تتجه التعديلات المقترحة ضمن مشروع القانون الجنائي، والتي تعتزم الحكومة التقدم بها خلال الولاية التشريعية الحالية، نحو التشدد في الرفع من عدد من العقوبات المتعلقة بجرائم الإرهاب وجرائم الأموال. وكشفت مصادر، شاركت في اللقاءت التحضيرية الخاصة التي عقدتها وزارة العدل واستدعت إليها عددا من المحامين والخبراء قصد إعداد مسودة هذه المشاريع، عن وجود صعوبات في التوصل إلى صيغة متفق عليها في ما يخص عقوبة الإعدام التي تطالب مجموعة من الهيئات الحقوقية بإلغائها بشكل نهائي من القانون الجنائي المغربي. وأوضحت المصادر ذاتها أنه تم التوصل في الأخير إلى صيغة وسط تبقي على عقوبة الإعدام، مع حصرها فقط في الجرائم الخطيرة المتعلقة بالإرهاب ووضع قيود عليها تتمثل في ضرورة إجماع القضاة الذين سيتلون الحكم في هذه القضايا، واستبعاد هذه العقوبة إذا كان الأمر يتعلق بجرائم ذات طبيعة سياسية. وكشفت المصادر ذاتها أن اعتبارات تتعلق بطبيعة التعاليم الإسلامية هي التي تحكمت في التوصل إلى هذا الحل الوسط. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن تعديلات مصاحبة ستطرأ كذلك على قانون المسطرة الجنائية، تخص مدة الحراسة النظرية، وإن الاتجاه العام الذي غلب على المقترحات التي تقدمت بها اللجان المختصة هو الرفع من مدة الحراسة النظرية بالنسبة إلى الجرائم الخطيرة والإرهاب، وهو الأمر الذي يعده عدد من المهتمين والحقوقيين بمثابة إضفاء لنوع من الشرعية على ما تقوم به مديرية المحافظة على التراب الوطني «الديستي» التي تباشر عملية التحقيق في جرائم الإرهاب وتتجاوز فيها مدة الحراسة النظرية التي يقضيها المشتبه في تورطهم في تلك الأعمال، بكثير المدةَ التي ينص عليها القانون والمحددة في 96 ساعة قابلة للتمديد ولا يسمح للمحامين أثناءها بمقابلة موكليهم. ويرى النقيب عبد الله درميش، من هيئة الدارالبيضاء، أنه إذا كانت هناك ضرورة للرفع من مدة الحراسة النظرية، فيجب أن تقرن بضمانات تتيح إمكانية فتح الباب أمام زيارة المحامي للموقوفين في كل وقت وعدم ربط هذه الزيارة بتمديد مدة الحراسة كما هو الشأن بالنسبة إلى قانون المسطرة الجنائية الحالي. ويضيف درميش، في تصريح ل«المساء»، أنه يتعين كذلك في هذه الحالة السماح للمحامي بأن يكون حاضرا مع موكله في كافة أطوار البحث. وأوضح مصطفى الإبراهيمي، المحامي وعضو لجن العدل والتشريع بمجلس النواب عن الفريق الاشتراكي، أنه في ما يتعلق بجرائم الإرهاب، فإن المغرب ملزم -وفق الاتفاقيات الدولية في هذا الإطار- بأن يواكب التشريعات الدولية التي تنص على محاربة هذه الجرائم بما يتلاءم وخطورتها. وعبر الإبراهيمي، في تصريح ل«المساء»، عن عدم تحبيذه لفكرة الرفع من مدة الحراسة النظرية، طالما أن هناك وسائل أخرى لترصد المجرمين، ومن بينها التنصت على المكالمات الهاتفية، متسائلا عن الفائدة من وراء إبقاء شخص ما مدة كبيرة تحت الحراسة النظرية قد تتجاوز أسبوعين.