أصدرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المعروفة اختصارا ب«الهاكا»، تقريرا موضوعاتيا حول البرامج التي تتخذ الجريمة موضوعا لها في القنوات ذات البرمجة العامة، يتضمن عددا من المعطيات الكمية والوصفية المتعلقة بكل من الأولى والقناة الثانية وميدي 1 تي في. وأشارت الهيئة، في تقريرها، إلى أنه رغم الانتقادات الكثيرة والحادة التي وجهت إلى برامج الجريمة، فإنها ظلت تستقطب جمهورا واسعا من المشاهدين، وهو ما تؤكده نتائج قياس نسبة المشاهدة «لماروك متري»، والتي وضعت برامج إعادة تشخيص الجريمة «مداولة» و«أخطر المجرمين» خلال سنة 2013، ضمن لائحة البرامج العشرة الأولى الأكثر متابعة من طرف الجمهور المغربي، إذ فاق عدد الذين شاهدوا برنامج «أخطر المجرمين» أربعة ملايين، فيما تجاوز برنامج «مداولة» حدود ثلاثة ملايين متفرج. وتفيد المعطيات الصادرة عن ماروك متري أن 18 بالمائة من الجمهور الناشئ الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة يشاهدون برنامج «أخطر المجرمين»، فيما يشاهده 20 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة. أما بالنسبة إلى برنامج «مداولة» فإن نسبة الأطفال الذين يتابعونه والذين تنحصر أعمارهم بين 5 و14 سنة، تصل إلى 20 في المائة من المشاهدين الذين يتابعون البرنامج. وتبين المعطيات أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للمتفرج إلا وابتعد عن هذا النوع من البرامج، إذ أن 62 بالمائة من جمهور برنامج أخطر المجرمين هم أشخاص بدون شهادات تعليمية، فيما تبلغ نسبة جمهور البرنامج من أصحاب الشهادات المتوسطة 30 في المائة، في حين لا تتعدى نسبة مشاهديه من حاملي الشواهد العليا 8 بالمائة. وعلى إثر بث هذا النوع من البرامج التلفزية، توصلت الهيئة بشكايات من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة العدل والحريات ومن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ومن وزارة الاتصال عبارة عن رسائل وجهها مواطنون يتظلمون من هذه البرامج، التي اعتبرت بعض الشكايات أنها مست بحقوقهم المرتبطة أساسا بقرينة البراءة والحق في سرية الهوية. وفي هذا السياق، توصلت الهيئة خلال سنة 2013 بما مجموعه ثمان شكايات منها سبع شكايات ضد برنامج «مسرح الجريمة» وشكاية واحدة ضد برنامج «أخطر المجرمين»، في حين لم يتم تقديم أي شكاية ضد برنامج «مداولة». وتعود أسباب إجراء هذا البحث إلى أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، كان قد وجه رسالة إلى «الهاكا» حول برامج الجريمة التي تبثها القنوات العمومية، من أجل مراقبتها وافتحاصها وإعطاء رأيها حول الموضوع. وتجدر الإشارة إلى أن أخبار الجرائم وقصصها تعد من بين المواضيع التي تغري فضول واهتمام الرأي العام. خصوصا وأن من بين سماتها اعتمادها على بناء درامي يجعلها قادرة على استقطاب اهتمام جزء مهم من جمهور المشاهدين. كما أنها تتضمن العديد من العناصر التي قد تثير اهتمام المشاهدين ابتداء من المشاهد العادي وصولا إلى المتتبع المتخصص مرورا بالنقاد.