نظمت جمعية تركية يوم الأحد الماضي، في قلب مدينة اسطنبول التركية، احتفالا ضخما حضره المئات من المواطنين للإعلان عن أسماء الفائزين في مسابقة كبرى للسيرة النبوية، تخللته فقرات فنية وكلمات للمنظمين. وأطلقت جمعية «غونيش للثقافة والتعليم» بتركيا هذه المسابقة قبل ثلاث سنوات تحت إسم «الكل يقرأ عنه»، من أجل إبراز الجوانب المشرقة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومكافحة التشدد، ويشارك فيها ما يزيد على مليونين من المواطنين من مختلف الأعمار، بمن فيهم المهاجرون المقيمون في تركيا، حيث يستفيد الفائزون، الذين يتجاوز عددهم 600 شخص من جميع الأعمار في كل دورة، من رحلة إلى الديار السعودية للعمرة على نفقة الجمعية، التي يساندها المتطوعون والمحسنون والمؤسسات الاقتصادية والأهلية في تركيا. ويتم الترويج للمسابقة عبر مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والمقروءة، كما أن الجمعية تتوفر على موقع على الأنترنت. وقال رئيس الجمعية، علي ديميريل، في تصريح ل«المساء» إن فكرة المسابقة بدأت من التفكير في المفاهيم السائدة عن النبي عليه السلام لدى المسلمين، والتي تصور النبي محاربا أو قاتلا، مما يعطي للغربيين فرصا كبيرة للانقضاض على الإسلام واتهامه بالتشدد والتطرف، بسبب ممارسات بعض المحسوبين على الإسلام. وأوضح ديميريل أن المشرفين على الجمعية قاموا بدراسة إحصائية لتفاصيل السيرة النبوية، فتبين لهم أن النبي عليه السلام عاش حوالي 8000 يوم، ورصدوا المحطات التي حصلت فيها الغزوات والمعارك العسكرية، فوجدوا أن الفترة الزمنية التي استغرقتها لا تتجاوز 377 يوما، أما المدة الزمنية التي شهدت اقتتالا مباشرا بين المسلمين وغيرهم في ساحات القتال فلا تتعدى أربعا وعشرين ساعة، مشيرا إلى أن المفاهيم السائدة تغلب هذه الفترات الزمنية القصيرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتتعمد إبرازها، وتغفل حياة النبي عليه السلام خارج تلك المعارك والغزوات. وقال ديميريل إن الجمعية شكلت لجنة متخصصة في السيرة النبوية، يرأسها الدكتور رشيد هيلاماز، وهو من كبار المتخصصين في السيرة ولديها مؤلفات عدة في الموضوع، حيث يتم اختيار جانب معين في حياة النبي كل سنة، مثل التسامح والحوار والأسرة، ويتم تكليف أعضاء اللجنة بتأليف أربعة كتب حول تلك المفاهيم في حياة النبي تناسب أربعة أجيال، هي الصغار واليافعين والشباب والكبار، بحيث يكون على الراغبين في المشاركة قراءة كتاب منها حسب الفئة العمرية التي ينتمي إليها، وبعد ذلك يحضر للمشاركة في المسابقة والإجابة عن الأسئلة، سواء بشكل مباشر أو عبر السكايب، ويتطلب التحضير للمسابقة سنويا عدة أشهر، لأن المشاركين يكونون ملزمين بقراءة الكتب الأربعة موضوع المسابقة، التي تؤلف باللغة التركية. وفي نهاية المسابقة وبعد فرز النتائج واختيار الفائزين من بين المتبارين، يتم تنظيم احتفالات متزامنة في فترة معينة من السنة بكل إقليم، لتتويج الفائزين في مختلف المدن داخل نفس الإقليم، على أن يجري تنظيم حفل عام على مستوى تركيا كلها في اسطنبول يحضره فقط بعض المتبارين الفائزين كعينات، نظرا لعدم القدرة على استيعاب الجميع. وقال الدكتور رشيد هايلاماز، رئيس اللجنة العلمية في الجمعية، إن المقصود من المسابقة هو تشجيع الناس على التفكير في السيرة النبوية من منطلق جديد يساهم في بناء القيم المجتمعية، وجعل تلك القيم حية وسط الناس، وتركيز مبادئ الاعتدال والحوار والتسامح مع الآخرين. وأعلن في ختام كلمته بأن محور المسابقة المقبلة سوف ينصب على قيمة الأسرة في حياة النبي.