة وأن السعر الذي تقترحه المطاحن حاليا يتراوح بين 230 و240 درهما للقنطار، رغم أن القرار المتعلق بالسعر المرجعي يعتبر ملزما ويهدف، بالأساس، إلى ضمان تسويق جيد لمحصول الحبوب. الظروف التي يمر فيها تسويق القمح سنويا تؤكد أن الفلاح الصغير يظل دائما حائطا قصيرا يقفز عليه الجميع؛ ففي السنوات السمان يجد نفسه عرضة للوبيات القمح التي تضغط في اتجاه دفع الأسعار نحو الانهيار؛ وفي السنوات العجاف يجد نفسه أمام تلاعبات مافيات البذور ويضطر في الأخير إلى عدم بيع محصوله، مع ما يمثله ذلك من خسارة في الحالتين. فأين هو المخطط الأخضر من كل ما يجري؟